بليون دولار سنويا لتصدير الثورة الإيرانية عبر الإعلام ..أين استراتيجية الخليج؟

حقيقة صادمة عن الحرب الإعلامية الإيرانية الموجهة ضد العرب والخليج تحديدا بلغت رصد بليون دولار سنويا للإعلام الإيراني المعادي لدول المنطقة، إيران تصدر الثورة لخلخلة الأنظمة والدول ليس فقط عبر جهاز الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج والميلشيات الشيعية ولكن عبر شبكة من القنوات الفضائية ووسائل الإعلام في ظل حرب نفسية متنامية وتهديدات شبه يومية من قبل قادتها العسكريين.

في المقابل ما هي استراتيجية دول الخليج وكيف أعدت إعلام خليجي عربي موجه للداخل الإيراني، وإلى أي مدى نجح في كشف حقائق إيران المتحالفة مع الغرب والولايات المتحدة بينما تدعي مقاومتهم لصالح فلسطين والمقدسات الإسلامية، بينما تخوض حرب إبادة ضد المكون السني عبر توظيف تيارات من الشيعة العرب يجري استقطابهم بأدوات منها الإعلام.

بليون دولار لتصدير الثورة

كشف الكاتب عقل العقل في مقال له بعنوان “بليون دولار للإعلام الإيراني المعادي للعرب” بصحيفة الحياة اللندنية اليوم 3 مايو 2016 أن “إيران دولة إسلامية وجارة للعرب منذ الأزل، وستبقى كذلك، ولكن النظام الحاكم فيها الآن يبث الفرقة ويحاول تصدير ثورته ومشكلاته الداخلية للعرب والإعلام الفضائي التلفزيوني هو وسيلته في هذا الوقت، وقرأت تقريراً نشر في إحدى الصحف السعودية قبل أسابيع ذكر فيه خبير بالشؤون الإيرانية أن إيران ترصد بليون دولار سنوياً لإعلامها الموجه للعرب، وأن مكتب المرشد الأعلى يعطي معونة لكل من ينشئ قناة فضائية مرتبطة بالسياسة الإيرانية بقيمة 750 ألف دولار، وغير ذلك من الأنشطة الإيرانية الإعلامية الموجهة للعرب، مثل وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية الإخبارية.“

إيران تقلب الحقائق

وحذر “العقل” من أن “النظام لديه العمل الجاد للهيمنة على المحيط العربي، الذي يوجد به الكثير من المناطق الرخوة، وخصوصاً وجود أقليات مذهبية استغلها وضحك عليها وعلى غيرها من القوى السياسية العربية، التي صدقت أن إيران هي من يدافع عن قضايا العرب القومية، وخصوصاً القضية الفلسطينية، فمن يتابع الإعلام الإيراني المتحدث بالعربية مثل قناة «العالم» و«المنار» و«الميادين» يجد حضور القضية الفلسطينية في تلك القنوات، ولكن يظل السؤال مشروعاً عن سياسة إيران على أرض الواقع، فمثلاً في محادثات إيران مع القوى الغربية في ملفها النووي الذي استمر 12 عاماً ووصل إلى اتفاق نهائي لم نسمع كلمة وحقوق الشعب الفلسطيني على طاولة المفاوضات بين إيران وتلك القوى، كل ما نسمعه من المرشد أو الرئيس الإيراني وقادة الحرس الثوري هي تصريحات إعلامية لا قيمة لها تهدد وترعد بإزالة إسرائيل من الخريطة، والنتيجة للأسف لا شيء، على رغم تكرار هذا الخطاب الإيراني الذي يدعي الدفاع عن الشعب الفلسطيني نجده يرتمي في أحضان الشيطان الأكبر”

وتابع:”..نحن نعرف أن المشاريع الإعلامية الضخمة هي مكلفة اقتصادياً وتحتاج إلى استراتيجية واضحة وإرادة سياسية موحدة من العرب والتي لا توجد الآن للأسف، ولكن دول الخليج العربي وبحكم الموقع والقرب من إيران، إضافة إلى أنها المستهدفة بشكل مباشر من النظام الإيراني ولديها القدرات المالية الكافية فهي عليها الدور بالاضطلاع والتصدي لهذا المشروع.”

استراتيجية  المواجهة

من جهته يتساءل الكاتب محمد السلمي “ما النموذج المقنع للمشاهد العربي الذي تقدمه وسائل الإعلام الإيرانية مثل العالم والمنار والميادين وأكثر من 20 محطة تلفزيونية طائفية مدعومة من إيران وإذاعة إيران الناطقة بالعربية وصحف مثل كيهان والوفاق العربيتين علاوة على النسخ العربية لجميع وكالات الأنباء الإيرانية؟ هل قدمت جميع هذه الوسائل الإعلامية الإيرانية إضافات ثقافية أو فنية أو نمطا حياتيا إيرانيا مقنعا للمشاهد العربي؟ على العكس من ذلك تماما، لقد ازداد كره الشارع العربي للنظام الإيراني، ولا أقول الشعب الإيراني.

وأضاف في مقال له بعنوان “جدوى الإعلام العربي الموجه إلى الداخل الإيراني” بصحيفة الوطن في 10 ديسمبر 2015 “هنا، يمكن للدول الخليجية، من بينها السعودية، أن تتعلم من الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها وسائل الإعلام الإيرانية الموجهة إلى الشارع العربي، وتنهج في خطابها للمشاهدين بالفارسية منهجا أكثر عقلانية وإقناعا، وتخاطب العقول بعيدا عن الأيديولوجيا والمناكفات السياسي، ما نطالب به ليست قنوات أو محطات إذاعية أو مواقع إخبارية بأموال عربية لمواجهة نظيراتها المدعومة من إيران وبالأسلوب ذاته. بل نرى ضرورة الابتعاد عن الصراعات المذهبية والسياسية، وتقديم مواد إعلامية ثقافية وأدبية وفكرية ستجد قبولا لدى المشاهد الإيراني.

خارج صندوق ولاية الفقيه

الواقع برأي “السلمي” إن النظام الإيراني يخشى كثيرا وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالفارسية، ونرى ذلك في الحرب التي تشنها طهران على الأطباق اللاقطة “الدشوش”، وإبعاد مراسلي القنوات الأجنبية، خاصة الناطقة بالفارسية، وحجب كثير من المواقع الإخبارية على الإنترنت، علاوة على حجب معظم وسائل التواصل الاجتماعي، واعتقال كثير من الشباب الإيراني بسبب نشاطه على هذه المواقع.

والسؤال هنا: ألا يعني ذلك أن النظام الإيراني يخشى وصول الشعب إلى وسائل إعلامية تغرد خارج صندوق ولاية الفقيه، وبالتالي تفضح مدى التضليل الذي يقوم به النظام تجاه الشعب الإيراني على نمط كوريا الشمالية؟

إعلام باللغة الفارسية      

خلص “السلمي” إلى “ضرورة تأسيس قنوات تلفزيونية ومواقع على الإنترنت جميعها ناطقة باللغة الفارسية، لبناء علاقات عربية وخليجية جيدة مع المجتمع الإيراني، بعيدا عن سياسة “الشيطنة” التي يتبعها النظام الإيراني عبر وسائله الإعلامية، ولتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة والصور النمطية، ويبقى القرار للمجتمع الإيراني في الاختيار بين بين التضليل وكشف الحقائق كما هي، بين الواقعية في الطرح وبين النزعات القومية والمذهبية، وشخصيا أعتقد أن المجتمع الإيراني بكل مكوناته العرقية والدينية والمذهبية يستطيع في نهاية المطاف التمييز بين هذين النوعين إذا ما طُرِحا أمامه، والجمهور صاحب القرار في نهاية المطاف، بعيدا عن الأحكام المسبقة أو المحاولات المضللة.“

أهداف الآلة الإعلامية الإيرانية

يرى مراقبون أن الآلة الإعلامية الإيرانية تنطلق في أهدافها من خدمة وجود الولي الفقيه وتوجهاته وسياساته تجاه المنطقة، ولأن هذه الأهداف تتعارض بقوة مع مصالح الدول العربية في الخليج العربي فقد أوجد ذلك العديد من الساحات التي يتم فيها صراع إعلامي قوي بموازاة الصراعات السياسية والاقتصادية والأمنية.

ومن الأهداف المهمة لهذا الصراع الإعلامي هو التوجه التوسعي لدى إيران ورغبتها في الوصول الى قلوب العرب وكسب ولائهم، إيران تتوجه بخطاب ناعم للعرب وخاصة شمال أفريقيا، بينما تكون صارمة جافة في رسائلها للخليجيين إن لم يصل الأمر إلى التهديد العلني “بمسح دولهم الصغيرة على ضفاف الخليج وضمها بوصفها محافظات تابعة لعرش الولي الفقيه.“

الأهداف الإعلامية الإيرانية تقوم على التشويه الصريح للحقائق والوقائع، وتسعى إلى تأليب العالم على دول مجلس التعاون، كما أنها تسعى عبرها أجهزة الإعلام الإيرانية إلى إثارة الفتن الطائفية في دول المجلس، وتقويض إستقرارها الإجتماعي والأمني.

ما أشهر وسائل الإعلام الإيرانية بالخليج    

وتملك الآلة الإعلامية الإيرانية أكثر من عشر قنوات تبث من داخل إيران وهي موجهة نحو العالم العربي، وتخدم الأهداف نفسها وتتلقى تمويلاً من مكتب الولي الفقيه والحرس الثوري الإيراني، كما تسيطر الآلة نفسها على أكثر من عشرين قناة فضائية أخرى تبث من لبنان والعراق والكويت وسوريا في هلال شيعي إعلامي، وتعمل في طهران العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية، بعضها يتلقى التمويل من وزارة الخارجية الإيرانية مثل قناة “العالم” والتي أسست في عام 2006 لكنها في رسائلها الإعلامية تقع تحت توجيه مباشر من مكتب الولي الفقيه خاصة في البعدين العربي والإسلامي.

قناة “العالم” تتميز بأنها تمتلك مكاتب واستديوهات فقط في طهران وبيروت وبغداد، وهي القناة التلفزيونية غير العراقية الوحيدة التي تبث عبر أبراج بث تلفزيوني أرضية داخل المدن العراقية وعبر خدمات التلفزيون العراقي رغم إنكار الأخير.

أما الأكثر قرباً من كل تلك القنوات لمقام الولي الفقيه قناة “الكوثر” التي أسست عام 2006 ويديرها مباشرة ضباط تعبئة من قبل الحرس الثوري الإيراني وهي تخلط الدين بالسياسة فرسائلها ممزوجة بتعبدات الولي الفقيه وهجوم شرس في برامج مخصصة على دول عربية خليجية وعلى الأخص السعودية والبحرين، وهدف القناة الرئيس هو ترويج فكرة الولي الفقيه عربياً.

ومن خلال مزيج لغوي متعدد تبث قناة إيرانية أخرى اسمها “سحر” برامجها الموجهة على الخليج والعالم العربي، وكعادة زميلاتها تكتظ برامجها بالترويج للولي الفقيه والتنفير من الفكرة القومية العربية والتسنن الإسلامي، وفي الجانب الغربي تعمل قناة “بريس تي في” ضد السعودية.

وسوم: العدد 667