فضيلة المشخصاتي والإسلام الشرير ؟!

من حق عادل إمام (76 عاما ) أن يكون زعيما على طريقته ، ولكننا لا نقبل بزعامته ولا قيادته ولا فكره !

ومن حق عادل إمام أن يختار الموقف السياسي الذي يروقه ، ولكن ليس من حقه أن يفرضه علينا ، ويلزمنا به ، ويجعلنا نستجيب له .

ومن حق عادل إمام أن يجمع الملايين حلالا أوحراما ، ويكنزها في عمق بيته أو خزائن البنوك ، ولا يمنح فقيرا أو محتاجا أو " دعوة صبّح على مصر بجنيه " مليما واحدا ، ولكن ليس من حقه أن يدعي الثورية والاشتراكية والدفاع عن الفقراء والكادحين ، ومحاربة الفساد والظلم والانفتاح والتوريث والديكتاتورية .

لا ريب أن عادل إمام موهوب ، وهو صاحب حضور مسرحي وتمثيلي على الشاشتين الكبيرة والصغيرة ، حتى الحياة العامة فهو يملك حضورا إنسانيا يجعل الناس يضحكون ويتفاعلون معه ..

السؤال المهم الذي يردده الناس لماذا ينشغل عادل إمام بالإسلام وتقديمه في صورة الدين الشرير الذي يدعو إلى القتل والدم والكراهية ، ويخلو من الابتسام والتفاعل مع الطبيعة بتلقائية وإنسانية ؟! ثم يزعم أنه يدعو إلى التسامح بين الأديان ؟

دأب عادل إمام في أفلامه ومسلسلاته على تقديم الإسلام في صورة شريرة وقبيحة ودموية وانتهازية . يقدم المسلم شريرا لا عهد له ولا ميثاق ، انتهازيا منافقا رخيصا يظهر ما لا يبطن ، يحب الظلم والدم ، ويعمل لحساب جهات مجهولة لا يعلمها أحد ، علماؤه متنطعون سيئون منافقون يهوون الشهرة والدعاية ، يعيشون في قرون مظلمة تشبه القرون الوسطى الأوربية ، فضلا عن صورة المسلم الإرهابي التي روج لها على مستوى العالم اليهود الغزاة والصليبيون المتوحشون .. ويمكنك أن تطالع هذه الملامح الشريرة في أفلامه : الإرهاب والكباب ، الإرهابي ، طيور الظلام  ، بخيت وعديلة ، الواد محروس بتاع الوزير ،  مرجان أحمد مرجان  ، حسن ومرقص .. كما يمكنك قراءة هذه الملامح في مسلسلاته :  فرقة ناجي عطا الله ، العراف ، صاحب السعادة ، استاذ و رئيس قسم ، مأمون وشركاه ..

عادل إمام حريص على أن يتقرب إلى النظام العسكري الدموي الفاشي بكل الوسائل ، ليحمى مصالحه وأمواله ومستقبله أو ما تبقى من مستقبله ، ، ومن الصعب أن تنتظر منه مثلا موقفا يشبه موقف اللاعب محمد أبو تريكة من قضايا الحرية والكرامة الوطنية والإسلامية . أبو تريكة تمت مصادرة أمواله وشركاته لأنه لم يركع للانقلاب ، ولكن عادل إمام كان من السابقين إلى الركوع ، ليس الآن ولكن منذ زمان بعيد . في عهد السادات كانت مسرحيته مدرسة المشاغبين وسيلة إلهاء الجمهور ، وإبقائه في البيت عندما قامت المظاهرات التي أشعلها رفاقه الشيوعيون ، وفي عهد الجلاد زكي بدر ، ذهب إلى أسيوط في حماية الانكشارية ليعرض مسرحية تسخر من الإسلام ، وفي عهد العسكر الحالي يصر أن يتحفنا كل عام في  شهر رمضان بمسلسل فيه إدانة للإسلام والمسلمين ، وصارت إهانة الإسلام ضرورة لا يتم المسلسل إلا بها . وفي الوقت نفسه يقدم اليهودي والنصراني في صورة ملائكية !

يعالج مسلسله مأمون وشركاه قصة رجل بخيل يكنز أمواله ولا ينفق منها على أسرته وأقاربه وينميها في أحد البنوك ، وهي فكرة قديمة في الأدب وتناولها أدباء عرب وعجم أبرزهم الجاحظ في كتابه الشهير البخلاء ، ووليم شكسبير في مسرحيته تاجر البندقية التي يتحدث فيها عن اليهودي شيلوك وبخله البشع ، وكان يمكن استثمار هذه المسرحية التي استوحاها الكاتب التابع لعادل إمام في مسلسل " مأمون وشركاه " لبيان بشاعة اليهودي المعتدي وخدمة القضية الفلسطينية ، ولكن عادل إمام آثر أن ينعطف نحو الموضوع السهل المبتذل الذي تلح عليه السلطة الانقلابية الفاشية وهو محاربة الإسلام ؛ لتداري فشلها المريع وعجزها الكسيح عن حل مشكلات الناس الملحة في الاقتصاد والأسعار والدولار وتوقف آلاف المصانع وانهيار الزراعة والتصدير ، وانقسام الشعب وتطبيق سياسة التمييز العنصري ومأساة المآسي المتمثلة في سد النهضة الحبشي وحرمان المصريين من حقهم في المياه ، فضلا عن الظلم البشع الذي أنزله الانقلاب بعشرات الألوف من الأبرياء الشرفاء النبلاء ، بإلقائهم وراء القضبان وإصدار مئات الأحكام بالإعدام في قضايا ملفقة .. مأمون وشركاه يعيد إنتاج مسلسل البخيل لفريد شوقي الأفضل والأجمل .

عادل إمام لم يعالج شيئا من المآسي المصرية وآثر أن يقول للشعب المصري إن مشكلتك مع الإسلام وليست مع الحكام الطغاة والجلادين الذين يحولون بينك وبين الحرية والعمل والإنتاج والإبداع ، فركز على تقديم شخصيات ملتحية بشعة الملامح والفكر والسلوك في مقابل مستغربين موالين لمباحث أمن الدولة والغرب ، مع عجائز استنزفهن البوتكس يحاولن إقناعنا بحرصهن على الإسلام ، وأنهن كن يعلمن أولادهن الصغار قيم الإسلام وحفظ القرآن ، بينما واقعهن لا يشير إلى شيء من ذلك أبدا ، ناهيك عما يشيعه المسلسل من سخرية مريرة من الإسلام والمسلمين !

يوم أراد تقديم فيلمه " حسن ومرقص " مع عمر الشريف ؛ ذهب لاستشارة الأنبا شنودة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية لكي يقوم بدور قسيس ورفض شنودة أن يكون هناك قسيس ، وطلب أن يحل مكانه رجل دين بملابس مدنية حفاظا على صورة رجل الدين المسيحي ، ورضخ عادل إمام لما أمر به الأنبا ، في الوقت الذي أدمن فيه تقديم صورة المسلم الزائفة البشعة عبر مسلسلاته وأفلامه ومسرحياته دون خوف.  

تساءلت ألا يوجد مسلم طيب في مصر ؟ لنفترض أن المسلمين كلهم أشرار ألا يجب أن نقدم النموذج الإسلامي الطيب ؟ ونقنع الناس بالاقتداء به واحتذائه . ولكن يبدو أن المسلم الطيب هو الذي يعمل لحساب أمن الدولة وهو الذي يشي بأهله وجيرانه وزملائه في الغربة . سبق أن غازل عادل إمام جهاز أمن الدولة عندما قدم فيلم "عريس من جهة أمنية" ، وفيلم "اللعب مع الكبار" ، وحاول تبييض صفحة هذا الجهاز الذي يوقن الناس أنه لا يقل وحشية عن السافاك والكي جي بي وأجهزة الأمن في العواصم العربية السعيدة . وأظنه ليس مستعدا لتقديم شخصية أخرى تشبه شخصيته في فيلم " إحنا بتوع الأوتوبيس " الذي يذكره الناس ، ويقدرون دوره فيه !

من حق عادل إمام – كما قلت – أن يحرص على أمواله ومصالحه ، وليس من حقه أن يشوّه الإسلام وينال منه ، فنحن نعتز بديننا ، ونسعى إلى نشر صورته المضيئة   ، ومن أجله يتعرض المسلمون للإعدامات بالجملة والتغييب وراء الأسوار المظلمة ، ومصادرة الأموال والمؤسسات ، والمطاردة في الوطن والمنافي ، والمداهمات في جوف الليل ، وكان يمكننا أن نتجنب كل ذلك لو تخلينا عن الإسلام . فهل يريدنا عادل إمام أن نتخلى عنه وفقا لرؤية الرفاق القدامى ومن يملكون العصا والجزرة ؟

الله مولانا . اللهم فرّج كرْب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !

وسوم: العدد 675