خطر التشيع والتبشير على الأمن القومي العربي

استند الفقه الشيعي في نشأته الأولى وأسسه الفكرية والعقائدية وأحكامه وطقوسه وممارساته، على ما دوّنه عدد من رجال الدين الفرس الذين استبطنوا كراهية وحقدا على العرب، وأظهروا التشيع والولاء لأهل البيت للوصول إلى غايات ما بالإمكان الوصول إليها لو أنها أسفرت عن وجهها الحقيقي، وإذا كان التشيع السياسي قد بدأ من خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إلا أنه تقولب بصورته الراهنة على أيدي عدد من المتعصبين الفرس الذين أظهروا الولاء لآل بيت النبي صلى الله عيله وسلم، واستبطنوا إثارة الانقسام في صف المسلمين، وعلى هذا نستطيع القول إن التشيع كان يأخذ مناحٍ من التطرف والتعصب وتكفير كل من لا يقر بولاية علي بن أبي طالب لأن منكرها عندهم آيس من رحمة الله ودخول الجنة، ومن أجل إعطاء هذا الأمر مزية متفردة في خصوصيتها على سائر ما عداها فقد تم الترويج لجملة من الأفكار منها أن "طاعة علي لا تضر معها أية معصية، ومعصية علي لا تنفع معها أي طاعة"، كما أن المسلمين جميعا أفردوا لعلي بن أبي طالب ثلاث صفات حميدة تم حجبها أثناء ذكرهم للخلفاء الراشدين الثلاثة رضي الله عنهم أجمعين، الأولى وهي خاصة بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك بالقول علي عليه السلام، والثانية لا يرد اسم علي إلا ومعه كلمة الإمام، والثالثة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، نعم هو الإمام وهو أمير المؤمنين ولا شك في ذلك، ولكنه لا ينفرد بهذه الصفات، أما القول عليه السلام فلا يستقيم مع الشائع من الترضي على أصحاب النبي الكريم. 

وكانت الإضافات والمعجزات المنسوبة لآل البيت مما لم يتأتى حتى للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم أو لأي من الأنبياء السابقين عليهم السلام، فالإمام عندهم يحي ويميت ويستحضر المعجزات غير المسبوقة على سبيل المثال فإن ما ينسب العفر الصادق من معجزات أنه وبحضور أحد المشككين بمكانة الأئمة تناول تمرة ثم وضع نواتها في الأرض فنمت نخلة وحملت تمرا في ثوان معدودات بحضور المشكك، أو أنه استدعى الحوت التي ابتلعت سيدنا يونس من بين ملايين الحيتان وأقرت أمام زائره بولاية علي، نعم كانت القصص تترى في المدونات الشيعية التي ينظر إليها الشيعة في الوقت الحاضر على أنها بعد القران بالأهمية على الرغم من أن متقدميهم والمتأخرين منهم يقولون بأن القران محرّف ووقع عليه حذف وإضافات، وينسب محمد بن يعقوب الكليني إلى جعفر بن محمد قوله "عندنا مصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ مصف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد" ، واستنادا إلى هذا الحديث المنسوب لجعفر بن محمد فمما قاله يؤكد عدم انتسابه للقران الكريم الذي نزل به الروح الأمين على قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما يقول قرآنكم، وطالما أنه لا يحتوي حرفا من حروف قرآننا فيفترض أنه مكتوب بلغة غير عربية وربما لغة لا وجود لها على الأرض، ومع الوقت بسبب استعداد العقل الشيعي لقبول قصص المعجزات التي كان الأئمة الاثنا عشر يتوفرون عليها مما لا يصدقه عقل عاقل، أن من يضع هذه الخرافات مقتنع بعدم صحتها إلا أنه يستند إلى أن العقل الشيعي الجمعي قابل لتصديق أية رواية مهما بلغت درجة غرابتها وسخفها، ومن هنا نجد أن أكبر العقول تقف بخضوع وخشوع ظاهري مذل أمام شباك ذهبي لضريح رجل مات منذ مئات السنين وجعلوا منه إماما وغير متأكدين أنه راقد فيه، ويتوسلون به أن يهب لهم الرزق والولد والسلطة، ومن القصص الطريفة التي تساق في هذا المجال أن عجوزا كانت تتوسل من بموسى بن جعفر "الكاظم" الذي تذكر روايات الشيعة أنه مات في السجن، أن يطلق سراح ابنها المحكوم بجريمة قتل، فما كان من أحد المستمعين إليها من زوار "الكاظم" إلا أن اقترب منها وهمس في أذنها قائلا "يا حجية ترة الإمام مات وهو في السجن ولم يتمكن من تخليص نفسه" ربما ظن هذا الشخص أن الكاظم متخصص في قضاء حاجات أخرى ولهذا يسميه الشيعة "قاضي الحاجات"، وبالتالي لا يستطيع إطلاق سراح سجين ولكنه قادر على تحقيق أمنيات أخرى ربما أكبر من مجرد إطلاق سراح سجين.

لقد حرص الشيعة على بناء مزاراتهم بشغف لا نظير له في أي مكان في الأرض  ومن سائر الأديان والملل، أو من أممها لأنهم يرون في تلك المزارات مشروعا استثماريا يدر أرباحا عالية، ومركزا دينيا لإحكام السيطرة على سلوك المجموعات السكانية، ومن بين ما أضفاه الشيعة على مزاراتهم ومن أجل إعطائها طابع القدسية حتى تضاهي المساجد الثلاثة التي لا يشد الرحال إلى إليها، أنهم قاموا بطلاء قبابها ومنائرها بالذهب الذي يسلب العيون والعقول ببريقه تحت الشمس، وقوة الجذب الخارقة والضراوة التي يتمتع بها هذا المعدن النفيس لدى البشر من دون استثناء، فأصبحت مكانة الضريح تقاس من قبل البسطاء والسذج والمغفلين والجهلة من الشيعة، بوزن الذهب الذي يوضع في شباك القبر وفوق قبته ومآذنه، نعم لقد اكتشف الشيعة هذه العقدة الإنسانية تجاه الذهب وقدسيته التي تقاوم فوظفوها لمصالح ألبسوها طابعا دينيا، فأخذت المزارات من قوة تأثير الذهب على النفوس قوة لمنح أصحاب المزارات قدسية أكبر مما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد تحولت المزارات إلى "سوبر ماركت" بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، ولكن لبيع الوهم والخديعة وبوعود من القائمين على المزار من السدنة والذين يطلق على واحدهم "الكليدار" للسذج والبسطاء من الشيعة بتحقيق كل "المراد"، حتى تتحول هذه المراكز الدينية إلى دجاج يبيض ذهبا، شرط أن يتحول جزء من المال المتحصل وهو بلا حساب، إلى مراجع الشيعة الكبار في كل من النجف وقم وذلك من أجل الحصول على "فرمان حوزوي" بأن المزار يعود لواحد من "آل البيت" ويستوي في ذلك من كان ذكرا أو أنثى بمن فيهم الذي مات رضيعا، ولكن بشرط وضع حكايات عن كرامات منسوبة لهم أو لفاطمة الزهراء أو لعلي بن أبي طالب أو الحسين رضي الله عنهم أو لأي من أحفادهم، ومع تقادم الزمن على المزار يتحول إلى واحد من المثابات المقدسة عند الشيعة، وتطلب الحاجات من المدفونين هناك وربما لا وجود حقيقي لأحد فيها، وكانت الجهات الرسمية قبل الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، ومن أجل ضمان عدم التلاعب بأموال هذه المزارات والتي لا تعد ولا تحصى، فقد صدر قرار بتشكيل لجنة عليا للإشراف على فتح أقفاص القبور وجمع ما فيها من أموال نقدية وعينية، وتشكلت اللجنة برئاسة من وزارة الأوقاف وتضم في عضويتها محافظ المنطقة التي يوجد فيها الضريح ورئيس الوحدة الإدارية إذا كان المزار خارج مركز المحافظة، ومدير شرطة المحافظة ومدير أمنها، وممثلين عن الضريح، على أن لا يقل عدد الأعضاء وقت فتح الصندوق عن 13 شخصا، ويتم جرد الأموال ويتم توزيعها بنسب محددة، إذ تذهب نسبة 60% بالتساوي إلى إدامة الضريح وإلى فقراء المحافظة ولخدم الضريح، و35% كأمانات للمزار و5% كمخصصات للأعضاء المحليين من المحافظة في اللجنة.

وهكذا نرى أن الأموال التي كانت تتدفق على هذه المزارات والتي ربما تعد بمثابة ميزانيات لدول صغيرة، كانت تخضع لإشراف صارم وتذهب إلى أبواب من دون السماح لأي تلاعب بها، لكن هذه اللجنة وككل المؤسسات التي تحمل طابعا مهنيا بعيدا عن نزوات الشر ونزعات التلاعب بالمال العام، على الرغم من أن هذه الأموال كان المواطن البسيط يستقطعها من لقمته ولقمة عياله ويضعها في أماكن يظن أنها قادرة على أن تجلب له بدلا منها رزقا مضاعفا، أي أن ما يقوم به هو تجارة دنيوية باسم الدين والدين منه براء، هذه اللجنة كما حصل لكثير من مؤسسات الدولة تم حلها من قبل سلطة الاحتلال وما أعقبها من سلطات، واليوم لا أحد يعرف أين تتسرب أموال المزارات، فالمرجعية وضعت يدها على كل "الأموال الشرعية" التي تزيد تلك المراجع ثراء فاحشا وتزيد الفقراء فقرا حتى توصلهم إلى أسوأ حال يمكن أن يمر به إنسان.  

يذهب بعض المؤرخين  إلى أن جميع المزارات الشيعية في العراق وإيران وسوريا هي مزارات مزيفة ولا أصل لوجود أي من الأئمة الأحد عشر مدفونا فيها ما عدا من دفن منهم في البقيع، ويستوي في ذلك ضريح علي بن أبي طالب في النجف والحسين في كربلاء ومحمد الجواد وجده موسى بن جعفر في بغداد وعلي موسى الرضا بمشهد في إيران، وتحضرني هنا واقعة حصلت في منتصف ستينيات القرن الماضي إذ أرسلت الحكومة العراقية في ذلك الوقت وفدا رسميا لاستعادة رفاة الخليفة العباسي هرون الرشيد الذي دفن في مشهد بعد مرض أصابه بعد قضائه على فتنة تحركت في إقليم خراسان، ولأن المأمون الذي ورث الخلافة عن الرشيد بعد نزاع مع أخيه الأمين، يعرف طبائع أخواله الفرس وغدرهم بالموتى إذا عجزوا عن النيل من الأحياء ويعرف ونزعتهم العدوانية تجاه العرب باسم التشيع لآل البيت، فقد أمر بإقامة بناء فوق قبر أبيه وبعد وفاة ولي عهده علي موسى الرضا أمر بدفنه في قبر إلى جنب قبر أبيه وجعلهما متشابهين في أدق تفاصيلهما، وجعل البناء من دون أبواب فضاعت معرفة أي منها يعود للرضا وأي منهما يعود للرشيد، ومن أجل اختراع رواية بديلة زعم الإيرانيون فيما بعد أن قبر الرشيد يبعد عن قبر الرضا بمسافة ليست قصيرة وأنهم جعلوا منه مكانا للتبول، ومع ما في هذه النزعة الحاقدة على التاريخ العربي الإسلامي سواء كان راشديا أو أمويا أو عباسيا من همجية واستهانة بقبور المسلمين، إلا أنها تؤكد حقيقتين الأولى أن الإيرانيين لا يعرفون أين يقع قبر علي بن موسى داخل القبة الذهبية في مدينة مشهد، والثانية أنهم يناصبون العربي أيا كانت توجهاته كراهية نابعة من عقدة الدونية الفارسية تجاه العرب الذين لم ينتصر الفرس عليهم في أية معركة لا قبل الإسلام ولا بعده، على الرغم من أنهم كانوا دولة إمبراطورية والعرب قبائل متفرقة. 

ويتميز التشيع عن المذاهب الإسلامية الأربعة بما يلي: -

1 – القول بتحريف القران وفي ذلك نصوص كثيرة لرموز التشيع القدامى والمتأخرين، وكل ما كان يدّون من قبلهم يتم نسبه إلى جعفر بن محمد أو أحد أبنائه وأحفاده، ناسفين بذلك قول الله سبحانه بسم الله الرحمن الرحيم "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" . 

2 – العدوانية والمنطق الإقصائي لكل المخالفين، وتؤكد جميع كتابات أعلام التشيع المتقدمين منهم والمتأخرين، وكذلك سلوك الشيعة الرعاع منهم والمتعلمين ومهما علت درجاتهم العلمية، بأن نشر التشيع لن يتم بالإقناع وذلك لسذاجة ما فيه من معتقدات وممارسات وطقوس دخيلة على الإسلام، لهذا فهم يذهبون إلى خيار القوة بفرض التشيع على الآخرين، مع عدم الوثوق بمن تحول نحو التشيع اعتقادا من الشيعة أن ذلك تم بسبب الشعور بالخوف من التصفية أو طلبا للمنفعة، ولهذا يراهن المشرفون على برامج التحويل الديني على الجيل الثاني الذي سيحاول التكفير عن المرحلة السابقة باعتماد منطق تكفير مبالغ فيه حد الهوس بمعاداة الآخر.

ما جرى في سوريا منذ تسلم العلويين للسلطة بصورة فعلية في 23 شباط 1966 وبصورة رسمية في تشرين الأول عام 1970، وما جرى في العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، واليمن بعد الانقلاب الحوثي عام 2014، ومحاولات إيران للتمدد على سائر أراضي البلاد العربية والإسلامية تعكس نهجا واضحا، وهو منطق التبشير وبث المعتقدات والخرافات والأساطير والبدع في كل بيئة متاحة، حتى إذا أصبح الثقل الشيعي ثقلا ملموسا، تعالى الحديث عن تهميش الشيعة، وارتفاع المطالبات بإعطائهم حقوقهم السياسية والدينية والاجتماعية، وبعد أن يتحول الوجود الشيعي إلى حقيقة على الأرض تبدأ المرحلة الثالثة من نشر التشيع وهي مرحلة التغيير الديموغرافي، ثم الانتقال إلى المرحلة الأخيرة وهي إزاحة السنة خاصة عن المسرح، مع ملاحظة أن الشيعة حريصون على الإبقاء على أقليات دينية كالمسيحيين ومن مختلف المذاهب واليهود واليزيديين وحتى الوثنيين، في رسالة للعالم بأنهم متسامحون مع غير المسلمين فكيف الحال مع المسلمين أنفسهم، لأن الشيعة يعرفون ثقل العالم المسيحي في الوقت الحاضر في صنع القرارات الدولية.

وبذلك نستطيع أن نؤشر أربع مراحل لنشر التشيع, وهي:- أ– التبشير بالمذهب ونشر الوجوه الاجتماعية المؤثرة عبر وسائل الإعلام وتعظيم شأنهم،- ب– المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية والدينية والقضاء على تهميشهم،–ت– التغيير الديموغرافي،– ث – إزاحة الآخر بالقوة.   

3 - يشترط التشيع الإيمان بولاية علي بن أب طالب وعصمته وسائر الأئمة الآخرين من أولاده وأحفاده والبراءة من أعدائه ولعن الصحابة وأمهات المؤمنين والقول بأنهم مخلدون في النار، إذ تعج كتب الشيعة بتكفير أهل السنة والجماعة، وعلى الرغم من أن تهمة التكفير في الوقت الحاضر أخذت تفسيرا خاطئا بأن السنة هم التكفيريون، إلا أن الواقع يؤكد لنا خلاف ذلك تماما، فكتب الشيعة وأفعالها تقطع بأن التشيع ما قام إلا على التكفير والتكفير وحده وهم من دونه لا معنى لوجودهم أصلا، إنهم يكفرون كل من لم لا يقر بإمامة علي رضي الله عنه من المسلمين ويروي الشيعة  عن محمد الباقر قوله "إن الله عز وجل نصب علياً عليه السلام علماً بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره كان كافراً، ومن جهله كان ضالاً، ومن نصب معه شريكاً كان مشركاً، ومن جاء بولايته دخل الجنة" ، وقال المفيد في المقنعة: "لا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يُغسّل مخالفاً للحق في الولاية ولا يصلي عليه".

وتكفير بقية المسلمين تعتبر من شروط التشيع، كما أن الحط من مكانة العرب هو دينهم الحقيقي، فهم يسمون العرب "الأعراب" تذكيرا بالآية الكريمة "الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم" وهذه ثقافة موروثة من تاريخ الفرس القديم، يقول كسرى "لم أرّ للعرب شيئا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا ولا حزم ولا قوة، مع ما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها" ، وبغض العرب منهاج معتمد في إيران الحالية وبلاد فارس حتى قبل وصول الصفويين إلى الحكم، لكن هذه البغضاء أخذت قوة دفع كبيرة لها، لاسيما وأنها كانت تخشى الظهور إلى العلن لأن كل قادتها ومن دون استثناء كانوا من الشيعة، وفي مجال الأدب يأتي الفردوسي الشاعر الملحمي الذي ألف الشاهنامة "حكاية الملوك أو ملك الكتب"، في مقدمة من روَج للفكر الشعوبي في بلاد فارس، وذلك بتفضيل الفرس على العرب والنيل منهم حيثما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويعد ذلك المدخل الرئيس للنيل من الإسلام الذي قوض حضارة فارس ودولتها في قادسية الفاروق. 

5 – قتل المخالفين: يستند الشيعة على فكرة دموية غريبة كما جاء في بحار الأنوار للمجلسي 52:- "قال جعفر الصادق (ع) ظهور حجة الزمان لا يتم إلا بقتل النواصب وهدم كعبتهم ونكح نسائهم على ستار كعبتهم فيتحول الحج إلى كربلاء".

من المعروف أن المذاهب الأربعة لا تمارس التبشير بأي شكل من الأشكال المتعارف عليها لدى الكنيسة أو لدى الشيعة، ولم يسجل خلال تاريخ حكم السنة أنهم مارسوا عمليات إجبار بقوة السلاح على غيرهم لإتباع مذهب أهل السنة والجماعة، إيمانا منهم بما جاء بالآية الكريمة "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " وتركوا للآخرين معرفة جادة الصواب ودين الله الحق دين التوحيد الذي نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ولو أن السنة مارسوا ضغطا أو اضطهادا للشيعة بكل فرقها وخاصة الغالية منها، فقد حكموا كل بلاد المسلمين مئات السنين وتركوا حرية التعبد للسكان وأسموهم أهل الذمة، غير أنهم لم يتركوا العمل الدعوي إلى توحيد الله ونبذ ديانة الشرك والعقائد الفاسد\ة، ولكن استنادا إلى الآية الكريمة "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" ،

ويقف في مقدمة هؤلاء محمد بن يعقوب الكليني وهو واضع كتاب الكافي والذي ينظر إليه الشيعة كأهم مصادر التشريع عندهم بالاستناد إلى أحاديث الكليني نسبها إلى أئمة الشيعة وخاصة جعفر الصادق ومن جاء من بعده، وزعم أنه عرضها على المهدي المنتظر عن طريق سفرائه في زمن الغيبة الصغرى وكرّس الكليني عشرين سنة من حياته في جمع أحاديث هذا الكتاب وتقسيمها على عدة أبواب حتى ضمت نحواً من ستة عشر ألف حديث.

عاش الكليني في عصر سفراء المهدي الأربعة، وتوفي سنة 329 هـ، وألف كتابه بكامله في زمن ما يسمى بالغيبة الصغرى للمهدي "محمد بن حسن العسكري"، ويقول الكليني إن المهدي اطلع عليه عن طريق سفرائه، وقال "هذا الكتاب كاف لشيعتنا" ولهذا أطلق عليه اسم الكافي.

ولكن الأمر لم يتوقف عن هذا الحد، فكلما عنّت فكرة جديدة على ذهن أحدهم، بادر لتدوينها ثم نسبها مرفوعة (لأبي عبد الله جعفر بن محمد "بسند صحيح" بعد أن يضفي عليها خشوعا وجوا نفسيا فيهما من الرياء الشي الكثير وذلك بالقول قبل كل حديث منسوب إلى جعفر بن محمد عبارة "جُعلت فداك")، ولا أحد يدري لماذا كتم الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أو ولده علي زين العابدين أو محمد الباقر هذه الأحاديث التي سردها الكليني نقلا عن جعفر الصادق، هل كان ذلك عن خوف؟ لا أحد يصدق أن الحسين كان يخاف من قول كلمة الحق وإلا لما خرج على يزيد وهو عارف أنه ذاهب إلى موت محقق حتى بعد أن انفض عنه مناصروه.

أما الآخرون فإن كانوا يخشون بطش السلطتين الأموية والعباسية فإن ذلك مما لا يستقيم مع شرط الإمامة الذي يوجب الشجاعة وقول كلمة الحق مهما ترتب عليها من نتائج لاسيما وأن من أهم شروط الإمامة الشجاعة كما مر، ولم يكن الكليني وحده من وضع أسس الدين الجديد، بل كان هناك فريق متكامل مع الفرس المعبأين بكل أسباب الضغينة على الإسلام الذي قوض أركان دول فارس الساسانية، ومن غرائب ما يطرحه شيعة اليوم أن أصل التشيع هو عربي لأنه يرجع إلى آل البيت، وهذه هي الفرية الكبرى التي يسوقها الشيعة لتأكيد انتمائهم لآل البيت، إذ أن الحقيقة هي أن كل ما نسبه الفرس إلى محمد الباقر وإلى جعفر الصادق وموسى بن جعفر "الكاظم" وولده علي الرضا أو إلى بقية الأبناء والأحفاد وصولا إلى الوهم الأكبر "المهدي الغائب" محمد بن الحسن العسكري، والذي تجمع الروايات على أنه لم ينجب أصلا.

ولم يكن الكليني لوحده لاعبا في ساحة الوضع والنحل، بل شاركه آخرون وفي أوقات متباينة وكلما أراد واحد منهم أن يضيف فكرة أو حديثا فليس أسهل من أن يقول (حدثني أبي عن أبيه عن جدي إلى أن يصل بالحلقة إلى واحد من "الأئمة الاثني عشر" فينسب له ما يريد مما يناسب تأليه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أو أحد أولاده وأحفاده، ومع الوقت وبكثرة التكرار تصبح من المسلمات لدى رعاع الشيعية وبسطائهم وسذجهم، وتتكرس كحقيقة لا تقبل الجدال)، ومن هؤلاء الواضعين، محمّد بن النعمان "المفيد"، وعلي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، ومحمد تقي بن مقصود علي المجلسي، والحسن بن الحسين النوبختي، ونصير الدين الطوسي، ومنهم الشيخ أبو الحسن، علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الصدوق القمّي وعرف بالصدوق الأول، وهو والد الشيخ الصدوق صاحب من لا يحضره الفقيه وعيون أخبار الرضا، وال صدوق هو محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابوية القمي المشهور بـالشيخ الصدوق من أعاظم علماء القرن الرابع الهجري. ولد سنة 305 هـ ق، وتوفي 381 هـ. ودفن في مدينة الرّي، أبو جعفر محمد ابن علي المعروف بابن بابويه القمي والأشهر الشيخ الصدوق رضوان الله عليه. ولد الشيخ الصدوق في إقليم خراسان سنة 305 هجرية (923 ميلادي) في فترة.

التبشير وأثره في تغيير معتقدات الأفراد والجماعات

تنتشر الديانات بمختلف مناشئها سماوية أو وثنية، عبر طرق رئيسية معروفة، وأبرزها عن طريق تقليد المواليد الجدد لآبائهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يولد الطفل على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"، أما الطرق الأخرى لانتشار الأديان فهي عن طريق الاحتكاك بأقوام من ديانات أخرى فيتأثر بهم من المجتمعات ذات الديانات الأخرى، ولكن التبشير يعد واحدا من أهم العوامل المؤدية إلى التحول من ديانة إلى أخرى، والتبشير مصطلح مسيحي يقصد به نشر الإنجيل بين مجموعة من البشر في محاولة لتنصيرهم، وتعرف الكنيسة الكاثوليكية التبشير بأنه: "عمل رعوي موجه إلى الذين لا يعرفون رسالة المسيح" وطبقًا لما جاء في العهد الجديد، فإن المسيح قد أوصى تلاميذه ومن خلالهم جميع المسيحيين أن ينشروا الديانة المسيحية إلى كافة أصقاع الأرض.

اليهودية لا تهتم كثيرا بالتبشير لأن الدين اليهودي يختص بعرق بني إسرائيل "يعقوب بن اسحق بن إبراهيم" عليهم السلام، والدين الذي جاء به موسى عليه السلام، وإذا ما قبلوا أحدا في دينهم فإنما يفعلون ذلك لأسباب سياسية أو اجتماعية أو مالية أو هي مجتمعة كما حصل مع بعض الممثلين المشهورين في هوليود، وربما هذا وغيره من حصر الزواج داخل الديانة اليهودية، يفسر ضآلة عدد اليهود في العالم على الرغم من أن ديانتهم سابقة للمسيح عيسى بن مريم عليه السلام، ذلك  أن ظهور موسى عليه السلام في مصر يعود لتاريخ 1250 قبل الميلاد.

والنصرانية فيها حركة تبشير واسعة النطاق تحظى بدعم سياسي ومالي من الفاتيكان ومجالس الكنائس والدول المسيحية، وهي دعوة تختار أكثر المجتمعات فقرا وتخلفا في أسيا وأفريقيا عن طريق إقامة مراكز إنتاجية وافتتاح المدارس والمراكز الصحية لتقديم الخدمات الضرورية لفقراء تلك المجتمعات ثم استدراجهم إلى التنصر وهذا ما حصل بالفعل، وعلى الرغم من أن التبشير المسيحي في الوقت الحاضر لم يأخذ طابع العنف من قبل المبشرين، إلا أن زرع مثل هذه البؤر والذي يأخذ طابعا إنسانيا مجردا في ظاهره من أي غرض سياسي ويتم تحت رعاية دول تدافع عنه بالاستناد إلى مبادئ حقوق الإنسان في اعتناق الديانة التي يختارها بملء حريته، على الرغم من ذلك سرعان ما تظهر النوايا الحقيقية من وراء هذه الحملة، وتجربة فصل إقليم تيمور الشرقية في إندونيسيا تعطينا تصورا عن الأهداف الحقيقية للتبشير وكذلك ما حصل عند فصل جنوب السودان عن شماله، كما أن ما حصل في أمريكا وأفريقيا في بداية التوسع الاستعماري بداية عصر النهضة في أوربا، أكد أن قادة أوروبا وملوكها دعموا بقوة حملات التنصير في المجتمعات اللادينية كالوثنية أو من أصحاب الديانات الأخرى، وعلى العموم فإن تاريخ أوربا المسيحية يحتفظ لنا بذكريات مؤلمة عن دور محاكم التفتيش في فرض النصرانية على مسلمي الأندلس أو القتل أو الترحيل، وكانت العيون ترصد المسلمين في إسبانيا من خلال صرفيات الماء، بسبب الوضوء وشروط الطهارة التي حددتها الشريعة الإسلامية، فتم الفتك بمئات الآلاف من المسلمين بعد تعريضهم لأسوأ ما يمكن أن يلاقيه إنسان من تعذيب واضطهاد بسبب معتقده الديني. 

للتبشير وسائل متعددة تتحكم بنجاحه أو إخفاقه، سرعة الاستجابة له أو تأخر ظهور النتائج، مع عدم إمكانية الحكم على ثبات المتحولين على دينهم الجديد، غير أن الجهات الداعمة للتبشير تراهن على الجيل الجديد الذي سيولد من مجتمع المتحولين لدمجهم عقائديا في دينهم الذي اختاره آباؤهم طوعا أو على كراهة. 

ويمكن إجمال العوامل المساعدة على نجاح التبشير في:- 

1 – اختياره للبيئة التي تعاني من فقر مدقع وتبحث عن المخلص بصرف النظر عن الجهة أو الدين اللذين ينتمي لهما، وهنا تلعب الفرص المقدمة من جهة التبشير في فتح المدارس لتعليم الأطفال ووضع مادة الدين كمادة رئيسية في مناهج التعليم حتى يجد المتخرج نفسه وقد أصبح مشروعا لداعية للدين الجديد من خلال فرص تنهال عليه من جهات نافذة مثل مجلس الكنائس العالمي أو جامعات يسوعية تنتشر في أوربا والولايات المتحدة فينظر المتخرج إلى نفسه باعتباره أصبح شخصية مهمة في مجتمعه الأصلي ويريد الخروج إلى الآفاق البعيدة.

كما أن إقامة المستشفيات والمراكز الطبية التي يعمل بها متطوعون من أطباء من القساوسة وموظفين صحيين من المؤسسات الدينية

2 – وجود مركز قوة سياسية ومالية تدعم خطة التبشير وعلى استعداد لتقديم الدعم العسكري له ميدانيا أو السياسي في المحافل الدولية إذا اقتضت الضرورة.

أما الإسلام دين التوحيد فإن فتوحاته لم تحمل أحدا من سكان البلدان المفتوحة على ترك دينه واعتناق الدين الإسلامي بل حدد الإسلام لكل فريق ما له وما عليه، وانتشر الإسلام استنادا على سلوك المسلمين وصدقهم وأمانتهم ووفائهم بعودهم مما جعل الناس يدخلون في دين الله أفواجا عن يقين وقناعة لا عن خوف، ولعل قصة القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي وقصة دخوله إلى سمرقند عام 87هـ - 705 م، ثم قصة الشكوى التي رفعها كهان البلاد إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، ثم قرار القاضي المسلم الذي أجبر جيش المسلمين على ترك سمرقند مما أدى إلى تحول أهلها إلى الإسلام بعد عرفوا عظمة دين الله الحق، لعل هذه القصة معروفة للكثيرين، مما يؤكد أن الإسلام يعرض على البلدان التي يراد فتحها الإسلام أو الجزية أو الحرب، وحتى في قصة سمرقند فإن من بقي على دينه ودفع الجزية حظي برعاية لا توفرها أية سلطة أخرى.

لكن علينا أن نضع حدا فاصلا بين إسلام التوحيد الذي نزل به جبريل عليه السلام على قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وبين حركات الغلو والفرق الغالية التي أساءت للإسلام أكثر مما أساء له اليهود والمشركون، فتاريخ التشيع الذي بدأ من إيران الحالية "بلاد فارس" على أيدي مجموعة من واضعي الحديث على ألسنة الأئمة الاثني عشر، له تاريخ حافل في فرض التشيع بقوة السلاح وخاصة في بداية صعود إسماعيل الصفوي بداية القرن الثامن عشر الميلادي إلى حكم بلاد فارس، إذ خيّر المسلمين بين التشيع والسيف، لأنه كان يبحث عن أية شرعية يستند عليها لتثبيت أركان حكمه لمعرفته أن العقيدة الدينية أقوى عقيدة يحملها الإنسان.

أما ما يحصل الآن في العراق وسوريا واليمن من فرض التشيع فهو امتداد لما حصل في التاريخ المرتبط بالحقبة الصفوية مع قسوة مرئية تروّج صورها وتفاصيلها مراكز متخصصة بإيصال الرعب الجمعي إلى ذروته، كي ينساق الناس إلى التشيع خوفا من تعرضهم لانتهاكات لا يتمكنون من تحملها أو ردها عن أنفسهم، وتبدأ هذه الأساليب بإهانة المعتقدات والرموز الدينية والتاريخية للمخالفين، فإن اعترضوا واجهوا رد فعل في غاية الوحشية وإن قبلوا فقد فقدوا كرامتهم ورجولتهم أمام أنفسهم وأفراد أسرهم وتحولوا إلى مجرد كائنات حية منزوعة الإرادة الكرامة، وهذا ما ترمي إليه الجهات المنظمة لحملات التشييع أو تشرف عليه، لأنه سيكون الخطوة الأولى على طريق استرقاق المسلمين وإذلالهم.

الإسلام بمذاهبه الأربعة لم يحاول في أي يوم فرض منهاج مذهبي معين على الآخرين ربما باستثناء ما وقع من صراع بين الأحناف والشوافع في مدينة أصفهان الإيرانية قبل اجتياح المغول للشرق العربي، ومجرد حصول مثل هذا النزاع المستند على اختلاف الانتماء للمذهب يعكس حقيقة أن واجب بلاد فارس هو زرع بذور الانقسام في صفوف المسلمين بهدف إضعافهم جميعا وتيسيرا للإجهاز عليه.

من المعروف أن الشيعة على مرّ التاريخ لم يرسلوا دعاتهم إلى المجتمعات غير الإسلامية كالمسيحية والوثنية والهندوسية والبوذية من أجل تحويلهم إلى الإسلام، بل كانت جهودهم وتحركاتهم تنحصر في المجتمعات حديثة الإسلام بعد أن تنجح دعوة الجهات السنية في تحويلهم إلى الإسلام، أو تذهب إلى مجتمعات دول إسلامية فقيرة وتعاني من ضعف وخواء فكريين نتيجة الجهل وعدم وجود دعاة يعلمّون الناس أمور دينهم فيختلط السليم مع السقيم من المعتقدات، أو تنتشر فيها ممارسات دينية دخيلة مثل سلوك بعض الفرق الصوفية التي تحفل بالبدع والممارسات الشاذة، ومن خلال نشر أحاديث منسوبة للنبي الكريم أو لأئمتهم تعّرض بأصحاب النبي وتكفّرهم، تنشر فكرها الضال، فالتشيع لا يستطيع تحقيق أي نجاح إلا من خلال الجهل ونقص الوعي في مجتمعات فقيرة، وعن طريق إنفاق المال على المعدمين وتقديم عروض لهم للدراسة في الحوزات العملية والجامعات في إيران ويتم استقطاب السذج من الناس ويتم حشو عقولهم بالخرافات والأساطير وكل ما هو غريب عن المنطق وجوهر الإسلام، ومن نقط الجهل ينتشر التشيع استغفالا للسذج والبسطاء من الناس بأن ما يطرح عليهم هو الإسلام.

خلاصة القول إن الاحتلال الإيراني أخطر بكثير من خطر أي احتلال آخر بما في ذلك الاحتلال الإسرائيلي، لأن الاحتلال الإيراني يتستر بالإسلام ويزايد على حملة رسالته الحقيقيين، ولكنه في حقيقته مشروع قومي عنصري يحمل موروثا حاقدا على الأمة العربية، بسبب تراكم كمي ونوعي من الهزائم الفارسية أمام العرب آخرها في حرب الثماني سنوات من عام 1980 إلى 1988 والتي تجرّع فيها الخميني كأس السمّ باعترافه، والمشروع الفارسي هذا ولعقد التاريخ فإنه يعي جيدا أنه غير قادر على التمدد بوجه مكشوف فارتدى قناع الولاء لآل البيت وبالتالي فقد اتخذ من التشيع مطية علها توصله إلى غاياته القومية.

إن تدّخل الاحتلال الفارسي بمعتقدات الناس ينطوي على خطورة كبرى، لأنه باسم الإسلام يسعى لتهديد الأمن القومي العربي والإساءة لجوهر الإسلام وفرض نظرية الولي الفقيه التي تحكم بموجب تفويض من المعصوم الذي يتلقى تعليماته من الله عن طريق الإمام الغائب بالقوة الناعمة في مرحلة ما ثم الانتقال إلى القوة الخشنة.

وحتى الاحتلال الإسرائيلي يتلاشى خطره عندما نعرف أن إسرائيل تحمل مشروعا صهيونيا يهوديا فيه الخنادق منفصلة ومتصادمة لاستحالة اللقاء بين اليهودية والإسلام، أما أن يأتي محتل وهو يسعى لتذويب العرب باسم الإسلام الذين هم الذين حملوا مشعله وأوصلوه إلى إيران نفسها فهذه هي الشعوبية مجسّدة على الأرض.

الهوامش

  1- الكافي 1/139-241 طهران كتاب الحجة، باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة، أنظر الخمينية، سعيد حوي، دار عمار عمان، الطبعة الثالثة 2016.

  2- خلال عملي في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون طلب الدكتور مصطفى جواد يوما من السيد محمد سعيد  الصحاف فريقا تلفزيونيا لتوثيق اكتشاف تاريخي وأثري وديني مهم جدا، كان ذلك في النصف الأول من عام 1969، وحينما خرج معه الفريق التلفزيوني كانت مثابتهم في منطقة الكرخ في منطقة العيادة الشعبية القريبة من مستشفى الولادة في الكرخ، وجد الفريق التلفزيوني، أن مجموعة من المسّاحين كانت قد وصلت إلى المنطقة قبلهم، وقد جلبوا نواظيرهم وأدوات تحديد المواقع على الأرض على نحو دقيق، قال لي أحد المصورين إن الدكتور مصطفى جواد، كان يتنقل من مكان إلى آخر في مساحة صغيرة جدا، ويذرع خطوات ثم يتوقف، ويغير اتجاهه ثم يفعل الشيء نفسه، فيدقق في ورقة كان يحملها، ثم توقف في مكان معين وقال هنا قبر موسى الكاظم عليه السلام، ومع هذه الكلمة كانت أفواه الفريق تفتح بذهول، ماذا؟ ومن يرقد تحت قبة الكاظم الذهبية إذن؟ ولمن تقدم له النذور ومن هو الذي يزوره مئات الآلاف من الناس ويسمونه قاضي الحاجات؟ أهي مزحة من الدكتور مصطفى جواد الذي يعرف عنه بأنه لا يمزح حتى في القضايا البسيطة، فكيف إذا ارتبط الأمر بقضية لها هذه الخصوصية والحساسية الدينية الطائفية والسياسية والاجتماعية في مجتمع يقرب الشيعة فيه من نصف عدد سكان العراق، وهم على استعداد لقبول أن الشمس هي التي تدور حول القمر ولا يقبلون فرضية أن موسى الكاظم يرقد في مكان آخر غير الذي ودوا آباءهم يزورونه ويقدمون له النذور ويطلبون منه تحقيق أمنياتهم بما فيها الحصول على الشهادات الجامعية والحصول على وظيفة مناسبة، نعم هذه القضية ترتبط بمعتقدات جانب مهم من أبناء الشعب العراقي؟ أم هو التاريخ الذي خضع لأكبر عملية تزوير؟ ومن سيصدق أن هذه هي إحدى أكاذيب التاريخ البيضاء حتى لو خرجت من فم الدكتور مصطفى جواد. د. نزار السامرائي، جسر الإعلام وعربات السياسة، معد للنشر، أما قبر علي بن أبي طالب "رض" ففيه روايات عديدة، منها أن الخليفة العباسي هارون الرشيد كان في نزهة في ظاهر الكوفة فوجد غزالا مطمئنا إلى جانب ذئب، فدهش للحالة وسأل كيف يحصل هذا، فقيل له هنا يرقد علي بن أبي طالب، فأمر ببناء قبة فوق القبر، وهناك رأي يقول بأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مدفون في مدينة "مزار شريف" في أفغانستان، وتنسج حول الموضوع حكايات كثيرة منها أن الناقة التي وضع عليها جثمان الإمام علي قد حلقت في الفضاء وهبطت في مزار شريف، وأثناء الحرب العراقية الإيرانية أثار أكثر من معمم إيراني أن النجف لا تضم جثمان الإمام علي والحقيقة أنه مدفون في إيران، وهناك رأي يقول بأن المغيرة بن شعبة هو المدفون في تحت القبة الذهبية في مدينة النجف، وعلى العموم فإن عدم حسم الجدل بشأن الموضوع يؤكد أن منطق الاستثمار المالي والمذهبي هو العامل الرئيس لتعدد الروايات.  

3- سورة الحجر، الآية 9. 

4 - الكافي للكليني: (1/438).

5 – العقد الفريد لابن عبد ربه، ج1، ص275. 

6 - سورة النحل، الآية 125.

د.نزار السامرائي                                       

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

وسوم: العدد 678