همسات تاريخية !!!

الشيخ حسن عبد الحميد

في سنة ١٩١٤ وقعت الحرب العالمية الأولى ، كانت سوريا تحت ظل الخلافة العثمانية ، أعلن شريف مكة يوم ذاك الشريف حسين ، أعلن الثورة العربية الكبرى

عام ١٩١٨ دخلت الجيوش العربية الملحقة على جيوش الحلفاء ( بريطانيا ، فرنسا ، روسيا ) دخلت دمشق وطردت الأتراك منها ، وقامت وحدة وطنية في سوريا كان وزير الدفاع فيها يوسف العظمة .

في نهاية الحرب العالمية الأولى تقاسم الحلفاء مناطق النفوذ ، فكانت سوريا من نصيب فرنسا ، ودخل الجيش الفرنسي دمشق سنة ١٩٢٠ بعد معركة غير متكافئة استشهد فيها وزير الدفاع يوسف العظمة في معركة ميسلون غرب دمشق ، واستشهد معه الكثير من علماء المسلمين الذين اعتقدوا أن الاشتراك في المعركة فريضة جهاد مقدسة

ودخل غورو دمشق وذهب إلى قبر صلاح الدين ورفسه برجله وقال : قم ياصلاح الدين لقد عدنا !!

عاشت سوريا ربع قرن تحت الانتداب الفرنسي ، وواجهت ثورات متواصلة بقيادة العلماء المسلمين تخرج من المساجد

عام ١٩٤٥ جلت فرنسا عن سوريا مخلفة الضباط الطامعون في الحكم ، اتخذوا الجيش أداة للوصول إلى السلطة

قامت حكومة وطنية استمرت حتى عام ٤٩ ، حيث وقع إنقلاب حسني الزعيم  ( أول من فتح باب الانقلابات العسكرية التي جرّت الويلات على سوريا ) ثم قام انقلاب اللواء سامي الحناوي ١٤/ ٨/ ١٩٤٩ ، وقبض على حسني الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي وقتلهما ، وسلّم الحكم للمدنيين

في ١٧/ ١٢/ ١٩٤٩ قام أديب الشيشكلي بانقلابه الأول ، ثم انقلابه الثاني ٢/١٢/ ١٩٥١ ، ثم وقع انقلاب عسكري بقيادة النقيب مصطفى حمدون ( أحد أنصار أكرم حوراني ) وطرد الشيشكلي من سوريا سنة ١٩٥٤

وقامت حياة نيابية برئاسة شكري القوتللي استمرت حتى الوحدة مع مصر سنة ١٩٥٨ ، وهذه هي الفترة الذهبية في سوريا ، والقوتللي هو الرئيس السوري الوحيد الذي ترك كرسي الرئاسة بإرادته ، تركه للعبد الخاسر ، ومات في أحد مشافي لبنان ، وعجز أولاده عن دفع تكاليف المشفى فسددها الملك فيصل رحمه الله .

وبرز هنا دخول الأقليات في الجيش للتخلص من الحياة الريفيية الفقيرة ، فتمتع العلويون بأكثرية في الجيش منذ عام ١٩٥٥ حتى أن العقيد عبد الحميد السراج رئيس مكتب المخابرات اندهش لدى اكتشافه أن ٦٥ / بالمائة من ضباط الصف كانوا تابعيين للطائفة العلوية !!!

حيث كانت العائلات السنية مالكة الأراضي تحتقر الجندية كمهنة ؟؟؟

هذا الجيش الذي قام بانقلابه الأول كان جيشا ناشئا ، ويعتبر من بقايا الجيوش المرتزقة أيام الانتداب الفرنسي .

وانتشر حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أسسه ميشيل عفلق وزكي الأرسوزي وصلاح البيطار وأكرم الحوراني 

انتشر بين العمال والفلاحين وصغار المثقفين ، ووضع الهدف الأول له ( الوحدة ) وكان أنصاره يهتفون : 

وحدة ، حرية ، اشتراكية !!!

ونشأ جيل اتخم بالشعور القومي الوحدي ، يحلم بالوحدة الكبرى ، ثم كانت الوحدة مع مصر ، ثم نتيجة التجاوزات والظلم الذي وقع على الشعب السوري كما قال المذيع  أعلنت إذاعة دمشق نبأ الانفصال ، قام به مجلس عسكري قرر فصل سوريا عن دولة الوحدة مع مصر

وقُوبل نبأ الانفصال برفض شعبي كبير ، وحاول عبد الناصر إرسال القوات الخاصة لإعادة الأمر إلى نصابه وفشلت المحاولة

بدأ الانفصال ٢٨/ ٩/ ٦١ واستمر حتى ٨ آذار /١٩٦٣ عاشت سوريا خلال هذا التاريخ فترة نادرة من الحكم النيبابي ، وعادت الأحزاب إلى العمل السياسي العلني ومنها جماعة الاخوان المسلمين التي فتحت مراكزها في المحافظات ، وعادت صحيفتها ( اللواء )

وأجريت انتخابات تشريعية نجحت فيها شرائح من الاخوان : عصام العطار ، عمر عودة الخطيب ، زهير الشاويش ، محمد علي مشعل ، عبد الفتاح أبو غدة وغيرهم ، كانت كتلة الاخوان وانصارهم عشرين نائبا

وفي سنة  ١٩٤٧ نجح معروف الدواليبي عن حلب ، ومحمد المبارك عن دمشق ، ومحمود الشقفة عن حماة

هل تعلم أن الشيخ مصطفى السباعي ابن حمص كان على رأس الثورات الشعبية ضد الفرنسيين واعتقل مرات

هل تعلم أن الاخوان جاهدوا في فلسطين في مدينة صور باهر سنة ٤٨ بقيادة الشيخ السباعي المراقب العام للجماعة

هل تعلم أن من وزراء الاخوان كان الدكتور محمد المبارك ( وزير الاشغال العامة ) هو من بنى ميناء اللاذقية

هل تعلم أن الزعيم المسلم عصام العطار هو الوحيد الذي رفض التوقيع على وثيقة انفصال الوحدة

عاشت جماعة الاخوان عهدا ذهبيا ( ١٩٤٥ - ١٩٥٨ ) ومارست نشاطا تربويا وسياسيا وإعلاميا ، ثم حلت الجماعة نفسها استجابة لأمر الوحدة القاضي بحل الاحزاب السياسية ، ثم عادت إلى العمل السياسي والدعوي خلال فترة الانفصال ، ودخلت مرحلة الصراع الأمني مع انقلاب آذار ٦٣ ومازالت حتى تاريخه ؟؟

في تلك الفترة الذهبية اختفى اسم المباحث أو المخابرات ، وصار الطلاب يكتبون على السبورة نكتا على أعضاء الحكومة ، بل وضد الرئيس !!

ثم قامت خلية حزبية سرية من البعثيين ( صلاح جديد ، حافظ أسد ، أحمد المير ) تشكلت في مصر ، وعرفت باسم اللجنة العسكرية ، فطردوا أكرم الحوراني لموافقته على الانفصال ، ثم نظمت الكثير من الضباط العلويين والدروز والاسماعيليين ، ودفعت زياد الحريري للقيام بالانقلاب صباح ٨ آذار ، وبقيت المجموعة في الظل ، واستدعت ضابطا كبيرا هو ( محمد أمين الحافظ ) وجعلته رئيسا لمجلس الرئاسة

وثورة آذار هي من إخترعت الدولاب للتعذيب للمتهم !! ومن المتهم ؟؟ كل الناس ؟؟؟

تقرير بسيط من أحد الرفاق على ورقة تبدأ بأمة عربية واحدة وتنهي بالخلود لرسالتنا يعني شهورا في الزنزانة ، ثم إنسانا يحطم مدى الحياة ؟؟؟

وبعد أربعين سنة ، أجل بعد أربعين سنة تبين أن لولب اللجنة العسكرية هو حافظ الأسد ، الذي كان يعمل بصمت ، ويضرب بعضا ببعض آخر ، حتى تخلص من جميع رفاقه وإنفرد بتملك سوريا له ولأولاده من بعده ؟؟؟

أول إجراء قام به حزب البعث لدى تسلمه السلطة هو ( تسريح الضباط الدمشقيين ) قادة الانفصال ، وكلهم تقريبا من أهل السنة ؟؟

وسرحوا من الجيش معظم طلاب الضباط من الكلية العسكرية ، واستدعت هذه الخلية الضباط من العلويين والدروز والاسماعليين !!!

ثم تم تصفية الجيش من الضباط غير البعثيين ومعظمهم من السنة ، ثم تصفيته من البعثيين السنيين بعد قيام حركات التصحيح ، حتى يصبح معظم الضباط من الفئات التي تشكلت منها الخلية السرية ؟؟؟

ثم جاءت المرحلة الأخيرة وهي تسريح الضباط البعثيين غير العلويين

ثم سرح بعض الضباط العلويين ( أنصار صلاح جديد ) 

وصار معظم ضباط الجيش من العلويين فقط ، ومن المخلصيين لعائلة الأسد مثل طلاس

وتحولت سوريا بذلك مزرعة لآل الأسد ،

واقرأوا كتاب ( سوريا مزرعة الآسد )

فلا تستغربوا قولهم الأسد أو نحرق البلد !!!

ولا تستغربوا تدمير سوريا وحلب !!

ولا تستغربوا كم هم سعداء لدمار حلب !!!!

حلب تباد أيها الناس بالصورايخ الروسية الارتجاجية ؟؟؟

لك الله ياحلب ...

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 688