أوجُه شَبَه بين مصر والمغرب، مع وجود الفارق

في استنساخ الانقلاب المصري على الديمقراطية

ثمة أوجه شَبَه بين بعض ما وقع في مصر قبيل الانقلاب على الديمقراطية الوليدة بها بعد ثورة 25 يناير وبين بعض ما وقع بالمغرب خلال الأيام والأسابيع الماضية قبيل انتخابات 07 من أكتوبر 2016، ومن أوجه الشَّبَه هذه ما يلي:

(1)

في جمهورية مصر العربية أرادت الدولة العميقة أن تنقلبَ على الديمقراطية الناشئة هناك، فأخرجت الناس في مسيرة كان من شعاراتها "ضد أخونة الدولة" ومطلبُها الرئيس إسقاط الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا. وفي المغرب أُخرجتْ مسيرةٌ بالشعار نفسه تقريباً "ضد أخونة الدولة والمجتمع" وبالمطلب نفسه (إسقاط رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وحكومته)، وهي المسيرة التي صرَّح كثيرٌ من المشاركين فيها بالجهات التي كانت وراء إخراجهم ومنها حزب الأصالة والمعاصرة، وبعض رجال السلطة.

(2)

في جمهورية مصر العربية مهدَّت الدولة العميقة للانقلاب على الديمقراطية باستعداء الناس ضد الرئيس محمد مرسي، واتخذوا وسيلة لهم لتحقيق هذه الغاية توجيه قنوات إعلامية كثيرة (للتخصص) في انتقاد الرئيس مرسي وحزبه وجماعته، كي يتحقق (للعميقة) توطئة نفوس الناس وتمهيدها لأي انقلاب على الرجل وعلى الديمقراطية، وتهيئتهم للفرح بهذا الانقلاب. وفي المغرب نلاحظ أن مواقع إعلامية كثيرة، ورقية وإلكترونية، أصبحت شبه متخصصة في تقبيح الأستاذ عبد الإله بنكيران ومحاولة "شيطنته" هو وحزبه، وحمل الناس على كرهه. وتجاوز الأمر في هذه الوسائل انتقاد السياسات والبرامج إلى الخوض في الأعراض واختلاق الأكاذيب والإشاعات وترويجها على نطاق واسع جدا، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي التي يرتادها الناس كثيرا.

(3)

في جمهورية مصر العربية تنبهت الدولة العميقة إلى الامتداد الكبير للرئيس مرسي وجماعته وحزبه في قطاعات كبيرة من الشعب المسلم، وأرجعت ذاك الامتداد في جوانبَ كثيرةٍ منه إلى الخطاب الإسلامي لحزب مرسي وجماعته، فاستقطبت تيارا إسلاميا آخر هو حزب النور السلفي، ووظفته في حربها غير المعلنة على الرئيس مرسي وجماعته وحزبه ظاهراً، وعلى الديمقراطية الوليدة باطناً. وفي المغرب أراد حزب العدالة والتنمية ترشيح السلفي حماد القباج بمراكش، لكنه مُنع من حقه في الترشح، ولوحظ في المقابل الإسراع إلى فتح دور القرآن التابعة لسلفي آخر هو محمد المغراوي الذي أصبحت الأخبار تتوالى بدعمه وأنصاره لحزب الأصالة والمعاصرة الذي كان طرفاً منظما لمسيرة الدار البيضاء "ضد أخونة الدولة والمجتمع" كما صرَّح بذلك مشاركون في تلك المسيرة.

(4)

في جمهورية مصر العربية أراد الانقلابيون أن يسقطوا الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا، فكان من الحيل التي دبَّروها تكوين ما سمي حينئذ "حركة تمرد"، وكلفوها بالنزول إلى الشارع وجمع توقيعات من الناس الذين ملأت وسائل إعلام الفلول قلوبَهم بالحقد والغضب على محمد مرسي، توقيعات يؤكدون من خلالها رغبتهم في الإطاحة بمحمد مرسي.

وفي المغرب وجدتُ في صفحات التواصل الاجتماعي صفحة عنوانها "حملة المليون توقيع لإسقاط عبد الإله بنكيران".

إنها معالم تدل على سعي نحو استنساخ التجربة الانقلابية المصرية، وكأن جمهورية مصر العربية أصبحت أنموذجا يحتذى في التخطيط للانقلاب على الديمقراطية.

 (*) نشرت هذه المقالة على الصفحة الشخصية للكاتب بالفيسبوك يوم الاثنين03 أكتوبر 2016م.

وسوم: العدد 689