"إسرائيليات" المناهج العربية مخططات لا أخطاء

تتوالى تكشفات مسلسل ما يزعم أنه " أخطاء " في المناهج العربية حول حقائق الصراع العربي الإسرائيلي تاريخا وجغرافيا . أحدث هذه التكشفات ما أوردته صحيفة " الإمارات اليوم " حول قرار وزارة التربية والتعليم في الإمارات وقف تدريس كتاب في مدارس الشويفات الخاصة يصف الفلسطينيين بأنهم إرهابيون . تكشفات سابقة قريبة حدثت في الجزائر أصدق نصير عربي للقضية الفلسطينية . وفي كل مرة ، وحال إشارة جهة ما إلى هذه الآلية من آليات النفاذ الصهيوني للعقل والقلب العربيين في طور صفائهما ؛ يبرر الأمر بأنه " خطأ " ، وليس تبيينا لموقف جديد من الصراع العربي الإسرائيلي الذي تقلص ، وبالكاد صار صراعا فلسطينيا إسرائيليا حيث إن أكبر جهة فلسطينية رسمية ، السلطة الفلسطينية ، تطبع مع إسرائيل في أخطر المستويات ، أي التنسيق الأمني . المستقر لدى الجميع أن المناهج العربية وما تترجم إليه من مقررات مدرسية لا يُوافَق عليها إلا بعد التأكد التام من محتوياتها السياسية ، وهذه الحقيقة تنفي بقوة كون هذه المدسوسات الإسرائيلية أخطاء عفوية ، وتؤكد أنها مخططات مقصودة ولو من بعض جهات متنفذة في هذا المجتمع العربي أو ذاك بتأثير من إسرائيل ومن أميركا . التعليم يصوغ الإنسان معرفة ووجدانا وقناعة وموقفا ، وبدفع هذه المدسوسات المضللة إلى المناهج العربية تريد إسرائيل وأنصارها في الغرب وأتباعها في العالم العربي صياغة إنسان عربي جديد لا يرى في إسرائيل كيانا غريبا مغتصبا لأرض عربية إسلامية . وفي هذا المنحى لا تكف إسرائيل عن التذمر من  المناهج الفلسطينية ، وتتقدم بشكاوى إلى كل محفل دولي تراه مناسبا واصفة ما يتصل بالتاريخ والجغرافيا في هذه المناهج بأنه " تحريض " عليها ، وفي مفهومها أن كل حديث فلسطيني عن حق فلسطيني أو مدينة فلسطينية تغتصبها هو تحريض معادٍ لها . حتى الشكوى من قتلها للفلسطيني أو اعتقاله وتأبيده في سجونها أو هدم بيته تراه تحريضا وإساءة لها وتهديدا ل "شرعيتها " ، وفي الوقت عينه تتجاهل ما في مناهجها المدرسية من تحقير لكل ماهو عربي وإسلامي . العربي في هذه المناهج لص ، شرير ، كاذب ، خائن ، قذر ، فوضوي ، جبان ، متخلف ، معادٍ للعالم وحاقد عليه ، والإسلام يشجع على الإرهاب ، بل ليس دينا سماويا . والثابت الواضح أن هذه " المدسوسات " أو " الإسرائيليات "  بالمصطلح التراثي الإسلامي تحدث مسايرة لموجة التطبيع العربي مع إسرائيل التي تعلم أن التطبيع في النفوس يجب أن يوازي أو حتى يسبق التطبيع في السياسة والتجارة والاقتصاد والأمن وسائر العلاقات . في الدول العربية التي ظهرت فيها هذه المدسوسات الخبيثة المقصودة من يفوق الفلسطينيين "المخلصين " استنكارا لها وتصديا لتسللها ، والمشكلة أن من يريدون أن يفتحوا لها عقول وقلوب الناشئة العربية هم المسيطرون  المتنفذون . وهم بالاتفاق مع إسرائيل قد يتراجعون مرة عند كشف ما أقدموا عليه إلا أنهم بحثٍ وتشجيع وتدبير منها ، واقتناع بوحدة مصيرهم مع مصيرها لن يلبثوا ن يعودوا إلى ما تراجعوا عنه ، وفي حقول أخرى إلى جانب حقل التعليم . يتميز الإسرائيليون بالتصميم الصارم وطول النفس لبلوغ ما يريدون إذا آمنوا بحيويته وأهميته لهم ، وغالبا ما ينجحون ،  ومثلما يرى الشاعر العربي :

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته  * ومدمن القرع للأبواب أن يلجا .

وما أخلقنا  (أجدرنا ) بالعمل بقول شاعرنا الذي يعمل به الإسرائيليون دون أن يعلموه !

وسوم: العدد 689