استراتيجيات عمل ولاية الفقيه الإيرانية في الوطن العربي والعالم الإسلامي (المرئيات والنتائج) مملكة البحرين

مركز أمية للبحوث والدراسات

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

المبحث الثاني

مملكة البحرين

إن التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين لها تاريخ يعود إلى العهد القاجاري الذي لم يخف أطماعه في البحرين. ففي عام 1919 كانت هنالك أصوات في إيران تطالب بتعيين ممثل لمحافظة "البحرين" في البرلمان الإيراني، وفي عام 1922 قامت القنصلية البريطانية بإرسال تقرير يفيد بأن الموظفين في الجوازات الإيرانية قاموا بمصادرة جوازات البحرينيين القادمين بوصفهم من رعايا إيران. وفي عام 1923 فيما شدد القنصل الإيراني في النجف على جميع المواطنين في البحرين ضرورة تسجيل أسمائهم لدى القنصلية الإيرانية هناك.

أولاً-سجل الدعاوى

قامت إيران عام 1927 بإثارة موضوع تبعية البحرين لها في عصبة الأمم، وقد ادعت إيران في المذكرة التي قدمتها بأنها كانت المسيطرة على البحرين في معظم عصور التاريخ. وفي العهد البهلوي اعترضت إيران على توقيع البحرين عقداً مع إحدى الشركات الأجنبية بخصوص النفط، وقالت إن هذا الاتفاق تم بدون موافقة إيران، وفي عام 1946 أصدر البرلمان الإيراني قراراً يقضي بعزم إيران على ممارسة سيادتها على البحرين، كما أصدرت وزارة التعليم الإيرانية في العام 1951 قراراً يقضي بأن يدرس التلاميذ في المدارس أن البحرين تنتمي لإيران.

وأعلنت إيران عام 1957 بإلحاق البحرين بالتقسيمات الإيرانية وخصصت في برلمانها مقعدين عن البحرين، كما أصدرت الحكومة الإيرانية في عام 1975 قراراً جديداً يقضي بضم البحرين باسم الإقليم الرابع عشر إلى الأراضي الإيرانية.

ومنذ قيام ثورتها عام 1979، لم تكف طهران عن التدخل في الشأن الوطني لمملكة البحرين فعمدت إلى دعم وإنشاء جماعات وشبكات إرهابية في المنطقة، ففي عام 1981 حاولت عبر الأحزاب الموالية لها "القيام بانقلاب عسكري في البحرين، وهو الاتهام الذي أكده هادي المدرسي في صحيفة الشراع اللبنانية بقوله "تلك تهمة لا أنكرها وشرف لا أدعيه".

وفي أواخر عام 1981 تم إلقاء القبض على مجموعة دفعت بها إيران لقلب نظام الحكم في البحرين. وقد تلقى المتآمرون تدريبات على استعمال المتفجرات وأعمال التخريب في إيران وتم تهريبهم إلى داخل البحرين، وكان المخطط يتألف من صفحات عدة من بينها، أسر بعض الوزراء رهائناً، واحتلال الإذاعة والتلفزيون، والدعوة لثورة شعبية لتأسيس جمهورية إسلامية يقودها هادي المدرسي، ويتم بعدها ضم البحرين إلى إيران.

أما ما حدث في مملكة البحرين منذ فبراير 2011 فإن التدخل الإيراني تجاه هذه الأزمة كان سافراً ويؤكد ما حمله التاريخ من أطماع إيرانية في البحرين. حيث تم تهيئة كل سبل الدعم لتصعيد هذه الأزمة في سلسلة متزامنة من البيانات والفتاوى العدائية ومروراً بالدعم السياسي والتعبئة الإعلامية والدعم اللوجستي والتسلل وتهريب السلاح، ومن أبرز محطات الدعم الإيراني لهذه الأزمة على سبيل المثال لا الحصر:

ثانياً-التصريحات الصادرة من رموز مؤسسات الحكم الإيرانية:

عند رصد ومتابعة التصريحات الصادرة من رموز مؤسسات الحكم الرسمية الإيرانية تجاه أزمة 2011، يتّضح أن التدخلات الإيرانية في شؤون مملكة البحرين جزء أساسي من عقيدة السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية. بدءاً من خطابات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية ومستشاريه، وتصريحات رئيس الجمهورية، وبيانات وزارة الخارجية الإيرانية، إلى جانب الحشد الهائل من تصريحات مؤسسات الدولة الرسمية (وزارة الدفاع، ومجلس الشورى، مجلس صيانة الدستور، الحرس الثوري، المجلس الأعلى للأمن القومي). وقد أجمعت كلها على أن مايجري في البحرين يمثل لدى الجمهورية الإسلامية قضية مفصلية لإيران.

ثالثاً-الدعم اللوجستي الإيراني:

بتاريخ 25 يوليو 2015 أعلنت وزارة الداخلية عن إحباط عملية تهريب متفجرات وأسلحة عن طريق البحر إلى البحرين مصدرها إيران، وقد أوضحت بأن المجاميع التي تم القبض عليها، تلقى أفرادها تدريبات عسكرية بالجمهوريةِ الإيرانية في أغسطس 2013 وأخضعوا لتدريبات فنية مكثفة على كيفية صناعة واستخدام المواد المتفجرة (C4) كما تم تدريب هذه العناصر على الغوص وطرق تنفيذ عمليات التفجير تحت سطح البحر بالإضافة إلى الرماية باستخدام سلاح الكلاشنكوف، وذلك بمعسكراتِ الحرس الثوري تحتَ إشراف مدربين إيرانيين، كما صرفت لهم ملابس عسكرية وتم تمويلهم بمبالغ مالية لشراء قارب وسيارة لتنفيذ عمليات التهريب.

وبتاريخ 30 سبتمبر 2015 كشفت وزارة الداخلية عن مخبأ للمتفجرات تحت الأرض في قرية النويدرات وسط منطقة مأهولة بالسكان، حيث تم العثور على على كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار والمواد التي تدخل في صناعتها، قدرت بما يفوق (1.5) طن ومن ضمنها مادة C4 وRDX  شديدة الانفجار ومادة TNT المتفجرة بالإضافة إلى مواد كيميائية وعدد من العبوات المتفجرة الجاهزة للاستخدام وأسلحة أوتوماتيكية ومسدسات وقنابل يدوية وكميات من الذخائر الحية والأجهزة اللاسلكية. وقد تبين من خلال عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات بأن المقبوض عليهم على ارتباط وثيق بعناصر إرهابية موجودة في العراق وإيران.

إن هذين مثالين على الدعم الإيراني اللوجستي، حيث تشير معدلات التدخل منذ قبراير 2011 حتى نهاية العام 2015 أن هناك 18 قضية لتنظيمات إرهابية مرتبطة بإيران أو العراق أو بحزب الله اللبناني، وقد بلغ عدد المتهمين فيها 422 متهماً. وهناك اعترافات من هؤلاء المتهمين بتلقي تدريبات في معسكرات تحت إشراف الحرس الثوري في العراق وفي لبنان. كما أنه من بين التهم أيضاً إدخال الأسلحة والمتفجرات، والسعي والتخابر وإحداث التفجيرات داخل البحرين بالتنسيق مع أفراد خارج البحرين. وحتى يوليو 2015 وقد أنهت نيابة الجرائم الإرهابية بمملكة البحرين التحقيق في 17 قضية إرهابية تتعلق بالعام 2014، شملت تنفيذ تفجيرات، والتخطيط لأعمال إرهابية، جميعها كانت خلاياها وتنظيماتها قد تلقت تدريبات عسكرية في إيران.

رابعاً-استمرار الأطماع الإيرانية:

تؤكد هذه الأزمة التي عاشتها مملكة البحرين منذ فبراير 2011 بأن الأطماع الإيرانية تجاه البحرين سوف تستمر، وأن سياسة طهران تجاه مملكة البحرين هي ثابتة وإن تغيرت وجوه النظام الإيراني، أو تغيرت أدواته. وإن مملكة البحرين قد أثبتت بأنها حريصة على تماسك النسيج الوطني لشعبها المنفتح الذي لا يقبل أن يكون مستقبله مختطفاً من أجل تحقيق أجندات خارجية.

وسوم: العدد 690