على غرار بروتوكولات حكماء صهيون اقرأوا عن بروتوكولات عمائم (قم)...

منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، رفع زعيمها الخميني شعار “تصدير الثورة”، مؤكدا على ذلك حينما قال في الذكرى الأولى لانطلاقها: “إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم” وفي هذا أبلغ الرد على بعض الكتاب والمثقفين العرب، والذين يشككون في حقيقة تصدير الثورة الإيرانية.

الثورة الإيرانية وتحويل المسار:

وكانت الحرب العراقية الإيرانية إفرازا للمسار الخميني العسكري لتصدير الثورة، وهو ما أدى إلى ضعف شعبية الثورة الإيرانية لدى الشعوب العربية والإسلامية، تزامن ذلك مع أعمال عنف مسلحة قام بها الإيرانيون داخل بعض الدول العربية، فكانت صدمة لكل من روّج وهلّل لقيام الثورة الإيرانية التي اعتبرها الكثيرون النموذج المخلص للشعوب من الأنظمة الديكتاتورية.

وكان لهذه النتائج أثرها البالغ في تحول المسار الثوري الإيراني، حيث توجهت المرجعيات السياسية والدينية لفرض المشروع الإيراني الصفوي عبر أجندات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتبشيرية بدلا من تصدير الثورة من خلال الصدام المسلح.

وكما كان للخميني الفضل في تحول المسار الفارسي الإيراني الصفوي من الركود الثوري والحركي في انتظار ( الإمام الغائب ) وفق ما تمليه العقيدة الإمامية الإثنى عشرية، وذلك عن طريق نظرية الولي الفقيه التي اخترعها الخميني بناء على سطور مهملة شاذة في التراث الشيعي، حيث ينوب عن الإمام الغائب أفقه المرجعيات الدينية إلى أن يظهر القائم.

فكذلك كان لخلفه “رفسنجاني” ومن بعده “خاتمي”، الفضل على الإيرانيين في تحويل مسار الثورة الإيرانية إلى الانفتاح على دول الجوار والغرب أيضا، فقد سارا على نهج الخميني، إلا أن ما أجري من تعديلات على المشروع في عهدهما أنقذ إيران من العديد من الأزمات، وخلصها من عزلتها إبان الحرب العراقية الإيرانية.

فظهر مع هذا التحول ما يسمى بـ “الخطة السرية لآيات الشيعة في إيران” وهي خطة خمسينية تم صياغتها في عهد “خاتمي” تهدف لنشر فكرها الخميني الفارسي المحمل على أساس طائفي إلى دول الخليج بصفة خاصة، والشرق الأوسط بصفة عامة.

هذه الخطة الخمسينية نشرتها رابطة أهل السنة في إيران (مكتب لندن)، وهي عبارة عن رسالة من مجلس شورى الثورة الثقافية الإيرانية إلى المحافظين في ولايات إيران، وقام الدكتور علي البلوشي بترجمتها من الفارسية والتعليق عليها.

وقد نشرت مجلة البيان الإماراتية في عددها رقم (78) تفاصيل هذه الخطة تحت عنوان “الخطة السرية للآيات في ضوء الواقع الجديد”.

الملامح العامة للخطة الخمسينية الإيرانية:

ومن خلال نص الوثيقة المترجمة يمكن استخلاص أهم ملامحها وعناصرها ومكوناتها في النقاط التالية:

* التأكيد على أن تصدير الثورة الإيرانية يأتي على رأس أوليات السياسة الخارجية الإيرانية.

* الخطة لها صبغة قومية فارسية، وثقافية واجتماعية وسياسية ودينية وتاريخية واقتصادية، وتستهدف أهل السنة داخل إيران، وخارج إيران في منطقة الشرق الأوسط والخليج بصفة خاصة.

* تعتمد الخطة على التقارب مع الدول الأخرى، وتجنيد موالين في هذه الدول، وإيفاد عملاء من إيران إلى هذه الدول.

* العمل على تغيير التركيبة السكانية لهذه الدول، عن طريق أمرين: الأول تهجير قطاعات سكانية من هذه الدول، والثاني: تشجيع الهجرة الإيرانية إليها.

* إنشاء مراكز ثقافية ومشروعات اقتصادية وحُسينيات وجمعيات خيرية ومؤسسات طبية وخدمية داخل هذه الدول بغرض زيادة النفوذ الإيراني فيها.

* تقسيم مجال التطبيق الخارجي لتلك الخطة بحسب سهولة انتشار المذهب الشيعي، فهناك دول يسهل فيها انتشاره وهي دول: تركيا والعراق وأفغانستان وباكستان والبحرين.

وهناك دول يصعب انتشار المذهب الشيعي فيها على سبيل المثال: الأردن، ومصر، ودول الخليج عدا البحرين، وذلك بحسب مضمون الخطة.

الجدول الزمني لخطة تصدير الثورة:

هذه الخطة خمسينية يتم تنفيذها خلال 50 عاما، مقسمة على خمس مراحل:

المرحلة الأولى: التأسيس ورعاية الجذور

وتعتمد على إيجاد تكتل صفوي في البلدان المستهدفة- مثلما هو الحال في البحرين- بالهجرة الإيرانية إلى تلك الدول وإقامة علاقات ناجحة مع المتنفذين من أصحاب رؤوس الأموال، والمسئولين والإداريين فيها، وتشتيت أماكن التجمع السني ليحل بدلا منها تجمعات رافضية، كل ذلك في ظل غطاء من المشروعات الاقتصادية الضخمة.

المرحلة الثانية: مرحلة البداية

وجوهر هذه المرحلة عنصران، أولهما: شرعنة الوجود الإيراني في تلك الدول، والثاني: الوقيعة بين حكومات هذه الدول وأهل السنة.

ففي هذه المرحلة يسير الإيرانيون وفقا للأطر القانونية في تلك الدول المستهدفة، والحصول على الجنسية، وممارسة الانشطة بشكل رسمي عن طريق استصدار التراخيص اللازمة، ومحاولة التسلل إلى الأجهزة الحكومية والأمنية.

وفي نفس الوقت يعمل الصفويون على إبراز مواطن وأوجه الفساد في تلك الدول وتحريض علماء السنة على مواجهتها، ثم يقوم هؤلاء الصفويون بتوزيع منشورات باسم أهل السنة، وإحداث الاضطرابات لاستعداء الأنظمة الحاكمة على أهل السنة.

المرحلة الثالثة: مرحلة الانطلاق

وفي هذه المرحلة يتم توطيد علاقات العملاء الإيرانيين مع الأنظمة الحاكمة والمؤسسات الحكومية، دون إظهار أنشطة دينية، كما يتم زيادة النفوذ الإيراني في الأجهزة الأمنية والحكومية، وزيادة التغول الاقتصادي.

ومن أبرز خطوات تلك المرحلة وأهمها تشجيع هجرة رؤوس الأموال السنية إلى طهران، لكي يتسنى لإيران السيطرة على اقتصاديات تلك الدول.

المرحلة الرابعة: بداية قطف الثمار

وتعتمد على إحداث الوقيعة بين الحكام والشعوب بزعاماتها السنية، فعن طريق السيطرة الإيرانية على اقتصاديات الدولة، يحدث الخلل الاقتصادي بين النظام والشعب، وهو ما يؤدي لسخط شعبي، يستغله العملاء الإيرانيون في الوصول إلى مواقع أكثر حيوية، وشراء مزيد من الأراضي والمؤسسات والعقارات، في الوقت الذي يقومون فيه بمساندة النظام وحث الناس على الهدوء.

المرحلة الخامسة: مرحلة النضج

عند الوصول إلى هذه المرحلة يفترض –وفق الخطة- أن تكون الدولة قد فقدت عناصر قوتها وهي الأمن والاقتصاد والهدوء، فيستغل العملاء الإيرانيون القلاقل والاضطرابات وانعدام الثقة بين الحكام والشعوب، في طرح أنفسهم كمخلصين، عن طريق اقتراح مجلس شعبي لضبط الأمور وتهدئة الشارع ودعم السلطة في إحكام السيطرة، والدفع بالقيادات الصفوية في ذلك المجلس ليشكلوا أغلبيته.

على أن الخطة قد تضمنت إضرام الثورة الشعبية إذا لم يتسنى تحقيق أهدافها بدون إراقة الدماء، مستفيدة من الانجازات التراكمية عبر المراحل السابقة.

الواقع يشهد:

حتما هناك من يشكك في صحة هذه الخطة، ويعتبرها ضربا من هواجس نظرية المؤامرة التي تتسم بها العقلية العربية، هذا إن سلمنا ببراءة المُشكك من موالاة المشروع الإيراني.

وهو الأمر نفسه الذي قابل به البعض بروتوكولات حكماء صهيون، ونظروا إليها على هذا النحو، ولعل أصحاب النوايا الطيبة يتجهون إلى هذا القول بدافع افتقاد أمتنا لأي مشروع جامع على غرار المشروعين الصهيوني والفارسي، فلذلك يستبعدون أن هناك خطة ما حيكت وتجسدت فصولها في الواقع.

إلى جانب التمدد الإيراني الذي لا تخفى معالمه في مصر والخليج وأفغانستان وباكستان، حتى وصلت أنشطته التبشيرية إلى العمق الإفريقي، وإقامة علاقة ناجحة مع العديد من دول العالم.

متى تفيق الأمة:

ونقول بكل أسف، إن ترجمة هذه الخطة على أرض الواقع سواء اتفقنا أو اختلفنا حول صحة الوثيقة، يقابل بتجاهل مثير للدهشة من قِبَل الأنظمة العربية التي تفتقد في الأصل مشروعا جامعا، غير أن أكثر ما يؤسف لها أن هذه الدول باتت غافلة أو متغافلة عن أمنها القومي وحدودها المستباحة، وأراضيها التي صارت مرتعا للمد الفارسي، مدفوعة في الغالب بلعنة التوازنات ضد التيارات الإسلامية، أو دول الجوار، على غرار ما فعله علي عبد الله صالح من عدم حسم قضية الحوثيين، بغرض ضبط المعادلة الداخلية مع الإسلاميين، ولاستخدامهم كورقة ضغط على الدولة السعودية.

وبين المشروع الصهيوني والمشروع الفارسي في المنطقة، سنبقى دائما نتساءل:

أين المشروع الإسلامي العربيّ؟

—-

وفي الختام أكرر ما أُردّده دائما:

إن كان كلامي في الأعلى طائفية وفتنة فلتشهد يا الله

أني أتقرّب اليك بطائفيتي ..

وسأظلّ طائفية ما دامت أفعى التحريض تتكور تحت عمامة سيدك الذي يعتبر الرضيع من بني ديني مهدور دمُه حسب كتب علماء مذهبك أنت ..

وسوم: العدد 691