لماذا لا تطبق مواد حقوق الإنسان على الفلسطيني..؟

خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى قطاع غرة في حزيران/يونيو 2016 ولقائه مجموعة من طلاب وطالبات مدارس "الأونروا" يمثلون البرلمان المدرسي المركزي والذي يمثل 260 ألف طالب وطالبة " تحدث الأمين العام بطرق مؤثرة جدا عن فترة شبابه في كوريا في أعقاب الحرب. وقام بتشجيع البرلمانيين المدرسيين لدينا على الدراسة الجادة وعلى تعلم حقوق الإنسان، وفي تلك اللحظة قام أحد الطلاب واسمه أحمد وقال؛ السيد الأمين العام، إننا متحمسون بشأن حقوق الإنسان، ونحن ندرس حقوق الإنسان في مدارس الأونروا، إلا أن لدي سؤالاً واحداً لك: لماذا لا تطبق تلك الحقوق علينا؟" هذا ما ذكره المفوض العام للأونروا بيير كرينبول في خطابه أمام لقاء اللجنة الرابعة الخاصة بالسياسة وإنهاء الإستعمار الذي عقد في الأمم المتحدة في  نيويورك بتاريخ 3/11/2016 ..

لم يكن ليتحدث الطالب أحمد بهذه الطريقة لو لم يكن قد عاش التناقض الواضح بين القول والفعل، والفرق الشاسع بين الخطابات والقوانين الصادرة عن المجتمع الدولي، وبين ترجمتها إلى حقائق.. فالمادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الانسان تتحدث عن الحقوق المتساوية التي من المفترض أن يتمتع فيها كل إنسان بغض النظر عن اللون أو الجنس أو المعتقد أو اللغة أو الرأي السياسي.. لكن هذه المفاهيم والقيم في واد وترجمتها في وادٍ آخر، خاصة فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني.

المفارقة بأن الإعلان العالمي لحقوق الانسان والذي تم إطلاقه في 10/12/1948، جاء بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945 التي طحنت الحجر والشجر والبشر وكل مايتعلق بالقيم الإنسانية. توقفت طبول الحرب عام 1945 لكنها كانت ما تزال تُسمع في فلسطين من قبل محبي السلام العالمي. توافقت الدول الأعضاء على عدم العودة إلى الوراء وضرورة إعداد نظام عالمي يضبط العلاقة بين الدول ويحترم حقوق الإنسان ويؤسس لمرحلة يسود فيها العدل والأمن والاستقرار، وعلى مدى ثلاث سنوات (1945 – 1948) عكفت فيها تلك الدول لإعداد المواد الثلاثين للإعلان العالمي كانت فيه حقوق الإنسان الفلسطيني تنتهك في فلسطين جهاراً نهاراً، فالإنتداب البريطاني على فلسطين كان لا يزال قائماً ومشروع التطهير العرقي في فلسطين مستمراً بتهجير الفلسطينيين واستجلاب اليهود وبتسليم فلسطين إلى العصابات الصهيونية وغض الطرف عن المجازر التي كانت ترتكب بحق الفلسطينيين وواحدة منها مجزرة قرية دير ياسين في 9/4/1948، أي قبل إنطلاق تطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بثمانية أشهر فقط، لا بل اكثر من ذلك؛ توافقت الدول الأعضاء بشكل غير قانوني على تقسيم فلسطين في العام 1947 والإعتراف زوراً بشرعية الكيان الإسرائيلي وفقاً للقرار الأممي رقم 181، وربما يكون الأغرب الذي دعا الطالب أحمد للسؤال بأن كيف الأمم المتحدة تعلن عن ميثاق حقوق الإنسان، وقد ضمت لوثائقها وعد بلفور بإعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وعد من لا يملك لمن لا يستحق؟!، إذاً الأمم المتحدة تناقض نفسها حين تعلن عن ضرورة إحترام حقوق الإنسان وفي الوقت ذاته تسكت عن إنتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني.

جاء القرار الأممي رقم 194 بعد يوم واحد فقط من تاريخ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 11/12/1948 ليؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض واستعادة الممتلكات. البند 13 من الإعلان العالمي الفقرة الثانية تنص على أنه "يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه". القرار وبعد حوالي سبعة عقود على اعتماده لا يزال حبيس الأدراج الاممية، شأنه شأن العشرات من القرارات التي اتخذت. عدم تطبيق تلك القرارات ليس بسبب النفوذ الصهيوني في الأمم المتحدة وحده والذي يجبرها على التعاطي بسياسة الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة، وانما أيضا بسبب عدم قدرة الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم - حتى الآن - على إعتماد إستراتيجية موحّدة ترتقي الى مستوى التاثير على صانع القرار الأممي للتغيير وهذا يحتاج إلى مراجعة جادة..

وسوم: العدد 698