الكفر بالطاغوت.. هو أول خطوة أساسية لدخول الإسلام

كثير من ذراري المسلمين.. لا يعرفون هذه الحقيقة البتة!!!

ويظنون جهلاً.. أو عناداً..

أنه يكفيهم.. أن يرددوا شهادة التوحيد.. ليكونوا مسلمين.. دون أن يعرفوا معناها.. أو مغزاها.. أو يتحملوا تبعاتها..

وإذا عرفوا.. فإنهم يعرفون معناها الناقص.. المبتور.. المهلهل.. المضلل.. الذي تكتنفه رواسب.. وشوائب شركية..

المعنى الحقيقي لشهادة التوحيد ( لا إله إلا الله )..

هو:

أولاً: الكفر بالطاغوت.. الذي يعني من ضمن معانيه الرئيسية.. الحاكم الطاغي.. الذي يحكم بغير شرع الله.. أو المنهج.. أو النظام.. الذي يطبق شرع العبيد.. والذي يطغى على العباد.. فيستبد بهم.. ويسوقهم سوقاً إلى الهلاك.. في الدنيا.. والعذاب الشديد في الآخرة..

فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ ).. البقرة 256

ثانياً: نفي.. وعزل.. وإزالة.. وإلغاء.. وتحطيم.. وسحق.. ومحق.. أي إله.. يدعي الألوهية.. على هذه الإرض..

ويدعي أن له حق.. الهيمنة.. والسيطرة.. على إدارة شؤون العباد.. وتنظيم أمورهم.. وأحوالهم السياسية.. والقضائية.. والإجتماعية.. والإقتصادية.. والثقافية.. والفنية.. والتعليمية.. والسياحية.. والمسرحية.. والزراعية.. والعسكرية.. والعلاقات الدولية.. والإقليمية.. والحركة التجارية.. والمالية.. والعمرانية.. وتدميره تدميراً كاملاً.. وإخراجه من القلب.. والعقل.. وقطع أي صالات.. أو روابط معه.. سواء بالطاعة.. أو المحبة.. أو الولاء..

ثالثاً: بعد تطهير القلب.. وتصفيته.. وتنقيته.. من الطاغوت.. ومن طاعة الذي يدعي حق الهيمنة.. والسيطرة.. بالمواصفات المذكورة أعلاه..

يتم تثبيت الإيمان.. وترسيخه في القلب.. والعقل.. والوجدان.. والقناعة الكاملة.. بأنه لا معبود بحق بالمواصفات المذكورة أعلاه.. إلا الله الواحد.. الأحد.. لا شريك له..

فلا يمكن.. ولا يصح.. إدخال الإيمان بالله إلى قلب.. ممتلىء بالإيمان بالجبت.. والطاغوت.. وإذا دخل الإيمان بالله إلى القلب.. وبقي فيه الإيمان بالطاغوت..

بمعنى بقي الولاء.. والطاعة.. والخضوع.. للحاكم الذي يحكم بشرع العبيد.. أو للمنهج.. والنظام.. الذي يحكم بشرع العبيد..

فمثل هذا التصرف.. يماثل.. ويشابه.. تصرف شخص.. وجد إناءاَ.. فيه نجاسة.. وقذارة فقام يريد تطهيره..  بصب الماء الطاهر عليه.. وظن أنه قد تطهر!!!

والحقيقة أنه:

سيبقى نجساً.. ما دامت النجاسة فيه..

ولن يطهر.. إلا بنضح النجاسة كاملة.. من الإناء.. وغسله.. وتطهيره بالماء الطاهر.. ثم ملئه بالماء الطاهر..

فالذي يبقي في قلبه حب الطاغوت.. وطاعته.. ويدخل إلى قلبه حب الله.. يجعل الطاغوت.. نداً.. ونظيراً.. وشريكاً لله..

والله يقول:

( فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ )    البقرة 22

( وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ )  البقرة 156

وهذا كله تفسير للقاعدة الذهبية في علم التوحيد ( التخلية والتحلية )..

بمعنى.. تفريغ القلب.. وتخليته من حب الطاغوت.. ثم تحليه بملئه بحب الله.. والإيمان به..   

أما الإيمان بالله وحده.. بأنه هو الخالق.. البارئ.. الرازق.. المحي.. المميت..

فهذا يشترك فيه كل البشر.. المسلم.. والكافر.. ويسمى في علم التوحيد ( توحيد الربوبية ).. ولا فضل للمسلم.. على الكافر.. في الإقتصار.. على هذا النوع من الإيمان..

والدليل.. على أن كل البشر قاطبة.. منذ فجر البشرية.. وإلى قيام الساعة.. يؤمنون بهذا النوع من التوحيد.. قول الله تعالى:

( وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ )  الزخرف 87

( وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ ) العنكبوت 61

( وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ )  العنكبوت 63

فهذا التوحيد النظري.. الذي يشترك فيه كل الناس.. لا يجعلهم مسلمين.. بالإقتصار عليه..

ولكن:

تطبيق.. والتزام الإيمان العملي.. الذي يسمى في علم التوحيد ( توحيد الألوهية ) وبالمواصفات التي ذكرناها أعلاه.. يصبح الإنسان.. مسلماً حقاً..

فالذي يريد أن يكون مسلماً.. ويخاف أن يموت على الشرك.. والكفر..

عليه:

أن يؤمن إيماناً.. راسخاً.. جازماً.. ثابتاً.. يقينياً..

أن الله.. هو الوحيد.. الأوحد.. صاحب الشأن.. في إدارة شؤون حياتك.. برمتها.. وليس لأي عبد من عبيده.. الحق في التحكم بشؤونك..

وهذا الأمر.. ليس لك فيه خيار.. ولا اختيار..

والله يقول:

( وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا )   الأحزاب 36

( فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ )  النساء 59

فأنت ملزم.. ومجبر.. ومرغم.. على الخضوع.. والإستسلام.. والإنصياع.. لشرع.. ونظام.. وحكم الله.. إن أردت أن تكون مسلماً..

كما أن الحاكم المسلم.. ملزم.. ومجبر.. ومرغم.. على جعل الشريعة الإسلامية.. هي المصدر الوحيد والأوحد.. في دستور الدولة.. والقيام بتطبيقها..

وليس من حقه.. أن يستفتي الشعب.. على الموافقة.. على هكذا دستور..

وإلا يجعل الشعب.. شريكاً لله..

فالحكم ليس للشعب.. وإنما لله..

فالشعب أيضاً مرغم.. وملزم.. ومجبر.. على الخضوع.. لشرع الله..

وليس له حق الخيار.. أو الإختيار.. أو الإستفتاء.. إن أراد أن يكون مسلماً..

لأن الله.. قد حصر.. وقصر.. وحجر.. على أن.. الحكم له.. وحده.. لا شريك له..

( إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ )   يوسف 40

نعم هذا هو الدين القيم.. لا الدين.. أو التدين الشامي.. أو العراقي.. أو العجمي..

ولكن:

أكثر الناس.. لا يعلمون..

وسيستغربون هذا الكلام..

فهم لم يسمعوا.. من شويخات التدين الشامي..

إلا:

 أن تصلي.. وتصوم.. وتحج البيت الحرام كل عام.. وتتلو الأوراد اليومية.. وتستمتع.. وتشنف آذانك.. بسماع المدائح النبوية.. المحشوة بالشرك.. والوثنية.. وتأليه.. الرسول صلى الله عليه وسلم.. بذريعة مدحه..  وتعظيمه.. وحبه.. وعشق جماله الجسدي.. والتغزل به.. بترديد كلمة ( يا كحيل العين ).. وغيرها من كلمات الغزل.. المهينة لعظمة.. وعلو مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم.. وتشبيهه بالنساء البارعات الحسن.. والجمال!!!

فهذا ابتذال.. وكلمات قميئة.. بحق المصطفى صلى الله عليه وسلم..

الذي ما بُعث.. إلا ليكون قدوة حسنة.. في أخلاقه.. وشريعته.. ومنهجه..

وليس التغزل.. بجماله الجسدي!!!

( لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا )  الأحزاب 21

وعلموهم:     

أما شؤون حياتك الخاصة.. والعامة..

فهي:

من حق الطاغوت.. أن يديرها.. ويرعاها.. وينظمها..

وحتى لو لم يقولوا ذلك علناً.. ولكنهم عملياً.. لا يسألون.. ولا يهتمون.. ولا يبالون.. بمن ينظم أمور معيشتهم..

بل أجبروهم.. على الخضوع للطاغوت.. وشرعنوا لهم ذلك.. بحجة.. وذريعة.. طاعة ولي الأمر.. التي هي واجب.. وفرض..

ولو كان ولي أمرهم مجوسياً.. أو نصرانياً.. أو نصيرياً.. أو علمانياً..

وبما أن هذه الحقائق.. عن حقيقة التوحيد.. وتقسيماته لا يعرفها.. ولم يسمع أكثر النااس بها.. فهي صادمة ومزلزلة.. لوجدانهم!!!

ولذلك:

سيقوم عبيد الطاغوت.. المخلصون له.. بالصياح.. والعويل.. وشن هجمة شرسة.. من السب.. والشتم.. والإستنكار.. بأن هذه العلوم.. لم يعلمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه!!!

كذبوا.. وافتروا على الله.. ورسوله..

إذا كان كفار قريش.. يعرفون معنى ( لا إله إلا الله ) بالسليقة.. والفطرة.. ومعرفة اللغة العربية..

مما جعلهم.. يرفضون.. مجرد نطقها.. لأنهم يعرفون تكاليفها!!!

ولولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم.. لم يعلمهم طوال 13 سنة.. معاني التوحيد..

لما انصاعوا.. وخضعوا لتحريم الخمر.. والزنى.. وسواها من الأحكام الشرعية..

لكن عبيد الطواغيت.. الجاهلين.. لهذه المعاني الراقية.. عن التوحيد.. والمصدومين بمعرفتها..

مثلهم.. كمثل الذين يرتكبون الفواحش.. والموبقات سراً.. ولا يريدون أحداً أن يعرفهم.. ولا يريدون أن يعرفوا.. أنهم يذنبون..

فحينما يتحدث أحد الصالحين.. عن أفعالهم الشنيعة.. فكأنما لدغتهم العقارب..

فيثورون.. ويستنكرون.. ويكذبون.. ويسبون.. ويشتمون.. بألسنة حداد.. أشحة على الخير.. ليسكتوا الصوت.. الذي يريد أن يوقظ ضمائرهم..

فهؤلاء جميعاً.. ليس لديهم.. حجج تدحض.. أو تنقض هذه الحقائق اليقينية.. مثل حقيقة طلوع الشمس في النهار..

فلا يستطيعون إنكارها..

فيلجأون إلى ما تعلموه.. في الزواريب.. والأزقة القديمة.. والحارات العتيقة.. من كلمات سوقية.. شوارعية.. بذيئة.. هابطة..

ويلصقونها بأصحاب الحق.. ليطفئوا نور الله بأفواههم..

ولكن يأبى الله.. إلا أن يتم نوره.. ولو كره المشركون..

وسوم: العدد 704