محاولات سرقة جثمان النبي صلى الله عليه وسلم

د. عبد السلام البسيوني

مساكين.. لم يعرفوا النبي صلى الله عليه وسلم فشتموه!

منذ اللحظة الأولى للدعوة بدأت لغة الردح وقلة الأدب ضد سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ودينه: الألفاظ البذيئة والشتائم الجريئة والغمز الوقح والمصادرة اللئيمة!

عبر التاريخ قامت محاولات لنبش القبر الشريف واستخراج جثمان النبي صلى الله عليه وسلم!

الحاكم بأمر الله العبيدي حاول إحضار جسد الرسول إلى مصر لجذب الناس إليها، وجعلهم يؤمونها بدلاً من المدينة!

صار السب والتقبيح للإسلام ونبيه في زماننا فناً أكثر دقة وأوسع انتشاراً!

دخل في معركة قلة الأدب سلاح الكارتون أو الكاريكاتير لتشويه العرب والمسلمين والنبي صلى الله عليه وسلم!

لقد تقمص عدد كبير من اليساريين العرب القدامى - بعد سقوط شعاراتهم وانتهاء دولتهم ضد الإسلام فأخذوا يتفننون في تقبيحه، وتوسيخه، والنيل منه، وأسفروا "الرداحة" – دور عن أشكال من السوء والعداوة لا يلام معها يهودي، ولا مستشرق، ولا جاهل، ولا كذاب مفتر!

إنني ألوم المسلمين الذين لا يحبونه صلى الله عليه وسلم، ولا يتعرفون إليه، ولا يقرؤونه، ولا يعرفون عن سيرته مقادير تشفع لهم أمام الله إذا هم أخذوا موقفاً معيناً!

عذراً حبيبي يا رسول الله فنحن بين الجهل والحقد والتطاول!

على فكرة: ليست هي المرة الأولى التي يُسب فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وأؤكد أنها لن تكون الأخيرة.

فمن اللحظة الأولى للدعوة - وحين بدأ الحبيب صلى الله عليه وسلم إدارة وجه أهله نحو الله تعالى - قال له عمه في بداوة جافية، وعداوة غبية: تباً لك، ألهذا جمعتنا؟

ومنذئذٍ بدأت لغة الردح وقلة الأدب ضد سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ودينه: الألفاظ البذيئة، والشتائم الجريئة، والغمز الوقح، والمصادرة اللئيمة: فقالوا كاهن/ ساحر/ شاعر/ مجنون/ طالب ملك/ يفرق بين المرء وأهله!

هذا من أهل مكة..

أما من الجهة الغربية فقد اشتعل الأمر بعد حملة الأخ لويس التاسع بتاع الحملة الصليبية على مصر، والذي سقط في المنصورة - وكان داهية حسن التخطيط - فرأى أن هناك أسلحة أخرى أشد في الإسلام فتكاً وأشد تنكيلاً، غير المواجهات العسكرية، وهي تشويه الإسلام، والإساءة المدروسة لنبيه العظيم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.. وانطلقت الكروسيدز، أو الحملات الصليبية في إهابها الجديد من ديارات الأندلس، أو إسبانيا التي سقطت بسبب خيبة قادة المسلمين هناك، واقتتالهم بعنترية كاذبة، من أجل متر من الأرض، وعلشان عيون كم جارية حلوة، وكبشة دنانير اسبانيولي.. مقابل هذا بكوا - كالنساء - مُلكاً مضاعاً ..لم يحافظوا عليه مثل الرجال!

وبدأ الرهبان العمل الدؤوب، من دير كُلوني وغيره، ومن خلال أسماء للاهوتيين كبار أمثال لودفيج ماراتشي، وجورج سيل، وريمون لول، ومارتن لوثر، ومن تحت أيديهم.. بدؤوا يشرحون القرآن، ويضعونه تحت المجهر، ويصنعون منهجاً جديداً لضرب الدين في مقتل، وانطلقت حملات الأكاذيب العجيبة، وموجات من قلة الأدب، التي لا تزال تتوالى حتى أيامنا هذه:

* محمد (صلى الله عليه وسلم) ابن حرام، وكل ابن حرام عند العرب، وكل من لا يُعرَف أبوه، كان يسمى: ابن عبد الله!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) وحش بعين واحدة في منتصف جبهته، كالسايكلوب اليوناني، ولا يأكل إلا لحم البشر!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) شاذ جنسيّاً، وعنده شبق وهوس جنسي!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) رجل منحرف المزاج، مصاب بالصرع، يغشى عليه ساعات كثيرة، وحين يفيق يزعم أنه جاءه الوحي من السماء!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) رجل عصابي دموي متعطش للدماء، لا يهدأ، ولا تسكن نفسه الشريرة إلا بالقتل، ومرأى الدم!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) كاتب ومؤلف محترف، ومثقف جداً بمقاييس زمانه، وخبير بحضارتي الفرس والروم، لكنه كذاب يدعي الأمية، لتُقبل دعواه النبوة، وليلين له الأتباع!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه رضي الله عنهم يعبدون القمر والأجرام، ويسجدون للأصنام!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) كان عاشقاً، وأحب زوجة ابنه، وذاب في غرامها، وادعى أن الوحي جاء يأمره بطلاق كنته، ليتزوجها هو!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) يسرق أفكار الإنجيل والتوراة، ويجعلها قرآناً، عن طريق نجار رومي، وحداد من زمبابوي، وعراف من كوالالمبور!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) هو مؤلف القرآن، فكانوا يسمونه قرآن محمد/ القرآن مصوراً/ القرآن مختصراً/ أحاديث محمد على المائدة/ قرآن الأتراك!

* محمد صلى الله عليه وسلم يعد أتباعه بجنة وهمية، بعد أن يقتلوا أنفسهم باسم الجهاد، ليفوز هو بكل شيء!

* محمد (صلى الله عليه وسلم) سلطان تركي نموذجي في سلوكه الأهبل، وتهالكه على المتع! فهو (صلى الله عليه وسلم) زير نساء تركي، يعيش حياة السلاطين النمطية، التي طالما رأيناها - بعيون أوروبية، أو عيون خدم الأوروباويين - في قصور العثمانيين، العامرة بالجواري من كل لون وطعم ورائحة، والراقصات وأستاذات الهشك بشك كلهنّ رهن الإشارة، والخمر التي تسيل أنهاراً في مجالس الخلفاء والأمراء، مقرونة بالعربدة والفسق المتطرف، والتخت الموسيقى وفرقة غضب الله تعزف ألحانها الصاخبة فوق الرؤوس ليل نهار، والغلمان والعبيد السود، والسجاد العجمي، والنارجيلة الكسلى، والسياف مسرور (حتى اسمه ذو إيحاء: سياف ومسرور)! والحرملك، والخصيان!

من أساليب الإهانة:

وقد ذهب سفر الحوالي وكثيرون غيره إلى أن من أساليب المستشرقين في الحط من قدر النبي صلى الله عليه وسلم هو إنكار نبوة النبي صَلى اللهُ عَلَيْه وَسَلمَ، وغمط ما أظهره الله تعالى على يده من الحق، وجحد ذلك، والطعن في شخصية النبي صلى اللهُ عَلَيه وَسلم سباباً وشتماً، كما كان يفعل رجال الدين الغربيون في القرون الوسطى منذ الحروب الصليبية وقبلها وبعدها؛ فلقد كَانَ همُّ كل منهم أن يخطب فيشتم النبي صلى اللهُ عليه وسلم ويسبه سباً فاحشاً، وحاشاه صلى اللهُ عليه وَسَلم عما يقولون.

ومن ذلك قولهم: إنه كذاب ودجال وليس بنبي بل فعل وفعل.. وهكذا، حتى أوجدوا في العقلية الغربية الأوروبية مناعة غريبة جداً، فلا يريد أحدهم أن يسمع عن هذا النبي أي شيء، كما هو حالهم إلى اليوم، ولا يريدون أن يقروا بأي فضل له صلى الله عليه وسلم.

هذا المنهج وجده بعض الناس - حتى من من المفكرين الغربيين أنفسهم - أنه:

أولاً: غير علمي، لأنه مجرد شتم.

وثانياً: أن مردوده عند المسلمين عكسي، فالمسلم إذا قرأ ما كتب لامنس وأمثاله من شتم في النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ينفر من الغربيين، ومن النصارى نفوراً شديداً، ويشتمهم وتتوثب نفسه ولو لقتلهم أو قتالهم، لأن هذا لا يقر به أي مسلم مهما كان ضعيفاً أو جاهلاً أو ساذجاً، فرأوا أن هناك طريقة أفضل من هذه وأجدى، لأن المستشرقين يخططون ويغيرون الخطط: وهي أن يمدحوا النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يجردونه من صفة النبوة، فيقولون: هذا رجل عظيم فتح جزيرة العرب، ووحد العالم، وأسس ديناً لم تعرف البشرية مثله، وأوجد شريعة لا يوجد في الأرض مثلها، جَاءَ بكذا...، ويصفونه بكل شيء إلا أنه لا يكون نبياً.

فيجعلونه مجرد رجل عظيم كسائر العظماء، وعلى هذا كتب المؤرخ والكاتب الإنجليزي المشهور توماس كارلايل كتاب الأبطال، وجعل من جملة الأبطال محمداً صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب قديم في آخر القرن التاسع عشر، فهلل واستبشر له كثير من المسلمين، لأنهم في ذلك اليوم كانوا في فترة ضعف وذل وهوان، وما صدقوا أن رجلاً غربياً يجعل النبي صلى الله عليه وسلم بطلاً من الأبطال مثله مثل نابليون، والقائد الإنجليزي الذي هزم نابليون، وعدة أبطال من إنجليز وفرنسيين وألمان، ومن جملة الأبطال الشرقيين محمد صلى الله عليه وسلم.

ويمتد البهتان وقلة الأدب إلى زماننا السعيد، ليتفنن أصحاب القلوب الخاوية من ذرة نور في السب والتقبيح، والاجتهاد في تقديم صورة منفرة شديدة الدمامة، أنا شخصياً لو قرأتها دون أن أعرف شيئاً عن العظيم، سيد الأولين والآخرين، محمد صلى الله عليه وسلم وعن محامده، وجوانب العظمة فيه - بأبي هو وأمي - لطفشت من حاجة اسمها إسلام، وقرآن، ومحمد عليه الصلاة والسلام!

وهل يحب - إلا مجنون - شخصاً مجنوناً أو شاذاً أو مصروعاً أو كذاباً أو دجالاً قاطع طريق أو ابن حرام؟!

محاولات سرقة جثمان النبي:

ولعل من أشهر وأبرز صور الحقد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ما يمثله، سعي كثيرين لقتله في حياته، ومحاولاتهم المتكررة لقتله صلى الله عليه وسلم بعد مماته، بتشويه صورته، أو بالسعي الفعلي لنبش القبر الشريف، واستخراج جثمانه الطاهر، لإهانته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.

وقد قامت بالفعل عبر التاريخ محاولات لنبش القبر، واستخراج الجثمان، ذكر الباحث محمد إلياس عبد الغني خمساً منها، جرت على النحو التالي:

المحاولة الأولى: وتمت في عهد الحاكم بأمر الله العبيدي، حيث أشار عليه أحد الزنادقة بإحضار جسد الرسول إلى مصر، لجذب الناس إليها، وجعلهم يؤمونها بدلاً من المدينة، خصوصاً وأن هؤلاء العبيدية أسسوا بقوة لقضية القبور وعبادتها، ونثروا الخرافات والأباطيل حولها، وعبؤوا الشارع الشعبي بالخرافات في هذا الاتجاه، بشكل لا يزال الإسلام يعاني منه إلى اليوم، قاتلهم الله، وعاملهم بما يستحقون.

وقد رد الله القداحيين هؤلاء بغيظهم، إذ قاتلهم أهل المدينة، وأرسل الله القدير في اليوم التالي ريحاً على المدينة، تكاد الأرض تزلزل من قوتها، ما منع البغاة من مقصدهم.

المحاولة الثانية: تمت أيضاً في عهد الحاكم بأمر الله العبيدي نفسه، في محاولة جديدة لاستخراج الجثمان الطاهر، حيث أرسل بعض مجرميه ومخبريه، ليسكنوا بدار بجوار الحرم النبوي الشريف - وكانت الدور تلاصق الحرم الشريف بشكل مباشر - ليحفروا نفقاً من الدار إلى القبر، وسمع أهل المدينة منادياً صاح فيهم بأن نبيكم يُنبش، ففتشوا الناس، فوجدوا هؤلاء المريبين، فأخذوهم وقتلوهم.

ومن الجدير بالذكر أن الحاكم بن عبيد الله القداحي هذا ادعى الألوهية سنة 408ه، ومات قتيلاً على يد أخته ست الملك (على ما أذكر) بعد أن ضاقت بجنونه، واضطرابه، وسياسته المتخبطة، وقراراته العجائبية!

وأما المحاولة الثالثة: فكانت مخططة من ملوك النصارى أيام الشهيد نور الدين محمود بن زنكي – 1118/ 1174 - وجرت محاولة تنفيذها بواسطة اثنين من النصارى الذين تسللوا إلى طيبة الطيبة، في زي تاجرين من المغاربة صالحين، كانا - إذا سترهما الليل - يحاولان أن يحفرا نفقاً يصل إلى القبر الشريف!

لكن الله تعالى حمى جسد نبيه، إذ رأى نور الدين بن زنكي النبي صلى الله عليه وسلم في منامه - ثلاث ليال متتابعة - وهو يشير إلى رجلين أشقرين، ويقول: أنجدني، أنقذني من هذين الرجلين، ففزع القائد من منامه، وجمع القضاة، وأخبرهم برؤياه، فأشاروا عليه بالتوجه للمدينة المنورة، لحل الأمر وتأويل الرؤيا.

ووصل السلطان ابن زنكي حاملاً الأموال إلى أهل المدينة، فجمع الناس على عشاء، وأعطاهم الهدايا، بعد أن دونت أسماؤهم، وأمرهم أن يأتوا جميعاً لطعامه، وألا يتركوا خلفهم صغيراً ولا كبيراً، فلم يكن فيهم الرجلان اللذان رآهما في منامه، فسأل: هل بقي أحد لم يأخذ شيئاً من الصدقة؟ قالوا: لا، فقال: تفكروا وتأملوا، فقالوا: لم يبق أحد إلا رجلين من المغاربة، وهما صالحان، غنيّان، يكثران من الصدقة، ولا يخالطان الخلق كثيراً، فانشرح صدره، وأمر بهما، فرأى فيهما الرجلين اللذين تواترا عليه في منامه، فسألهما: من أين أنتما؟ قالا: من بلاد المغرب، قال: اصدقاني القول، فصمما على ذلك، فسأل عن منزلهما، وعندما ذهب إلى هناك لم يجد سوى أموالٍ وكتب في الرقائق، لكنه عندما رفع الحصير، وجد نفقاً موصلاً إلى الحجرة الشريفة، فارتاعت الناس، وبعد ضربهما اعترفا بمخطط ملوك النصارى، وأنهما قبل بلوغهما القبر، حصلت رجفة في الأرض، فعاقبهما السلطان بأن قتلهما عند الحجرة الشريفة!

وأمر نور الدين زنكي بعدئذٍ ببناء سور حول القبور الشريفة، بسور رصاصي متين، حتى لا يجرؤ أحد على استخدام هذا الأسلوب!

وفي المحاولة الرابعة: حدث أن جملة من النصارى سرقوا ونهبوا قوافل الحجيج، وعزموا على نبش القبر الشريف، وتحدثوا، وجهروا بنياتهم، وركبوا البحر، متجهين للمدينة، فدفع الله عاديتهم بمراكب عمرت من مصر والإسكندرية، تبعوهم وأخذوهم عن آخرهم، وأسروا، ووزعوا في بلاد المسلمين!

أما المحاولة الخامسة فكانت بنية نبش قبري أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وذلك في منتصف القرن السابع من الهجرة، إذ حدث أن وصل أربعون رجلاً لنبش القبر ليلاً فانشقت الأرض وابتلعتهم!

ومن ذلك أيضاً محاولة بعض الجيوش الاستعمارية التي تقنعت بقناع الكشوف الجغرافية، التوجه إلى المدينة للسيطرة عليها، كالمحاولة البرتغالية أيام السيادة العثمانية، والتي أجهضها الخليفة العثماني، حين انتبه للمكيدة، فأرسل جيشاً للسودان، وبنى مدينة وميناء سواكن (عثمانية الطابع) على ساحل البحر الأحمر، في مقابل مدينة جدة، ليمسك بجانبي البحر الأحمر، حتى لا يتسلل جيش أجنبي بهذه النية، ومنذئذٍ على ما أظن حمل الخليفة العثماني لقب: خادم الحرمين!

وقبل ذلك قرأت - لا أذكر أين - عن فارس صليبي يدعى رينارد دي شتالو، بدأ رحلة التسلل للأراضي المقدسة في عام 1180م، وكان يريد هو وجيشه أن يصلوا إلى المدينة المنورة، ليهدم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان في حقيقة الأمر يريد أن يسرق الكنوز التي زعمت الأساطير أنها مدفونة في قبر الرسول عليه الصلاة السلام، ولكن ما إن هبط بجنوده على شاطىء البحر الأحمر، حتى وجد فرسان المسلمين في انتظاره، وكان معظمهم عزلاً وعرايا، لكنهم دافعوا باستماتة عن حرمة الحرم، أمام الجنود الصليبيين المتحصنين بالدروع الحديدية! وسقط الفارس دي شتالو صريعاً، وأسر أتباعه وقتلوا.

لم يجرؤ جيش صليبي بعد ذلك على عبور الصحراء، ولكن محاولات المغامرين الأفراد لم تتوقف بعد ذلك، في سعي منهم للتعرف على الحرمين واكتشاف معالمهما، وأحوال المسلمين فيهما، فقد خرج أفاق إيطالي يدعى لودفيجو فارسيما من فينسيا عام 1502 وسافر إلى سوريا واستطاع أن يتنكر كحاج، وأن يلتحق بإحدى القوافل التي خرجت من دمشق، متجهاً نحو المدينة المنورة.

كان رأس فارسيما مملوءاً بخرافات عصر النهضة، لذا فقد قدم وصفاً غير واقعي للأماكن المقدسة، يرضي به تصورات العقل الأوروبي عن غرائب هذه الأرض، فقد أكد مثلاً أن هناك حيواناً يشبه وحيد القرن، يعيش داخل الحرم المكي! ويختار فرائسه كل يوم، من بين الحجيج (على طريقة حيوانات الإلياذة الخرافية)!

وتوالت محاولات المغامرين، فأصاب بعضهم الفشل، وبعضهم الآخر استطاع التسلل بالفعل، مثل كارسون وبيركهارت وبيرتون، فسجلوا مشاهداتهم، وقدموا شهادات متفاوتة القيمة.

وسوم: العدد 706