الروس يستأنفون قصف المساجد والمدارس، برسم الأستانويين والصامتين معهم وعنهم ..

لم يتوقف الروس على مدى ما يقرب من ثلاثة أشهر من توقيع وقف إطلاق النار المزعوم في أستانا ، عن دعم عمليات عميلهم الصغير ، والدفاع عنها ، والتغطية عليه وعليها في مجلس الأمن لحمايته من أي قرار ، يسمح للعدالة تأخذ مجراها.

بل لم يتوقف الروس ، عن الاشتراك المباشر في الجريمة ، بالقصف اليومي لمواقع الجيش الحر ، وتذليل العقبات أمام عميلهم للحصول على مكاسب وقتية على الأرض السورية ، والتدخل اليومي بالتهديد والوعيد كما حصل في وادي بردى ، وفي حي الوعر في حمص لتفريغ سورية من سكانها ، ومن ثم إحداث التغيير الديمغرافي الذي هو مطلب أسدي إيراني روسي .

لم يفاجأنا الروس في الحقيقة حين جعلوا جوابهم على امتناع الفصائل من الذهاب إلى حفلة الاستسلام في أستانة منذ يومين أن يستأنفوا مع عميلهم بقصف مجمع المدارس في ريف إدلب راح ضحيته أربعون مدنيا منهم خمسة وعشرون طفلا . وأن يكرروا اليوم جريمتهم فيقدموا على قصف مسجد وقت صلاة العشاء في ريف حلب الغربي ليقتلوا ويجرحوا أكثر من مائة إنسان ...

لا شيء يجري بالمصادفة في عالم الروسي الكريه بوتين . كل الجرائم مقدرة ومدبرة ومقررة . اختيار المدرسة والمسجد اختيار وقرار ، اختيار وقت الصلاة صلاة العشاء ليلة الجمعة اختيار وقرار . وكذا اختيار الصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية ، المحرمة دوليا ؛ كل ذلك مقدر ومقرر ومحسوب؛  والمهم أن تصل رسالة بوتين إلى أصحابها ، وان يجد هؤلاء الإرادة اللازمة لقراءة الرسالة والتعامل معها باستحقاقها.

وإن أول من تعنيهم رسالة بوتين هذه هم أطراف لقاء الأستانة ، ضامنيه والمشاركين فيه ، والموقعين على ما كان فيه ...

كما تعني رسالة بوتين بشكل أولي جميع الفصائل المنتشرة على الأرض السورية ، الفصائل المترددة والمحسبلة والمحوقلة وكذا المتنابذة ، وكذا جميع القوى السياسية المستقيلة عمليا من المتابعة ومن القرار ومن الموقف ..

إن رسائل بوتين المسطرة بدماء أطفال المدارس ورواد المساجد في المدن السورية ، يجب أن تقرأ بالصوت الأعلى على كل المنابر الإسلامية ، وأن تطرح استحقاقاتها بجدية على اجندة كل قائد وملك ورئيس ما يزال يتمسك بانتمائه إلى هذه الأمة عقيدتها وحضارتها وتاريخها ومستقبلها .

إن الرسالة الخاطئة التي أوصلتها السياسات المتخلية إلى بوتين الروسي وإلى علي خمنئ الرافضي منذ معركة حلب هي ان دماء السوريين مباحة ، وان أعراضهم وديارهم مستباحة ، يقصفها كل منهم متى شاء ، ويستبيح منها ما يشاء ..

لن ينفعنا في هذا المقام أن نكرر نشجب ونستنكر وندين . فالحرب لا ينفع فيها الشجب والإدانة والاستنكار . ولن ينفعنا أن نرفع رؤوسنا إلى منظمات وهيئات دولية أغلقها الأشرار لحسابهم منذ أول يوم خرج فيها الشعب السوري يطالب بحقه ..

الاستحقاق الوحيد الذي يمكننا من الرد على رسالة بوتين إنما يملكه الممسكون بقرار هذا الثورة ليستأنفوها تحت عنوان : نكون أو لا نكون . وأن يعلم هؤلاء الذين رشحوا أنفسهم لمهم الأمر وخطيره أنه :

إذا لم يكن من الموت بد ..فمن العجز أن تموت جبانا

وما كان لشعبنا الذي قضى ست سنوات على طريق الثورة ، طريق الصبر والمصابرة أن ينزل على حكم الطغاة والمتجبرين أو أن يسلم أمره للمتخاذلين والمحبطين ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 712