قصة مفاعل ديمونا الإسرائيلي من الألف للياء الحلقة ١ من ٣

اعزائي القرّاء 

دأب الكيان الصهيوني منذ إغتصاب فلسطين وحتى الآن على إتباع سياسة عدم التصريح بتأكيد او نفي برامجه وخططه حتى جرائم إغتيالاته وذلك حتى يترك اللغط حولها قائمآ دون حسم,ما ينطبق على هذه السياسه ايضآ هو الصمت حول وجود السلاح الذري الذي تمتلكه. الا ان خطورة هذا الموضوع جعل جهات غربيه تكشف عن برنامج إسرائيل النووي العسكري برمته بينما صمت إسرائيل يبدو كالنعامه دافنة رأسها بالتراب ولا تعلم ان الكل يعلم ببرنامجها الخطير بأدق تفاصيله 

فحتى هذه اللحظه لم تؤكد اسرائيل انها تملك اسلحة نووية رسميا وكل ما تذكره لنا انها لن تكون الدولة الاولى التي تدخل السلاح النووي الى الشرق الاوسط. ومع ذلك فإن كشف الآف الوثائق التي كانت سرية للغاية للحكومة الامريكية والتي تظهر أن الولايات المتحدة بحلول عام 1975 كانت مقتنعه وواثقه مائه بالمائه بأن اسرائيل لديها اسلحة نووية"

كشف الموضوع امر جيد ولكن ماذا عن الإجراءات ضدها ؟هنا يظهر النفاق الغربي عاريآ حتى من ورقة التوت…"  

اعزائي القراء 

بدأ الكيان الصهيوني نشاطه النووي السري منذ عام ١٩٤٩ بتأسيس وحده علميه للجيش الإسرائيلي لتقوم بعملية مسح جيولوجي لصحراء النقب للبحث عن اليورانيوم,التنقيب اعطى نتائج مشجعه بوجود كميات كبيره من الفوسفات والذي بالإمكان معالجته لإسترداد كميات معقوله من اليورانيوم .فتم إنشاء لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية في عام ١٩٥٢ وترأسها إرنست ديفيد بيرجمان الذي كان يشغل ايضا منصب رئيس وزارة الدفاع للبحوث وشعبة البنية التحتية وكان هدفها الأول الحصول على القنبله الذريه الإسرائيليه وقد تركز نشاط هذه اللجنه على إستخراج اليورانيوم من فوسفات النقب مع إستنباط طريقه جديده لإنتاج الماء الثقيل اللازم للمفاعل الذري. في خمسينات القرن الماضي كانت الحرب البارده بين الغرب والشرق مشتعله وفرنسا في ذلك الوقت كانت جزءآ من الحرب البارده والساخنه معآ فحرب تحرير الجزائر كانت مشتعله بشده ومصر وسوريا كانتا رديفتين لثورة التحرير بإمدادها بالسلاح والدعم اللوجستي, فإستفادت إسرائيل من التوتر القائم بين العالم العربي وفرنسا لتحقيق اهدافها بالتعاون مع فرنسا لتقديم خبراتها في تأسيس المفاعل النووي حيث كانت فرنسا قد بدأت في تأسيس مفاعلها الذي كان بقدرة ٤٠ ميجاواط يعمل بالماء الثقيل ومحطة اعادة المعالجة الكيماوية في ماركول مما جعل فرنسا شريكا طبيعيا لاسرائيل في تزويدها بكل مايلزم من خبره ومواد لتأسيس مفاعلها النووي المستقل.

 بداية كان التعاون مع فرنسا تعاونآ بحثيآ فوافقت على تزويد إسرائيل بمفاعل إستطاعتة 18 ميغاوات للبحث العلمي. 

ولكن في خريف عام 1956 تغير الوضع جذريا بعد تأميم قناة السويس وحاجة بريطانيا وفرنسا الى إسرائيل لشن حرب مشتركه على مصر لإستعادة قناة السويس التي اممها الرئيس عبد الناصر وتحقيق إسرائيل لمطامع إضافيه على الأرض .هذا التحول عمّق العلاقه مع فرنسا للإنتقال الى خطوه متقدمه في التعاون النووي . في ٣ تشرين الأول/ اوكتوبر ١٩٥٧ وقعت فرنسا واسرائيل على اتفاق منقح يدعو فرنسا لبناء مفاعل بإستطاعة ٢٤ ميجاواط مع بناء محطة اعادة المعالجة الكيميائية في سرية تامه وخارج نظام تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذريه في ديمونا في صحراء النقب تحت قيادة العقيد المانوية برات من المرسوم فيلق الجيش الإسرائيلي والمهندسين والفنيين مع خبراء فرنسيين معدودين كما إنشئت وكالة سريه للمخابرات خاصه بالمشروع لضمان السريه والأمن

ثم شرع بنقل المعدات الضخمه, فتم إستيراد الماء الثقيل من النرويج على شرط أن لا يكون نقله إلى بلد ثالث, وشرع سلاح الجو الفرنسي سرا بنقل أطنان من المواد الخاصه بالمشروع لاسرائيل . 

في أيار/ مايو من عام ١٩٦٠ ظهرت مشكلة سياسيه عندما بدأت فرنسا بالضغط على اسرائيل لجعل المشروع يخضع لعمليات تفتيش دولية للموقع وهددت فرنسا بوقف وقود المفاعل إن لم يفعلوا ذلك.فلقد عبّر الرئيس ديغول عن قلقه من أن هذه الفضيحة لا مفر من كشفها وخصوصا في محطة اعادة المعالجة الكيماوية الخارجه عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذريه حيث سيكون لهذه المخالفات الفاضحه انعكاسات سلبية على موقف فرنسا الدولي كون موقفها هشآ بسبب حربها في الجزائر

اعزائي القراء إثر ذلك تم عقد إجتماع بين شارل ديغول رئيس فرنسا ودافيد بن غورون رئيس وزراء الكيان الصهيوني لمحاصرة ازمة الأصدقاء.

عرض الرئيس ديغول بإيقاف التعاون بإستكمال المفاعل لقاء تزويد إسرائيل بصفقة طائرات مقاتله من نوع ميراج , الا ان بن غوريون عرض حلآ قال عنه انه حل وسط يقضي بموجبه ان تلتزم فرنسا بتأمين اليورانيوم المخصب والتجهيزات التي تم االإتفاق على تصديرها على ان لا تصر فرنسا على التفتيش الدولي وبالمقابل تعطي إسرائيل تعهدآ بأن هدف بناء المفاعل هو للاغراض السلميه. وبلغة اخرى لا تغيير جوهري طرأ على الموضوع فالمقاولون الفرنسيون انهوا العمل والشحنات الأوليه للوقود النووي قد تم توريدها وان المفاعل دخل في مرحلته الحرجه عام ١٩٦٤ . 

بدأت الشكوك تساور الولايات المتحده فأرسلت طائرة تجسس من طراز يو - ٢ حلقت ليلآ فوق مفاعل دومينا حيث لم يتأكدوا من ان المنشأه هي لمفاعل ذري وانه اقرب لمصنع للنسيج ومحطه زراعيه ومنشأه للتعدين, الا ان بن غوريون كشف في شهر كانون الأول/ديسمبر ١٩٦٠ ان ديمونا هو مفاعل ولكن للأغراض السلميه 

في الحلقه القادمه سنقرأ عن عمليات التضليل التي قام بها الكيان الصهيوني لعناصر التفتيش التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذريه

فإلى اللقاء مع تحياتي

وسوم: العدد 712