التحالف السني القادم، والتأهب الإيراني

خرجت علينا إيران اليوم بتحليلات مفادها أن المشهد السياسي الإقليمي والدولي يتجه  نحو تشكيل تحالف  سني لمحاربة المشروع الشيعي  دون هوادة، وأن حرباً طائفية ومذهبية في طريقها نحو الانفجار في المنطقة،  وتضيف بأن التسمية الصحيحة لهذا الحلف هو حلف سني - صهيوني تقف خلفه أمريكا  هدفه الأساسي استهداف إيران ومحور الممانعة " في المنطقة  .

وفق هذه المقاربة  حذّرت  المرجعياتُ الشيعيةُ، والقادة  السياسيين، والعسكريين  الإيرانيين  من مغبة هذه الفتنة مع التركيز أن تداعياتها ستكون خطيرة، ودعت إلى تعبئة كل الطاقات مع توقعات  بقرب رحيل (بشار الأسد) بعد مجزرة خان شيخون .

 أما خطر وصول الحريق  إلى الثوب الإيراني الداخلي  بشكل مباشر  ستكون بعيدة على حد تعبير وزير المخابرات الإيراني لوسائل الإعلام الإيرانية  . الرهان الإيراني  على بعض  دول الضد العربي " الجزائر، العراق ، لبنان ، عمان"  باتت غير واقعية  للوقوف ضد هذا الحلف، أما الأهم أن الحكام العرب الطامحون لتأسيس هذا الحلف هؤلاء يقيناً لا يُمثلون أغلبية شعوبهم،  و هذا ينزع حجة كون التحالف سنياً بالمعنى الطائفي، حسب ما باتت تروج له طهران لإقناع شعبها  .

دوافع الحلف : رؤية إيرانية :

ترى طهران بأن الإدارة الأمريكية الجديدة باتت تولي أهمية كبرى لإحداث تغييرات وإجراء ترتيبات في المنطقة العربية، من خلال تشكيل "حلف  أميركي - سني عربي،" يجمعهم العداء ضد إيران، مما سيسهم في فتح  الأبواب أمام  تطبيع عربي إسرائيلي شامل، تحت الإشراف الأمريكي المباشر .

 أما المرحلة الثانية  - حسب الطرح الإيراني - فهي الاتفاق  بالأساس على ترتيبات إقامة مناطق آمنة مدعومة بمنطقة حظر جوي  فوق الأراضي السورية لجهة إيواء النازحين السوريين، مما سيؤدي إلى انهيار النظام السوري وتفكيكه بشكل سريع .  ترى طهران أن قواعد الصراع باتت ترتكز على إستراتيجية  التخلص من الحلقة  الأضعف؛  وبالتأكيد فإن أضعف هذه الكيانات  يتمثل بـــــــ(داعش).. ، ومن المرجح  أن الضربات الجوية لن تكون كافية للقضاء على (داعش)، في الوقت الذي لا تريد فيه القوى الغربية  الدفع  بقواتها  البرية  من جديد في صراعات  الشرق الأوسط، مما سيؤدي إلى بقائها لتنفيذ مهمات  نوعية وخاصة أخرى قادمة  بحجة قتال (داعش) .  المرحلة التالية سيكون عنوانها  تقويض الدور الإيراني في الوقت الذي  لا تريد  فيه طهران التخلي عن نفوذها الاستراتيجي في سوريا؛ الأمر الذي سيؤدي إلى مواجهة مباشرة مع أميركا والحلف السني على الأرض السورية  في المستقبل القريب  .

ترامب والحلف السني والسيناريوهات المحتملة :

من المحتمل أن أمامنا أحد أربعة  سيناريوهات لإدارة (ترامب)  للتعامل مع الأزمة السورية، وفق تطور مسارات الأحداث : 

-السيناريو الأول :  سيناريو التدخل المحدود  ضد  مصالح النظام وقواعده، وهو السيناريو الذي تبته إدارة (ترامب) لغاية الآن  من خلال استهداف مدروس لقاعدة الشعيرات الجوية .

-السيناريو الثاني  : سيناريو التدخل الواسع ، يتمثل بقيادة أمريكا لتحالف دولي واسع للتأثير في المشهد السوري من خلال  الزج بقوات برية سنية " مصرية وسعودية، وأردنية، وقطرية، وإماراتية، وتركية ....، وهذا احتمال  وارد بقوة، الهدف منه  المشاركة لتحرير  الرقة من داعش، مع استبعاد مواجهة بين قوات التحالف السني مع قوات نظام بشار الأسد  في هذه المرحلة، ولكن يبقى التوافق الأميركي – الروسي مرهون بالتوافق بينهما  .

وهنا لا بد من الإشارة حول مستوى التنسيق بين أميركا وقوات التحالف السني لمواجهة إيران ومليشياتها على الأراضي السورية، ليبقى هذا السيناريو قابلاً للطرح والنقاش .

-السيناريو الثالث   : سيناريو التدخل الشامل لاستهداف قوات نظام (بشار الأسد) وتدمير شامل لقدراته العسكرية، وهذا الاحتمال قائم في حال  حدوث تصعيد  عسكري لقوات النظام والمليشيات التي تقاتل معه  ضد  المدنيين  مع وجود اختلاف جوهري بين  ترامب، و روسيا،  وتقارب، وتنسيق  مع  أكبر الحلفاء السنة، وفي مقدمتهم السعودية، والأردن،  وتركيا، حينها سيتم تصعيد  الاستهداف العسكري  الأميركي لنظام الأسد،  مع وضع  إدارة (ترامب) خطوط حمراء جديدة مثل استخدام النظام للبراميل المتفجرة، وتعهد واشنطن بإنهاء سريع  للأزمة السورية بما يضمن عودة اللاجئين .

-السيناريو الرابع : سيناريو عدم المواجهة، وتحويل الاهتمام الأميركي لجهة الانخراط بأزمات دولية أخرى مثل المواجهة مع كوريا الشمالية، والسعي لتعزيز الضربات العسكرية في أفغانستان وغيرها من المناطق الملتهبة على حساب مواجهة النظام السوري وإيران والمليشيات الإرهابية التي فرختها، وترك المهمة للدول الإقليمية . من المؤكد أنه سيكون لهذا السيناريو نتائج كارثية على الأزمة السورية وتصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة، مع   تصاعد احتمالية  سيناريو تقسيم سوريا، وتكوين دويلات صغيرة، مما يمهد لتحويلها  لدولة فيدرالية، وهو ما تطمح له روسيا، وإيران في نهاية المطاف كأحد الحلول للحفاظ على مصالحها  .

لا شك أنّ السيناريو الأخير هو الأكثر ضرراً  بدول المنطقة ولا سيما  تركيا، والأردن وحتى دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية؛ لأنّ تقسيم سوريا ، وتأسيس دويلات على أسس مذهبية، وطائفية سيؤدي إلى كلف أمنية وسياسية خطيرة، وهذا ما يبرر دخول الأردن، و تركيا في محادثات  الأستانة حتى لا تخرج خالية الوفاض من أية تسويات سياسية مستقبلية .

د. نبيل العتوم      

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية

وسوم: العدد 716