التآمر المكشوف على الإسلام من خلال الدفع في اتجاه استصدار قوانين تشرعن رفض شرعه

التآمر المكشوف على الإسلام من خلال الدفع في اتجاه استصدار قوانين  تشرعن رفض شرعه وتعطيله مقابل فسح المجال واسعا أمام التيارات المنحرفة

اشتد التآمر المكشوف على الإسلام بشكل غير مسبوق مباشرة بعد ثورات الربيع العربي وما أفرزته مما لم يتوقعه أعداء هذا الدين من رهان الشعوب العربية عليه للخروج من وضعية ما بعد النكسة  المخزية والنكبات المتتالية . والملاحظ في شكل هذا التآمر  هو استخدام أعداء الإسلام في الخارج وكلاء تابعين لهم في الداخل ليسدوا مسدهم في تعطيل شرع الله عز وجل تحت شعار الدفاع عن الحريات والحقوق . ويعمل المتآمرون على الإسلام في شكل مجموعات توزعت الأدوار فيما بينها ، فمنها من يشتغل على هدم الأسرة المسلمة من خلال المطالبة بتعطيل جوانب من الشرع تتعلق بالأحوال الشخصية وبالإرث تحت شعار الدفاع عن المساواة بين الرجال والنساء ، ذلك أنه تحت هذا الشعار يريد فريق من الذين يستهدفون الإسلام تعطيل نصوص قطعية من كتاب الله عز وجل تتعلق بأنصبة الميراث التي تولى الله عز وجل قسمتها بنفسه، وسماها حدودا محذرا من يتعداها . وتحت نفس الشعار يريد هؤلاء نقض الولاية في الزواج ، وتجريم التعديد ، وشرعنة الإجهاض... وموازاة مع مطالب هؤلاء يطالب آخرون بما أصبح يسمى حقوق الأقليات، ومن هذه الأقليات المزعومة الذين يسمون المثليين ، والمتحولين جنسيا ، والرضائيين ، وكل هؤلاء عبارة عن مشاريع لتدمير الأسرة المسلمة التي هي نواة المجتمع المسلم وضمان وحوده واستمراره . ومن هذه المجموعات من يشتغل على هدم العقيدة من خلال  المطالبة بحرية الإفطار العلني في شهر الصيام ، والمطالبة بما يسمونه حرية التدين أو  حرية المتحولين دينيا من المتنصرين  أوالبهائيين ... ، والمطالبة بما يسمونه حرية التمذهب أو حرية المتحولين مذهبيا من المتشيعين ... وكل هؤلاء يحسبون على ما يسمى الأقليات المحرومة من الحرية، والتي تناضل من أجل الحصول عليها عن طريق  المطالبة بتعطيل نصوص الشرع التي تحول دون هذه الانحرافات المراد إشاعتها داخل مجتمع يدين بدين الإسلام منذ الفتح الإسلامي . وتركب  بعض  التيارات والتوجهات مطالب هذه الفئات المنحرفة عقديا وجنسيا مثل  التيار العلماني ، والتيار الطائفي الأمازيغي تحت شعار الدفاع عن الحريات للنيل من دين الإسلام بشكل أو بآخر . وتجتمع هذه التيارات والتوجهات حول فكرة ضرب الإسلام من خلال مناهج وبرامج المنظومة التربوية عبر المطالبة بتغيير كل ما له صلة بالإسلام . فالمثليون والمتحولون جنسيا والرضائيون والمجهضات يرون في برامج مادة التربية الإسلامية  على سبيل المثال ما يهدد حريتهم وحقهم في ممارسة الفواحش ،وما يترتب عنها من جرائم كالإجهاض بالنسبة للرضائيين الزناة . وكذلك الشأن بالنسبة  للمرتدين والمفطرين في رمضان . وتصادف مطالب هذه الفئات الشاذة إما جنسيا أو عقديا هوى في نفوس العلمانيين وأصحاب النزعة الطائفية الذين يتعصبون للأمازيغية ويرونها مهددة بسبب لغة القرآن الكريم ، ويعتبرون الفتح الإسلامي غزوا عربيا استعماريا لهذه البلاد . وتنشط بعض هذه التيارات المستهدفة للإسلام من خلال جمعيات وهيئات تطالب في الظاهر بالدفاع عن مواد دراسية للتمويه على هدفها الحقيقي ، النيل من هذا الدين . وتجتمع كل هذه التيارات والتوجهات والفئات مع أعداء الإسلام في الخارج  حول فكرة إقصائه من الساحة وتعطيله من خلال نقض شرعه بطريقة خبيثة ماكرة متدرجة في عملية التعطيل  والنقض، وذلك بتحين  الفرص التي تعن لهم في خضم ما يطرأ على المجتمع  وما يفد عليه  من الخارج ، وما يختلق  فيه اختلاقا مما لا عهد له به . ومن المعلوم أن الذين يستهدفون الإسلام اليوم من الذين يطبقون أجندة أعدائه في الخارج لا يرضون بالوضع الذي كان عليه عصاة الأمس من زناة وممارسي عمل قوم لوط ومفطرين في رمضان ... و قد كان هؤلاء يمارسون جرائمهم متسترين  غير مجاهرين لعلمهم بأن الشرع لا يسمح لهم بذلك حفاظا على سلامة المجتمع  من كل الانحرافات التي تمس بالفطرة السليمة . ومعلوم أن الشرع الإسلامي لا يقتحم على العصاة مخابئهم ولا يهتك أستارهم ، وفي المقابل لا يقبل منهم بالمجاهرة . ولم يخل مجتمعنا عبر العصور من عصاة يستترون ،وإذا جاهر منهم أحد اعتبر ذلك تحد منه لمشاعر الأمة الدينية . وما يريده عصاة اليوم هو الانتقال من التستر إلى المجاهرة وشرعنتها من خلال تعطيل الشرع الذي يدينها ويمنعها ، ومعلوم أن شرعنتها إنما تحصل بهذا التعطيل . ويعتمد الذين يحاولون شرعنة الجرائم التي يمنعها الإسلام على ما يسمونه المعايير الدولية  أو الكونية ، وهي معايير تضعها مجتمعات ذات توجهات علمانية لائكية ، وتفرضها على المجتمعات المسلمة  عن طريق إرغام مسؤوليها على توقيع اتقافيات وتوصيات تتمخض عن مؤتمرات ولقاءات  عقدت في شأنها لتكون ملزمة لهم ولشعوبهم وإن خالفت ما يعتقدونه وما يدينون به . وكل رفض لهذه المعايير يعتبر خروجا عما يسمى الإجماع الدولي أو العالمي أو الكوني . ويتهم كل من يرفض هذه المعايير بمخالفة هذا الإجماع، ويكون هدفا مستباحا ومشروعا  تتخذ في حقه إجراءات وعقوبات  صارمة . وبسبب هذه المعايير يتم تصنيف المسلمين حسب خضوعهم أو رفضهم لها حيث يوصف الرافضون لها بالتطرف والإرهاب والأصولية وعدم التسامح ...إلى غير ذلك من النعوت القدحية . ويستهدف أعداء الإسلام علماءه ودعاته بشكل مباشر من خلال النيل منهم  بشتى الطرق والأساليب لأنهم حماة الدين المرابطون على ثغوره ، والذين يتولون الكشف عما يحاك ضده من مؤامراة ، ويفضحونها ، ويعملون على بيان قيمه المستهدفة لأبناء الأمة خصوصا فئات الشباب الذين يجهلونها بسبب ما يتعرضون له من تشويش إعلامي كبير وخطير يشككهم في دينهم وفي هويتهم ، ويستدرجهم إلى أوكار أعدائه الذين يكيدون له بالليل والنهار . ومن خبث المتآمرين على هذا الدين تشويه صورة علمائه ودعاته في عيون الشباب المسلم من أجل تشجيعهم على التجاسر عليهم ليكون ذلك ممرا يفضي إلى التجاسر على الدين وتعاليمه . ويوجه أعداء هذا الدين اهتمامهم إلى مواجهة كل صحوة دينية  في أوساط الشباب على وجه الخصوص بشتى الطرق والأساليب قد تأخذ شكل برامج إعلامية أو سهرات أو فنون ... تنصب على نقض عرى الدين وقيمه  بشكل مبتذل يجعلها موضوع سخرية واستهزاء . ومن الأساليب الخبيثة  الماكرة التي ينهجها مستهدفي الإسلام محاولة اختزاله في مناسبات تنصرف لإستهلاك المأكولات والمشروبات واقتناء الملابس كما هو الشأن بالنسبة لعبادة الصيام وعبادة النحر . وتطغى على فترة عبادة الصيام الأنشطة الإعلامية التي تهدف إلى صرف فئة الشباب على وجه الخصوص عن استشعار الأجواء الروحية لهذا الشهر العظيم ، والانصراف للعبادة حتى صار معظم هذا الشباب يختزلها في فرصة أكل وشرب وسهرات ترفيهية خلافا لروحها ومغزاها . وأخيرا لا بد من التنبيه إلى أن مواجهة أعداء هذا الدين أصبحت مسؤولية الأمة بكاملها، وهي في حكم فرض عين لا فرض كفاية يضطلع به العلماء والدعاة وحدهم ويسقط عن غيرهم . ولا بد من وقفة حازمة وتاريخية في هذا الظرف بالذات من أجل فضح وإفشال كل المشاريع الشيطانية المستهدفة لهذا الدين الذي لا قيمة لنا بدونه أمام أمم المعمور . ولنا مستقبلا  إن شاء الله تعالى وقفات  أخرى لفضح أشكال وأساليب التآمر على هذا الدين  تحت شعارات كاذبة ومخادعة ظاهرها حق وباطنها باطل.

وسوم: العدد 718