النشء المسلم في الغرب، ملاحظات ينبغي مراعاتها في تربية أبنائنا في الغرب

1- العملية التربوية في غاية الأهمية، ولذلك لا يجوز أن نبخل عليها بجهد أو مال.

2- وهي لا تتم في المدرسة فقط، بل إن البيت هو المحضن الأول. لا سيما في السنوات الخمس الأولى، حيث تتبلور معالم شخصية الإنسان. من هنا كانت أهمية المرأة المسلمة التقية الواعية.

3- عناصر العملية التربوي هي المعلم (المربي) والتلميذ والمنهج والمنشأة التربوية (بغرفها وساحاتها وتجهيزاتها وإدارتها...)، وأهم هذه العناصر على الإطلاق هو المعلم، لذا يجب العناية به، ابتداء بالانتقاء، ثم بالتأهيل، ثم بالتعليم المستمر والإشراف التربوي. وحيث لا يتوافر التأهيل الأولي، فلابد من دورات تأهيلية. وما لا يدرك كله، لا يترك جُلُّه، بل لا يترك ما يتيسر منه.

أما المنهج فله أربعة عناصر: الأهداف، والمحتوى، والأنشطة، والتقويم.

وأهم هذه العناصر هو الأهداف. فيجب أن تكون الأهداف واضحة وسليمة، وأن يعاد النظر في العناصر الثلاثة الأخرى بما يحقق الأهداف، كما يجب إعادة النظر في الأهداف نفسها للاستدراك والتشذيب. وسأتكلم – بإذن الله – عن الأهداف ثانية.

4- من استثمار "فن الممكن" يجب العناية بمدارس نهاية الأسبوع، ومدّ هذه المدارس بالإمكانات، وتعاون الأهلين معها، كما يجب إقامة أنشطة أخرى. مثلاً: في تركية تقيم الجاليات العربية ما يسمونه "الملتقى". يحدث هذا مرة في السنة أو مرات، ويستمر الملتقى بين 24 ساعة و72 ساعة، وترتب له برامج غنية تشمل صلاة الجماعة وقيام الليل والدروس المحاضرات والسمر،  فضلاً عن تنظيم النقل والنوم والطعام والخدمات المساندة. ويقسم المشاركون إلى شرائح: الرجال، النساء، الأطفال. وإذا كان العدد كبيراً والإمكانات متوافرة فيمكن جعل الشرائح أكثر تنوعاً، مثلاً الأطفال، الشباب الناشئ، الرجال، الفتيات، النساء.

وتغطى النفقات أو معظمها من جيوب المشاركين في الملتقى.

5- من الأمور التي يجب مراعاتها بشكل زائد في تربية أبنائنا في بلاد الغرب: تعليم العربية، بدءاً من حضّ الأهلين على جعلها لغة البيت، ومروراً بتعليم الكبار أنفسهم قواعد اللغة العربية وقراءة الأدب من قصة وشعر ومقالة، وانتهاء بدروس اللغة العربية في المدارس والأنشطة. وليس هذا الحرص بدافع قومي، بل هو من الدين، إذ كيف يتفاعل المسلم مع كتاب الله تعالى وسنة نبيه r وكيف يقرأ العلوم الإسلامية (ومعظمها كُتِبَ بالعربية) إذا لم يفهم العربية ولم يتذوقها؟!

6- تجاربُ المسلمين الملتزمين بإسلامهم في الغرب، متفاوتة، ويجب إجراء لقاءات تشاورية بين من يعيشون في بلدان متفرقة (تركية، إيطاليا، ألمانيا، فرنسا...) لتبادل الخبرات وإنضاج التجارب.

7- من الأهداف التربوية التي يجب الانتباه إليها وتأكيدها:

أ- أن يعمق الإيمان بالله تعالى في القلوب، وتنمى مشاعر الرقابة له، وحبه والخوف منه والتوكل عليه والرضا بحكمه القدري والشرعي.

ب- أن تنمى معاني الانتماء للإسلام والاعتزاز به، والشعور بالانتماء للأمة الإسلامية.

جـ- أن يتزين بالتقوى فيحرص على الفرائض والنوافل ما استطاع، ويتجنب الكبائر والصغائر والشبهات ما استطاع.

د- أن يتخلق بأخلاق الإسلام ليكون مرضيّاً عند الله تعالى أولاً، ويكون داعياً إلى الله ودين الله، بحاله وسلوكه، كما يكون داعياً إليه بلسانه.

هـ- أن تغرس في النفوس ثقافة التسامح مع المسلمين من مختلف المذاهب والمشارب والاجتهادات الفقهية والحركية.

و- أن يزود الفرد بالمعلومات والأساسيات من المعارف والقيم الإسلامية.

ز-  أن ينمى في الفرد حب القراءة والبحث، خاصة في أمور الدين.

ح- أن تجعل اللغة العربية لغة البيت ولغة التعامل مع المنتمين إليها، ولغة التدريس والحوار في المدارس المخصصة لذلك والملتقيات والأنشطة.

ط- أن يتعود على البذل والعطاء والتضحية والصبر في سبيل الله.

*****

إكمالاً للفائدة أنقل إليكم فيما يأتي نص مقال نشر في مجلة الرائد، العدد 230 – أيلول 2001.

أبناؤنا يحتاجون إلى القدوة

بقلم: د. أحمد مراياتي

وجود الأبناء في الغرب ونشأتهم فيه أدى عندهم إلى فساد في التصور، وفساد في السلوك، أنقص من الوازع الديني ووصل عند البعض إلى التشكك في الدين... كيف يمكن تجنب الوقوع في هذه المشكلة وما هي وسائل الإصلاح؟

نعم إن هذا من المشكلات التي تواجه أبناءنا وهي من أخطر ما يواجههم في المجتمع الغربي، هل هناك أخطر من فساد التصور الاعتقادي وما يتبعه من فساد في السلوك، وهذا يعني افتقاد }الذين آمنوا وعملوا الصالحات{ وهم المؤمنون الصالحون عناصر المجتمع المسلم وأمل المستقبل.

ونلفت النظر منذ البداية إلى أن عجز الأسرة المسلمة عن رعاية أبنائها، وعن تربيتهم تربية إسلامية مقبولة في مجتمعات الغرب، يعتبر من أهم مبررات العودة إلى بلاد الأصل لتربية إسلامية صحيحة. إن لم تكن هناك موانع وعقبات تحول دون ذلك.

أما إن كُتب على الأبناء البقاء في هذه المجتمعات، فالدعاء لهم بالثبات على الحق هو أول الطريق، ثم يأتي دور الأسرة والجالية المسلمة من حولها، فالأب والأم هما القدوة والمحضن الاول، فالطفل يرضع الأخلاق مع حليب الام، ويتعلم السلوك المستقيم أو الشاذ من والديه.

وإذا نشأ ونما وترعرع ودخل الروضة ثم المدرسة بدأ تأثير المجتمع وبدأت الصعوبات المطروحة في السؤال تتفاقم، ويفيد هنا لفت النظر إلى بعض النقاط المفيدة التي تعين الطفل على المحافظة على عقيدته وسلوكه الإسلامي ومنها:

1- الارتباط مع رفاق الخير، وإكثار اللقاء مع الصالحين منهم، والبحث عن الجمعيات الإسلامية والمساجد ومحاولة المشاركة في نشاطاتها وربط الأطفال بها.

2- ترغيب الأطفال في حفظ سور من القرآن الكريم، وشرح الآيات المتعلقة بالعقيدة لهم بشكل مبسط مفيد يتناسب مع سنهم ومجتعهم.

3- تربية روح المحاكمة والنقد العلمي عند الطفل، وعدم ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة، وتشجيع الطفل على النقاش والحوار.

4- محاولة القيام برحلات جماعية مع المسلمين يحافظ على السلوكيات الإسلامية، ويقوم عليها وعلى تنظيمها قدوات من أهل العلم والخلق ينقلون صورة الإسلام العملية للأبناء.

5- تربية الروح الجماعية والشعور بالانتماء إلى الصف المسلم، وإعطاء الأبناء الأهمية والقيمة الاجتماعية أثناء وجودهم ضمن الصف المسلم، ليزداد تعلقهم وحبهم له ولأهله، ويفيد تسليمهم مهمات وواجبات ويشجعون عليها.

6- تشجيع الأبناء على الكتابة في مجلات الشبيبة الإسلامية، والتعامل مع هذه المجلات بلغة البلد الأوروبي التي هي فيه، وتسهيل اقتناء مجلات الشباب الإسلامي المتوافرة باللغة العربية زيادة في الارتباط والتواصل وتأكيداً للانتماء.

7- متابعة الأبناء الذين يتعاملون مع الإنترنت وتوجيههم توجيهاً سليماً، مع لفت نظرهم إلى الصفحات الإسلامية المتوافرة ونقاشهم في موضوعاتها.

8- الاستفادة من الموجود في السوق الإسلامية من أشرطة الفيديو والكاسيت والأقراص بشكل موجه، لملء أوقات الفراغ ولتكون موضوعات هذه الأشرطة والأقراص بديلاً عن الموجود في "التلفزيون" والإذاعة الغربية، ولتقوم موضوعاتها بدور في تصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تتكون عند الطفل من جراء وجوده في البيئة الغربية وتعرضه المستمر لتقافتها وسلوكياتها.

وكما يرى الإخوة والأخوات فإن المهمة صعبة، ونسأل الله العون والتثبيت وأن يحمي أبناءنا من كل سوء ويثبت أقدامنا ويلهمنا السداد في القول والعمل.

وسوم: العدد 733