تفسير من سورة المجادلة -2

[ ملخّص من تفسير الآيتين 20 و 21 من سورة المجادلة – في ظلال القرآن ]

(إن الذين يحادّون الله ورسوله أولئك في الأذلّين. كتب الله لأغلبن أنا ورسلي. إن الله قويّ عزيز).. وهذا وعد الله الصادق الذي كان، والذي لا بد أن يكون، على الرغم مما قد يبدو أحياناً من الظاهر الذي يخالف هذا الوعد الصادق.

والمؤمن يتعامل مع وعد الله على أنه الحقيقة الواقعة. فإذا كان الواقع الصغير في جيل محدود أو في رقعة محدودة يخالف تلك الحقيقة، فهذا الواقع هو الباطل الزائل. الذي يوجد فترة في الأرض لحكمة خاصة. لعلها استجاشة الإيمان وإهاجته لتحقيق وعد الله في وقته المرسوم.

وحين ينظر الإنسان اليوم إلى الحرب الهائلة التي شنها أعداء الإيمان على أهل الإيمان في صورها المتنوعة، من بطش ومن ضغط ومن كيد بكل صنوف الكيد، في عهود متطاولة، بلغ في بعضها من عنف الحملة على المؤمنين أن قُتّلوا وشُرّدوا وعذبوا وقُطّعت أرزاقهم وسلطت عليهم جميع أنواع النكاية. ثم بقي الإيمان في قلوب المؤمنين، يحميهم من الانهيار، ويحمي شعوبهم كلها من ضياع شخصيتها وذوبانها في الأمم الهاجمة عليها، ومن خضوعها للطغيان الغاشم إلا ريثما تنقض عليه وتحطمه.

حين ينظر الإنسان إلى هذا الواقع في المدى المتطاول يجد مصداق قول الله تعالى. يجده في هذا الواقع ذاته بدون حاجة إلى الانتظار الطويل!.

وعلى أية حال فلا يخالج المؤمن شك في أن وعد الله هو الحقيقة الكائنة التي لا بد أن تظهر في الوجود، وأن الذين يحادّون الله ورسوله هم الأذلون، وأن الله ورسله هم الغالبون. وأن هذا هو الكائن، والذي لا بد أن يكون. ولتكن الظواهر غير هذا ما تكون!.

وسوم: العدد 876