قطوف منوعة 914

يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمة الله عليه :

" ركبت من بيروت ،

وكان معي أخي ناجي ،

فقعدنا في المقصف (البوفيه) نأكل شيئاً قبل السفر ونشرب الشاي . وكان المقصف ممتلئاً بالناس ، كراسيّهم مزدحمة يكاد الكرسي يمسّ الكرسي ، وكلٌّ يأكل ويشرب كما كنا نشرب ونأكل ، فإذا بالمكبّر يخرج منه الصوت :

" ركاب الطيارة الهولندية المسافرون إلى جزيرة جاوة " فيترك ناسٌ طعامَهم وشرابَهم ويقومون .ثم ينادي ركابَ الطائرة البريطانية المسافرة إلى لندن. فيقوم ناس ..

ثم ينادي ركابَ الطائرة البلجيكية المسافرة إلى الكونغو ..

و طائرة البان أمريكان المسافرة إلى نيويورك ..

فرأيتُ أن هذا هو مثال الدنيا : ناس يعيشون ،

يأكلون ويشربون ويجمعون الأموال ويحرصون عليها ويظنون أنهم خالدون ، لا يدرون متى يخرج النداء يدعو هذا أو يدعو ذاك ،

فَمَن دُعِيَ ترك ما كان فيه وأسرع ،

لا يأخذ إلى الطيّارة مائدةَ المطعم ولا كرسيَّ القهوة ،

بل يتركها ليأتي غيره فيجلس عليها ،

لا يأخذ معه إلا حقيبته ،

إن كانت حقيبته مُعدَّة معلقة حملها وسار ،

فإن كان عند وصول الطيارة مُفرَّقَ الأمتعة لم يجمع أمتعته ولم يُعِدَّ حقيبته ،

اضطرَّ أن يدَعها ويرحل بغيرها

فإذا أردتم أن تحملوا معكم من حسناتكم حينما تُدعَون الدعوة التي لابدَّ منها للقاء ربكم فكونوا مستعدين . وكما يجمع المسافِرُ متاعَه في الحقيبة ليحملها ويمشي ، يستعِدّ المرء بالتوبة وقضاء الحقوق ،

فكونوا دائماً في حال التوبة ، انظروا كل يومٍ فيما اقترفتم من سيئات فتوبوا إلى الله منها ،

وإن كان عليكم حقوقٌ فأدّوها حتى تكونوا مستعدّينَ ،

فإذا دُعِيتُم إلى ذلك السفر الذي لا بُدّ منه ،

السفر إلى الآخرة ، كنتم دائما متهيئينَ له .

وكما كان الناس في مطار بيروت قاعدينَ معاً ثم أُخذوا ، هذا إلى حَرّ الكونغو وهذا إلى وَحشة الصحراء. وهذا إلى ملاهي باريس ،

كذلك يكون الناس في الدنيا ،

يكونون متجاورين في المساكن مشتركين في التسابق إلى خيرات الدنيا والحرص عليها ،

وإذا بهم يُدعَونَ فجأة ، فيذهب هذا إلى النعيم المقيم وهذا الى العذاب الأليم " .

من مقالة : (بين الدنيا والآخرة ) . كتاب : نور وهداية ، صفحة 115.

************************************

‏يا عامر أفتِنا !؟

كانت العرب في الجاهلية إذا اختلفوا

يحتكمون إلى رجل يقال له : عامر بن الظَّرِبِ العدواني... (مشرك على جاهليته)

فجاءه مرة وفد من إحدى القبائل فقالوا له : يا عامر وجد بيننا شخص له آلتان آلة للذكر وآلة للأنثى؛!! ونريد أن نُوَرِّثَهُ، فهل نحكم له على أنه أنثى ‏أم نحكم له على أنه ذكر ؟!؟؟

فمكث هذا عامر بن الظَّرِبِ (المشرك) أربعين يوماً لا يدري ما يصنع لهم !!؟؟

وكانت له جارية ترعى له الغنم يقال لها : " سُخَيلة " .

فقالت له في اليوم الأربعين : يا عامر قد أكل الضيوف غنمك؛ ولم يبق لك إلاّ اليسير أخبرني.

فقال لها مالك : انصرفي لرعي الغنم ‏فأصرّت عليه، فلما أصرّت عليه  أخبرها بالسؤال ، وقال لها : ما نزل بي مثلها نازلة !

فقالت له الجارية : يا عامر أين أنت؟! أتبع المال المَبَاَل !!

أي : إن كان هذا الشخص يبول من آلة الذكر فاحكم عليه على أنه ذكر، وإن كان يبول من آلة الأنثى فاحكم عليه على أنّه أنثى! ‏

فقال لها : فرّجْتِهَا عنّي يا سُخَيْلَة! فأخبَر النّاس .

قال الإمام الأوزاعي رحمه الله معقباًً على هذه القصة :

(هذا رجل مشرك لا يرجو جنة ولا يخاف ناراً، ولا يعبد الله، ويتوقف في مسألة أربعين يوماً حتى يُفتي فيها، فكيف بمن يرجو الجنة ويخاف النار، كيف ينبغي له أن يتحرى إذا ‏صُدِر للإفتاء وإذا سئل أمراً عن الله جل وعلا ).

البداية والنهاية لابن كثير: (٢/ ٢٢٢).

************************************

صلاح المرأة وفسادها يؤثران في الزوج

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ

  ﻭﻗﻔﺖُ ﻋﻠﻰ ﺑﺰّﺍﺯ ﺑﻤﻜﺔ ﺃﺷﺘﺮﻱ ﻣﻨﻪ ﺛﻮﺑﺎً ﻓﺠﻌﻞ ﻳﻤﺪﺡ ﻭﻳﺤﻠﻒ ﻓﺘﺮﻛﺘﻪ ﻭﻗﻠﺖُ ﻻﻳﻨﺒﻐﻲﺍﻟﺸﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﻣﺜﻠﻪ ﻭﺍﺷﺘﺮﻳﺖُ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ

ﺛﻢ ﺣﺠﺠﺖُ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﻨﺘﻴﻦ ﻓﻮﻗﻔﺖُ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻢ ﺃﺳﻤﻌﻪ ﻳﻤﺪﺡ ﻭﻻﻳﺤﻠﻒ ﻓﻘﻠﺖُ ﻟﻪ ﺃﻟﺴﺖَ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻔﺖُ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻗﺎﻝ ﻧﻌﻢ ﻗﻠﺖُ ﻟﻪ ﻭﺃﻱّ ﺷﻲﺀٍ ﺃﺧﺮﺟﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﻙ ﺗﻤﺪﺡ ﻭﻻ ﺗﺤﻠﻒ ﻗﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺇﻥ ﺟﺌﺘﻬﺎ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻧَﺰَﺭَﺗﻪ ﻭﺇﻥ ﺟﺌﺘﻬﺎ ﺑﻜﺜﻴﺮ  ﻗﻠّﻠﺘﻪ ﺛﻢ ﺃﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺘﺰﻭّﺟﺖُ ﺍﻣﺮﺃﺓً ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕُ ﺍﻟﻐُﺪُﻭَّ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺃﺧﺬﺕ ﺑﻤﺠﺎﻣﻊ ﺛﻴﺎﺑﻲ ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﻳﺎﻓﻼﻥ ﺍﺗَّﻖِ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺗﻄﻌﻤﻨﺎ ﺇﻻّ ﻃﻴّﺒﺎ ﺇﻥ ﺟﺌﺘﻨﺎ ﺑﻘﻠﻴﻞٍ ﻛﺜّﺮﻧﺎﻩ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺄﺗﻨﺎ ﺑﺸﻲﺀٍ ﺃﻋﻨّﺎﻙ ﺑﻤﻐﺰﻟﻨﺎ ‏ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺴﺔ ﻭﺟﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ‏ ( 2091 ‏) ﻟﻠﺪﻳﻨﻮﺭﻱ

************************************

قال الفقيه الشافعي أبو الحسن علي بن أحمد الإصطخري  أنشدنا الإمام أبو إسحاق الشيرازي ولم يسم قائلا:

صبرت على بعض الأذى خوف كُلٌِه

          وألزمت نفسي صبرها فاستقرت

وجرٌَعتُها المكروه حتى تدرٌَبت

            ولو حملته جملة لاشمأزت

فيا رُبٌَ عِزٌِِ جَرٌَ للنفس ذلة

                ويا رُبٌَ نفس بالتذلل عَزٌت

وما العز إلا خيفة الله وحده

            ومن خاف منه خافه ما أقلٌَت

وأهجر أبواب الملوك فإنني

              أرى الحرص جلابا لكل مذلة

إذا ما مددت الكف ألتمس الغنى

        إلى غير من قال اسألوني فشَلٌَتِ

إذا طرقتني الحادثات بنكبة

            تذكرت ما عوفيت منه فقَلٌَتِ

وما نكبة إلا ولله منة

            إذا قابلتها أدبرت واضمحلت.

          الطبقات لابن السبكي

************************************

تنفس الصباح

صبحك الله بالخير

حسن البنا والقرش

  ----------------------

      يروي الداعية الكبير الشيخ عبدالبديع صقر - رحمه اللّه - قال:

"عملت في بداية شبابي في المركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة ، وكان الإمام البنأ يلقي درسا أسبوعيا اسمه «درس الثلاثاء» ، يتداعى لحضوره الألوف المؤلفة من كل أقطار مصر ، حتى يغص بهم المكان على اتساعه.

وذات ليلة بعد أن انتهى الدرس وانصرف الناس .. بقي الشيخ البنأ في المركز ولم يغادر ، فعجبت لبقائه ، لا سيما أنني رأيت في عينيه كلاما وفي وجهه خجلا وإطراقا ،، فبادرته قائلا : خيراً إن شاء الله ! ما الذي أبقاك ؟! فنظر إليّ طويلا ثم قال :

عبدالبديع .. معك قرش ؟

عاوز أركب وأروح ومعيش ، يقول : فغلبني البكاء ، هذا الذي كانت تُصغي إليه الجموع لا يملك في جيبه قرشا يعود به إلى بيته !!! فأي إمام كان ؟!!

تحياتي

وسوم: العدد 914