حتى لا يضرّنا كيد الأعداء

[ من كتاب واقعنا المعاصر، (صفحة 361 و 362) – محمد قطب]

الله تعالى شأنه قال لنا في كتابه المنزل، بعد أن علّمنا كل شيء عن موقف الأعداء وكيدهم، ومحاولتهم الدائمة لفتنة المسلمين عن دينهم، وزحزحتهم عنه، قال سبحانه وتعالى: (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً). {سورة آل عمران: 120}.

ولم يكن الصبر المذكور في الآية الكريمة، ولا كانت التقوى، تميمة يعلقها المسلمون على صدورهم فترد عنهم الكيد! ولم يكن الصبر والتقوى كذلك أمراً سلبياً في داخل الصدور، يمارسه الناس بوجداناتهم فيصد عنهم الكيد!.

إنما الصبر والتقوى قوة إيجابية هائلة تصد الكيد بإيجابيتها وفاعليتها.. بقدر من الله.

ولقد فسد مفهوم الصبر والتقوى عند الأجيال المتأخرة من المسلمين كما فسد كل شيء في حياتهم وتصوراتهم، فتحول إلى مفهوم سلبي لا يغير شيئاً في واقع الحياة!.

ولكي نفهم المعنى الحقيقي المقصود بالصبر والتقوى، ونفهم كيف يؤدي التمسك بهما إلى صد الكيد، فلنعرف أولاً ماذا يريد الأعداء.. إنهم يريدون أن يردوا المسلمين عن دينهم أو يزحزحوهم عنه.. فالصبر المطلوب إذن هو الصبر على هذا الدين، وعلى كل تكاليفه ومقتضياته، والاستقامة على أمره، والإصرار عليه مهما فعل الأعداء.. والتقوى هي اتقاء سخط الله وغضبه.. ولا يكون هذا إلا بتنفيذ أوامره والانتهاء عن نواهيه.. وحين يقع الصبر والتقوى على هذه الصورة فما الذي يستطيعه الأعداء يومئذ، ومن أين ينفذون؟!.

إنما نفذوا في الحياة الإسلامية من تقصير المسلمين في تنفيذ ما أمر الله به، سواء كان التقصير متمثلاً في التقاعس عن إعداد العدة التي أمرهم الله بإعدادها لإرهاب عدو الله وعدو المسلمين، أو التقاعس عن الإنفاق في سبيل إعداد هذه القوة كما أمر الله.

(وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم لا تُظلمون). {سورة الأنفال: 60}.

وسوم: العدد 1061