"البهاء الذاهب"

إن الرجل إذا ذهب يمدح نفسه، ذهب بهاؤه!

"بين الزهد والحكمة"

ما زهد أحد في الدنيا واتقى إلا نطق بالحكمة.

"قيل في الإمام مالك"

يدع الجواب فلا يراجع هيبة=والسائلون نواكس الأذقان

عز الوقار، ونور سلطان التقى=فهو المهيب وليس ذا سلطان!

"وقيل في وفاته"

لقد أصبح الإسلام زعزع ركنه=غداة ثوى الهادي لدى ملحد القبر

إمام الهدى ما زال للعلم صائناً=عليه سلام الله في آخر الدهر

"لولا الأمل"

دعا أحدهم أن يذهب الله عنه الأمل، فأذهبه عنه، فكاد أن يختلس عقله، ولم يهنأه عيش! فدعا الله أن يرد إليه الأمل، فرده، فرجع إلى حاله؟!

"لا وحشة"

دخل الكرماني على محمد بن النضر وقال له: كأنك تكره مجالسة الناس؟

قال: أجل! كيف أستوحش، وهو يقول: أنا جليس من ذكرني.

حلاوة القرآن

قال الخواص: قلت لنفسي: يا نفس اقرئي القرآن كأنك سمعتيه من الله حين تكلم به، فجاءت الحلاوة.

"من مناجاة رابعة العدوية"

يا نفس كم تنامين، وإلى كم تقومين، يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا ليوم النشور؟!

أفصح الملوك

قال بقي بن مخلد: ما كلمت أحداً من الملوك أكمل عقلاً من محمد بن عبد الرحمن بن الحكم، ولا أبلغ لفظاً منه، ولقد دخلت عليه يوماً في مجلس خلافته فافتتح الكلام بحمد الله والصلاة على نبيه، ثم ذكر الخلفاء، فحلّى كلّ أحد بحليته وصفته، وذكر مآثره بأفصح لسان حتى انتهى إلى نفسه، فحمد الله على ما قدّره، ثم سكت!؟

"من مواعظ ابن السماك"

هب الدنيا في يديك، ومثلها ضم إليك، وهب المشرق والمغرب يجيء إليك، فإذا جاءك الموت، فماذا في يديك؟

الدنيا كلها قليل، والذي بقي منها قليل، والذي لك من الباقي قليل، ولم يبق من قليلك إلا القليل، وقد أصبحت في دار العزاء، وغداً تصير إلى دار الجزاء، فاشتر نفسك لعلك تنجو!!

"رجل بجيش"

كان أبو عبد الرحمن بن عبدالله بن عبد العزيز من ذرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قدم الكوفة ليخوّف الرشيد بالله، فرجف لمجيئه الدولة! حتى لو كان نزل بهم من العدو مئة ألف، ما زاد من هيبته، فردّ من الكوفة، ولم يصل إليه، وكان يقول: من ترك الأمر بالمعروف فعوف المخنوتين، نزعت منه الهيبة، فلو أمر ولده، لاستخف به؟

"حملة ابن المبارك للحج"

كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج، اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك، فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم، ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلوى يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن أشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يرجعهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجضص سترتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم سترته، عليها اسمه؟!!

"توبة عياض"

كان الفضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق، وكان سبب توبته لأنه عشق جارية، فبينما هو يرتقي الجدران إليها، إذ سمع تالياً يتلو "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم.." (الحديد: 16) فلما سمعها، قال: بلى يا رب، لقد آن – فرجع، فأواه الليل إلى خربة، ذابها سابلة (مسافرون) ، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح، فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا.

قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هاهنا، يخافونني؟ وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام؟!

"من أقوال الفضيل ووصاياه"

- كفى بالله محباً، وبالقرآن مؤنساً، وبالموت واعظاً، وبخشية الله علماً، وبالاغترار جهلاً.

- خصلتان تقسيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل!!

- آفة القرّاء العجب!

- قيل له: كم سنك؟ فقال:

بلغت الثمانين أو جزتها        فما أؤصل أو أنتظر

ملتني السنون فأبلينني        فدق العظام وكل البصر.

"كنت مثله"

نظر قوم إلى صبي في مجلس سفيان بن عينية في المسجد، فكأنهم تهاونوا به لصغره، فقال سفيان: "كذلك كنتم من قبل، فمن الله عليكم" (النساء: 94) ثم قال: يا نضر: لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي بمقدار، ونعلي كآذان الفار، اختلف إلى علماء الأمصار، كالزهري، وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة فإذا أتيت، قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير، ثم ضحك.