أنا السببْ

أحمد مطر

في كل ما جرى لكم

يا أيها العربْ .

سلبتُكم أنهارَكم

والتينَ والزيتونَ والعنبْ .

أنا الذي اغتصبتُ أرضَكم

وعِرضَكم ، وكلَّ غالٍ عندكم

 أنا الذي طردتُكم

من هضْبة الجولان والجليلِ والنقبْ .

والقدسُ ، في ضياعها ، كنتُ أنا السببْ .

نعم أنا .. أنا السببْ .

أنا الذي لمَّا أتيتُ : المسجدُ الأقصى ذهبْ .

أنا الذي أمرتُ جيشي ، في الحروب كلها

بالانسحاب فانسحبْ .

أنا الذي هزمتُكم

أنا الذي شردتُكم

وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ .

أنا الذي كنتُ أقول للذي يفتح منكم فمَهُ :

" شَتْ ابْ "

نعم أنا .. أنا السببْ .

في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ .

وكلُّ من قال لكم ، غير الذي أقولهُ ،

فقد كَذَبْ .

فمن لأرضكم سلبْ ؟

ومن لمالكم نَهبْ ؟

ومن سوايَ مثلما اغتصبتكم قد اغتَصبْ ؟

أقولها صريحةً ،

بكل ما أوتيتُ من وقاحةٍ وجرأةٍ ،

وقلةٍ في الذوق والأدبْ .

أنا الذي أخذتُ منكم كل ما هبَّ ودبْ .

ولا أخاف أحداً ، ألستُ رغم أنفكم

أنا الزعيمُ المنتخَبْ ؟

لم ينتخبني أحدٌ لكنني

إذا طلبتُ منكم

في ذات يوم ، طلباً

هل يستطيعٌ واحدٌ

أن يرفض الطلبْ ؟

أشنقهُ ، أقتلهُ ،

أجعلهُ يغوص في دمائه حتى الرُّكبْ .

فلتقبلوني ، هكذا كما أنا ، أو فاشربوا " بحر العربْ " .

ما دام لم يعجبْكم العجبْ .

مني ، ولا الصيامُ في رجبْ .

ولتغضبوا ، إذا استطعتم ، بعدما

قتلتُ في نفوسكم روحَ التحدي والغضبْ .

وبعدما شجَّعتكم على الفسوق والمجون والطربْ .

وبعدما أقنعتكم أن المظاهراتِ فوضى ، ليس إلا ،

وشَغَبْ .

وبعدما علَّمتكم أن السكوتَ من ذهبْ .

وبعدما حوَّلتُكم إلى جليدٍ وحديدٍ وخشبْ .

وبعدما أرهقتُكم

وبعدما أتعبتُكم

حتى قضى عليكمُ الإرهاقُ والتعبْ .

يا من غدوتم في يديَّ كالدُّمى وكاللعبْ .

نعم أنا .. أنا السببْ .

في كل ما جرى لكم

فلتشتموني في الفضائياتِ ، إن أردتم ،

والخطبْ .

وادعوا عليَّ في صلاتكم وردِّدوا :

" تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ ".

قولوا بأني خائنٌ لكم ، وكلبٌ وابن كلبْ .

ماذا يضيرني أنا ؟

ما دام كل واحدٍ في بيتهِ ،

يريد أن يسقطني بصوتهِ ،

وبالضجيج والصَخبْ ؟

أنا هنا ، ما زلتُ أحمل الألقاب كلها

وأحملُ الرتبْ .

أُطِلُّ ، كالثعبان ، من جحري عليكم فإذا

ما غاب رأسي لحظةً ، ظلَّ الذَنَبْ .

فلتشعلوا النيران حولي واملأوها بالحطبْ .

إذا أردتم أن أولِّيَ الفرارَ والهربْ .

وحينها ستعرفون ، ربما ،

مَن الذي ـ في كل ما جرى لكم ـ

كان السببْ ؟