نجوى قبّرة

نجوى قبّرة

شعر: محمد المجذوب

حـنـانَكِ  لا تخشي أذايَ ولا ضُرِّي
حـنـانَـكِ،  لا يَخفقْ جناحاك رهبةً
أحِـذراً  وفي جنبيَّ، يا طيرُ، iiللورى
أراعَـكِ  هـذا الـحِـملُ ينآد iiتحتَه
وخـطـوٌ  يـثيرُ الأرضَ لولا iiنَداوةٌ
وسَـوْرَةُ  أنـفـاسٍ يـكـادُ iiزفيرُها
فـلـمـلـمتِ أطرافَ الجناح iiتحفزاً
وقـلت، وقد أسرفتِ: باغٍ من iiالورى
حـنـانَـكِ.. بعضُ الظنِ إثمٌ فما iiأنا
حـنـانَكِ.. لستُ المرء يطلبُ iiيُسْرَه
سـلـي خفقاتِ النجمِ في لُجَّةِ iiالدجى
سلي عَرْفَ هاتيك الأزاهيرِ في الرُّبى
سلي  الواديَ النشوانَ بالعِطر iiوالندى
سـلـيـها  فمِن قلبي على كل iiنفحةٍ
سـلـي  عـن أغانيَّ الحياةَ فلم يزل
لـئـن  أخـفـتَتْها قسوةُ الدهر iiفترةً
فـقـد  يخرسُ الطيرُ الحبيسُ iiوملؤه
*                *                *
وددتُ لَـوَنِّـي جـارُك الـعمرَ iiكلَّه
تـضـوء  عـشـيـاتي بريَّاك فتنةً
ويـسـلـقُني  في الحقلِ ظلُّك iiعابثاً
وأنعَمُ  تحتَ العشِّ في حضنِ iiمضجعٍ
فـراشـيَ  فـيه العشبُ غضَّاً مُمهَّداً
ومـن  ورق الـدِِّفْـلـى عليّ غلالةٌ
مُـنـى مـن تهاويل الخيالات حاكَها
حَـلـمتُ بها في غفوةِ الخطبِ برهةً
وهـمـتُ بـذكـراها وقد حال iiبيننا
أَعـدتِ إلـى الـقلب المحطَّمِ iiطيفَها
وأَنـسـيـتِـه أوجاع دنيا هوت iiبها
طـغـا  في مغانيها الدَّمارُ iiوصَوَّحتْ
فـخـلِّي  جفوني المُغْمَضاتِ iiتضمُّها
ولا تُـفـسـدي بـالشكِّ نشوةَ iiحُلمِنا































فـمـا  أنـا ذو نابٍ ولا أنا ذو iiظفرِ
ولا  تـرمِـني عيناك بالنظر iiالشَّزْرِ
وللطير دنيا من رؤى الحب iiوالشعر!
مَـطـايَ فلا ينفكُّ يُنجدُه iiصبري(1)
ذَرَتْـها على مَيْتِ الثَّرى أدمعُ iiالقَطْرِ
يـسيل شَعاعاً في لوافحِهِ iiسَحْري(2)
وأمـسكتِ  خوف الغائلاتِ عن iiالنقر
أخو شَرَكٍ يطوي الضلوعَ على iiمكر!
ودنـيا  الورى إلا الغريبُ مع iiالسَّفْر
بـآلام مـخـلوقٍ سواه على iiعسري
وعـربـدةِ  الأسحارِ في يقظةِ iiالفجر
وهـينمَة  الصفصافِ في عُدوة iiالنهر
يُـطـلُّ عـليه السفحُ بالحُلَل iiالنُّضْر
بـهـا  أثـرٌ يروي المكتَّم من iiسرْي
بـمـسـمـعِها رجعٌ من النَغَم iiالبِكر
لفي  النفسِ لحنٌ عزَّ عن قسوة iiالدهر
حـنـيـنٌ يـهزُّ الروحَ للأفق iiالحر
*               *               *
أذودُ بـنـفـسـي عنك عاديةَ iiالغدر
وتُـسكرني نجواك في البُكَر iiالخُضر
فـأقـفزُ فوقَ الشوكِ في إثْره iiأجري
يـسيلُ  عليه الطَّلُّ من أكؤُسِ iiالزهرِ
وثـيـراً، ولـكنَّ الوسادَ من الصخر
تقي  جسميَ العاري أذى البرد iiوالحر
صَناعٌ  من الوهمِ المجنَّحِ في iiصدري
فـلـما  صحا جَفَّتْ رُؤايَ من الذعر
غـيـاهـبُ  من ليلِ الحقيقةِ iiوالفكر
جـديـداً  فعاد السحرُ في دمهِ يسري
زعازعُ  تذرو الموتَ في البرِّ iiوالبحر
مـفـاتَنَها –رغمَ النُّهى- شهوةُ iiالشر
قـلـيلاً  وخلّي الطيفَ يَلمسُه iiثغري
فـمـا هـي إلا فترةٌ ثم.. لا iiندري!

         

(1) المَطا: الظهر.

(2) السَّحْر: القلب والرئة، والشَّعاع بالفتح مصدر شعَّ: تفرقَ.