وصيّة ثمينة

وصيّة ثمينة

أوصى عُقبة بن نافع بَنيه فقال:

"أُوصيكم بثلاث خصال، فاحفظوها ولا تضيّعوها:

1 – إيّاكم أن تملؤوا صُدوركم بالشِّعر، وتتركوا القرآن، فإنّ القرآن دليلٌ على الله عزّ وجل، وخذوا من كلام العرب ما يهتدي به اللُّبُّ، ويدلُّكم على مكارم الأخلاق، ثم انتهوا عمّا وراءه.

2 – وأوصيكم ألاّ تداينوا، ولو لبستم العباء، فإنَّ الدّين ذلٌّ بالنهار، وهمٌّ بالليل، فدعوه تسلم لكم أقداركم وأعراضكم، وتبق لكم الحرمة في الناس ما بقيتم.

3 – ولا تقبلوا العلم من المغرورين المرخِّصين، فيجهّلوكم دينَ الله، ويفرّطوا بينكم وبين الله تعالى، ولا تأخذوا دينكم إلا من أهل الورع والاحتياط، فهو أسلم لكم، ومن احتاط سَلِم ونجا فيمن نجا".

*     *     *

من هو صاحب هذه الوصيّة؟

إنه القائد التقيّ الورع: عقبة بن نافع الذي كرّس حياته للإسلام وللجهاد، منذ شبابه إلى استشهاده.

ولد في أسرة قرشيّة تعشق الحرب، وقد اكتشف قريبه القائد عمرو بن العاص –رضي الله عنه- عبقريته الحربيّة، فعيّنه قائداً على أحد جيوش المسلمين، بعد استشارة الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وموافقته، فسار في إفريقية مجاهداً في سبيل الله، فافتتح الكثير من البلدان في مصر وبلاد النّوبة وتونس وليبيا والسودان والمغرب، حتى بلغ بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) فسار فيه بجواده، ثم وقف وقال قولته الشهيرة:

"اللهم اشهدْ. أني قد بلغتُ المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بك، حتى لا يُعبد أحد من دونك".

لقد نشر عقبة الإسلام في بلاد البربر، وبنى مدينة القيروان، وبنى فيها وقبلها مسجده الكبير (مسجد عقبة).

وُلد عقبة قبل الهجرة النبويّة بعام واحد، واستشهد عام 63هـ ودفن في الزاب بالمغرب.