تَغْرِيدَاتُ الْقُشَيْرِيِّ

(بَابُ الْحَاءِ)

حَاءُ الرُّوحِ وَبَاءُ الْبَدَنِ

"الْحُبُّ حَرْفَانِ: حَاءٌ وَبَاءٌ، وَالْإِشَارَةُ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ فَلْيَخْرُجْ عَنْ رُوحِهِ وَبَدَنِهِ".

حَارِسُ كَلْبٍ

"رُئِيَ بَعْضُ الرُّهْبَانِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ رَاهِبٌ؟

فَقَالَ: لَا، بَلْ حَارِسُ كَلْبٍ؛ إِنَّ نَفْسِي كَلْبٌ يَعْقِرُ الْخَلْقَ، أَخْرَجْتُهَا مِنْ بَيْنِهِمْ، لِيَسْلَمُوا مِنْهَا".

حَالُ الْجَاهِلِ

"كُلُّ حَالٍ لَا يَكُونُ عَنْ نَتِيجَةِ عِلْمٍ فَإِنَّ ضَرَرَهُ عَلَى صَاحِبِهِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ".

حُؤُولُ الْحَالِ

"وَكُنَّا عَلَى أَلَّا نَحُولَ عَنِ الْهَوَى فَقَدْ وَحَيَاةِ الْحُبِّ حُلْتُمْ وَمَا حُلْنَا

تَشَاغَلْتُمُ عَنَّا بِصُحْبَةِ غَيْرِنَا وَأَظْهَرْتُمُ الْهِجْرَانَ مَا هَكَذَا كُنَّا

لَعَلَّ الَّذِي يَقْضِي الْأُمُورَ بِعِلْمِهِ سَيَجْمَعُنَا بَعْدَ الْمَمَاتِ كَمَا كُنَّا"!

حَدُّ الصَّمْتِ

"إِذَا كَانَ الْعَبْدُ نَاطِقًا فِيمَا يَعْنِيهِ وَفِيمَا لَابُدَّ مِنْهُ، فَهُوَ فِي حَدِّ الصَّمْتِ".

حِذَارُ الِاغْتِرَارِ

"قِفْ عَلَى الْبِسَاطِ، وَإِيَّاكَ وَالِانْبِسَاطِ"!

حَرَمُ التَّوْبَةِ

"التَّوْبَةُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ السَّالِكِينَ، وَأَوَّلُ مَقَامٍ مِنْ مَقَامَاتِ الطَّالِبِينَ".

حُرْمَةُ الْكِتَابَةِ

"رُئِيَ الْجَاحِظُ فِي الْمَنَامِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟

فَقَالَ:

فَلَا تَكْتُبْ بِخَطِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ يَسُرُّكَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ"!

حَسْرَةُ الْفَوَاتِ

"كُلُّ يَوْمٍ يَمُرُّ يَأْخُذُ بَعْضِي يُورِثُ الْقَلْبَ حَسْرَةً ثُمَّ يَمْضِي"!

حَسَنَاتُ الِاغْتِيَابِ

"يُعْطَى الرَّجُلُ كِتَابَه، فَيَرَى فِيهِ حَسَنَاتٍ لَمْ يَعْمَلْهَا؛ فَيُقَالُ لَهُ:

هَذَا بِمَا اغْتَابَكَ النَّاسُ وَأَنْتَ لَمْ -هكذا، ولعلها: لا- تَشْعُرُ"!

حُسْنُ الِانْخِدَاعِ لِلرَّقِيقِ

"كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا!- إِذَا رَأَى وَاحِدًا مِنْ عَبِيدِهِ يُحْسِنُ الصَّلَاةَ يُعْتِقُهُ، فَعَرَفُوا ذَلِكَ مِنْ خُلُقِهِ؛ فَكَانُوا يُحْسِنُونَ الصَّلَاةَ مُرَاءَاةً لَهُ، وَكَانَ يُعْتِقُهُمْ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ خَدَعَنَا بِاللهِ انْخَدَعْنَا لَهُ"!

حَقَائِقُ التَّجْوِيعِ

"جُوعُ التَّوَّابِينَ تَجْرِبَةٌ، وَجُوعُ الزَّاهِدِينَ سِيَاسَةٌ، وَجُوعُ الصِّدِّيقِينَ تَكْرِمَةٌ".

حَقِيقَةُ الْإِرَادَةِ

"إِنَّهَا لَوْعَةٌ تُهَوِّنُ كُلَّ رَوْعَةٍ".

حَقِيقَةُ التَّوْبَةِ

"حَقِيقَةُ التَّوْبَةِ أَنْ تَضِيقَ عَلَيْكَ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ حَتَّى لَا يَكُونَ لَكَ قَرَارٌ، ثُمَّ تَضِيقَ عَلَيْكَ نَفْسُكَ، كَمَا أَخْبَرَ اللهُ -تَعَالَى!- فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: "وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَلَّا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا".

حَلَاوَةُ الْعَمَلِ

"إِذَا صَدَقَ الْعَبْدُ فِي الْعَمَلِ وَجَدَ حَلَاوَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَهُ، فَإِذَا أَخْلَصَ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَتَهُ وَلَذَّتَهُ وَقْتَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ".

حَيَاءُ الْعَاصِي مِنَ الْمَسْجِدِ

"رُئِيَ رَجُلٌ يُصَلِّي خَارِجَ الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَتُصَلِّيَ فِيهِ؟

فَقَالَ: أَسْتَحِي مِنْهُ -تَعَالَى!- أَنْ أَدْخُلَ بَيْتَهُ وَقَدْ عَصَيْتُهُ"!

حِيلَةُ السَّالِكِ

"قِيلَ لِأَبِي يَزِيدَ -أي البسطامي-: بِمَ وَصَلْتَ إِلَى مَا وَصَلْتَ؟

فَقَالَ: جَمَعْتُ أَسْبَابَ الدُّنْيَا، فَرَبَطْتُهَا بِحَبْلِ الْقَنَاعَةِ، وَوَضَعْتُهَا فِي مَنْجَنِيقِ الصِّدْقِ، وَرَمَيْتُ بِهَا فِي بَحْرِ الْيَأْسِ؛ فَاسْتَرَحْتُ"!

(بَابُ الْخَاءِ)

خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

"إِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَنْقُلَ الْعَبْدَ مِنْ ذُلِّ الْمَعْصِيَةِ إِلَى عِزِّ الطَّاعَةِ، آنَسَهُ بِالْوَحْدَةِ، وَأَغْنَاهُ بِالْقَنَاعَةِ، وَبَصَّرَهُ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ؛ فَمَنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الْدُنْيَا وَالْآخِرَةِ"!

وسوم: 636