إيران في سوريا: عسكرة واستثمار

التدخل الإيراني في سوريا لحماية الأسد وفتح الطريق لنفوذ اقتصادي

دخلت إيران بكل ما أوتيت من قوة لمنع سقوط النظام السوري مع بدايات الأزمة السورية عام 2011، وأخذ هذا التدخل طابعًا عسكريًا، عبر مد الجيش السوري بالعتاد والمقاتلين والمليشيات المسلحة. لكن أحدًا لم يسلط الضوء على المطامع التجارية لإيران في سوريا، وكيف تنظر الأخيرة لذلك.

كان هذا محور تقرير لصحيفة “الفايننشال تايمز” التي كتبت في مقال تحليلي عن الدور الإيراني في الحرب الدائرة في سوريا، تحت عنوان “إيران تحارب في سوريا من أجل أن يكون لها دور مستقبلي فيها”. وقال التقرير إن “دمشق تبدو وكأنها قلقة من إيران، لأنها تبدو حريصة على جذب الاستثمارات الروسية والصينية”.

“إيران ضخت مليارات الدولارات، وضحت بمئات الأرواح، لتعزيز موقف حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنها قد تجد صعوبة في الحصول على عائدات لاستثماراتها”، تضيف الصحيفة. 

استثمارات

بعيدًا عن الاستثمار في الحرب، يبدو أن إيران تجد في سوريا مكانًا خصبًا للاستثمار التجاري.

تقول الصحيفة في تقريرها إن الحكومة الإيرانية والمؤسسات المرتبطة بالحرس الثوري حصلت على استثمارات اقتصادية كبيرة في سوريا، إلا أنها ما تزال على الورق فقط.

ومن هذه الاستثمارات: مذكرة تفاهم لتشغيل الهاتف المحمول في البلاد، واستثمار في أحد مناجم الفوسفات، وأراض زراعية، فضلًا عن دور في تطوير فروع الجامعات السورية في المستقبل.

وتنقل الصحيفة عن أحد رجال الأعمال قوله إن “مسؤولي النظام السوري أوقفوا تنفيذ هذه الاتفاقات، لأن دمشق أضحت أكثر حرصًا على جذب الاستثمارات الروسية والصينية، ولخوفها أيضًا من زيادة نفوذ طهران”.

تبعية

يرى خبراء اقتصاديون أن التوجه الإيراني لإقراض سوريا جراء تدمير بنيتها الاقتصادية بفعل الحرب -التي كان لإيران يد طولى فيها- أغرق البلاد في تبعية من جانب، واستعداد لقبول تملك إيراني في سوريا من جانب آخر.

يقول الخبراء إن اندلاع النزاع السوري دفع باتجاه تحول اقتصادي بين دمشق وطهران، إذ أصبحت سوريا أكثر اعتمادًا على إيران.

“الثورة السورية شكّلت دافعًا جيوسياسيًّا قويًّا لطهران لتعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع دمشق، فيما كان جزءًا من مشروع إيراني يطمح إلى إنشاء كتلة اقتصادية إيرانية-شرق متوسطية”، قال خبراء في تقارير سابقة. 

في عام 2013، تلقت دمشق قرضًا من إيران بقيمة مليار دولار بعد انخفاض إيراداتها بنحو 50 بالمئة مقارنة مع العام 2010، وتراجع العوائد النفطية بنسبة 90 بالمئة نتيجة للصراع المسلح والعقوبات الاقتصادية.

وفي العام نفسه، تلقَّت دمشق قرضًا ثانيًا بقيمة 3.6 مليار دولار، خُصّص لاستيراد المشتقات النفطية، وساعد في كبح حدة انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار.

هذه القروض السخية، تخفي خلفها مطامع إيرانية بجعل سوريا جزءًا من محور اقتصادي إيراني. وكانت تقارير سابقة تحدثت عن خطط طهران لتصدير غازها الطبيعي إلى شرق المتوسط، ومنه إلى جنوب شرق أوروبا، عبر سوريا. 

وجاء في تقرير الفايننشال تايمز أن إيران أنفقت منذ بدء الأزمة السورية 16 مليار دولار على دعم نظام الأسد، وجماعاتها في اليمن والعراق. 

وأوضح التقرير أن 4.6 مليار قدمتها إيران لنظام الأسد خلال السنوات الأخيرة، فيما يبلغ حجم التجارة السنوية بين البلدين 58 مليون دولار، وفق التقرير. 

وكانت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية كتبت في تقرير لها أواخر 2017، نقلًا عن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أن  الحكومة السورية خضعت لشروط إيران الاستثمارية، بعدما عجزت عن دفع الديون المترتبة عليها، والمقدرة بنحو 35 بليون دولار. ووفق الصحيفة فإن أهم شروط إيران: “هيمنة إيرانية كاملة على آلية صنع القرار في دمشق”.

وسوم: العدد 760