الروائية الإنجليزية فيرجينيا وولف ( 1882 _ 1941 )

ولدت فيرجينيا وولف في لندن ابنة لليزلي ستيفن الناقد والفيلسوف وكاتب السيرة والعالم في آخر العصر  الفيكتوري . ونضجت بصفتها فردا في أسرة كبيرة موهوبة ، وعلمت نفسها في مكتبة والدها الرائعة ، والتقت في طفولتها بكثيرين من أعلام العصر الفيكتوري ، وتعلمت اليونانية من أخت ولتر باتر . واستقرت مع أختها وأخوين آخرين عقب وفاة والدها ؛ في بلومزبري ؛ إحدى مناطق لندن التي قدر لها أن ترتبط بها وبالعصبة التي تحركت في وسطها ؛ "عصبة بلومز بري" التي ضمت كاتب السيرة لايتون ستراتشي ، والاقتصادي البارز ج . م . كينس ، والناقد الفني روجر فراي ، و إي . م . فورستر . وسكنت مع أخ لها بيتا آخر بعد زواج أختها من الناقد الفني كلايف بن في 1907 . وهناك تمتعت مع أخيها بصحبة أصدقائهما من أهل الأدب والفن في اجتماعات العشيات التي تشتعل فيها المناقشات . وتزوجت في 1912 من الصحفي وكاتب المقال والمفكر السياسي ليونارد وولف ، وأسس الاثنان مطبعة هوراث   في 1917 التي نشرت بعضا من أروع الكتابات الأدبية في زمننا ، ومنها ديوان مبكر لإليوت ، وقصيدته " تمجيد لجون درايدن " في 1924 . وأول ما أشيع عن انتحارها في مارس 1941 خوفا من أنها كانت توشك على الجنون ، وتصبح عبئا على زوجها ؛ أنها أصيبت بنوبات كآبة عصبية خاصة عقب إتمامها أحد كتبها ، وأنه خلف الحيوية والذكاء المشهورين عنها بين عصبة بلومز بري كانت في نفسها توترات نفسية تنغص عليها حياتها . احترفت فرجينيا وولف الكتابة احترافا طبيعيا تلقائيا ، ونظرا لتحركها في وسط الكتاب والفنانين كان عالمها منذ البداية عالم الطبقة الوسطى وعالم الطبقة العليا المثقفين في لندن . وكانت ميسورة الحال ، ولديها وقت فراغ لإثراء حساسيتها ، وكتبت لكونها أحبت أن تكتب . وتمردت على ما سمته " مادية " بعض الروائيين مثل أرنولد بينت ، وجون جالزورثي ، وبحثت عن توصيف أدق لجوانب الوعي التي رأت أن حقيقة التجربة الإنسانية تتمثل فيها فعلا . وبعد أن كتبت روايتين في الشكل الروائي التقليدي المرهق طورت أسلوبها اللطيف الخاص بها الذي عالج " تيارالوعي " بدفق شعري معدل بعناية فائقة ، وأدخلت في النثر الروائي بعض الإيقاعات والصور الشعرية الغنائية . والصور الوصفية التي استكشفت فيها إمكانات التحرك بين الحدث والتأمل ، وبين أحداث خارجية معينة في ذات الوقت ، ومتابعة تدفق الوعي متابعة دقيقة حيث يتحرك العقل بين الأحداث الماضية المسترجعة وبين أحداث متوقعة ؛تلك الصور التي جمعت في كتاب " الاثنين أو الثلاثاء " في 1921 كانت تجارب فنية جعلت في الإمكان كتابة رواياتها اللاحقة التي طورت فيها أسلوبها المتميز تطويرا تاما مثلما نرى في رواية " غرفة يعقوب " في 1922 ، و " السيدة دالواي " في 1925 ، وهي أول رواية كاملة النجاح في أسلوبها الجديد ، ورواية " المنارة " في 1927، ورواية " الأمواج " في 1931 أشد رواياتها أسلوبية ، ورواية " بين فصول المسرحية " في 1941 التي نشرت بعد موتها . وكانت فرجينيا وولف في رواياتها نموذجا بارعا لفن " تيار الوعي" ، فكشفت في حذق عظيم مشكلات الذات الشخصية والعلاقات الشخصية ، ومعنى الزمن ، والتبدل ، والذكرى لشخصية الإنسان . وكان النثر الرشيق والشعري في رواياتها البديعة منجزا فنيا مبهرا . وكتبت مراجعات كثيرة عظيمة للكتب ، ومقالات نقدية جمعت في كتاب " القارىء العام " في 1925 ، وفي " القارىء العام الثاني " في 1932 . ولما في نقدها من نغمة شخصية غير تقليدية فإنه نقد إيحائي أكثر منه نقدا سلطويا أمريا ، ونقد تلقائي الطابع جذاب للقارىء . 

*عن " مقتطفات نورتون المختارة من الأدب الإنجليزي " . 

                              *** 

"نظر الناس إلى المطبعة من بداية اختراعها نظرة تقديس وإجلال ، وعدوا أي غلطة مطبعية اعتداء أخلاقيا على كاتب النص . إنه جرح لفكرته ، فيا له من جرم ! " . قرأت هذه الكلمات في كتاب " المحيط " للشاعر والروائي والمفكر الفرنسي فيكتور هوجو ( 1802 _ 1885 ) ، فترجمتها لندرك جسامة وفظاعة شيوع الأخطاء والأغلاط في كتابتنا . ويفرق أهل اللغة بين الخطأ والغلط فيها . الخطأ منبثق من الجهل بالصواب ، والغلط منبثق من الزلل والغفلة ، ونحن لدينا النقيصتان أو البليتان . "  

وسوم: العدد 937