في الأقصر

للشاعر التركي: محمد عاكف

ترجمة: عبد العزيز فهمي

- النسيم راكد، والغيظ شديد لا يكاد يحتمل وقد آذنت الشمس بالمغيب.

- خرجت من المنزل الذي حللت به ضيفاً على مقربة من الساحل، فمشيت على مهل نحو الشاطئ على الدرجات المكسوة بالخضرة والشجر.

- ذلك الوادي الأخضر الذي يحتضن النيل، لم تعرف صفحات حياته السرمدية الخريف أبداً.

- وأمامي موجات زمردية متراكمة، تنثر رذاذها في جذرها وتنسحب في مدها كأنها سراب الحياة.

- انظروا إلى هذا المنظر الجميل، هل له في الحسن نظير؟!!!

- تلك الشمس التي احتضنت هذا الحسن طوال النهار، قد تركت النيل في الشرق متجهة نحو الغرب.

- تتألق في الأفق الآن بومضاتها الأخيرة.... لكنها لا زالت تُعشي الناظرين.

- وعلى يساري نخلة عالية وحيدة، ماذا تفعل؟!!

قصدتها رغم أنها على منحدر شديد والتجأت إلى ظلها الممزق؛

- وحينما أشخص إلى الأمام من هذا المكان، تتملكني الدهشة، فكأنما سهوله المرتفعة من ضفتي النيل جناحان!

- وعندما يمتد البصر إلى منظرها الساحر، يحلق بالخيال إلى عالم آخر.

- إن تلك الآفاق التي أصّلت هذا اليوم من أعماقها، تكسب الآن على الثرى هواء السكون العليل.

- فأخذ وجه الأرض النضيرة يبتسم، بعد أن انهمرت عليه نسمات السماء.

- إثر ذلك دوت الجوانب ضاحكة، ويبتسم الوادي الكبير وذلك التل النضير؛

- وتسير على مقربة منّا زوارق ذات مجاديف طويلة، وبعضها ذات أشرعة شاهقة، وكلها تحاول تسلق الماء الدافق؛

- وهناك يبتسم الفندق شامخاً ببنائه، والذي تصب في النيل ظلاله.

- وتبتسم على بعد خطوات من الشاطئ، آبار السواقي بدلائها؛

- ويبتسم الفلاح الذي ينقل الماء بالقرب، ويبتسم السائح الذي لم ير هذا المنظر طيلة حياته؛

- وتبتسم الجداول المغطاة  بالعشب، وتبتسم الحقول والبساتين التي لا حصر لها؛

- وتبتسم الفتيات عائدات من النهر وعلى رؤوسهن الجرار، ويبتسم الأطفال العراة وهو يصطادون الأسماك من الجداول.