القرد المرجيحة

 (21)

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

من قصص الأطفال الغربية

من كتاب :

(The Big Story Book)

كان القرد مومو "    momo "  يعيش في شقاء ، وسر شقائه أنه غير راض عن نفسه ووضعه ... لقد كان يتمنى دائما لو كان شيئا آخر غير كونه قردا ، إنه يتجول كل يوم في الغابة ، وينظر إلى الحيوانات الآخرى ويتمنى لو كان واحد منها .

وذات يوم كان يتجول كعادته ، فرأى الزرافة " جورجيا " " George "  فقال لها :

ــ " لو كنت زرافة ضخمة طويلة مثلك لأمسكت بقطعة من الطباشير في فمي ، وملأت السماء بالرسوم ، أو رسمت أشكالا جميلة على الطائرات الورقية التي يطيرها الأولاد في الهواء ، فإن ذلك يسعدهم . " .

فضحكت الزرافة جورجيا ، وتركته لتأكل الأوراق من أعالي الشجر .

وفي اليوم التالي كان مومو يتجول في الغابة فرأى الطاووس بيري            " Perry   "  واقفا في زهو وخيلاء ، وقد نشر ريش ذيله كأنه مروحة كبيرة ... جميلة ... رائعة بريشها البراق الذي جمع بين الأخضر والأزرق والرمادي .

فقال له القرد مومو :

ــ " لو كنت طاووسا مثلك لنشرت ريش ذيلي على أوسع نطاق ليكون مروحة ضخمة تصنع تيارات من النسيم الرقيق سخفف عن الناس شدة الحر في الصيف ، أو أصنع من هذا الريش الناعم حاشية ثوب أهديها لإحدى الأميرات " .

فطوى الطاووس ذيله ، ومشى يختال بنفسه وجماله .

وفي اليوم الثالث كان مومو يسير قريبا من النهر فرأى الأخطبوط أوسكار    " Oskar   " جالسا تحت الشمس ، فنظر إلى أرجله الثمانية ، وقال :
ــ " لو كنت أخطبوطا مثلك  للبست أحذية للرقص في أرجلي الثمانية ، ورقصت رقصا إيقاعيا ، وضربت على البيانو ، وغنيت أغنية جميلة ... فأرجل ثمانية يمكن أن تعمل كل شيء في وقت واحد " .

فرد عليه أوسكار قائلا :

ــ " أووه ... ما أغباك وأتفهك يا مومو !!! " .

وتركه وانزلق من الصخرة إلى النهر . 

وفي اليوم التالي نظر مومو إلى السماء فرأى طائرا جميلا أبيض يطير على قرب من الأرض ... إنه حمامة ... وقال في نفسه :

ــ " أووه لو كنت حمامة لواصلت الانطلاق إلى أعلى بجناحيّ  حتى ألامس النجوم " .

وأخذت الحمامة تواصل طيرانها بعيدا حتى غابت عن عينيي مومو .

وحينما التفت حوله رأى فيلا ضخما رمادي اللون يقف على قرب منه .... إنه الفيل إيميلي  "   Emilly  " الذي كان يبدو مضحكا مسليا في شكله وحركاته ، فله أذنان عريضتان ، وله خرطوم طويل يؤرجحه يمينا وشمالا ، وإلى أعلى ، وإلى أسفل كذيل الحيوان ... وأحيانا يستعمله كدش يرش به الماء على جسده في الحر .

ووضع مومو ذراعيه أمام أنفه ليجعلهما شبيهين بخرطوم الفيل . وقال للفيل :

ــ " لو كنت فيلا مثلك لرويت الأزهار بخرطومي ، أو استعملته كمضرب للعلبة البيسبول ، إنك لم تستطيع أن تفعل ذلك ... نعم لا تستطيع ولن تستطيع   " .

وذات يوم حينما كان مومو يتجول في الغابة رأى بومة عجوزة ، فنظر إليها وهو حزين ، وبدأ يفكر فيما كان سيفعله لو أنه كان بومة . لكن قبل أن يفكر فيما كان يفعل التفت إليه البومة وسألته :

ــ " لماذا تبدو غير سعيد ؟ فأنا لو كنت قردا مثلك لمددت رجلي وتعلقت بهما في غصن شجرة ، أو تشبثت بها بذيلي واستطعت أن أرى الدنيا بالمقلوب ، أو لتدليت منها ممسكا بها بيدي ورجلي وجعلت من نفسي مرجيحة للأطفال .

فصاح مومو :

ــ " إنها أفكار رائعة ... حقا إنها لبومة حكيمة " .

وتسلق مومو إحدى الأشجار وتعلق بها بذيله ورأى الدنيا مقلوبة إنه منظر غريب حقا .

ثم جعل من نفسه مرجيحة وأخذ يمدح الأطفال الذين جاءوا لمشاهدته .

وسرعان ما حضرت أعداد كبيرة من الأطفال من المناطق المجاورة ليتمرجحوا عليه ، مما جعل الأطفال يشعرون بالسعادة كل يوم .

**********

ولم يعد القرد مومو يتمنى لو كان زرافة ، أو طاوسا  ، أو اخطبوطا ،  أو حمامة ، أو فيلا ، 0و أي شيئ أخر .

إنه الأن سعيد أن يكون هو .... هو .... القرد مومو .