مكاسب القاعدة في سوريا تقوض استراتيجية الولايات المتحدة

مكاسب القاعدة في سوريا

تقوض استراتيجية الولايات المتحدة

ليز سلاي

واشنطن بوست

5\12\2014

أنقرة, تركيا- المجموعة التابعة للقاعدة في سوريا توسع من سيطرتها على مناطق شاسعة كانت حتى وقت قريب تحت سيطرة المعارضة المعتدلة التي توشك على الانهيار, مما يهدد خطط الولايات المتحدة لتشكيل قوة جديدة من المتمردين لمواجهة المتطرفين.

منذ أن طردت جبهة النصرة أكبر حركتي تمرد مدعومتين من الغرب الشهر الماضي من محافظة إدلب وهي تعزز صورتها كونها المجموعة الأكثر قوة في شمال غرب سوريا.

سيطرة الجماعة على بلدات وقرى ومدن على امتداد المحافظة, وأمنت طرق إمداد إلى الجارة تركيا كما مهدت الطريق لإنشاء إمارة إسلامية – منافسة لكيان "الخلافة" الذي أعلنته الدولة الإسلامية الصيف الماضي في شمال شرق سوريا وغرب العراق.

توسع هذه الجماعة التابعة للقاعدة سوف يؤدي إلى المزيد من تعقيد الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لاحتواء وتدمير الدولة الإسلامية الأكثر قوة, والتي تعتبر المنافس الشرس لجبهة النصرة التي أخرجت العناصر الموالية للقاعدة من أراضيها الصيف الماضي.

إذا استمر القتال في سوريا على وتيرته الحالية, فإن البلاد سوف تنقسم على الأرجح فيما بين القوى الجهادية ونظام الأسد, وهو ما سوف يؤدي في النهاية إلى بقاء المتمردين المعتدلين دون أراض والولايات المتحدة دون حلفاء في هذا البلد المهم استراتيجيا, وفقا لما قاله قادة المتمردين ومحللون سياسيون.

المساعدات لا زالت في مراحل التخطيط:

في هذه الأثناء, فإن خطط البنتاعون لتدريب وتسليح قوة من المتمردين يبلغ تعدادها 5000 مقاتل شمال سوريا لمواجهة الدولة الإسلامية لا زالت قيد الصياغة. تم تحديد موقع إلى الجنوب من العاصمة التركية أنقرة كقاعدة لتدريب أول 2000 متمرد, وتم إعلام المعارضة بأن أولى جلسات التدريب سوف تبدأ في 1 فبراير, وفقا لممثلين عن المعارضة السورية.

ولكن المسئولين الأمريكان لم يلتقوا حتى الآن مع زعماء المعارضة السورية لنقاش تفصيلات البرنامج. ولا زالوا يتناقشون مع تركيا أي المجموعات سوف يتم اختيارها كما أنهم لم ينتهوا من صياغة الأسئلة التي يجب طرحها في عملية فحص المقاتلين.

قال الأميرال جون كيربي, المتحدث باسم البنتاغون يوم الخمس بأن المسئولين لا زالوا ينتظرون التمويل المخصص للبرنامج. تم تخصص الأموال في اليوم التالي لذلك التصريح من قبل الكونغرس.

وقال يزيد الصايغ من مركز كارنيغي في الشرق الأوسط ومقره بيروت بأنه في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات, ربما لن يكون هناك مقاتلون معتدلون لتقديم المساعدات لهم.

وأضاف بأن السياسة "تفترض  استمرار وجود معارضة معتدلة داخل سوريا . حقيقة صعود جبهة النصرة تضع هذه الأفكار موضع النقاش. في الوقت الذي سوف تصبح هذه الأمور واقعة على الأرض, فإن النصرة سوف تكون قد فرضت درجة من السيطرة بحيث لن تكون هذه السياسة صالحة للتطبيق".

يقول زعماء المعارضة بأنه لا زال هناك حياة في الجيش السوري الحر, المظلة التي تضم المجموعات المعتدلة, حتى مع قتاله على جبهتين للحفاظ على بقائه, ضد الحكومة وضد الدولة الإسلامية. برنامج السي آي أيه السري لتسليح المتمردين المعتدلين ساهم في وقف تقدم الحكومة الذي كان من شأنه أن يهدد بإخراجهم من حلب, آخر معقل قوي لهم, التي تقع إلى الشرق من إدلب.

يقول مسئولون أمريكان بأنهم يدرسون توسيع البرنامج في ضوء النكسات الأخيرة, معترفين بالحاجة إلى ما وصفه أحد المسئولين بأنه " يجب أن يحتل أولوية أكبر".

ولكن في حين يقول بعض زعماء المعارضة بأنهم تلقوا وعودا بزيادة المساعدات, إلا أن آخرين قالوا بأن الدعم الذي كانوا يتلقونه توقف منذ هجوم جبهة النصرة. ولكن الجميع متفقون على أن المساعدات المحدودة لم تكن كافية في أي من الأحوال على ضمان بقائهم.

يقول خالد الصالح, المتحدث باسم حركة حزم, أكبر متلق لدعم الولايات المتحدة, والتي كانت قد أخرجت من مقراتها في إدلب الشهر الماضي على يد جبهة النصرة :" إذا استمرينا بتلقي المساعدات على نفس الوتيرة الماضية, فإنه لن يكون هناك متمردون معتدلون خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة القادمة".

لا زالت حركة حزم تقاتل في حلب, إلى جانب الجماعات المعتدلة المدعومة من قبل الولايات المتحدة مثل جيش المجاهدين, الذي تعرض للفحص في الفترة الأخيرة لتلقي المساعدات الأمريكية من قبل السي آي أيه, وكانت الحركة تلقت تدريبا وأسلحة أمريكية تتضمن صواريخ "تاو" المضادة للدبابات, وفقا لما قاله أحد قادة المجموعة.

ولكنه أضاف إن الدعم غير كاف " إننا على الخط الفاصل بين أن الحياة والموت, ذخيرتنا منخفضة جدا. إذا ضربنا مرض قوي, لن يكون في وسعنا البقاء على قيد الحياة".

هيمنة جبهة النصرة:

في محافظة إدلب الحيوية ذات الموقع الاستراتيجي, المحاذية للحدود التركية, هُزم المعتدلون, كما اعترف هو وقادة آخرون.

جبهة النصرة, التي بدأت كفرع سوري للدولة الإسلامية في العراق قبل أن تتطور إلى كيان سوري بعد أن شتت الدولة الإسلامية صفوف القاعدة, لا تسيطر على جميع مناطق المحافظة. العديد من الجماعات المعتدلة الصغيرة لا زالت موجودة, وكذلك العديد من  التشكيلات الإسلامية الكبرى التي تسد فجوة الانقسام بين المعتدلين والمتطرفين.

وفي جميع الأحوال, أكثر الجماعات قبلت بهيمنة جبهة النصرة, على الأقل حتى الآن, وذلك من خلال البقاء في موقف الحياد أو تشكيل تحالفات, كما يقول أبو محمد, القائد في جماعة أنصار الشام الصغيرة, التي قررت البقاء على الحياد في القتال بين جبهة النصرة والجماعات المتمردة الأخرى بدلا من التعرض لخطر الإبادة

وأضاف في مكتب الجماعة التي يتبع لها في مدينة أنطاكيا في جنوب تركيا :" الوضع في إدلب صعب جدا الآن. كل الجماعات التابعة للجيش الحر التي لا زالت هناك تخشى من أنهم سوف يطردون".

على الرغم من ارتباطها بالقاعدة إلا أن جبهة النصرة حظيت بسمعة بين السوريين كونها القوة الأكثر فعالية في القتال ضد الأسد. كما أنها أصبحت تعرف بأنها القوة الأكثر التزاما ومبدئية في المجتمعات المحلية من كتائب الجيش السوري الحر التي تميل إلى عدم الانضباط والتي تجنح إلى ارتكاب جرائم في بعض الأحيان.

امتنعت المجموعة عن فرض أقسى أشكال القانون الإسلامي المرتبط بالدولة الإسلامية حتى الآن. في حين أن جبهة النصرة أعلنت أن هدفها هو إنشاء إمارة إسلامية لمواجهة خلافة الدولة الإسلامية, إلا أنها لم تقم بذلك حتى الآن, ربما خشية من ردة فعل السوريين الذين لا زال هدفهم استبدال نظام الأسد بنظام أكثر ديمقراطية.

الاعتقاد بأن الضربات الجوية الأمريكية تساعد الأسد في البقاء في السلطة ربما أدت إلى زيادة التعاطف مع جبهة النصرة على حساب الجماعات المدعومة غربيا, كما يقول السوريون.

يقول قادة المتمردين بأنه كان من المحتوم أن تواجه جبهة النصرة المعتدلين بعد أن أعلن الرئيس أوباما برنامج التدريب والتسليح في شهر يوليو, مما سوف يخلق حافزا كبيرا للاستغناء عن الجماعات التي تدعمها الولايات المتحدة قبل أن يتلقوا الدعم.

وربما تمت معرفة مصير هذه الجماعات عندما استهدفت الضربات الجوية مواقع جبهة النصرة في أول يوم من الحرب الجوية في سوريا, التي أشارت إلى أن الجماعة موجودة فعلا على قائمة استهداف الولايات المتحدة, كما يقول آرون لوند, الذي يحرر الشأن السوري في مدونة الأزمة في مركز كارنيغي للسلام الدولي.

حيث يضيف :" جبهة النصرة ليست غبية. إنهم يعلمون تماما أن داعش أولا ومن ثم هم ثانيا".