"يومُ الحرب"أو"نشيدُ السلام"

"يومُ الحرب"

أو "نشيدُ السلام"

شعر: محمد بهار

ترجمة: د. محمد غنيمي هلال

وا أسفَا من يومِ الحرب، ويا للطِّيرَة به!!

ألا تباً لناي حلقومه البغيض!!

ألا تباً للحنه البغيض، وتباً إلى الأبد!

وليُقصَّ منه الجناحُ وتُجتَثَّ القدمُ!

لقد قطعَ عني معارفي وصحابي،

ألا فليُرزأْ بقطيعةِ المعارفِ والصحاب!

ماذا من أمرِ بلاءِ الحربِ الأشقِّ،

ولا أمانَ لامرئٍ من بلائه؟

شرابُه من دمِ الإنسانِ المكافِح،

وغذاؤهُ من عِظامِ العُمَّال.

دعوتُه ليست لسوى قِرَى الموتِ،

وليس من امرئٍ إلا ويُسلمُ الروحَ على دعاءِ قِراه.

لا يزالُ يُهيبُ بنداءِ الرُّعب،

فيصلُ إلى كلّ فؤادِ رعبُ ندائهِ،

مثل عنكبوت لا يزالُ يمدُّ في العالمِ نسيجَه،

فينشرُ في كل مكانٍ سُدى النسيجِ،

أو حشد من النمالِ حول قطعةِ سكّر،

ينفذُ إلى أعماقِ الروحِ منها العناءُ

بكل أرضٍ تُهبُّ بها ريحُ الحرب،

تختنقُ الحلوقُ على أثر هبوبِ تلك الريح.

وبكل عهد ينطلقُ فيه نفيرُ الحربِ،

يصير العهدُ صيحةَ بؤسِ نعيب النفير،

وفي المسامع ينصبُّ دويُّ رعدها،

على جلجلةِ مدافعِها وزئيرها والرنينِ،

ويصبحُ العالمُ مثلَ طاحونٍ،

تدورُ كلّ آونةٍ بدمٍ جديدٍ.

وتجولُ الدباباتُ كأنها جبالٌ من نارٍ،

فتُصُّم بأصدائِها آلاف الآذان.

تنبعثُ كالتنين، فتقطُرُ بكلّ قلبٍ،

سُمّاً يغولُ بأنيابه الروحَ،

وكلما بسطتْ أجنحتها عقبانُ الحديدِ،

فصيدُها المدُن والقرى.

تصبُّ بيضَ قذائفِها آلافاً مؤلفة كل لحظةٍ،

فيعدو الأجلُ على أثرها كالفراريجِ.

تراها طيوراً فولاذيةً، في صفوفٍ هندسية،

جميلةَ المنظرِ، كأنها الكراكي،

كأنها كِسَفٌ من السحابِ ترمي بثلجِ الموت،

سحبٌ لا تلدُ سوى الموتِ.

بكلِّ جهةِ جهازٌ ناريٌّ،

يخلقُ في مدارهِ جحيماً،

تئزُّ بالدخانِ واللهيبِ والحريقِ والزلازل،

وبالدمعِ والآهاتِ والصرخاتِ.

وبالميدان يعبرُ، "إلهُ الحربِ"

تردَّى ما يشبهُ عينَ الأسدِ وقد عراها ياقوتُ الغضبِ،

يطير الأملُ على قعقعةِ سلاحه،

ويعدو الأجلُ إلى ظلّ لوائه.

قد تغطَّتْ كلُّ درعٍ ولثام بعرقِ الجهد،

وتسربلَ بالدمِ كلُّ حذاءٍ ورداءٍ.

فبكلِّ أرضٍ تعبرها الحربُ،

تبسطُ غاراتِ العذابِ والموتِ والهلاكِ والويلِ.

فأينَ أيامُ السلامِ والأمانِ؟

ومتى تتفتّح خمائلُها وحدائقها الفاتنةُ؟

وأين عهدُ الصدقِ والمروءةِ،

وضوءُ المحبةِ وإشراقتُها الألاّقةُ؟

ومتى يحينُ دَورُ الصداقةِ والمساواةِ

وحياةُ الخلودِ والصفاءِ والمحبةِ؟