أمريكا ليست بحاجة إلى مساعدة الأسد لضرب الدولة الإسلامية

أمريكا ليست بحاجة إلى مساعدة الأسد

لضرب الدولة الإسلامية

دافيد بلير

دايلي تيليغراف

24/8/2014

ترقى السيد كريستوفر ماير ليصبح سفير بريطانيا في واشنطن ليتوج 37 عاما من العمل الدبلوماسي. ولهذا كان من المستغرب أن أقرأ مقاله في التيليغراف يوم الأحد حول ما يجب عمله حيال الدولة الإسلامية في سوريا.

ببساطة, يعتقد السيد كريستوفر أن على أمريكا أن تدفن أحقادها مع بشار الأسد قبل أن تشن أي ضربة جوية ضد قواعد الدولة الإسلامية في سوريا. كتب ماير في مقالته :" لا أستطيع تخيل أن الولايات المتحدة سوف تخاطر بطائراتها والطائرات دون طيار بأن يتم إسقاطها من قبل الطائرات السورية أو صواريخ أرض جو. لتجنب ذلك, فإن الضربات الجوية الأمريكية بحاجة لأن تنسق مع الأسد".

يمكن أن أستخدم الكثير من النعوت لوصف هذا المقال, ولكن احتراما للسيد كريستوفر, سوف أكبح جماح نفسي وأصف المقال بأنه غريب. فكرة أن الطائرات السورية المقاتلة تنتظر لكي ترتفع في السماء لتواجه القوات الجوية الأمريكية فكرة غريبة جدا.

الحقيقة الواضحة هي أن سلاح الجو السوري لم يرتفع في السماء قيد أنملة ليدافع عن البلاد ضد أي هجوم خارجي. ربما لا يعلم السيد كريستوفر أن إسرائيل تشن هجمات روتينية داخل مجال الأسد الجوي كما أن طائراته لم تقصف معسكرات الدولة الإسلامية في الصحراء النائية, ولكنها استهدفت دمشق والمناطق المحيطة بها. وكما حدث مؤخرا في يونيو, دمرت الطائرات الإسرائيلية مخزونات كبيرة من الصواريخ قرب العاصمة لمنع نقلها إلى حزب الله. كما تم شن غارتين مماثلتين تقريبا من هذا النوع في 2013.

لكن طائرة سورية واحدة لم ترد على هذه الخروقات, وغني عن القول, أنه لم يتم خسارة أي طائرة إسرائيلية . وربما لم تجرؤ سوريا على إطلاق أي صاروخ ضد الطائرات المغيرة.

الأمر نفسه حصل عام 2007 عندما دمرت الطائرات الإسرائيلية مفاعلا نوويا في صحراء سوريا الشرقية (دون هذه العملية, فإن هذه المنشأة سوف تكون الآن في أيدي الدولة الإسلامية). كما شنت الطائرات هجمات ضد معسكرات تدريب إرهابية خارج دمشق عام 2003.

وهكذا فإن لسلاح الجو السوري سجلا ناصعا لا يضاهى في الرسوخ على الأرض بقوة عندما تحلق الطائرات المعادية فوقه. كما لم يسارع أي طيار للتحرك للدفاع عن بلاده. لم يحدث في تاريخ الصراع البشري أن جهة قامت بهذا التحرك المحدود في مواجهة هذه الهجمات المتكررة.

ربما لا يعلم السيد كريستوفر أن الطائرات السورية لم تتمكن من إسقاط حتى طائرة واحدة قادمة من أي مكان منذ عام 1973, عندما دمر عدد من الطائرات الإسرائيلية خلال حرب يوم الغفران. المرة الأخيرة التي حاول فيها سلاح الجو السوري مواجهة إسرائيل كانت في لبنان في الثمانينات. هذه التجربة لا تحمل في طياتها أي مجد. النتيجة النهائية للمواجهة هي 85 مقابل صفر, لأن إسرائيل أسقطت 85 طائرة سورية ولم تخسر أي طائرة في هذا السجال.

بعد أن فشلت تماما في مواجهة إسرائيل – وبعد أن تعرضت للعديد من الغارات الجوية في أراضيها- فإن فكرة أن طياري سوريا سوف يسارعون لاعتراض سلاح الجو الأمريكي هي فكرة مثيرة للسخرية. إذا أجبر بعض الطيارين المساكين على الإقدام على مهمة انتحارية في واحدة من طيارات الميغ السورية القديمة أو طائرات السوخوي من الجيل الثالث, فإن النتيجة معروفة مسبقا.

الحقيقة هي أن الطيارين السوريين لا يمارسون عملهم كثيرا. يوما تلو الآخر يقصفون شعبهم في البلدات والقرى العزلاء. والدرس المستفاد هنا واضح جدا وهو أن سلاح الجو هذا متخصص في قتل المدنيين العزل على الأرض. المهمة الوحيدة التي يقدر عليها طيارو الأسد هي قتل الناس المفترض أن يدافعوا عنهم.

أما بالنسبة لصواريخ أرض – جو التي يعتقد السيد كريستوفر أن سوريا ربما تنشرها ضد أمريكا, أفترض أنه يشير في كلامه إلى منظومة الدفاع الروسية أس300 التي عمل الأسد جاهدا على الحصول عليها من موسكو. ليس هناك أي قرينة تفيد أن هذا الدرع الصاروخي قدم كاملا. حتى لو حصل ذلك, فإن السوريين بحاجة إلى أشهر أو سنوات حتى لتدريب أفرادهم على استخدام هذا النظام وتشغيله بكامل طاقته.

وحتى لو قدم نظام أس 300 ولو تم استخدامه – وحتى لو امتدت تغطيته إلى جميع أنحاء البلاد, بما فيها الصحراء النائية التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية – فإن سلاح الجو الأمريكي يمكن أن يدمر نظام الدفاع في اللحظة التي يتم تشغيله فيها. ربما لا يدرك السيد كريستوفر أن أمريكا لديها صواريخ خاصة تعمل على الرادارات وبإمكانها تدمير هذه الصواريخ في غضون ثوان من تفعيلها.

وحتى لو – وهو الأمر الذي أستبعده تماما- كان من الخطير جدا أن تدخل الطائرات الأمريكية المجال الجوي السوري, فإن بإمكانهم ضرب الدولة الإسلامية باستخدام صواريخ بعيدة المدى دون حتى أن تضطر لأن تحلق فوق البلاد. وحتى لو استحال القيام بذلك من فوق البحر المتوسط (لا أعرف لماذا) فإن بإمكانهم شن هجماتهم من الأردن والعراق وتركيا, وهي دول سوف تفتح مجالها الجوي لتحقيق هذا الهدف.

وهكذا فإن فكرة أن "التنسيق" مع الأسد شرط أساسي مسبق لضربة أمريكية ناجحة ضد الدولة الإسلامية خاطئة تماما. السيد كريستوفر شخصية عامة مميزة وبالعادة كاتب مثقف. ولكن في هذه المرة, فإنه ربما عرض  أكثر التحليلات غير القابلة للتصديق للوضع العسكري في الشرق الأوسط منذ أن توقع روبرت فيسك أن العراق سوف يقاوم أمريكا بقوة في حرب الخليج عام 1991.