الشعر الأمريكي في مسيرة البوسنة

الشعر الأمريكي في مسيرة البوسنة

شعر: دانيال مور

ترجمة: منير العكش

دانيال مور من ألمع شعراء أمريكا المعاصرين، ومن رواد حركة التحديث في الشعر الأمريكي. له العديد من المجموعات الشعرية المنشورة، بينها "فجر الرؤيا" و"القلب المحروق" وكان قد أعلن إسلامه في أواخر الستينيات، وكتب الكثير عن تجربته منها مجموعة في مدح الرسول بعنوان: "مولد" و "يوميات رمضانية" وهـو الآن

من هيئة تحرير مجلة "جسور" الثقافية التي يصدرها في واشنطن منير العكش، وقد اشترك مور والعكش معاً في إصدار طبعة محدودة من شعر محمود درويش بالإنكليزية بعنوان Indian Speech ويعملان الآن على تطوير هذه الطبعة بترجمة مجموعة جديدة من قصائد درويش وضمها إليها لإصدارها في طبعة شعبية. القصائد التالية لدانيال مور هي مقتطفات مما ألقاه في "مسيرة البوسنة" في نيويورك.

 

وقفة على مقابر مسلمي البوسنة

وقفت على مقابر مسلمي البوسنة

طويت هناك فوق ثغورها جسدي

وأحنيتُ –كأني يونسٌ والحوتُ يَلقمُني-

على جبل من الجثث الغريقة بالدم القاني:

كهولٌ ما يزال على مآقيهم بريق الدمع

عجائز في مناديل مطرزة بورد أحمر دام

وقد عُقدت بإحكام على الأعناق

صبايا لم يزل أولادهنّ يواصلون رضاعة الأثداء

وفتيان مقطعة حلوقهمُ، ومنها تنزف الأضواء

وتحسبهم ملائكة، ويبزغ من براءة وجههم قمرُ

فأسأل عن مآل القوم ما شهدوا وما خبروا

أجابوني بحابلهم ونابلهم وأعينهم تَفَتّحُ: نحن في الفردوس

تبوأنا جنان الخلد ننعمُ في نوافير من النورِ

وتجري تحتها الأنهار من لبنٍ فنشربه،

ومن عسلٍ فنغتسلُ

وبين يدي رسول الله نشهدُ عالم الحَضره

ونحيا الآن في سِلمٍ.

......

ثم هوت عيون القوم في الموتِ، وعادوا مثلما كانوا

وفي أذنيّ وشوشة لهم تَضرى وتستعرُ:

إذن، قد غُلِّقت أبوابُ هذا العالم الفاني

فلا حس ولا ركز ولا صوت ولا بشرُ

كأن لم يبق في الأرض لسفك دمائنا أثرُ...

 

لو استطعت

لو أنني استطعت أن أصرخ ألف عام

لما كفى ولا شفى!

لو أن كل دابة تدبُّ فوق الأرض صارت شاهداً

على الأهوال

لما كفى ولا شفى!

لو أن كل طلقة من الرصاص صارت مَلَكاً

يعيد ما أبيد من أطفال

لأمهاتهم

لما كفى ولا شفى!

فيما نسير تحت الشمس

المسلمون يُطردون من ديارهم ويرسفون في الحصار

المسلمون يُقتلون في مُعسكر التعذيب

والمسلمات يُستحيين

أو يُقتلن تحت شمسنا في وضح النهار

أكثر من عامين في هذا الدمار والدوار

وما كفى ولا شفى

لو أنني استطعت أن أصرخ من عُرام رئتيّ ألف عام

فأحييَ الميّت من ضمير هؤلاء اللئام

أعلن أن في مَنالهم إطفاءَ نارها في لحظة.. لو أنني

حسبي، لو أنني استطعت أن أصرخ ألف عام

حتى يجيء كل ما في البحر من أسماك

تسعى على أذيالها شاهدة على فصول المذبحة

وتنزلَ النجوم كلها من قبة السماء

لكي ترى ظلم البشر

للبشر..