مجزرة الكيماوي في سوريا

لويزا لوفلاك & مجدي سمان

"رأيت الموت في كل مكان. بعض الجثث لم يكن من الممكن التعرف عليها مع مقتل جميع أفراد أسرهم"

دايلي تلغراف

21\8\2015

لقد كان ذلك هو الهجوم الذي تجاوز خط أوباما الأحمر وكان من المفترض أن يغير مسار الحرب السورية. قبل عامين من اليوم في ضواحي الغوطة الشرقية, أدى مقتل مئات المدنيين بغاز الأعصاب على يد النظام السوري إلى أن تكون كل من أمريكا وبريطانيا على وشك التدخل هناك.

ولكن بالنسبة لسكان كل من الغوطة الشرقية والغربية, وهي أراض زراعية تقع على بعد أقل من 10 أميال من مركز العاصمة, تحول الأمل بإنقاذهم إلى شعور مؤلم بتخلي العالم عنهم.

إن "مغير اللعبة" الذي أعلن عنه جعل حياتهم أسوأ بكثير.

لا زالت أكثر من 100000 أسرة تقبع تحت الحصار والنار والنسيان. تدفق الأشخاص والبضائع يخضع لقيود ثقيلة تفرضها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد. يصف السكان وضعهم بأنهم يعيشون في سجن مفتوح معرض باستمرار لخطر لهجوم.

يقول عمار أحمد, وهو من السكان المحليين الذين نجوا من هجوم الغاز عام 2013 :" الحصار يقتلنا والمجتمع الدولي متواطئ بصمته".

الأحد الماضي, قتلت طائرات النظام الحربية 111 شخصا في سوق مزدحم في عاصمة الغوطة الشرقية الإدارية, دوما. قبل أيام من ذلك, ألقيت قنابل شبيهة بقنابل النابالم على ضاحية مجاورة لها.

تقول حكومة الأسد إن الهجمات استهدفت جماعات متمردة محلية. وجد تحليل للضربات الجوية نشرته منظمة العفو الدولية الأسبوع الماضي أن المناطق المدنية غالبا ما تضرب دون أن يكون هناك أي هدف استراتيجي في الجوار.

يقول نيل ساموندس, وهو باحث مختص في الشأن السوري في المنظمة :" الوضع كارثي, الهجمات المباشرة على المدنيين هي أسوأ أشكال جرائم الحرب".

عندما تشن الغارة, فإن المراكز الصحية نفسها تعجز عن التعامل مع الوضع. يقول أطباء محليون إن الأدوية والمعدات تنفد بصورة خطيرة. أدى الحصار إلى تضخم كبير في أسعار الوقود, مما يضع أقارب الضحية في وضع حرج جدا لأن الذهاب إلى مستشفى ميداني مؤقت يمكن أن يكلف أكثر من متوسط الراتب الشهري الذي يحصل عليه السكان.

عندما ضربت صواريخ السارين  بيوت أشخاص مثل السيد أحمد العام الماضي, قال قادة الغرب إن الأسد قد تمادى جدا. وصف الرئيس أوباما سابقا استخدام الأسلحة الكيماوية بأنه تخط "للخط الأحمر".

ليس للسارين طعم أو رائحة, ولهذا فقد بدأ الناس يعرفون أنه استخدم في الساعات الأولى في 21 أغسطس 2013 عندما بدأ الضحايا بالسقوط. تشير تقديرات موثوقة إلى أن عدد الضحايا وصل إلى ما بين 500 إلى 1000 قتيل.

يقول براء عبد الرحمن, وهو شاهد عيان أشار إلى العثور على جاره ملقى بين جثث عائلته :" رأيت الموت في كل مكان". لقد رجع الرجل إلى منزله ليرى أسرته جميعها في عداد الأموات.

ويضيف :" عائلات كاملة أبيدت. لقد وضعوا أرقاما على جباه جميع الجثث حتى تم التعرف عليهم من قبل أقربائهم. بعض الجثث لم يتم التعرف عليها مطلقا لأن الأسر التي ينتمون إليها قتلت بالكامل".

لقد كان أسوأ استخدام لغاز الأعصاب منذ أن قتل صدام حسين 5000 كردي في مدينة حلبجا قبل 25 عاما. مقاطع الفيديو التي صورت في مستشفيات الحي أظهرت مئات من الجثث الشاحبة, التي اختنقت حتى الموت.

عندما دخل السيد أحمد ذو ال30 عاما إلى قبو مسجده المحلي, وجد جثثا متناثرة في جميع أنحاء المكان. وقال :"حاولت أن أحمل رجلا على الدرج, ولكن الغاز أصابني. حاولت مرة ومرتين وثلاثة, ولكن في كل مرة كنت أفشل".

محمية من قبل حلفائها في روسيا وإيران, استبقت سوريا التدخل الأجنبي من خلال الوعد بالتخلص من برنامج الأسلحة الكيماوي.

يشتبه الخبراء منذ وقت طويل أن النظام أبقى احتياطيات من الأسلحة في أماكن غير معروفة, بداية هذا العام وجد المفتشون الدوليون آثارا لكيماويات استخدمت لصناعة السارين وغاز الأعصاب (في إكس) في منشأة عسكرية.

الكثيرون يرون الآن بأن قرار عدم التدخل شكل اللحظة التي لم يعد فيها بإمكان الغرب التحكم بمخرجات الحرب في سوريا. عدم التدخل, ترك المجال مفتوحا للجماعات الإسلامية المسلحة الأكثر تطرفا, من بينها الدولة الإسلامية في العراق والشام, تسيطر على الصراع ضد النظام".

يقول حسان حسان, وهو باحث مشارك في معهد كاثام الدولي في لندن :" دوليا أرسل التقاعس وعدم التحرك رسالة مفادها أن الطغاة يمكن أن يحصلوا على أي شئ يريدونه تدريجيا".

وأضاف :" لهذا السبب وأحداث أخرى أساسية حصلت ظهرت داعش على المسرح, مستفيدة من الانقسام, والمفارقات وانعدام الثقة الذي سيطر على سوريا منذ 2013".

بعد عامين, وبعد أن تغيرت الرؤية الدبلوماسية تماما مع دخول الصراع عامه الخامس, فإن ما لايقل عن 250000 شخص قتلوا وخبت الآمال في التوصل إلى حل في جميع أنحاء البلاد.

كما أن وحشية الحياة في ظل حكم داعش موثقة تماما. ومع ذلك فإن نظام الأسد لا زال يمثل القاتل الأكبر للمدنيين. وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن أكثر من 8000 شخص قتلوا على يد قوات موالية للحكومة بين يناير ويوليو من هذا العام لوحده فقط.

نظام الأسد مستمر في شن هجمات كيماوية على المناطق التي تقع تحت سيطرة المتمردين, باستخدام الكلور هذه المرة. في إبريل, ذرف أعضاء من مجلس الأمن  الدموع وهم يرون مقطع فيديو لما يبدو انه هجوم بالكلور شمال غرب سوريا.

قال السيد عبد الرحمن يوم الجمعة بأن الناجين من هجوم الغوطة ليس لديهم أي وهم  تجاه تأثير تقاعس المجتمع الدولي. وأضاف :" نعرف تماما من قتل أطفالنا. الآن لدى النظام الضوء الأخضر لقتلنا". 

وسوم: العدد 630