شهامة

في ليلة من ليالي يوليو خرج أربعة فوارس من إحدى مزارع يوركا يعلون متون جيادهم في هيئة حسنة ، ومضوا في الطريق الرئيسة لبلوغ الجادة الموصلة إلى سان أنطونيو دي بلين حيث توقفوا هناك . قال أحدهم :

هنا يجب أن نفترق ! وأردف باحثا عن يد صديقه في الظلمة : حظا طيبا يا رامون ! فرد رامون في صوت يرتجف انفعالا: وداعا يا سلفادور ! وداعا ! وتلاز الصديقان دون أن يطلق أي منهما يد صديقه حتى تلامس ركابا جواديهما فتعانقا في حرارة قائلين : وداعا ! وداعا ! حظا طيبا ! وبعد عناق أخير مديد مشحون بالوجد

سارا في اتجاهين متغايرين يرافق كل واحد منهما أحد الفارسين اللذين شهدا منذ قليل منظر الوداع الحزين .

فأما اللذان سارا في الطريق الرئيسة فما شط بهما المسير ؛ لأنهما وقعا عند نهر سرويلاس في قبضة مفرزة من

الجند نقلتهما أسيرين إلى ثكنة أليجويلا . وواصل الهاربان الآخران سيرهما في جادة سان أنطونيو يحالفهما حظ

خير من حظ رفيقيهما . وحالت ظلمة الليل دون معرفة اتجاه مسيرهما حتى تعين أن يعتمدا على غريزة جواديهما

لتحاشي الأماكن السيئة أو للخروج منها عند الوقوع فيها . ولحسن حظهما لم يهطل المطر ، ولو هطل لأضاف عقبة أخرى تمنع السير الحثيث الذي حتمه الموقف الصعب الذي ألفى سلفادور مورينو نفسه واقعا فيه ؛ لأن البحث عنه كان جاريا في حماسة لدوره في الهجوم الذي وقع البارحة على محافظة كوارتل في سان خوزيه . لقد

فشلت الانتفاضة الثورية بسبب غلطة  الذين تعين عليهم جلب الرجال من المدن القريبة لتسليحهم بعد استسلام كوارتل ، وبسبب محاصرة الرجال الآخرين . لم يظهر أحد من الثوار في اللحظة الحرجة ، وأما القلة من الرجال البواسل الذين باغتوا جنود الحامية في الثانية فجرا فاضطروا عند الصباح للتخلي عن هجومهم الذي كلفهم دما غزيرا . لم يجب سلفادور عن الأسئلة التي كان مرافقه يوجهها إليه بين الحين والحين ؛ فقد عاش مرة أخرى

_ مستغرقا في خواطره _ الدراما الدامية لأحداث الليلة الماضية ، وعاش خلال تلك الخواطر الاجتماع الذي

انعقد في بيت أحد المتآمرين ، والانتظار الباعث على الكدر لأولئك الذين لم يأتوا ، والخوف من الخيانة ، وصنوف الريب والتردد التي حفلت بها الساعة الأخيرة ، وأخيرا لحظة الزحف حين فتح أحد الخونة بوابة كوارتل ، والقتال اليدوي مع الحرس ، وبسالة الضباط الذين واجهوا الموت في ثكناتهم . وكان أكثر ما آلمه صورة الملازم الشاب الذي جرى صاعدا وسيفه في يده لمساعدة رفاقه ، فما كان من سلفادور إلا أن أسقطه

برصاصة من مسافة تقصر عن ذراع . حاول  دون فائدة إقناع نفسه بأن ما قام به عمل حربي مشروع ، فصرخ

صوت داخلي في محكمة ضميره محتجا على الدم الذي أريق . كان سلفادور مورينو إنسانا نقيا فائق الحساسية

يرى وحشية القوة أمرا بغيضا ، وفي نفس الوقت لم تكن روحه العالية الهمة الصلبة العزم لتنحني للاستبداد السياسي الذي يفتك بنا مثل قرحة مزمنة مخزية . وقد توقع خلال المؤامرة زوال النير الثقيل والانتقام لكرامة

وطنه وانتصار الحرية ، وبدت له التضحية بحياته هينة في سبيل تلك الغايات . وهو يشعر الآن بأسى كبير بعد

أن اختفت أوهامه الوطنية اختفاء رؤى حلم بهي حالَ صحو النائم . وإن قلبه ليخفق غضبا من أولئك الذين أفشلوا

المحاولة الجريئة بخيانتهم . وفكر نادما ندما عميقا في رفاقه الذين ضحوا بأرواحهم دون نفع . فكر في ألم الشاب

المقدام الذي حمله من كوارتل بين ذراعيه جريحا جرح الموت . مرقت أحداث المعركة في خاطره جلية دقيقة . كان بعضها وحشيا يليق بالهمج وبعضها يبعث سخرية لا سبيل إلى مقاومتها ؛ مثل حادثة ذلك المزهو الذي انسحب من بوابة كوارتل بحثا عن مسدسه الذي تظاهر بنسيانه . ومن الأحداث التي لا  سبيل إلى مقاومة ما فيها

من سخرية وأسى مشهد الملازم الذي هوى دون أن يصرخ ويده فوق صدره ، ثم عقب ذلك شعور اليأس عند الفشل ، والتقهقر فجرا في شوارع العاصمة الخالية ، وساعات التحسر المديدة أثناء الاختفاء مع رامون سوليزر

تحت بعض الأكياس في منزل ريفي لأحد الأصدقاء حيث راحا يتسمعان أصوات الذين كانوا يبحثون عنهما ، وأخيرا ليلة الالتجاء ، والفرار السريع ، والغد القاتم الذي يشابه في كلوحته غضب الحاكم المستبد إذ يهتاج . واتفق الهاربان _ تعزيزا لهربهما _ على اتخاذ سبل متباينة ؛ فاختار سلفادور مورينو الطريق المؤدية إلى

بونتاريناس مجتازا سان أنطونيو بلين ومن بعدها سهول كارمن ، وآثر رامون طريق كارلوس آملا البحث عن

ملاذ في جامايكا برا حيث تقرر أن يلتقي الصديقان إذا نجح سلفادور في الإفلات من يقظة سلطات الميناء . وقد

صاحب كل واحد منهما مرافق موثوق يعرف البلاد وسبق له إثبات أهليته . كان القدر هو الفيصل في الأمر وسبق أن رأيناه في صف سلفادور مورينو الذي بلغ الطريق الموصلة إلى بونتاريناس في الواحدة فجرا دون

ملاقاة أي إنسان بينما راح صديقه المصفد في سجنه يتلو الأدعية لنجاحه في الإفلات من مطارديه . اجتاز سلفادور أتيناس في الساعة الثالثة ، وبلغ مع مرافقه سان ماتيو في السادسة صباحا إلا أن الجوادين ما عادا

قادرين على التحمل . وكان جانب من خطة الهارب يوجب أن يمضي النهار في منزل صديق مأمون في سهول

سربرس وإن كان ذلك صار الآن غير متاح لإعياء الجوادين وخطورة التعرف على المتآمر الشاب عند المرور

من القرية مع أنه كان يلبس ملابس شخص ريفي ، ومن ثم لزم اتخاذ قرار . قال الدليل : سيد سلفادور ! على

بعد ثلاثمائة ياردة يسسكن رجل من معارفي لك أن تثق فيه . يمكننا أن نترجل هنا إن شئت ، وبهذا لا نضطر إلى

المرور من سان ماتيو نهارا . قال سلفادور : رائع جدا . لنذهب إليه ! حث الرجلان جواديهما وبعد دقائق يسيرة

بلغا منزلا قائما على بعد هين من الطريق ، فدخلا من البوابة الخالية من القضبان يحييهما نباح ثلاثة كلاب جِراب نحاف ، وسببت الجلبة بروز عجوز ريفي بدين في شرفة المنزل . قال الدليل : طاب يومك يا نور خوزيه ! رد العجوز : طاب يومك يا بدرو ! كيف الحال ؟ _ عال . وأنت كيف حالك ؟ ما حال البنات ؟ _ خير حال . مشكور . لماذا لا تنزل قليلا وتستريح ؟ ترجل الدليل ، وسقط سلفادور نصف ميت من الإعياء فوق المقعد الخشبي الطويل الموجود في الشرفة . ووقت أن كان يمد رجليه المتألمتين حل نور خوزيه وبدرو سرجي الجوادين . أسر بدرو إلى العجوز بأن صاحبه هارب من البلاد ، وحكى له في عجلة قصة صاغها في الطريق

محورها مشاجرة ومض خلالها بريق المُدى في الهواء ، ولم يلح العجوز لمعرفة التفصيلات ، ووعد بكتم أمر ضيفيه اللذين طرقاه على غير انتظار . مضى بدرو بالجوادين إلى المرعى ، وقبل سلفادور مسرورا القهوة

التي قدمتها إليه صغرى بنات نور خوزيه الذي كان فخورا بأن زوج بنته هو مدير شرطة سان ماتيو الذي

تزوج كبرى بناته ربة الحسن مثلما نعتها الناس . ولما لحظ العجوز أن ضيفه نعسان قاده إلى سرير نقال

ليستريح . وفي خمس دقائق كان الهارب غارقا في النوم مثل خشبة ، وأقبل الليل دون أن يصحو من نومه العميق

الذي استغرق فيه وقد سرى الألم في عظامه وتراخت أعصابه للإعياء والانفعالات التي تحملها . واغتنم بدرو الوقت لتحميم الجوادين في النهر القريب وتقديم علف جيد لهما من القمح . وبعد الانتهاء من ذلك غفا ساعتين

كانتا كافيتين لإعادة القوة اللازمة لعضلاته . ولأن الساعة لم توافِ الثانية عصرا فقد شارك مضيفه في غدائه القليل . وحين سمع أجراس كنائس سان ماتيو تدق عزم على إيقاظ  سلفادور الأمر الذي لم يكن سهلا ؛ فقد استحال مغالبة الغيبوبة التي تملكته رغم كثرة هزه لجسمه . وأخيرا فتح عينيه يتلفت حوله ناعسا دون أن يدرك

شيئا حتى جعله صوت بدرو الملح على ضرورة الترحال يتذكر حقيقة الموقف ، فنهض مستصعبا النهوض

؛ فكل حركة أحدثها حركت ألما هاجعا في بدنه الذي كان أصلا مستثارا بسبب من شعوره المتوجع المحموم .وجلبت كأس كونياك صغيرة التأثير المراد ، وأخذت رائحة الطعام الذي قدم قبل صحوه تذكره بأنه ما أكل منذ ساعات طوال . وخلال التهامه لحم الدجاج الذي طهته ابنة خوزيه بطلب من بدرو راح خوزيه يرقب سلفادور

من قرب . ولأنه حصيف فطن بالفطرة ؛ فقد تنسم رائحة الحقيقة وهي أنه تحت السترة القصيرة يختفي رجل لم يألف لبسها . ودلت خدمة بدرو لسلفادور والاحترام الذي كان يكلمه به أنه ( سلفادور ) ينتمي إلى طبقة اجتماعية

أسمى مما توحي به ملابسه . كان هذا جليا إلا أنه عند تدبر الأمر حسنا يمكن التساؤل : ماذا يعني خوزيه من شأن هذا الغريب كائنا من يكون ؟ وأكدت ورقة خمسة الدولارات التي وضعها سلفادور في يد العجوز

صحة شكوك الأخير توكيدا نهائيا . وعقب وقت وجيز دخل بدرو ليقول إن الجوادين معدان للرحيل ، فعصر

سلفادور في حرارة يد مضيفه الذي ساقته الصدفة إليه ، وكاد المضيف يقع أثناء تحياته وتمنياته لهما بسلامة

الرحيل . كانوا خرجوا إلى الشرفة حين صعد إليها جريا فتى يقول إن ابنة خوزيه الكبرى معتلة علة شديدة ؛

لتعرضها لسقطة وبيلة العواقب ؛ لأنها كانت على شفا الولادة . ذعر العجوز ذعرا شديدا ، وحاول سلفادور

تهدئته ناصحا إياه باستدعاء طبيب . رد نور خوزيه جم الغم : ليس عندنا طبيب هنا ، وحتى يصل واحد من أليجويلا قد تكون البنت ماتت . ولم يتردد سلفادور _ الذي كان طيب القلب _ لحظة فقال : لنذهب ونرها !

أنا طبيب . حار العجوز ماذا يقول لدهشته ومسرته حتى غمغم أخيرا دامع العين : ليأجرك الله يا سيدي !

ليأجرك الله !  واغتنم بدرو الذي كان جلي القلق ذهاب الريفي لجلب قبعته واستدعاء ابنته ؛ فهمس في أذن سلفادور بأن المريضة زوجة مدير الشرطة الذي لابد أن لديه أوامر بالقبض عليه . قال سلفادور : لا ضير

يا بدرو ! واجبي ألا أدع هذه المرأة المسكينة تموت . بنا حالا ! وسمع العجوز الذي رجع عجِلا الكلمات

الأخيرة ، فقال في صوت خفيض : ليأجرك الله يا سيدي ! وأردف بدرو العجوز خلفه وأردف سلفادور

بدوره البنت . وبعد ربع ساعة من السير السريع توقف أربعتهم أمام مكتب مدير الشرطة .كان المنزل يزدحم

بالجيران الذين يثرثرون . جاؤوا مسلحين بأدوية ناجعة يتوقون لتقديمها للمريضة . وتجمع أصدقاء مدير الشرطة

في حجرة الطعام حول زجاجة خمر روم بيضاء ، وتحدثوا حديثا عاقلا _ حرصا على تعزية مدير الشرطة _

عن حالات مشابهة لحال زوجته انتهت نهاية سعيدة . ولما درت المريضة وصول والدها وأختها أنت أنة عادَة نفسها في حال موت نظرا لأن هذه المرة الأولى التي تنجب فيها . هتف العجوز مخاطبا في تأدب الهارب  

الذي لم يلحظه أحد حتى الآن وسط الهرج العميم : ادخل يا طبيب ادخل ! وقد حسبه الحضور _ بالحكم على ملابسه _ واحدا من دجالي الريف الذين يعتاشون على جهل الريفيين وجشعهم للكسب . فحص سلفادور

المريضة في عناية ، واقتنع رغم خطر الحالة بأنه ليس من الصعب إنقاذها ، فاتخذ الإجراءات التي استدعاها

الظرف دون أن يضيع الوقت . ومنذ تلك اللحظة لم يفكر إلا في حياة المخلوق الصغير التي كانت تعتمد على عنايته . وذكره بدرو مرارا بالخطر العظيم الذي كان يعرض نفسه له في ذلك المنزل ، ولكن دون فائدة ، فلم

يستطع شيء دفعه إلى الانسحاب . وبعد أن زاد اطمئنان نور خوزيه ومدير الشرطة لسماعهما رأي الطبيب ؛

انضما إلى عصبة الأصدقاء الذين أثنوا من قبل على زجاجة خمر الروم الأولى حتى إذا انفتحت الزجاجة الثانية

بدأت الألسنة تنطلق ، واكتسب الحديث حيوية افتقدها في مستهله ، فتحدثوا عرضا عن الثورة التي وقعت منذ وقت قريب ، فطلب منهم نور خوزيه أن يخبروه ما حدث ؛ لأنه كان يجهل أمر الثورة جهلا تاما للعزلة التي يعيش فيها . واستمع إلى ما قصوه في شغف واهتمام ، ولما علم أن محافظة كوارتل هي التي هوجمت سأل زوج

ابنته عما إذا كان لديه أخبار عن ابنه رفائيل الذي كان أحد جنود الحامية ، فأجاب مدير الشرطة : لا أعرف شيئا . لا أحسب أن ثمة أخبارا ماداموا لم يرسلوا لي أي كلمة . وعلى كل سأبرق إلى سان خوزيه للاطمئنان على رفائيل . بيد أن الرسالة لم ترسل إلى مكتب البريد بعد كتابتها .لم يترك سلفادور مريضته ، وكان يشجعها بكلمات سارة على احتمال آلامها في قوة وتجلد . كان بترو يراقب الشارع  متوترا قرب الجوادين اللذين راحا يغفوان مطرقين برأسيهما . وفي العاشرة ليلا وصلت إلى مدير الشرطة برقية مطولة ارتجفت يداه قليلا أثناء قراءتها .

وفجأة انطلقت من فمه صرخة مدوية نهض الحضور عند سماعها كأنما ليسألوا عن علتها إلا أن مدير الشرطة قاد حماه إلى حجرة قريبة دون أن ينطق كلمة ، وأعلمه دون تمهيد بأن ابنه قتل في هجوم البارحة ، والمعتقد أن الطبيب سلفادور مورينو هو قاتله ، ومن ثم فهو يحاول الآن الفرار من البلاد . انهار العجوز المسكين مترنحا فوق أحد المقاعد يبكي موت ابنه بكاء مريرا . وقام بعد لحظة وفي وجهه غضب لا يوصف وقد جفت الدموع

في عينيه اللتين صارتا تبرقان شبه قطع الفحم الملتهب المحمر . تمتم أجش الصوت : سلفادور مورينو ! لن

أنسى هذا الاسم . قال مدير الشرطة : سمعت به . أظنه اسم طبيب عاد أخيرا من أوروبا . وقاطعت إحدى الجارات حديثهما بالنبأ السار عن ولادة طفل قوي وسليم ، فنويا كلاهما الدخول لرؤيته إلا أن الوقت لم يحن

لذلك . وما كاد بدرو المستديم التوتر يسمع النبأ حتى ذهب يبحث عن نور خوزيه ليسأله تذكير صاحبه  وجوب

الرحيل . قال ناسيا استعمال الاسم المزيف : قل للسيد سلفادور إننا تأخرنا جدا . ،وإنني أنتظره ! جمد العجوز لسماع الاسم ، ثم صاح ساخطا : السيد سلفادور ! السيد سلفادور مورينو ! هذا اسم الطبيب . أليس اسمه ؟ !

_ نعم . أقال لك ؟ لم يجب نور خوزيه . قصد إحدى زوايا الحجرة حيث كانت مدية مسنودة إلى الجدار ، فاخترطها من غمدها ، ومضى إلى شقة ابنته وفي وجهه ميسم ضراوة ما سمع مثلها من قبل . فتح الباب

تلك اللحظة . كانت الأم راقدة في السرير كثيرة الشحوب إلا أن عينيها وشفتيها كانت كلها تبتسم . كان

سلفادور يغسل الوليد الجديد في طست مشمرا كميه منهمكا في عمله . وعند رؤية ذلك المشهد أحس الوالد

الساخط موجة شعور سخي تغزو قلبه : هذا الرجل قتل ابنه رفائيل ، هذه هي الحقيقة المروعة ، ولكن نفس

الرجل الذي سفك دم رفائيل أنقذ الآن بضعة من نفسه مغامرا بحريته وربما بحياته ذاتها . وقف يرقب المشهد

الوادع والأم السعيدة والجيران اللهوفين المنشغلين والطبيب الذي يلاطف الطفل متحمسا ؛ ذلك الطفل الذي بدا

كأن صرخاته تسأل الصفح لمنقذ والدته . تراجع العجوز متئدا تاركا المدية تنساب من يده . وعقب لحظة تردد

مرر يده الخشنة على وجهه وقارب الهارب وقال له في صوت أجش مرتجف : سيد سلفادور ! أرجوك أن تنصرف حالا ؛ لأنك عرضة لخطر عظيم في هذا المنزل .

* للكاتب الكوستاريكي : ريكاردو جارسيا .

وسوم: 639