سفيتلانا الكسيفيتش : صوت الأحياء البيلاروس

clip_image002_c199e.jpg

 فازت الكاتبة والصحفية البيلاروسية سفيتلانا الكسيفيتش Svetlana Alksiovitch ، المعروفة بأعمالها التي تبحث في أعماق المجندات الروسيات  أثناء الحرب العالمية الثانية ومابعدها من مأساة مفاعل تشرنوبل النووي، بجائزة نوبل للآداب عن كتاباتها متعددة الأصوات، وكونها "صرحاً من صروح المعاناة والشجاعة في زمننا هذا "، حسب تعبير الأكاديمية السويدية.                                                              

السيدة الكسيفيتش، والتي تبلغ السابعة والستون من العمر،هي المرأة الرابعة عشر التي تفوز بالجائزة، وواحدة من القلائل المتوجين بالجائزة من غير الروائيين. ففي الوقت الذي كانت فيه اللجنة المختصة بمنح الجائزة تقوم بمنحها الى فلاسفة ومؤرخين بضمنهم برتراند رسل وونستون تشرشل، فأنه قد انقضى مايربو على النصف قرن منذ أن ولم يظفر بها أحد من غير الروائيين، وهي الجائزة التي يصنفها العديد أنها الأكثر اعتبارا في مجال الأدب.                                                       

    نال أختيار السيدة الكسيفيتش هذا، الثناء أذ يعد خطوة تصحيحية تأخرت طويلا، واللحظة الأفضل للصحافة بوصفها أحد الفنون الأدبية. أن لجنة جائزة نوبل بأختيارها أعمال السيدة الكسيفيتش جنبا الى جنب مع عمالقة الأدب العالمي أمثال غابريل غارسيا ماركيز وألبرت كامو وأليس مونرو وتوني موريسون، تكون قد أبرزت جنسا أدبيا غالبا مايعبر عنه بجسر المعلومات أكثر من كونه مجرد مسعى جمالي. أما سارة دانيس، السكرتيرة الدائمة للأكاديمية السويدية، فقد وصفت أعمال السيدة الكسيفيتش بالأنجاز الحقيقي ليس على مستوى المادة فحسب، بل على مستوى الشكل كذلك، وأن هذه الأعمال ترقى الى مصاف " تاريخ للعواطف- تاريخ للروح ".                                                                

     تستقي السيدة الكسيفيتش قصصها من حقائق تاريخية وحكايات تنتقل شفاها، وتتميز بخاصية غنائية فضلا عن أسلوب ومنظور على نحو من التميز. وهي معروفة بأبرازها أصوات النساء والرجال ممن عاصروا الأحداث الكبرى كأحتلال الأتحاد السوفيتي (سابقا) لأفغانستان للفترة من

 1979-1989، ومأساة مفاعل تشرنوبل النووي عام 1986، والتي قتلت فيها شقيقتها وأصيبت والدتها بالعمى. يقول عنها فيليب جورفيتش، وهو أحد كتّاب صحيفة (The New Yorker) وممن دعوا حكام جائزة نوبل الى أعتبار الفن اللاروائي بوصفه أحد أجناس الأدب، أن "ماتقوم به مترعُ بالأدب وأن صوتها الذي ينساب خلل أعمالها يفوق مجموع الأصوات التي جمعتها".  تشكل الحكايات الشفاهية المصدر الأساس للعديد من كتب السيدة الكسيفيتش ، وربما يكون أكثرها رواجا هو War’s Unwmanly Face  الذي صدر عام 1988، وهو يعتمد على مقابلات أجرتها مع المئات من النسوة اللائي شاركن في الحرب العالمية الثانية. وهذا الكتاب هو الأول ضمن سلسلة موسومة ب " أصوات المدينة الفاضلة" Voices of Utopia ، وهو يصور الحياة في الأتحاد السوفيتي (السابق) من زاوية نظر المواطنين العاديين.

      درست السيدة الكسيفيتش ، المولودة لأبوين أوكرانيين، الصحافة في الجامعة، وعملت بعد تخرجها في أحدى صحف مدينة  Brest، بالقرب من الحدود البولندية. بدأت عقب ذلك بالبحث عن شكل أدبي يتيح لها رصد حياة وأصوات الناس في قلب الأحداث التاريخية ، فأظهرت أنجذابا ملحوظا نحو الناريخ المحكي ( الشفاهي)، الذي يتيح لها تبنّي أصوات شخوصها تماما مثل الحرباء ومن ثم تقوم بعكس مدىً مغاير من التجربة. كتبت السيدة الكسيفيتش على موقعها تقول: " لطالما بحثت عن جنس أدبي يكون وافيا لرؤيتي عن العالم ويوصل الكيفية التي تسمع بها أذني وتبصر بها عيني الحياة ". وتمضي في القول " جربت كل شئ وفي الأخير أخترتُ جنساً تتكلم فيه الأصوات الأنسانية عن نفسها ". ثم تردف قائلة، " أنا لا أقوم بتسجيل تاريخ جاف للأحداث والحقائق، أنا أكتب تأريخاً للمشاعر الأنسانية" .     

وسوم: العدد 645