لهذه الأسباب لا يمكن لأمريكا أن تنجح في سوريا

جوي إل & دانيل دافيس

ناشيونال إنترست

سوف تدخل الحرب الأهلية السورية قريبا عامها السادس. لقد كانت ولا تزال من أكبر الكوارث الإنسانية غير المعترف بها، تأكد ذلك مؤخرا بالموت والدمار الذي نتج عن سيطرة النظام على حلب. بعد أن شاهدنا حالة الفوضى في عدة أماكن في سوريا، من الواضح أن الحرب ليست أقرب إلى نهايتها اليوم عما كانت عليه قبل 6 سنوات مضت، على الرغم من نشر مئات الجنود الأمريكان على الأرض ومليارات لدولارات التي قدمت كمساعدات. الصراع لن ينتهي بشروط يتم وضعها من الخارج، ولكن فقط عندما يتم التوصل إلى تسوية سياسية من قبل أولئك الذين سوف يعيشون في ظل نتائجها.

كلانا سافر بصورة مكثفة في جميع انحاء المنطقة منذ عام 2015، مع وجود أحدنا بين مدنيين غربيين آخرين في أكثر المناطق إثارة للجدل في سوريا. تضمنت هذه الزيارات مقابلات مع أطراف متنازعة تتراوح ما بين مسئولين حكوميين في دمشق إلى جماعات عربية وكردية معارضة في الرقة. إن عرض الوضع من وجهة نظر الصراع يبرز وبكل وضوح أسباب فشل مساعي الولايات المتحدة.

أولا، من المهم أن ندرك أن الحرب الأهلية السورية لا تشبه بحال من الأحوال النسخة الأمريكية من الحرب الأهلية "الشمال في مواجهة الجنوب". إنها أكثر شبها برؤوس الهيدرا (الأفعى) التي تتصارع مع بعضها البعض. قبل حوالي شهرين، كنت مرافقا ل روجا فيلات وهي قائدة قوات سورية الديمقراطية في عملية غضب الفرات، وهي الحملة التي تهدف إلى عزل الرقة. لاحظت خلال مرافقتي لروجا وبعد السيطرة على قرية الطويلة، شمال الرقة، أن هناك شعارا لأحرار الشام، وهي أكبر جماعة إسلامية معارضة في سوريا تحصل على تمويلها من تركيا، وتقاتل إلى جانب العديد من الجماعات التي تدعمها الولايات المتحدة. فسألت روجا:" هذه القرية كانت تحت سيطرة داعش لمدة عامين. لماذا يتواجد هذا الشعار هنا؟"  أجابت:" كلهم متشابهون".

من غير المستغرب أن يكون لدى روجا مثل هذا التصور. جماعات مثل داعش والنصرة وأحرار الشام وبعض جماعات الجيش السوري الحر ربما يواجه أحدها الآخر اليوم، ولكن من الصعب التمييز بينهم أيدلوجيا. استذكرت روجا أحداثا وقعت في سيريكينا وتل قشر وتل حميس، حيث تعاونت فيها كل هذه الجماعات مع بعضها ضد قواتها قبل أن  تبتلعها جميعها داعش أو أن تطردها بالقوة.

مناطق المعارضة التي تقع خارج سيطرة قوات سوريا الديمقراطية تعج حاليا بالجماعات المسلحة التي تتنافس مع بعضها للسيطرة على المنطقة. الجماعات الإسلامية يمكن أن تتحد مع بعضها البعض ضد عدو مشترك، ولكن الأمر عادة ما ينتهي بقتالها لبعضها البعض.

خارج تل السمان – التي بالكاد تبعد ألف ياردة عن خطوط مواجهة داعش الأمامية- التقيت مع أبو سياف، وهو قائد عربي في صفوف كتيبة شهداء الرقة التابعة للجيش السوري الحر. لقد كرر أبو سياف الكثير من ملاحظات روجا. فقد قال إن كلا من قادة فصائل الجيش السوري الحر وجبهة النصرة قريبون من داعش في الرقة. وأضاف:" بعضنا قاوم وقاتل، ولكن المتطرفين تغلبوا علينا". أبو سياف ومقاتلوه لجأوا إلى شمال الرقة أولا ثم وجدوا أنفسهم يقاتلون إلى جانب الواي بي جي، وهي ميليشيا كردية، في القتال في كوباني. حاليا، هناك الآلاف من العرب في صفوف قوات سوريا الديمقراطية يقاتلون إلى جانب قوات الواي بي جي الكردية.

ثانيا، على الرغم من تصور البعض، إلا أن الجيش السوري الحر هو عبارة عن مظلة كبيرة، وليس حركة متجانسة. في بداية الثورة كان هناك المئات من الجماعات التي تأسست ردا على الطبيعة القمعية لنظام الأسد. بعضها كان مكونا من أشخاص وطنيين محبين للحرية أرادوا العيش بسلام. وآخرون كانوا عبارة عن مجرمين أقرب إلى عصابات المافيا استفادوا من انهيار الأمن في الدولة لإثراء أنفسهم بصورة غير شرعية.

وباعتبار ما يجري حربا أهلية – بسبب تغير الولاءات المستمر للعناصر المناوئة للنظام- فقد كان التحدي الأكبر يتمثل في اختلاف وتضارب القوى الأجنبية التي تدعمهم: قطر والكويت والسعودية وتركيا والولايات المتحدة. حاليا، هناك عداوات كبيرة ما بين الجماعات التي يدعمها البنتاغون داخل قوات سوريا الديمقراطية والقوات التي تحظى بدعم السي آي أيه في حملة درع الفرات التركية.

إن حل هذه القضية يتم أولا بإدراك أنه لا يمكن فوز أي من الأطراف عسكريا في هذا الصراع.

الحل الوحيد لهذه الحالة المستعصية في سوريا سوف يتم الوصول إليه فقط من الداخل؛ على الولايات المتحدة أن تدرك أن تغيير النظام قضية خاسرة لن يكون لها حظ من النجاح.

على الولايات المتحدة ان تلتزم بزيادة جهودها الدبلوماسية المبذولة لمساعدة الأفرقة المختلفة على إيجاد حل قبل تزويدهم بالمزيد من السلاح والتدريب (لا يمكنك أن تخرج من النار عبر سكب البنزين عليها). الجهود المبذولة من قبل الإف بي آي والسي آي إيه والعناصر الأخرى من وزارة الأمن الداخلي يجب أن تستمر لضمان أن التهديدات من سوريا لا يمكن أن تصل إلى الولايات المتحدة. بالطبع على الأرض في سوريا، فإن الأكراد والعرب في قوات سوريا الديمقراطية يبدو أنهم الأكثر قدرة على هزيمة داعش. ولكنهم يجب أن يقاتلوا وأن يضمنوا مستقبلهم الخاص.

سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا خلال السنوات الست الماضية كانت عبارة عن فشل مستمر – كما هو عليه الحال في جميع أنحاء الشرق الأوسط تقريبا- لأنها انحرفت بشكل خطير عن كونها استراتيجية متماسكة، ناهيك عن المصالح الوطنية الحيوية لأمريكا، واعتمدت بصورة كبيرة على الأداة العسكرية لتحقيق بعض الغايات غير المعلنة وغير المعروفة.

لقد مضت فترة طويلة لمراجعة ما لا يمكن أن ينجح ووضع استراتيجية جديدة توفر فرصة جديدة للنجاح.