عطر الوردة

عاش تاجر ثري في مدينة صغيرة ، وكان إنسانا عطوف القلب ، يحب الإحسان إلى الناس . وكان له ابن وقع لسوء الحظ في صحبة زمرة سوء ، فنصحه مرارا بنبذ صحبتهم دون فائدة ؛ إذ قال له ابنه : رجائي لا تنصحني يا أبي بما يجب أن أفعله ! 

أعرف ما يصلح لي ، وأعرف ما ينبغي أن أفعل .

وقدم يوما إلى المدينة ولي عظيم الشأن ، فقصده الأب سائلا بركته ، وقال له : 

المصدر الوحيد لغمي وهمي هو ابني الفاسد ، رجائي ساعدني يا مولاي !

وتفكر الولي دقائق زهيدة ، أجابه بعدها : أرسل ابنك في الغد إلى معتزلي !

سأتكلم معه هناك .

وأرسل التاجر ابنه صبيحة الغد إلى معتزل الولي الذي يتنسك فيه ، فأمره بقطف وردة من حديقة معتزلة ، فنفذ ما أمر ، فقال له الولي : شم عطرها يا بني !

فشمه ، فأبدى له كيس قمح ، وقال : ضع الوردة لدى الكيس !

فاستجاب أمره . وطلب منه بعد ساعة أن يشم الوردة مرة ثانية ، فشمها وقال :

لا تزال رائحتها عطرة مثلما كانت .

فقال الولي : ام ! الآن ضع الوردة عند هذا الجَكَر ( سكر أسمر) !

فوضعها . وطلب منه بعد ساعة أن يشمها ، فشمها ، وهنا سأله : هل تغيرت ؟

فرد : كلا ، لها نفس رائحتها العطرة السابقة .

فقال الولي : اسمع يا ابني ! ينبغي أن تكون مثل هذه الوردة ! تهب الجميع العطر ، وفي الوقت ذاته لا تجعل الرائحة الخبيثة تنفح عليك من أي شخص ! شمائلك الحسان مصدر قوتك ؛ فلا تخسرها في زمرة السوء !

وأدرك الابن دلالة كلمات الولي وقيمة حكمته ، فقال : أعترف بجميلك يا مولاي في توعيتي .

وصار بعدئذ صالحا ، محبا للإحسان على شاكلة أبيه .

*عن موقع " قصص قصيرة جدا " الإنجليزي .

وسوم: العدد 736