الشرف

قعد الصبي والشيخ وحيدين في الظل الرائق الآمن للأغصان الخضر التي نمت كثيفة في الرحبة الخالية من الغابة الكثيفة الالتفاف . كان حفيف أوراق السنديانة العتيقة التي يقعدان في ظلها ناعما مبهجا ، والنسيم يسري حول الاثنين رقيقا حنونا .

قال الصبي الوسيم : " أبي العزيز ! ما الشرف الذي أرى الناس يهذون عنه ؟!

يهذون عنه في الحقل ، في الصومعة والدير ، في البر والبحر ،

في هبوب العاصفة ، وفي صمت القبر . يبحثون عنه في كل ما ذكرت ،

وما سمع أحد له صوتا ، وما رأى أحد له سمتا .

ألا ، أبتهل إليك ، أبن لي يا ابي معنى هذا الشرف ! " .

قال الأب : " هو اسم ، محض اسم يا بني . عاش في الزمن القديم

حين كان الناس بسطاء ، عواطفهم على الفطرة ، وكذلك لهوهم وشجارهم

الذي كان يبدو معارك متقدة الوطيس .

وحين كان المحارب المقدام ينحني بين يدي سيدته في درعه البارقة .

ذاك المحارب المغوار يثوي الآن ترابا أسفل رصيف الدير القديم .

بليت قلوب بواسل ذلك الزمن في ظلام القبور ،

واندثر عهد الفروسية ، واندثر معه الفرسان الأصلاء البسلاء ،

والشرف الذي كان يعني عندهم الحياة لا يخفق الآن في قلب أحد ،

وما بقي منه إلا ما يموه نزاع المقامر بزائف الذهب ،

أو ما يزين يمينا لا وفاء بها " .

*تشارلز ديكنز ( 1812 _ 1870) .

وسوم: العدد 736