قصص قصيرة جدا 13

 (1 )

 الملك الحقيقي

سمع ملك إيران أن بربال أحكم أهل الشرق ، فتاق إلى لقياه ، وبعث إليه يدعوه لزيارة بلاده .

فوصل في الموعد المضروب ، ودهش حين دخل القصر ، فرأى ستة ملوك لا ملكا واحدا ، بدوا متشابهين تماما ، وكل واحد منهم يلبس ملابس ملكية فخمة . ترى أيهم الملك الحقيقي ؟!

وحدسه فورا ، فتقدم منه واثقا ، وانحنى أمامه ، فسأله الملك متحيرا : كيف ميزتني ؟!

فابتسم وقال شارحا : جميع الملوك المزيفين كانوا ينظرون نحوك بينما كنت أنت تنظر أماما . العامة حتى في ملابسهم الملكية ينتظرون دائما العون من ملوكهم .

ففاضت بهجة الملك ، واعتنق بربال ، وغمره بمواهبه السنية .

 (2)

 مكيدة بمكيدة

كان جاران يتقاسمان حديقة واحدة ، وكان في الحديقة بئر يمتلكها أحد الجارين المسمى إقبال خان ، فطلب منه الجار الثاني شراء البئر لري زرعه ، ووقع الاثنان اتفاق البيع الذي امتلك ذلك الجار بموجبه البئر ، لكن إقبال تابع امتياح الماء من البئر بعد بيعها ، فأغضب جاره الشاري ، فقدم إلى الإمبراطور أكبر يسأله الإنصاف . فطلب أكبر من إقبال بيان علة امتياحه الماء من البئر بعد بيعها ، فأجابه بأنه إنما باع البئر ، ولم يبع ماءها !

فكلف أكبر بربال الذي كان حاضرا في المجلس بحل المشكلة ، فجاء بالحل قائلا لإقبال : تقول يا إقبال إنك إنما بعته البئر ، وفي الوقت ذاته تزعم الماء ماءك ، إذن بالله قل لنا كيف تستبقي ماءك في بئر إنسان لا تدفع له أجرا ؟!

وهكذا جابه بربال مكيدة إقبال بمكيدة مثلها ، فنال الجار الإنصاف ، ونال بربال جائزة نفيسة .

 (3 )

 قطرة العطر

حكايات الإمبراطور أكبر ومعاونه الوثيق بربال متعة نفس وإنارة عقل . ومن هذه الحكايات أن الإمبراطور تلقى مرة هدية عطر نادر ، وحين فتح الزجاجة هوت قطرة على أرض المجلس ، فتصرف على نحو فطري لاستعادتها بمسح الأرض ببنانه ، وخلال ما قام به رفع رأسه ، فرأى سيما تفكر على وجه بربال الذي بدت عيناه كأنهما تسخران من شدة حرص الإمبراطور ، وفي اليوم الذي تلا ما حدث دعا الإمبراطور بربال إلى حمامه لتغيير الفكرة التي كونها عنه لتصرفه ذاك .

وكلف خدمه بملء حوض الحمام بأحسن صنوف العطور ليوضح له أنه قادر بوصفه إمبراطورا على تحمل خسارة أي قدر من العطر مثلما يروق له . وطلب منه رد فعله على ما يرى ، فتمثل بالبيت : " ملء حوض ليس يكفي عوضا من قطرهْ " . لقد قصد أن يبين للإمبراطور أن تصرفه الفطري الأول الذي كشف فرط شحه لا سبيل له أن يمحى بتصرف جديد متعمد يستهدف بيان مضاء العزم ، وما هذا إلا لأن ردود أفعالنا العفوية هي التي توضح صفاتنا الذاتية ، وليس التصرف الذي نقوم به مضطرين متكلفين ، وأن الشفافية خير من لبوس الأقنعة التي نحبها ، فالحق الصواب أن كل فعل صغير أو ردة فعل صغيرة ، وكل كلمة نلفظها، وكل خاطرة نجليها ؛ تبين أوضح بيان ذواتنا الأصيلة الكامنة .

*موقع " قصص قصيرة جدا " الإنجليزي .

وسوم: العدد 752