على رصيف في شارع عربي (7)

د. عامر أبو سلامة

-         على فكرة، حديثنا يوم أمس، عن تصالح كمال وخلدون، أنسانا ما تكلمت به في بداية كلامك، عن الفكر الغبائي، وأصحابه الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويرددون الكلمات الجوفاء التي أخذوها من وسائل إعلام العدو.

-         دعك من هذا الكلام، صار قديماً.

-         والله، لن أدعك، حتى تشرح لي كلامك هذا، فإنه من يوم أمس، وهو يرن في أذني..........فما المقصود به، أرجوك؟

-         إلى هذه الدرجة صارت كلماتي مهمة؟

-         لقد أثرت حفيظتي، ونجحت بتشويقي لسماع ما عندك.

-         وهذه هي المرة الأولى التي..............

-         وأظن أنها الأخيرة، المهم تكلم.

-         أعني أولائك، الذين يدافعون عن النظام السوري المجرم، بحجة المقاومة والممانعة، والصمود والتصدي، وهذه الكلمات التي أصبحنا نمل سماعها، وصارت فعلاً اسطوانة مشروخة.

-         والحديث عن فلسطين والفلسطينيين.

-         وما إلى ذلك من كلام.

-         وما الجديد في الأمر؟

-         يؤلمني هذا ويجرحني.

-         بسبب؟

-         بسبب غباء هؤلاء، من جانب، وبسبب البحث عن مبررات للنظام، من جانب آخر.

-         وكأن الممانع والمقاوم- هذا على فرض صحة ذلك- يحق له أن يقتل ويذبح ويهدم، وينتهك الأعراض، ويرتكب الجرائم بكل صنوفها.

-         ولو علموا حقيقة الذي جرى ويجري، لغيروا قناعاتهم في هذا المجال.

-         زودني بمعلومة، أكن لك من الشاكرين.

-         حينما كان حافظ الأسد- عليه من الله ما يستحق- وزيراً للدفاع عام سبعة وستين، من القرن الماضي، أعطى معلومات للقيادة المصرية كاذبة( بلاغ كاذب) عن وجود قوات صهيونية على الحدود السورية.

-         يا له من خبيث ومجرم!!!

-         التقطت القوات المصرية الطعم، واتخذت إجراءات كلها كانت تصب في صالح العدو الصهيوني، قبل أن تتأكد من صحة الخبر، وكانت النكسة المشهورة.

-         وما زال بعض الناس، يشيد بهذا المجرم، على أنه بطل قومي!!!!

-         وهناك ما هو أخطر من هذا!!!

-         وما هو؟؟

-         أذاع حافظ الأسد- وكان وزير الدفاع آنذاك- بلاغ سقوط القنيطرة، قبل أن تسقط.

-         الله أكبر!! هذا خائن محترف.

-         وكان الجنود من قواتنا السورية، على مشارف طبرية، وعندما اتصل وزير الصحة عبد الرحمن الأكتع- وكان بالقرب من فيق- بحافظ الأسد، وقال له: أنا بالقرب من فيق، والقنيطرة لم تسقط بيد الصهانية!!

-         وماذا أجابه المجرم حافظ الأسد؟

-         رد عليه، بمجموعة من الشتائم الهابطة.

-         وعلم الناس أن الأمر مدبر ومخطط له.

-         وأنه قد صدرت أوامر من وزير الدفاع السوري، إلى قوات الجيش بالانسحاب من الجولان قبل الهجوم عليها.

-         وهل انسحب الجيش فعلاً؟

-         أكثرهم، قد انسحب( ويا غافل إلك الله)

-         ولم يكتشف ذلك أحد، في تلك اللحظة؟

-         بعض العسكريين رفض ذلك، وقاتلوا حتى استشهدوا في مواقعهم.

-         حسبنا الله!! ونعم الوكيل، على هذا المجرم، وما فعل.

-         والأنكى من هذا، أن مندوب سورية في الأمم المتحدة، أقر بإعلان سقوط القنيطرة قبل أن تسقط، لكن مندوب الصهاينة، كذب ذلك.

-         حقاً، إنه أمر مؤلم، وهل عندك تفصيل أكثر في المسألة؟؟؟

-         في كتاب( سقوط الجولان) لخليل مصطفى.

-         ومن هو خليل مصطفى؟

-         هو ضابط مخابرات سوري، كان شاهد خير على هذه الجريمة، وألف كتابه المذكور، وحكم عليه بالسجن ثلاثين عاماً.

-         ماذا ذكر في الكتاب؟

-         يتحدى مستشهداً برأي رجال الجغرافيا والتاريخ، وضباط الاستراتيجية العسكرية، أن تسقط هضبة الجولان المنيعة بالحرب، ويشير في القسم الثاني من الكتاب، إلى أمور منها.

-         تعني ليبرهن على أن المؤامرة كانت واضحة وجلية.

-         بالضبط.

-         فماذا ذكر؟

-         من هذه الأشياء- هروب قائد الجبهة أحمد المير، إلى دمشق يوم المعركة متنكراً على حمار، متحاشياً الركوب في سيارته العسكرية، لئلا يعرفه الجنود.

-         هذا جبان وخائن.

-         رفض رفعت الأسد وعزت جديد، القيام بالهجوم المعاكس لصد العدو، وعادا إلى دمشق، إلى القصور الآمنة بدمشق.

-         يا لها من قصة جارحة، وحوادث مؤلمة.

-         وهناك كثير من الفظائع التي ستتكشف مع الأيام.

-         هل تحفظ واحدة انكشفت مع الأيام؟

-         نشرت صحيفة الوفد، حوراً مع الدكتور محمود جامع.

-         ومن الدكتور محمود هذا؟

-         الطبيب الشخصي للرئيس السادات، والصديق المقرب منه.

-         وماذا قال في هذا الحوار؟

-         قال: يشهد الله أني أذيع هذا السر لأول مرة.

-         سر!!

-         نعم سر، هكذا قال، وهو كذلك.

-         قال الدكتور محمود: كنت في زيارة لسورية، بصحبة السادات، بتكليف من عبد الناصر، سنة تسع وستين، بهدف إجراء مباحثات مع الحكومة السورية برئاسة نور الدين الأتاسي، واصطحبني السادات إلى هضبة الجولان، ووقفنا على حافة مرتفع كبير، وقال: يا محمود سأذيع لك سراً قاله لي عبد الناصر.

-         إيش حكايتك اليوم مع الأسرار؟ كلها أسرار.

-         ماذا نصنع وقد حكمنا الأشرار!!

-         أكمل........أكمل، لنسمع ماذا قال عبد الناصر.

-         قال عبد الناصر للسادات: الجولان راحت ضحية صفقة، في يونيو سبعة وستين..............الجولان اتباعت بملايين الدولارات، التي أودعت في حساب خاص ببنوك سويسرا.

-         أكلها حافظ الأسد ومن حوله طبعاً.

-         وأضاف الدكتور محمود: إن السادات نظر وقال متسائلاً: يا محمود، إن إسرائيل مهما بلغت قوتها، لا تستطيع أن تسيطر على متر واحد من الجولان، لو دخلت حرباً حقيقية.

-         هذا نظام الممانعة، والصمود والتصدي، يبيع الجولان، ويتباكى عليها!!!.

-         هذا الذي يقتل القتيل ويمشي بجنازته.

-         المؤلم، موقف أولائك الناس الذين ما زالوا يصدقون، أنه لم يقتل القتيل، بل هو أم الولد في القضية الفلسطينية.

-         وغفلوا عن الذي حدث بتل الزعتر؟؟

-         وماذا حدث؟

-         سأحدثك عن هذا في لقاء آخر.

-         والله.......لن أتركك حتى تحدثني عن الذي جرى بتل الزعتر، سبحان الله!! تشوقني ثم تتركني!!! هذا أمر لا أقبله منك.

-         ولو كنت متعباً.

-         ولو قاربت على الموت....!!!!

-         حاضر، أمرنا إلى الله.

-         قل، وسيعينك الله.

-         في أواخر حزيران، عام ست وسبعين من القرن الماضي، بدأ حصار تل الزعتر.

-         من يسكن هذا المكان؟

-         أكثرهم فلسطينيون، وقليل من اللبنانيين.

-         حاصر جيش العصابة الأسدية، ومعه بعض القوى اللبنانية الظلامية، مخيم تل الزعتر.

-         كم دام الحصار؟

-         52 يوماً.

-         وبعدها ما الذي جرى؟

-         قصف المخيم ب55000 قذيفة، وارتكبت أبشع الجرائم وأفظعها، من هتك للأعراض، وبقر لبطون الحوامل، وذبح للأطفال والنساء والشيوخ، وذهب ضحيتها عشرا ت آلاف البشر.

-         يا لها من جريمة منكرة!!!

-         ويا ويل من يشهد لهذا النظام، بالممانعة والمقاومة!!!

-         هذه شهادة زور.

-         أو غفلة عن الحقيقة.

-         صدقت فالغفلة مرتع الشيطان.