حالات السيد صابر فقعتوني(2)

حالات السيد صابر فقعتوني(2)

تأليف : شريف الراس

-  المشهـــــد الســــــــابــع  -

 

الإنارة بالأضواء الزرقاء . في أقصى يمين المسرح . ردهة انتظار جدرانها جرداء و أرضها جرداء و ليس فيها إلا أربعة كراسي حديد عتيقة فارغة ، و السيد صابر جالس على كرسي خامس و هو مطرق يفكر ، و غير بعيد عنه يقف واحد من رجال ( العسس ) على باب غرفة مغلق . و هذا العسس طويل قاسي الملامح ، ينظر نحو السيد صابر بشيء من الحقد .

يُفتح باب الغرفة و يخرج منه السيد المدير المخيف حاملاً حقيبة دبلوماسية ، و لكنه ما إن يرى السيد صابر حتى يتوقف
فيسأل العسس

المدير : من هذا الإنسان ؟ ..

العسس : العفو سيدي .. هذا ليس إنساناً .. هذا مخلوق عجيب يريد أن يبتلينا بنفسه .. رأسه و ألف سيف لن يخرج
من هنا إلا إذا اعتقلناه .

المدير : عجيب ..  ( لصابر ) هل هذا صحيح ؟ .. من أنت ؟ .

صابر : ( ينهض ) أنا صابر فقعتوني يا سيدي .. حلاق .. مواطن إنضباطي .. طلبتموني بالهاتف فجئت .. هذه كل قصتي .. راجعت مختلف أنواع مكاتب الأمن و كلهم قالوا لي : ابحث موضوعك عند غيرنا .. أرجوكم يا سيدي إن كان موضوعي عندكم فلننته منه .. أريد أن أفتح الدكان .

المدير : ( للعسس ) معك حق .. هذا مخلوق عجيب فعلاً .. ( لصابر ) من الذي أرسلك إلينا ؟ .

صابر : جماعة الأمن الأرضي قالوا لي : اذهب إلى الأمن الجوي . أليس هذا مكتب الأمن الجوي ؟ ..

المدير : بلى .. و لكن ليس من أساليبنا أن نستدعي المواطنين بالهاتف . ( يذهب ) .

العسس : ( لصابر ) هل صدَّقت كلامي الآن ؟نحن لا نستدعي المواطن بالهاتف أبداً بل نداهمه وننهي موضوعه على الفور ...

صابر : و أنا ماذا أفعل ؟ .. أين أذهب ؟

العسس : هل راجعت المخابرات البحرية ؟

صابر : لا ...

العسس : و تدّعي بأنك مواطن فهمان ؟ .. هيا ... اذهب و راجع المخابرات البحرية فهم الذين طلبوك حتماً .

صابر : شكراً ( يذهب ) .

 

تنطفئ الأضواء الزرقاء .

         

-  المشهـــــد الثــــامــــــن  -

 

تضاء مقدمة المسرح فقط ، ريثما يزال الديكور السابق من يمين المسرح .

يدخل عشرة جنود مسلحين و يقفون بانتظام في مقدمة المسرح ، و وجوههم إلى جمهور المتفرجين ، و لكنهم واقفون مثل تماثيل ينظرون إلى السقف .

يمر جندي من يمين المسرح إلى يساره ، و هو يحمل صورة فوتوغرافية للزعيم الأعظم بثياب عسكري صدره مليء بالنياشين ، و الصورة محاطة بإطار ذهبي عريض . يهتف ( عاش الزعيم الأعظم ) الجنود ( عاش .. عاش .. عاش ) .

ثم يمضي فيختفي في يسار المسرح ..

يمر جندي ثان بالطريقة ذاتها و لكن الزعيم الأعظم في الصورة يرتدي ثياب فلاح .

يمر جندي ثالث بالطريقة ذاتها ، صورة الزعيم الأعظم في زي عامل .

يمر جندي رابع بالطريقة ذاتها ، صورة الزعيم الأعظم في زي أستاذ جامعي .

تطفأ الأضواء عن مقدمة المسرح فيتحرك الجنود العشرة و يتوزعون في أنحاء المسرح فنرى أنهم محيطون بسرير ضخم و فخم ، ينام فيه الزعيم الأعظم شخصياً ، و قد تم توزيع الصور على مدى المسرح ، فوضعت كل صورة فوق حمّالة ثلاثية الأرجل .

كل من الجنود واقف للحراسة و كأنه تمثال .. لا يتحرك أبداً .. ظهره إلى السرير .. تزداد الإضاءة فوق السرير وضوحاً فنرى الزعيم الأعظم يتقلب مضطرباً في نومه .

إنه يعاني من كابوس مزعج .. و على جانبي السرير جناحان من الخشب . على الجناح الأيمن زجاجات أدوية مختلفة ، و على الجناح الأيسر جهاز هاتف و لوحة رخامية أنيقة فيها حوالي عشرين زراً لكل زر لون .

الزعيم الأعظم المتقلب في فراشه يفيق مذعوراً و هو يلهث و العرق يتصبب من وجهه .. يتلفت مضطرباً . يبحث عن زر معين ليضغط عليه طالباً النجدة . يبحث حوله . يبحث عن الزر المطلوب بين زجاجات الأدوية التي يسقط بعضها على الأرض . يلتفت إلى لوحة الأزرار فيضغط أيَّ زر لا على التعيين .. إنه كالمجنون ..

صوت زمور الخطر الذي يزعج الدنيا عادةً في حالة التنبيه إلى غارة جوية متوقعة .

سيادته يتلفت حوله غاضباً .. لماذا لم يأت أحد إليه . الجنود يظلون كما هم ، و لا يتحركون أبداً .

يأتي رجل أصلع ، مرتدياً بيجامته . إنه في غاية القلق .

الأصلع : سيدي .. ماذا حدث سيدي ؟ ( يتحسس بيجامته بيديه خجلاً من الوضع ) لم أجد فرصة لارتداء ثيابي العسكرية سيدي .. ماذا حدث ؟ ..

الزعيم : تسألني أنا ؟ .. أنا الذي أريد أن أسألك ؟ .. ماذا حدث ؟ .. من هو الحمار الذي أطلق أصوات زمامير الخطر في هذا الوقت ؟ ..

الأصلع : العفو سيدي . فلا توجد أزرار في غير هذه الغرفة . ( يشير للوحة الأزرار ) فبأزرار هذه اللوحة تسيطرون سيادتكم على كل شيء .. حتى الغارات الليلية .. فنحن حسبنا حساباً لكل احتمال .

الزعيم : غارات ليلية ؟ .. و من يجرؤ على أن يُغير على القصر جواً .

الأصلع : العدو سيدي .. فربما فعلها العدو .

الزعيم : ما هذا الكلام ؟ .. هل صار الشعب يمتلك طائرات أيضاً و أ،ا لا أدري ؟ .. لماذا لم تخبروني بذلك ؟ ..

الأصلع : العفو سيدي .. تريدون أن نخبركم بماذا ؟ ..

الزعيم : إنكم لم تخبروني بأن الشعب صار عنده طائرات .. ألم تقل إنك متخوف من أن يُغير العدو على قصرنا ليلاً ؟

 

تســـدل الستـــــارة

         

-        المشهـــــد التـــاســـــــع  -

 

أمام الستارة المسدلة .

أم صابر تخرج من يمين المسرح فتلاحظ أن ابنها قادم باتجاهها في اللحظة ذاتها من يسار المسرح ، فيقف و تضع يديها على خاصرتها و هي تنظر إليه آسفةً على جهوده .. بينما صابر يمشي نحوها يجر ساقيه جراً من شدة التعب ..

يصل إليها :

الأم : طمئني يا ولدي .. هل وصلتَ إلى نتيجة ؟ ..

صابر : ( يهز رأسه بالنفي يائساً ) .

الأم : لا حول و لا قوة إلا بالله .. من أين جاءتنا هذه البلية ؟ .. كم مكتباً بقي عليك ؟

صابر : لا أعرف .. لكنني راجعت ستة مكاتب حتى الآن ، و اليوم قضيته على أبواب مكتب مخابرات الطيران و ألححت عليهم إلحاحاً شديداً فصرخوا بوجهي قائلين : يا أخي اذهب عنا .. حلّ عن سمانا .. نحن لم نطلبك فاذهب إلى غيرنا .. ثم نصحوني بأن أراجع مكتب الأمن الغذائي .

الأم : ( مستغربة ) و هل صار للأكل مكاتب أمن أيضاً ؟ ..

صابر : نعم .. الدنيا تطورت كثيراً يا أمي .. و نحن نتقدم .. صار عندنا مخابرات للأمن الغذائي ، و الأمن الصحي ، و هناك أمن نفطي و أمن غازي أيضاً .. هذا مختص بقناني البوتوغاز .. و لكن هذه المؤسسات لا تحبس الإنسان إلا بعد محاكمة .

الأم : و هل راجعتهم ؟ ..

صابر : في منهاجي أن أراجع أمن البوتوغازات في الغد .. لأن الدوام الرسمي انتهى اليوم .

 

صابر يتكئ على أمه و يخرجان معاً من يمين المسرح .

         

-        المشهـــــد العاشـــــــر –

 

ترفع الستارة ، فنرى الصور الأربع للزعيم الأعظم ما زالت في أماكنها و قد و ضعت أمام كل صورة طاولة مكتب صغيرة يجلس خلفها موظف مشغول بأوراقه أضابيره .

تخفت الإضاءة تدريجياً و لا يبقى مضيئاً إلا يمين المسرح حيث نرى ديكوراً يوحي بأنه غرفة جلوس في منزل أسرة متوسطة الحال . أثاث عادي بسيط .

على الجدار صورة كبيرة لرب الأسرة ( 35 سنة بثياب عسكرية ) و تحتها كتابة ( و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) .

تحت الصورة تجلس السيدة بهيجة ، ربة البيت ( 30 سنة ) مرتدية ثوباً أسود و قد غطت شعرها بمنديل أسود أيضاً ، و حولها أطفالها الثلاثة ، إنها حزينة ، و متعبة و هي جالسة مطرقة الرأٍ تصغي لحديث مختار الحي ، و هو رجل طاعن في السن و أمامه فنجان قهوة :

المختار : أظنك سمعت الأخبار يا أم أحمد .. ( يشير إلى صورة رب الأسرة ) بمناسبة عيد الشهداء .. مالك لا تبتهجين
يا أم أحمد ؟ .. ألف لحلوح مبلغ لا بأس به يا أم أحمد . قد يكون مبلغاً بسيطاً و لكن المثل يقول : بحصة تسند جرة .

( يقدم لها ملف أوراق معاملة رسمية ) .

السيدة الحزينة تأخذ الملف و هي تتنهد حسرة .

المختار : ها هي أوراق المعاملة لتقبضي المبلغ .. لقد أنجزت لك معظم المراحل لأنني أعرف ظروفك الصعبة ، و لأن هذا واجب عليّ فلقد كان المرحوم زوجك بطلاً حقيقياً و ضحّى بحياته في سبيل الوطن .. غداً تأخذين هذه المعاملة و تقبضين المبلغ لأن المعاملة باسمك شخصياً .

المختار : ( ينهض لينصرف ) : نراكم بخير .. أنا جاهز لأية خدمة  ( يذهب ) .

السيدة: كثَّر الله خيرك يا مختارنا ... ألف شكر ..

تنطفئ الأضواء عن هذا الركن من المسرح .

تسلط حزمة ضوئية على الموظف الأول .. ها هي السيدة بهيجة تأتي نحوه حاملة ملف المعاملة ..

الموظف : ( بمنتهى الجلافة دائماً ) نعم ؟ ..

السيدة : ( تقدم له الملف ) هذه المعاملة لو سمحت .. مكافأة شهيد .

الموظف : ( يلقي نظرة على الملف ثم يقول ) : هذه المعاملة ناقصة لا يمكنك أن تقبضي المبلغ .

السيدة : لكن مختار الحارة أخبرني بأنها كاملة .

الموظف : نحن هنا ننفذ أوامر رؤسائنا .. و مع احترامي لمختار حارتكم لا يعرف بأن كل صاحب معاملة يجب أن يدفع خمسين لحلوح ثمن بطاقة رياضية .. و إلا فإنني لا أستطيع أن أوقع على هذه المعاملة .. ممنوع .. تأتيني عقوبة .
هل تريدين ضرري ؟ ..

السيدة : ماذا يعني بطاقة رياضية يا حضرة الأفندي ؟ ..

الموظف : ( يضع يده فوق كدسة بطاقات حمراء موجودة أمامه على الطاولة ) يعني مباراة رياضية بكرة القدم .. يعني بالعربي الفصيح عليك أن تشتري واحدة من هذه البطاقات و تذهبي لمشاهدة المباراة .. ألا تحبين مباريات كرة القدم ؟ .. لاعبو فريقنا أبطال .. ألا تحبين أن تشجعي الأبطال الحقيقيين ؟ ...

السيدة : و لكن ثمن هذه البطاقة مرتفع جداً يا حضرة الأفندي  ..

الموظف : لأنها درجة أولى طبعاً .. سوف تجلسين مع كبار القوم و التجار و الأغنياء ..

السيدة : و لكنني لا أملك مثل هذا المبلغ .

الموظف : ( يعيد إليها ملف المعاملة ) اذهبي و دبّري المبلغ ثم ارجعي إلينا ..

السيدة تأخذ الملف حزينة .. و تقف مترددة .

تطفأ الأنوار عن الموظف الأول و تسلط على الموظف الثاني الذي كان يقرأ جريدة .. السيدة تذهب إلى الموظف الثاني و تمد يدها بالملف غير أن الموظف يقول لها من خلف الجريدة و من غير أن يأخذ الملف ...

الموظف الثاني : إذا كنت قد تبرعت هناك بخمسين ، فالتبرع هنا بمائة ..

السيدة : أي تبرع يا حضرة الأفندي ؟ ..

الموظف الثاني : ( يزيح الجريدة عن وجهه ) : أختي لا داعي لتضييع الوقت بطول الكلام ( يضع يده على كدسة
 بطاقات صفراء ) معك مائة لحلوح ثمن بطاقة أم تذهبين لتجلبي المبلغ ؟ بصراحة أنا لا أستطيع التوقيع ما لم تشتري بطاقة إنهم يعاقبوني .

السيدة : بطاقة ماذا يا حضرة الأفندي ؟ ..

الموظف الثاني : بطاقة لجميع حفلات مهرجان الفنون الشعبية .. رقص .. غناء .. تمثيليات فكاهية .. ألم تشاهدي الإعلانات عنها في التلفزيون ؟ .. هيه .. ماذا قررتي ؟ ...

السيدة : لكن مائة لحلوح مبلغ كبير يا حضرة الأفندي ..

الموظف الثاني : بل هو أقل من القليل إذا علمت بأن هذه البطاقة تخوّلك الحق بأن تشاهدي حفلات أسبوع المهرجان جميعاً أسبوع بحاله من الفرح و الفرفشة و الفن .. ألا تحبين أن تملأي قلبك بالفرح و الفرفشة ؟ ...

السيدة بهيجة تمدّ يدها فتسترد ملف المعاملة و تقف حائرة .

تطفأ الأنوار عن الموظف الثاني و تسلّط على الموظف الثالث الذي كان يحل كلمات متقاطعة ..

على مكتب الموظف الثالث أربع كدسات بطاقات ملونة ، كدسة خضراء ، كدسة حمراء ، كدسة رمادية ، كدسة صفراء .

الموظف : أهلاً و سهلاً .. قبل أن أرى الملف و أعرف موضوع المعاملة .. أحب أن ألفت نظرك إلى أننا هنا ، في هذه الدائرة نحترم حرية المواطن ..

السيدة : شكراً يا سيدي .

الموظف : لذلك فالمواطن حرّ تماماً ( يضع يده على كدسة البطاقات الخضراء ) يحب أن يتبرع لتمويل الحملة الوطنية الشاملة لمكافحة دودة القطن ، فيشتري بطاقة خضراء .. ( يضع يده على الكدسة الحمراء ) يحب أن يتبرع لتمويل جمعية حماية البيئة فيشتري بطاقة حمراء .. ( يضع يده على الكدسة الأخيرة ) و هذه بطاقات التبرع لإنشاء نصب تذكاري للشهداء .

السيدة : و لكنني أنا زوجة شهيد .

الموظف : أعرف .. أعرف .. و لذلك أحببت أن أساعدك .

السيدة : و كم ثمن البطاقة ؟ ..

الموظف : أنت و شهامتك .. لكننا لم نتلق تبرعاً أقل من خمسمائة لحلوح ..

السيدة تنسحب يائسة ...

تطفأ الأنوار عن الموظف الثالث .. تسلط الأنوار على الموظف الرابع الذي نراه نائماً . و فوق رأسه لوحة ( الصندوق ) ..

تطفأ الأنوار عن الموظف الرابع ..

يضاء الجانب الأيمن من المسرح ..

غرفة الجلوس في بيت الأسرة ، المزينة بصورة الشهيد و الآية القرآنية الكريمة .

السيدة و أطفالها الثلاثة .. و مختار الحي .

المختار : لا تيأسي يا ابنتي .. بسيطة .. نقص المبلغ ثلاثمائة لحلوح يعوّضها الله

السيدة : لكن لائحة التبرعات الأخرى طويلة جداً يا مختارنا .

المختار : بسيطة يا ابنتي .. إستقرضي و ادفعي هذه التبرعات .. و حين تقبضين مبلغ الإعانة تسدّدين الديون ..

السيدة : لكن هذه الديون أكثر من مبلغ الإعانة الأصلي .

المختار : لا حول و لا قوة إلا بالله .

المختار ينهض ليمشي .. غير أنه يتوقف ليقول :

المختار : لست أدري كيف أعرض الموضوع . فأنا جئت إليكم لأخبرك بأنهم يطلبونك غداً في الساعة السادسة مساءً ، في قاعة الاحتفالات الكبرى ، لتشاركي في المهرجان الشعبي الذي تقيمه الجماهير لشكر الزعيم الأعظم .

السيدة : نشكره على ماذا يا مختارنا ؟ ..

المختار : تشكرونه على مكرمته النبيلة بدفع هذه الهبة العظيمة لأبناء الشهداء .

تنطفئ الأنوار .

 

تســـدل الستـــارة

         

-        المشهـــــد الحــادي عشــــــر  -

 

 

أمام الستارة المسدلة .. الصحفي الشاب الذي رأيناه في مشهد حفلة الزفاف يخرج من يمين المسرح نحو يسار المسرح حيث تقبل نحوه ، في اللحظة ذاتها ، خطيبته التي رأيناها في ذلك المشهد ..

الصحفي متحمس ، و هو يحمل جريدة و مجلة .

الصحفي : تفيدة .. أين أنت يا تفيدة .. لديَّ خبر مذهل يا خطيبتي العزيزة .. قَبَرنا الفقر .. جهّزي حقيبتك للسفر .

الخطيبة : إلى أين ؟ ..

الصحفي : إلى بلاد الإكوادور ، بلاد الذهب و النزوات الخيالية .. ( يهز الجريدة بيده ) هل قرأت الخبر ؟ ..

شيخ من أهالي الإكوادور اشترى مهرة صغيرة بسبعة ملايين فرنك ..! تصوري إذا كانت المهرة الصغيرة بسبعة ملايين إذن فكم ثمن الإنسان عندهم وكم إن الناس كلهم هناك أغنياء و مرفهون و سعداء ؟ ..

الخطيبة : سلامة عقلك يا حمدي .. الآن أغمض عينيك و حرّك يدك لتقع على أي حمار في الطريق و سله عن أفقر أهل الدنيا ، فيجيبك : الإكوادور .

الصحفي : بسيطة .. بدلاً من الإكوادور نسافر إلى السلفادور .. المهم أن نقبر الفقر .

الخطيبة : و لماذا السلفادور ؟

الصحفي : ( يهز المجلة في يده ) لأن أهلها أغنياء جداً .. و المثل يقول : رافق المسعَد تُسْعَد .. تصوري .. خبر فني هنا في المجلة يؤكد أن شيخاً سلفادورياً أحب أن يشارك بروك تشايلد في حفلة عيد ميلاده ، فصرف على ذلك مليون
دولار ..  يا للعظمة ..

الخطيبة تطرق مفكرة ..

الصحفي : مالك ؟ .. بم تفكرين ؟..

الخطيبة : الآن عرفت لماذا لم يحبسوك حتى الآن ... رغم أنك صحفي .. تعال معي ..

يخرجان معاً ...

         

-        المشهـــــد الثـــانــــي عشــــــر  -

 

ترفع الستارة .

الإضاءة باللون الأزرق .

باب خشبي أنيق و مزخرف يوحي بأنه الباب الخارجي لعمارة فخمة لا نرى منها شيئاً .. الباب منصوب في وسط المسرح ، وهو مغلق . و على جانبيه يقف حارسان مسلحان . يأتي السيد صابر ، و في اللحظة ذاتها ينفتح باب البيت و يُقْذفْ منهُ برجلٍ متورّم الوجه من كثرة الضرب ، و قبةُ قميصه ممزقة و شعره أشعث ، و يخرج خلفه رجل غليظ فيركله برجله فيتدحرج و يسقط ، ثم ينهض بصعوبة و يذهب و هو يلتفت خلفه مذعوراً .

صابر : ( للرجل الغليظ ) من فضلك يا أخ .. سؤال رجاءً ..

الغليظ : ( بتجهُّم ) نعم .. و ماذا تريد أنت الآخر .. هل عندك و شاية أو تقرير؟ ..

صابر : العفو .. أنا مطلوب من قِبَلِكُمْ .. اسمي صابر فقعتوني .. أنا حلاق .

الغليظ : أين الورقة ؟

صابر : أية ورقة ؟..

الغليظ : الورقة التي استدعيناك للتحقيق بموجبها .

صابر : إنني لم أتلق أية ورقة .. و إنما طلبوني بالهاتف .

الغليظ : نحن لا نطلب أحداً بالهاتف .. إذن أنت مطلوب لغيرنا .

صابر : ساعدني يا حضرة الأخ أرجوك .. فأنت واضح من تصرفاتك أنك رجل إنساني و تحب عمل الخير ، و أنا مواطن انضباطي لا أريد أن يظن الذين طلبوني بأنني لم ألبّ الواجب .

الغليظ : و ماذا تريدني أن أفعل لك ؟ ..

صابر : إذا كنتَ متأكداً من أنكم لا تطلبوني فدلّني على الجهة التي يجب أن أذهب إليها . أنا حلاق .

الغليظ : حلاق أو نجار أو سائس خيل .. كلكم متَّهمون . لكن ابحث عن تهمتك عند غيرنا .

صابر : أين .. لقد حفيت قدماي و أنا أراجع بقضيتي .

الغليظ : هل راجعت دائرة أمن كتائب النصر ؟ ..

صابر : لا .

الغليظ : إذن فاذهب إليهم .

صابر : شكراً .. كثَّر الله خيرك .. ( يذهب ) .

تطفأ الأنوار الزرقاء .

         

-        المشهـــــد الثــالـــث عشــــــر  -

 

الباب الخشبي المزخرف يبقى في مكانه بوسط المسرح ، و يضاف إليه على جانبيه لوحان ليوحي بأنه واجهة غرفة في قصر

و على كل لوح خشبي نرى صورة من صور ( الزعيم الأعظم ) ذات الإطار الذهبي العريض .

الحارسان يذهبان و تحل محلهما حارستان : فتاتان بالثياب العسكرية مسلحتان بالبنادق الرشاشة . في مقدمة المسرح نرى جندية ثالثة ( الآنسة فريحة ) مسلحة واقفة تتأمل جندية رابعة ( سوداء ) تظل تذهب و تجيء مفكرة و هي تنظر بين الحين و الآخر إلى باب الغرفة المغلق ..

هذه المجندة السوداء اسمها : مهلبية .

مهلبية : طال اعتكاف مولانا صاحب العزة هذه المرة .

فريحة : إنه ما يزال يفكر .. أنت تعرفين حالاته أيتها الرفيقة مهلبية .

مهلبية : لكن تفكيره طال كثيراً هذه المرة .. فنحن هنا منذ الصباح .

فريحة : حتى لو بقينا أسبوعاً فإنه لن ينهي اعتكافه و يخرج إلا بعد أن تتألق في ذهنه فكرة جديدة ، ثورية ، انقلابية ، جماهيرية ، عظيمة جداً ، لم يسبقه إليها أحد .

مهلبية : إنه مغرم بالأفكار التي لم يسبقه إليها أحد .

فريحة : لو كنتُ معتكفة معه يا عزيزتي مهلبية لألهمتهُ أجمل فكرة .

مهلبية : لكنك تعرفين جيداً أنه حين يتعاطى التفكير لا يحب أن يشاركه في خلوته أحد ، إذ كيف يستطيع أن يفكر وهو مأخوذ بالخلوة مع فتاة مثلك ؟ ..

فريحة : ( ترفع يديها بالدعاء ضجرة ) اللهم ألهم صاحب العزة أن .....

تتوقفان عن الكلام و تتعلق أبصارهما بمولانا الزعيم الأعظم الذي خرج من الباب غاضباً ،و هو في ثيابه العسكرية و نياشينه الكثيرة ، و عضلات وجهه متشنجة ، و قبعته تكاد تغطي عينيه ، و العرق يتصبب منه .. و ها هو يمشي نحوهما
صامتاً مطرقاً .

الزعيم ( بكلمات مبتورة دائماً ) آنسة مهلبية .

فريحة : لبيك صاحب العزة .

الزعيم : اطلبي لي أقطاب التفكير في الحال .

فريحة : حاضر ( تنادي باتجاه يسار المسرح ) فليأت أقطاب التفكير في الحال ...

صوت رجل خلف الكواليس : فليأت أقطاب التفكير في الحال ...

الزعيم يذرع المكان ذهاباً و إياباً و هو مطرق الرأس ..

فريحة : ( متملقة ) إنهم ينتظرون في قاعة النصر يا صاحب العزة .. إنهم رهن إشارتك و سيأتون في الحال ...

صوت رجل خلف الكواليس ( معلناً ) : شيخ الطبالين .

فريحة : ( باتجاه يسار المسرح ) تفضل يا سيادة وزير الكلام .

يدخل شيخ الطبالين ( وزير الإعلام ) و هو شاب أنيق بثياب عصرية . إنه مضطرب يحي سيده بحركة مضطربة من يده و يقف مطرق الرأس عاقد اليدين .

صوت الرجل المنادي خلف الكواليس ( معلناً ) : شيخ الوراقين .

فريحة : ( باتجاه يسار المسرح ) تفضل يا سيادة نقيب الصحافة .

يدخل شيخ الوراقين ( نقيب الصحافة ) . و هو شاب أنيق بثياب عصرية ، يكرر حركات شيخ الطبالين و يقف بجانبه إنه يحمل كدسة صحف تحت إبطه .

صوت الرجل المنادي خلف الكواليس ( معلناً ) : شيخ القَوّالين .

يدخل شيخ القوالين ، و هو شاب أنيق يحمل في يده مذياعاً و في اليد الأخرى جهاز تلفزيون صغير ، يعطي المدياع لفريحة و يعطي التلفزيون لمهلبية ، و يقف بجانب زميليه ..

الجميع ينظرون إلى الزعيم الأعظم الذي لا يلبث أن يتوقف فجأةً و يسألهم :

سيادته : أريد فكرة عظيمة لم يسبق إليها أحد ..

شيخ القوالين : نحن كنا نفكر بذلك منذ الصباح يا سيدي .

شيخ الطبالين : ما رأيك سيدي في أن نحوّل الشعب كله إلى جيش ؟ فهذه فكرة لم يسبقنا إليها أحد .

سيادته يشير بيده إلى شيخ الوراقين لكي يبدي رأيه .

شيخ القوالين : الفكرة وجيهة .. و لكنها ، في حال التطبيق ، سوف تؤدي إلى إلغاء الجيش و وظيفته في تحقيق الثورة .

سيادته : كيف ؟ ..

شيخ القوالين : لأن دور الجيش ، منذ قيام الثورة حتى الآن ، هو أن يسلط بنادقه على أبناء الشعب . فإذا جعلنا كل الشعب جيشاً ، فعلى من يسلط بنادقه ؟ ..

سيادته : اعتراض وجيه .. هاتو فكرة غيرها ..

شيخ القوالين : إذا كنتم يا مولانا تريدون أن يسجل التاريخ بأنكم حققتم إنجازاً لم يسبقكم إليه أحد فإنني أقترح بأن نشيّد في الصحراء جسراً عظيماً يكون أطول من كل جسور القاهرة التي على نهر النيل ...

سيادته : و لماذا نبنيه في الصحراء ؟

شيخ القوالين : لأنه ليس في بلادنا نهر .. و الجسر يجب أن يمر فوق نهر .

سيادته : وما المانع ؟ .. بعد أن نشيّد الجسر نحفر تحته قناة و نجلب المياه من البحر .

شيخ الطبالين : سيكون ذلك فعلاً حضارياً رائعاً . إنكم يا سيدي جديرون بأن يخلد هذا الجسر اسمكم .. سوف نسميه جسر العزة يا صاحب العزة .

سيادته : و سيكون في ذلك خدمة عظيمة للشعب .. أنا لا يهمني إلا أن أخدم الشعب .

شيخ القوالين : اسمحوا لي من فضلكم .. لقد خطرت لي الفكرة التي أظن أنها تحقق الغرض في الصميم .. البلاد التي يحكمها ملك يسمونها مملكة و البلاد التي يحكمها رئيس يسمونها جمهورية بينما بلادنا هي الوحيدة في الدنيا التي يحكمها الشعب كله ، و ما مولانا صاحب العزة إلا سيد مغرم بخدمة الشعب .. إذن فإن ....

سيادته : ( يقاطعه ) أي نعم .. أنا أتمنى أن يصبح لقبي خادم الشعب .

شيخ الوراقين : ( بفرح انتهازي ) ها قد وصلنا إلى الفكرة الفذة و الفريدة .. حين يحمل حاكم البلاد لقب ( خادم الشعب ) يصبح اسم البلاد ( الخشعبية ) . و بذلك نقول عن بلادنا : ( الخشعبية الديمقراطية الوطنية الثورية و التحررية ) .
ألا تصبح بلادنا هي الوحيدة التي تنفرد بهذه التسمية بين دول العالم أجمع ؟ ..

سيادته : ( يكاد يطير فرحاً ) الله الله ... رائع أنت شيخ الوراقين .. كيف فاتتني هذه الفكرة و أنا الذي أنهكت دماغي بالتفكير .. هيا .. نفّذوا الاقتراح على الفور .. و اكتبوا على باب كل سفارة من سفاراتنا في الخارج : البعثة الأهلية الإتصالية للخشعبية الديمقراطية الوطنية الثورية و التحررية ..

سيادته : ( لجمهور المسرح ) من قال أن ثورتنا لا تثور على نفسها و تتجدد في كل يوم ؟ ...

كل من على المسرح يصفقون ، بمن فيهم المجندتان الحارستان ..

من مكبرات الصوت نسمع تصفيق جمهور واسع و موسيقى و أناشيد حماسية .

سيادته يشير بإصبعه للآنسة مهلبية أن تلحق به ، فيدخل الغرفة ، و تدخل مهلبية خلفه و تغلق الباب ..

 

تســـدل الستـــارة

         

-        المشهــــــد الـرابـــــع عشــــــــر  -

التمثيل يجري أمام الستارة المسدلة .

الموسيقى الحماسية و تصفيق الجماهير يستمران بشكل خافت .

سيدة كبيرة ، سمينة ، ترتدي أغلى الثياب العصرية و تزين صدرها و يديها بكل ما تستطيع حمله من ذهب و حلي و مجوهرات .. تأتي من يسار المسرح ماشيةً باتجاه يمين المسرح بحركات متتالية ، متأففة، و هي تدخن سيكارة ، و تنظر خلفها بين الحين و الحين إلى طفلين يحملان لافتةً كبيرةً مكتوباً عليها : ( المؤتمر الحادي و العشرون للطفولة السعيدة ) الطفلان حافيان ، و ثيابهما وسخة و مهلهلة ، إنهما في غاية الفقر و الجوع ، وقد استأجرتهما هذه السيدة التي هي نموذج للمشاركين في مؤتمر الطفولة السعيدة .

الطفل الأول يحمل اللافتة الكبيرة من الأمام ، و الثاني من الخلف ، و يتضح من مشيتهما أن اللافتة ثقيلة جداً عليهما .

السيدة ترمي عقب السيكارة .

الطفل الثاني يترك اللافتة تسقط على الأرض ، و يسرع فيلتقط عقب السيكارة ، السيدة تعود إليه غاضبة فتمسكه من أذنه ضاغطةً عليها ثم تجره إلى مكانه فيحمل اللافتة من جديد ، و يمشي مع رفيقه خلفها ..

الثلاثة يغيبون خلف يمين المسرح ..

صوت التصفيق الجماهيري يعلو .

صوت المنادي :( معلناً )  المؤتمر الحادي و العشرون للطفولة السعيدة .

مخرج التمثيلية يظهر من يمين المسرح غاضباً ..

المخرج : ( يصرخ غاضباً ) ما هذه الفوضى ؟ .. أوقفوا الأصوات .. اقطعوا التيار .

يتوقف صوت المؤثرات الصوتية .

المخرج : ( لجمهور المسرح ) عفواً سيداتي و سادتي .. يبدو أنه حدث اختلاط بين حفلتنا و بين حفلة الجيران .. أرجوكم المعذرة – اسمحوا لي أن أعرفكم بنفسي .. أنا مخرج هذه التمثيلية .. أكرر أسفي .. و أشكركم ( ينسحب جهة
يمين المسرح ) .

الفتاة ( تفيدة ) خطيبة الصحفي تظهر من يسار المسرح و تفرد كفها فوق عينيها و هي تنظر إلى البعيد ، باتجاه جمهور المسرح ، باحثة عن خطيبها .

الفتاة : ( تنادي باتجاه الجمهور ) حمدي .. أين أنت يا حمدي .

الصحفي : في آخر الممر بين مقاعد المتفرجين ( صارخاً ) أنا هنا يا حبيبتي .. انتظريني .

ثياب حمدي كلها ملوثة بوحول خضراء و سوداء .. يمشي نحو المسرح فيصعد الخشبة .. إنه يحمل بيده أوراقاً .. يقدم الأوراق لخطيبته التي تنظر إليه و قد عقدت الهشة لسانها ..

الصحفي : ( باعتزاز ) خذي .. كتبت اليوم دراسة نظرية عظيمة جداً بعنوان : ثقافة الطفل .

الفتاة : ( تأخذ الأوراق ) من أين جاءتك هذه الوحول يا عزيزي ؟ ..

الصحفي : هذه ليست وحولاً .. فأنت تعرفين نهر المجاري الطافح وسط الزقاق . مرت سيارة مسرعة فغمرتني بتلك المياه القذرة .. تصوري يا عزيزتي مدى جهل السائق فهو لم يبطئ من سرعته رغم أنه كان هناك عدد كبير من أطفال الزقاق يلعبون قرب نهر المجاري الأسود ..

الفتاة : هل تريد رأيي ؟ ..

المخرج : يأتي من الجهة المقابلة غاضباً : ما هذا ؟ .. ماذا تفعلان هنا ؟ ...

الصحفي و خطيبته يهربان مسرعين فيختفيان خلف الستارة ..

المخرج : عمري ما رأيت مثل هذه الفوضى .. ( يهمّ بأن يمشي ليذهب و لكنه يتوقف إذ يسمع صوت الشرطي من الجهة المقابلة ) امش أمامي ..

من الجهة المقابلة يبرز أمام الستارة شرطي و طفل .

إنه شرطي ضخم رث الثياب ممسك بطفل رث الثياب أيضاً و يسوقه أمامه بقسوة .

الطفل يصرخ بالشرطي : اتركني .. اتركني ..

الشرطي يدفعه أمامه بقسوة أشد .

المخرج : ( يستوقفهما ) حرام عليك يا حضرة الشرطي .. ألا ترى أنه ما يزال طفلاً ؟ ..

الشرطي : ( غاضباً ) و مع ذلك فهو مجرم خطير ، لقد ضبطت معه ثمانية و عشرين قطعة حشيش .

الطفل : ( معترضاً ) بل إنها تسعة و عشرون ( للشرطي ) هل تريد أن تختلس منها واحدة ؟ ..

الشرطي : امش أمامي .. امش ..

المخرج : إلى أين ؟ ..

الشرطي : إلى مؤتمر الطفولة العالمي .. ( الشرطي و الطفل يخرجان ) .

المخرج : ( للجمهور ) لقد ثبت لي أنه لا الشرطي شرطي و لا الطفل طفل و لا المخرج مخرج ( مشيراً لنفسه ) بدليل أنني حتى الآن لم أستطع أن أقول : ارفعوا الستارة . ( ينسحــب ) .

 

تــرفــع الستـــارة

 

         

-        المشهــــــد الخـامــــــس عشــــــر  -

 

الأنوار الزرقاء على يمين المسرح حيث السيد صابر و أمه في بيتهما .

صابر جالس على كرسي . و قد غطّس ساقيه في حلة مليئة بالماء الساخن ، و أمه تدلك عضلات ساقيه ..

الأم : لقد أهلكوك أهلكهم الله .

صابر : كدت أموت من التعب و أنا أركض من مكتب إلى مكتب .. و كل مكتب يحيلني إلى الآخر ..

الأم : ليتك تسمع نصيحتي يا ولدي فترميهم خلف ظهرك و تنزل إلى السوق فتفتح دكان الحلاق المغلق منذ أكثر من سنة ..
ألا تخاف أن يطفش زبائنك إلى حلاقين آخرين ؟ ..

صابر : أن أخسر كل زبائني ، بل أن أموت من الجوع ، أفضل من أن أفتح الدكان أسبوعاً ثم أفاجأ بهم وهم يداهمونني و يأخذونني غصباً عني .. و قد لا أصل معهم إلى المركز أو السجن إلا محمول على نقالة . لأنهم يضربون بعنف و ضراوة يا أمي .. إنهم لا يعرفون الرحمة و لا الشفقة أبداً .

الأم : ( تضرب بيدها على صدرها مرعوبة ) هل فعلوا بك هكذا عندما أخذوك في المرة الماضية .

صابر : لا .. ( بسخرية .. ) إنما الصحفيون الذين انحبست معهم خبروني بذلك .

الأم : اللهم نجّنا .. اللهم نجِّنا يا أرحم الراحمين .

صابر : إذن أفليس من الأفضل لي أن أذهب إليهم أنا فأراجعهم بنفسي و أنجو من هذه الويلات الفظيعة ؟ ..

الأم : و الله يا ولدي ما عدت أعرف ماذا أقول .. أنا ما عدت أستطيع أن أفهم شيئاً ( تواصل تدليك عضلات ساقي ابنها
المنهك تعباً ) .

 

الإضاءة الزرقاء تنطفئ تدريجياً .

 

         

-        المشهـــــد الســــــادس عشــــــــر  -

صوت صياح ديك من بعيد

يضاء وسط المسرح تدريجياً فنرى قفصاً من القضبان يرمز إلى غرفة ضيقة في سجن . فهذا القفص لا تزيد مساحته عن مترين ، و مع ذلك فقد حشروا فيه أكبر عدد من المعتقلين بحيث أن هؤلاء المساكين ناموا واقفين .

يأتي مدير السجن و خلفه جندي .

المدير : أما زلتم نائمين ؟ ! ... ( يصرخ ) هيا أفيقوا ..   استيقظوا ..

المعتقلون يتثاءبون و ينظرون إليه بعيون مثقلة بالنعاس ..

المدير : هيا انهضوا و اصطفوا جيداً ..

شكري أفندي : ( أحد المعتقلين ) و هل نمنا أصلاً حتى ننهض ؟ .. يا رجل إننا نكاد نختنق فوق بعضنا .

المدير : بدلاً من هذا الكلام رتبوا أوضاعكم .. سيادة وزير السجون يقوم بجولة تفتيشية ، و سوف يمر عليكم .. هيا .. بسرعة .. إياكم و الشكوى . ( للجندي ) هات الخريطة بسرعة .. سيادته يحب الوطن العربي .

الجندي يذهب مسرعاً ثم يعود و معه حمالة لوحات و لوحة كرتونية ، ينصب الحمالة بجانب قفص المساجين ، و يضع فوقها اللوحة الكرتونية فنرى أنها خريطة الوطن العربي مرسومة بشكل عادي و بسيط .

يأتي سيادة وزير السجون .

المدير و الجندي يتخذان وضع التحية العسكرية .

الوزير :( مسروراً بما يراه ) جيد .. النظافة تامة .. و كل شيء على جيد ( يرى الخريطة ) ما أحسن هذا ( لمدير السجن ) من الذي رسم هذه الخريطة ؟

صوت شكري أفندي من داخل القفص : أنا يا صاحب السعادة .

الوزير : أخرجوه إليَّ .. أريد أن أشكره .

المدير : تعالى يا شكري أفندي .

( يفتح أحد أطراف القفص فيندلق الرجال فوق بعضهم إلى الخارج .. ثم ينهضون ، و يتقدم من بينهم الأستاذ شكري
أفندي )

الوزير : ( بفرح عظيم ) من ؟ أستاذي شكري أفندي ! .. ( يعانقه ) يبدو أنك لم تتذكرني .. أنا من تلاميذك .. و منك شهد الله - تعلمت الوطنية الحق .. فأنت الذي علمتنا أن وطننا الكبير ( يشير إلى اللوحة ) وطن واحد .. و نحن ما قمنا بهذه الثورة الشعبية الديمقراطية إلا لتحقيق شعاراتك .. قل لي يا أستاذي .. هل ترغب بشيء ؟ ..

هل يمكنني أن أقدم لسيادتك أية خدمة ؟

شكري : أحسن الله إليك .. في الواقع أنا بحاجة إلى مساعدة بسيطة جداً .

الوزير : ( لمدير السجن مسروراً ) يا لها من صدفةٍ سعيدةٍ

( لشكري ) : أطلب أستاذي .. لكن إياك أن تحرجني بطلب الإفراج .. صحيح أنني وزير و لكنني وزير السجون لا وزير الإفراجات .. ( يضحك ) .

شكري : أنا لن أزعجك بطلب الإفراج .. و إنما لي طلب بسيط جداً جداً ( يشير للخريطة ) أرأيت إلى هذا الوطن ما أطوله و ما أعرضه ؟ .. إنه أكبر من قارة أوروبا كلها ..

الوزير : ( باعتزاز و ابتسام ) أي نعم .. وطننا واسع جداً

شكري : كل ما أريده و أرجوه هو أن تعطوني من أرض هذا الوطن الواسع جداً ستين سنتمتراً فقط  ؟

الوزير : و لماذا ستون سنتمتراً فقط ؟ .

شكري : لأن هذا عرض كتفيَّ .. و كل مُناي أن أستطيع أن أنام مستبقياً على ظهري .

الوزير : ( يضحك ) بسيطة .. ( يلتفت إلى مدير السجن ) : هل لديك مجال ؟ ..

المدير : لا ...

الوزير : ( لشكري ) متأسف أستاذي .. لا تؤاخذنا ..

 

( يذهب و هو يضحك ) .

 

تسدل الستارة

         

-        المشهد السابع عشر –

 

ترفع الستارة عن ديكور المشهد رقم ( 13 ) ذاته :

الباب الخشبي المزخرف و على جانبيه لوحان بما يوحي بأنه واجهة بناية ضخمة .

الإضاءة بالنور الأزرق .

عشرة حراس مدججي السلاح واقفين أمام الباب الخشبي المزخرف .

صابر يأتي و يهُمّ بالدخول فيعترضه أحد الحرس و يستوقفه .

الحارس : إلى أين يا محترم ؟

صابر : عفواً .. أليست هذه وزارة الأمن ؟ .. أنا أريد أن أقابل السيد وزير الأمن ..

الحارس : و من تكون حضرتك عدم المؤاخذة ؟

صابر : أنا صابر فقعتوني .. حلاق .. من حقي أن أقابل السيد الوزير فأعلم منه شخصياً إن كان هو الذي طلبني بالهاتف .

الحارس : و لماذا يطلبك سيادة الوزير ؟ .. للحلاقة ؟

صابر : لا .. للتحقيق .. فأنا كنت معتقلاً مع الصحفيين و بقيت معهم في السجن حوالي سنة .. و حين أفرجوا عني رنّ

        جرس الهاتف و قيل لي تعال لمراجعتنا غداً صباحاً و ها أنذا منذ أسبوعين أتنقّل بين كل مؤسسات الأمن المتخصصة

         و كلهم ينكرون .. هلكت .. تلفت .. في النهاية قالوا لي : لم يبق أمامك إلا وزير الأمن ذاته .

الحارس : ( يبتسم ) لو كنت مكانك لتوقفت عند هذا الحد .. اسمع نصيحتي و اذهب إلى دكانك و عملك .

صابر : مستحيل .. يجب أن أثبت للسلطة الوطنية أنني مواطن انضباطي .ز أرجوك دعني أقابل السيد الوزير و أنهي

        هذا الموضوع .

الحارس : متأسف .. سيادة الوزير مسافر .

صابر : و العمل ؟

الحارس : هل تسمع نصيحتي ؟ ..

           اذهب و كرر مراجعاتك لتلك السلسلة من الدوائر ذاتها و اجعلهم يتأكدون من موضوعك .

صابر : شكراً .. ( يذهب ) .

تنطفئ الأنوار الزرقاء ..

ينسحب الجنود ، و تحل محلهم الحارستان المسلحتان ، و يضاف إلى الديكور صورتا الزعيم الأعظم إذ تعلقا على

جانبي الباب ..

تضاء أنوار المسرح فنرى الزعيم الأعظم و شيخ الطالبين و شيخ الوراقين و شيخ القوالين و الآنسة مهلبية و زميلتها ..

الجميع ينظرون بعيون قلقة و وجل شديد إلى الزعيم الأعظم الذي يذرع المكان مفكراً ..

ثم يتوقف فجأةً و يباغتهم بهذا السؤال :

الزعيم : أنا أريد أن أعرف .. لماذا يحقد علي الشعب هذا الحقد الرهيب .

الجميع يظلون صامتين .

الزعيم : ( للشيوخ الثلاثة ) مالكم لا تتكلمون ؟ ..

شيخ الوراقين : أتريد الجواب يا مولاي ؟

الزعيم : طبعاً .. و أريد الجواب في الحال .. و إلا ( يشير إلى الباب المفتوح ) أحصركم في هذه الغرفة إلى أن تنطقوا

          بالجواب الصحيح .

مهلبية : و أنا معهم يا صاحب العزة ؟

الزعيم : لا .. أنت تبقين معي .. لا أستطيع أن أستغني عن خدماتك . أما هؤلاء فما أسهل أن أجد شيخ طبالين

         غير هذا ، و شيخ وراقين يكتب أحسن من هذا و شيخ قوالين يلعلع صوتاً و صورة أفضل من هذا ..

         ( للثلاثة ) إيه .. ماذا قررتم ؟

الشيوخ الثلاثة معاً و بصوت واحد : أنقول و نحن آمنون ؟

الزعيم : قولوا و أنتم آمنون .

الشيوخ الثلاثة و بصوت واحد : الشعب يريد الحرية .

الزعيم : ( بابتهاج ) و ما المانع ؟ ..

         شعب عظيم قدَّم الكثير من التضحيات و هو جدير بالحرية ..

         أعلنوا على الملأ جميعاً أنني قررت أن أمنح شعبي كل الحريات على الإطلاق ..

حالة الارتياح و الفرح على الوجوه جميعاً ..

الزعيم : هيا .. اذهبوا و اكتبوا كلمة ( الحرية ) على كل الجدران ..

شيخ الوراقين : عفواً يا سيدي الزعيم الأعظم .. لم أفهم قصدك .

الزعيم : كلامي واضح تماماً .. لقد قررت أن أمنح شعبي كل الحريات على الإطلاق و ذلك بأن يجد المواطن كلمة

( الحرية ) مكتوبة أمامه كيفما التفت .. علّقوا كتابة ( الحرية ) في كل مكان . على كل الجدران ، فوق كل الأبواب ..

حالة من الإحباط و خيبة الأمل على الوجوه جميعاً .. يتبادلون نظرات الارتياب و التساؤل .

الزعيم : ( منجرفاً بحماسته ) أين شيخ الخطاطين ؟ .. اطلبوا لي شيخ الخطاطين في الحال .. يجب أن يعمل الخطاطون جميعاً في كتابة كلمة ( الحرية ) ليلاً و نهاراً .. أغرقوا البلد بالحرية أريد أن أتجول في شوارع العاصمة صباح الغد فأرى البلد غارقاً بالحرية . و لكن يوم غد يوم عيد .. سمّوه عيد الحرية .. أين شيخ الخطاطين ؟

شيخ الوراقين : ( لشيخ الطبالين ) أخبره أنت .

شيخ الطبالين : ( لشيخ الوراقين ) بل أخبره أنت .

شيخ القوالين : أنا أخبرك يا صاحب العزة .. شيخ الخطاطين .. العمر لكم ..

الزعيم : ( باندهاش ) مات ؟

الشيوخ الثلاثة يهزون رؤوسهم بالإيجاب .

الزعيم : و متى مات ؟ .. و كيف مات ؟ .. أنا لا أذكر أبداً بأنني أمرت بالتحقيق معه .. إذن كيف مات ؟

شيخ القوالين : أطال الله عمر مولانا صاحب العزة . هناك بعض المواطنين الذين قد يموتون خارج أقبية التعذيب .

شيخ الطبالين : يعني يموتون موتاً طبيعياً .. مثل أي بني آدم في البلاد الأخرى .

الزعيم : و العمل ؟

مهلبية : هل يسمح سيدي باقتراح ؟

الزعيم : قولي يا مهلبية .

مهلبية تتقدم من الزعيم فتوشوش في أذنه بكلمات لا نسمعها و لكنها تجعل أساريره تنفرج و هو يهز رأسه موافقاً و معجباً ..

الزعيم : هذا نِعم الحل و نِعم الاقتراح .. ( للثلاثة ) إسمعوه و تعلموا كيف الخروج من المآزق .. ( لمهلبية ) أعلني اقتراحك يا مهلبية .

مهلبية : نؤجل موعد عيد الحرية أسبوعاً ، و بذلك تتاح الفرصة للمطابع بأن تطبع ملايين النسخ من كلمة ( الحرية ) مطبوعة بالألوان أيضاً .

الزعيم : رائع ( للثلاثة )  أليس حلاً رائعاً ؟   

شيخ القوالين : ممتاز .

شيخ الطبالين : بديع .

شيخ الوراقين : جيد جداً .

الزعيم : ( لمهلبية ) أكملي نص اقتراحك يا مهلبية .

مهلبية : كما تتاح الفرصة المطلوبة للشعراء و الملحنين و المطربين حتى يؤلفوا القصائد و يسجلوا الأغاني للإذاعة و التلفزيون و كلها تتغنى بفرحة الحرية و عيد الحرية ..

شيخ الطبالين : ( مرتبكاً ) و لكن ، عفو مولاي ، فإن هؤلاء جميعاً في السجون .

الزعيم : أعرف ذلك أعرف ذلك . ( مسروراً ) مهلبية حسبت هذا الحساب عندما رسمت خطتها الرائعة .. أخبريهم
يا مهلبية .

مهلبية : بما أن البلد أصبح خالياً من هؤلاء إذن نستورد الشعراء من قبرص .. و الملحنين من لبنان .. و المطربين من الخليج و الراقصين من مصر .. و مصممي الأزياء من موريتانيا ..

الزعيم : ( يسأل الثلاثة ) رائع .. أليس كذلك ؟ .

شيخ القوالين : رائع جداً يا صاحب العزة .. و لكن .. عفواً .. لماذا الشعراء من قبرص ؟

الزعيم : ( لمهلبية ) آ ... صحيح .. كنت أريد أن أسألك هذا السؤال .. لماذا الشعراء من قبرص بالذات ؟

مهلبية تهمس في أذن الزعيم ببضع كلمات فينفَجر ضاحكاً .

الزعيم يضحك .. الآخرون يضحكون ...

 

تسدل الستارة

 

-        المشهد الثامن عشر –

-        الأخير    -

 

 

أمام الستارة ..

المخرج يبرز للجمهور : عفواً سيداتي و سادتي أظنكم صرتم تعرفونني .. أنا المخرج و قد جئت لأعتذر منكم مرة ثانية لأننا أسدلنا الستارة قبل أن تنتهي التمثيلية .. لأنكم تريدون أن تعرفوا أين صار السيد صابر فقعتوني .. و نحن ، لا أدري كيف لم ننتبه لهذا ، لم نتلق نص الفصل الأخير من حضرة المؤلف سامحه الله  ..لذلك فإنني أستأذنكم بأن أذهب أنا بنفسي ، إلى دكان السيد صابر فقعتوني ، فأسأل عنه هناك .. شكراً لثقتكم ( ينسحب ) ..

ترفع الستارة ..

زقاق ضيق في سوق شعبي كل دكاكينه عتيقة .. حركة الناس في السوق .

بين الدكاكين العديدة التي تعج بالناس و البضائع المستعملة دكان مغلقة يجلس أمامها ماسح أحذية له شاربان ضخمان ..

فوق باب الدكان لافتة مكتوب عليها ( كوافير الأناقة لصاحبه صابر فقعتوني ) .

المخرج يأتي و يتوقف عند ماسح الأحذية .

المخرج : السلام عليكم .

ماسح : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .. هل تمسح ؟

المخرج : نعم ( يضع قدمه فوق صندوق الأصباغ ) هل تعرف صاحب هذه الدكان ؟

ماسح : طبعاً أعرفه .. و من في هذا السوق لا يعرف صابر فقعتوني ؟

المخرج : و هل تعرف أين يمكنني أن أجده ؟

ماسح : و لم هذا السؤال ؟ .. هل أنت من المباحث ؟

المخرج : لا

ماسح : مخابرات ؟

المخرج : لا

ماسح : أمن ؟

المخرج : لا

ماسح : مكتب ثاني ؟

المخرج : لا

ماسح : إذن من أنت ؟

المخرج : أنا مخرج تمثيليات .. و يهمني أن أعرف أين أجد هذا الرجل لأن دوراً أساسياً في تمثيلية أعمل على إخراجها الآن ..

 

ماسح الأحذية يفرح كثيراً فيتوقف عن عمله و ينهض واقفاً و يصافح السيد المخرج بحرارة .

 

ماسح : أهلاً و سهلاً و مرحباً .. هذا شرف عظيم لي أن أتعرف بمخرج تمثيليات .. المخرجون فنانون كبار جداً يا صاحبي المخرج : شكراً .

ماسح : أنا أحدثك بمنتهى الجدية و الأنصاف .. و المخرجون ناس يفهمون ، و أحسن شيء عملته بلاد الهند أنها أنتجت فيلم ماسح الأحذية .

المخرج : قد تكون تمثيليتنا أهم منه بكثير .. لذلك أرجوك أن تساعدني في إيجاد السيد صابر فقعتوني .

ماسح : متأسف يا أستاذ .. لأنه من المستحيل أن تصل إليه بعد أن أخذوه إلى بيت خالته .

المخرج : ( غاضباً ) اعتقلوه ؟

ماسح : ( يرتبك و يخاف و يتلفت حوله و يضع يده على فمه مشيراً بخفض الصوت ) ( يهز رأسه مؤكداً ) راح ..

المخرج : و اعتقلوه بأية تهمة ؟ .. ماذا فعل ؟

ماسح : ( يشير إلى لافتة الدكان – كلمة : كوافير ) : اعتقلته جماعة الأمن اللغوي يا صاحبي .. لكن خبّرني يا صاحبي أليس من الخيانة أن يكتب الإنسان كلمة ( كوافير ) الأجنبية بدلاً من كلمة ( حلاق ) العربية ؟ ‍..

المخرج يلتفت إلى الجمهور مبهوتاً .

 

 

ستارة النهاية