رجال المهمات القذرة

مسرحية في مشهد واحد

غرفة تحقيق فيها ضابط برتبة نقيب، خلفه صورة للطاغية وابنه) ولوحة كتب فيها: ( ليس بريئاً من يعتدي على الرئيس الرمز و الحزب القائد)

النقيب (يتكلم الهاتف ) حاضر سيدي - كما تحب!

لا، لن نتهاون ... هذا غير صحيح .. كل عناصرنا من النوع الذي تعرف..

(يبتسم) لا يوجد عندنا مكان لسجن النساء فاضطررنا بعد الاغتصاب إلى التصفية..

احترامي سيدي ... احترامي

(يضع سماعة الهاتف) ويخاطب نفسه (بافتخار):

نفعل كل شيء، وجودنا في الحكم ومكتسباتنا أهم من حياتهم.

 يمسك بالهاتف مرة أخرى: مساعد حيدر، أنا في الغرفة لا تتأخر

يدخل بعد قليل رجل بدين يؤدي التحية ، يأمره النقيب بالجلوس) )

المساعد: خير سيدي شغلت بالي (بلهفة وتصنع)

النقيب يتصفح بعض الأوراق، يقطب حاجبيه  ينظر إلى المساعد، المساعد يشاركه في الصمت وهو ينظر إليه..

النقيب:هل عندنا أحد من العناصر من غير منطقتنا (يضيف) يعني يمكن أن يتعاطف مع الموقوفين.

المساعد: عندنا ثلاثة عناصر فقط! اثنان من درعا وواحد من إدلب! وضعناهم في الحراسة الخارجية

النقيب: حسناً فعلت! ومع ذلك تخلص منهم بأي وسيلة.. نقل .. قتل .. سجن .. بأي طريقة

المساعد: ولكنهم يا سيدي لا يطّـلعون على التحقيق ، ولا يحضرون إلى غرفة التأديب.

النقيب: (بحدة) ومع ذلك ... فإن سيادة العميد منزعج من الأخبار التي تصل إلى وسائل الإعلام المعادية لنا، بما يحصل لدينا في الفروع

المساعد: عجيب !

النقيب: لا عجيب ولا غريب .. تدبـَّـر أمرهم، ولا تنس أنهم يمكن أن ينشقوا أو يسببوا لنا مصيبة؟

المساعد (يهز رأسه): كما ترون سيدي (يهم بالقيام ثم يقف ويعود ليقول: سيدي! لدينا أربعة من الشبيحة من غير منطقتنا، انتهى تدريبهم ونريد أن نبثهم بين المتظاهرين في الأسواق والمساجد والمدارس

النقيب (بعصبية): متأكد من ولائهم لنا ؟

المساعد: (يبتسم، ويتكلم بهدوء مطمئنا النقيب: لم نجد أوسخ منهم بين المتقدمين، وهم مستعدون أن يفعلوا كل شيء وينفذوا أية مهمة!!

(يضيف) فيهم واحد أرسله الرائد عزيز لأنه قرف منه

النقيب (بتعجب) قرف منه، وهل هو يعمل في مطبخه؟

المساعد: لا يا سيدي.. ولكنه مستعد للاعتداء الجنسي حتى على الحيوانات

النقيب: ألهذا الحد؟

المساعد (بتباطؤ) بل إنه على استعداد أن يفعل أكثر من ذلك

النقيب: والبقية؟

المساعد: واحد كان تاجراً استدان من البنك وهرب والثاني مهرب مخدرات، والثالث يقول إنه كان يعمل في الأوقاف..

النقيب: وهذا المقرف الذي بعث به الرائد عزيز؟

المساعد: قوّاد، كان حارساً شخصياً لإحداهن، و لكنهم طردوه

النقيب (بتعجب): طردوه؟

المساعد: طردوه نعم، هكذا يقول لأنه حاول أن يعتدي على إحدى الراقصات ويسرق محفظتها

النقيب (بتهكم وسخرية): إذا كان كل من يعتدي على واحدة يطرد من العمل، فعلينا أن نسرح خمسين بالمئة من عناصرنا!!

المساعد (يضحك)

النقيب: أحضرهم إلـيَّ

(يخرج المساعد ويعود معه أربعة  وهو يمشي أمامهم )

المساعد: احترامي سيدي

الأول: (يحاول بتذلل أن يصافح النقيب)

النقيب (جالس على كرسيه ينظر إليه): ابقَ مكانك لا داعي للمصافحة

الشبيح الأول (بابتسامة صفراء، يطأطئ رأسه وهو أقرب إلى الركوع)

النقيب (يغيـّـر من جلسته، متصنعاً منتهى الجد، يستعرضهم ببصره، ثم يلتفت إلى المساعد: أحسنت الاختيار يا مساعد حيدر!

المساعد (يبتسم راضياً) نحن تلاميذكم سيدي

النقيب (يشير إلى الأول) ماذا كنت تعمل قبل الالتحاق بنا؟

الأول : كنت - يا سيدي - موظف أوقاف

النقيب (يقوّس حاجبيه) إذاً تصلح لأن تكون خطيباً في مسجد

الأول: جربت ذلك، و أظن أنني نجحت

النقيب (ساخراً) ولكنك تحتاج إلى لحية أطول

المساعد (يبتسم): ومعه - يا سيدي - عدة الشغل

النقيب (يتجاهله، وينظر إلى الثاني) وأنت ماذا كنت تعمل؟

الثاني (بتزلف واستخزاء): كنت تاجراً - يا سيدي

النقيب: وخسرت؟ (مستفهماً ومنكراً)

الثاني: (يهز رأسه)

النقيب: وتحب أن تعوّض خسارتك؟

الثاني: من خيركم وخير القائد - سيدي

النقيب: ممتاز ! المطلوب منك أن تخذّل التجار، وتخوفهم، وتمنعهم من التظاهر، أو مساعدة أي واحد

الثاني: (يهز رأسه موافقاً)

النقيب: وتنقل لنا ما يدور في السوق وما يتحدث به التجار

الثاني: بكل أمانة - يا سيدي

النقيب(مبتسماً وساخراً) اُترك الأمانة جانباً، نحن نريد الدقة والمتابعة

الثاني: كما تحبون وتريدون

النقيب (يلتفت إلى الثالث، وقبل أن يسأله)

الثالث: متهم بتهريب المخدرات وسجين سابق

النقيب: أظن أنك كنت بريئاً (بلهجة ساخرة)؟

الثالث (بسرعة): ما أكثرَ الذين في السجون وهم أبرياء

النقيب (يتغير لونه، ويبدو عليه الانزعاج)

المساعد (يستدرك الموقف) ما عندنا أحد بريء، مَـن يدخل السجن فهو متهم (يبلع ريقه محرجاً) ويلتفت إلى الثالث، صحيح أم غلط؟

الثالث (أدرك أنه أغاظ النقيب بكلامه) صحيح (ويضيف) لا يوجد أحد عندنا مظلوم

النقيب (ينظر إلى الرابع) وأنت ماذا كنت تعمل؟

الرابع: حارس - يا سيدي

النقيب (يضيف إلى كلامه) في ملهى ليلي

الرابع: بالضبط سيدي

النقيب (ساخراً) الأمن عندنا مستتب، وليس هناك حاجة إلى حراسة؟

الرابع: الأمر لا يخلو من وجود أبناء حرام

النقيب (ساخراً): ويمكن أن يكون أولاد الحرام كما يقول المثل: حاميها حراميها

الرابع (يطأطئ رأسه) يمكن - سيدي - والدنيا لا تخلو

النقيب (يوجه كلامه إليهم) لا يهمنا ماذا كنتم تعملون ولكن المهم منذ اليوم أن تقوموا بما نطلبه منكم وكل عمل له حساب! هل أنتم جاهزون وموافقون؟

الجميع (يهزون رؤوسهم)

(يلتفت النقيب إلى المساعد): وزع عليهم المهمات وحدد لهم الأماكن

المساعد: (يخرج محيياً ويخرجون وراءه)

النقيب (يخاطب نفسه بعد خروجهم) أكاد أجزم وقد عملت سنتين في الأمن الجنائي أن وجوهكم وجوه لصوص، وأقفيتكم أقفية قـوّادين..

يضرب بيده على المنضدة ثم يقف: ولكن من أين نأتي بمن يتعامل معنا، ويرضى بهذه المهمات القذرة؟

ســــــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــار

وسوم: العدد 739