مع مؤمن كويفاتيه

مؤمن كويفاتيه رئيس اللجنة الإعلامية

لتنسيق الثورة السورية لـ«الأهرام العربي»:

الثوار على أعتاب دمشق

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

حوار: عادل أبو طالب

- شهدت القضية السورية حالة من الشد والجذب المتزايد بين القوى العالمية أخيرا، متمثلة في «أصدقاء سوريا» من جهة وبين روسيا والصين من الجهة المقابلة، في إطار بادرة جديدة تستهدف تحريك جمود المشهد السوري صوب أفق الحلول الممكنة. 

لكن القرارات التي خرج بها مؤتمر أصدقاء سوريا الذي اختتم أعماله في روما أخيرا، لم تأت بجديد يتجاوز الهدف الخفي في «خلق مملكة طوائف مسلحة في سوريا» بعد أن فاجأت الجميع هذه القرارات باستمرار الجمود وتحجر مواقف العديد من القوى الدولية وعلى رأسها موسكو، التى سارعت في بيان لها على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية إلى اعتبار هذه القرارات تشجيعا مباشرا للمتطرفين للاستيلاء على السلطة بالقوة، مؤمن كويفاتيه رئيس اللجنة الإعلامية لتنسيق الثورة السورية يكشف في هذا الحوار لـ«الأهرام العربى» تطورات الوضع ويبين مواقف بعض القوى العربية والدولية منها، وفيما يلي نص الحوار:

> ما تقييمك لما صدر من قرارات وتوصيات عن آخر اجتماع لأصدقاء سوريا ومقاطعة المجلس الوطني؟

لم يعد هؤلاء أصدقاء سوريا، كما كان يعتقد البعض من الصداقة، وهي لم تكن إلا صداقة مزيفة لتكون جسرا أمام شعوبهم على أنهم يفعلون شيئا وغطاء أخلاقيا لتواطؤهم، بل ثبت أن معظم المجتمعين لم يكونوا إلا أحجار الدومينو المحركة من الخارج لإطالة الأزمة. المؤلم بمن سمي بالأصدقاء العرب والمؤلم بمن سمي بدول الربيع العربي، والأكثر إيلاما ممن وصلوا للسلطة في هذه الدول كانوا يبكون ويتباكون أنهم في المظلومية، وكانوا يستنجدون ويستغيثون مما كانوا عليه، ولما ملكوا الناصية كفروا بأنعم الله فابتلاهم الله بما قدمت أيديهم من النكران في أوضاعهم الداخلية والفتن التي تحيط ببلدانهم، ونشعر بالخيبة من هؤلاء.وبالنسبة للغرب أيضاً هو يفعل نفس الشيء، ويُظهر على أنه يُريد الحل، ولكنه متواطئ، وما يدفعهم لمثل هكذا مهرجان وكرنافلات للتبرير لشعوبهم، ولذا نرى من الحكمة مقاطعة المجلس الوطني لهذا الاجتماع، بينما الائتلاف الوطني قرر في البداية المقاطعة، ومن ثم تراجع تحت دعوى الوعود، انتظرنا ماذا يمكن أن يقدموه أثناء المؤتمر، لأننا نشعر أنهم مراوغون وغير جادين وقواتنا الثورية على الأرض هي من تحرك العالم وليس هذا العالم من يتحرك.ونحن ليس أمامنا كسياسيين غير أن نُظهر المرونة وعدم الظهور للمتربصين أننا نرفض التسوية، حتى وإن عملنا ضدها ما دمنا على الأرض نملك الناصية، كي لا نُعطي المبرر للأعداء والخصوم للاصطفاف ضدنا.

> وما مستقبل المسالة السورية في ظل الزخم الدولي الحالي؟

نحن سائرون لتحرير الأرض من دنس آل الأسد بإذن الله، وبجهدنا السياسي نحاول التقليل من سفك الدماء والخسائر والتدمير، والقرار قد اُتخذ بالحسم مهما كانت تكاليفه، والثوار على أعتاب دمشق بل في قلبها، والقذائف صارت تصل إلى قصر المجرم بشار الأسد، وعلينا أن نتذكر ليبيا عندما وصلوا إلى طرابلس العاصمة بأيام انتهت المعركة، مع الفارق أنه كان لهم غطاء جوي يحميهم ويمنع طائرات قوات القذافي، وهذا ما يؤخر الحسم عندنا في سوريا، وهو تأخير ليس أكثر، ومعركة الشام ستكون حاسمة وغير معركة حلب وحمص وحماة وغيرها، بل الآلاف من الثوار سيتوافدون على دمشق لإنهاء هذه العصابة.

لقد تم تأجيل انعقاد اجتماع الائتلاف تحت دعوى عدم توفر الدعم اللوجستي، والمقصود به عدم تأمين الدعم للاعتراف بالحكومة المُزمع تشكيلها إثر هذا الاجتماع، وعدم تأمين الدعم المالي لهذه الحكومة، إذ لا يمكن تشكيل حكومة لا تمتلك ولو على الأقل مليار دولار لتقديمها للشعب السوري والثوار ليكون لها أثر، وهذا ما هدد به الائتلاف في السابق عن استحالة تشكيل حكومة بلا دعم لوجستى.

> انهيار الدولة السورية، هل تعتقد أن هذا هو السبب وراء التحركات الدولية الأخيرة أم أن كلا يسعى إلى مآربة؟ 

وأين مصلحة الشعب السوري في ذلك؟ وما جدوى الحديث عن تسوية قبل الحوار؟

مؤتمر أصدقاء سوريا الخامس بعد مؤتمر تركيا الأول فتونس الأسوأ ثم باريس والمغرب وهذه المرة في روما جاء باهتاً وهزيلاً، وكما توقعنا له من البهلونايات الفارغة، وبمثابة الورطة الأمريكية التي وعدت الائتلاف بتقديم الدعم والتقدم بالموقف الأمريكي، وإذا هو بالصادم والمتوقع، ورفضها لتسليح المعارضة لا بالنوعي ولا بغيره، وتقديم دعم بـ 60 مليون دولار لا تكفي لحليب الأطفال ليوم واحد، وهي مهزلة واستخفاف بالسوريين وليس بدعم، ليؤكد جون كيري موقف أوباما أن بحار الدماء السورية، والتدمير الشامل لسوريا يدخلان ضمن الإستراتيجية الأمريكية التي تعني الحفاظ على المصالح الأمريكيه وأمن واستقرار إسرائيل، من خلال استمرار الوتيرة على هذا النحو من حرب استنزاف سوريا أرضاً وشعباً وتاريخا على يد آل الأسد، أعتى عصابة عرفها التاريخ الإنساني، بعد أن أخذوا سوريا رهينة، والمجتمع الدولي يعرف ذلك، ومن مسئولياته القيام بواجباته في حماية الشعب والوطن السوري، ولكنه لم يفعل، مما يضعه في موضع الاتهام المباشر والمشاركة في كل المآسي والجراح، ويتحمل المسئولية التاريخية والأخلاقية لما يجري في سوريا من التدمير والقتل، إضافة إلى عصابات الإجرام الأسدية، وإيران المارقة المسئول المباشر عمّا يجري، لأن المجتمع الدولي يمتنع عن القيام بواجبه كمجلس أمن للحفاظ على حياة المدنيين بموجب القوانين الدولية، ويمتنع عن تقديم المساعدة لشعب يُذبح ليدافع عن نفسه، في الوقت نفسه لم يتخذ أي موقف عقابي من الدول التي ما زالت تمول العصابات الأسدية بالسلاح، وأعني هنا روسيا وإيران، سوى الشجب والتمني بعدم التزويد، ليُذكرنا هذا بالموقف الرسمي المصري بتمنيه لنا أن نُسقط النظام دون أن يكون هناك أي موقف سياسي أو دعم مادي ، بل مبادرة مع الشريك القاتل الفارسي الإيراني لم نُستشر فيها، وقبلنا الأيدي والأرجل لإلغائها، وكانت شماعة بني صفيون لتغطيتهم سياسياً في الاستمرار بلعب دور الوسيط، وهم من يضع السكين على رقابنا، ويقتلنا بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، واستقبال حافل لأحمدي نجاد في مصر العروبة والإسلام ، والتراجع عن المواقف التي كانت متقدمة أكثر من قبل.

> ما موقفك فيمن شارك في المؤتمر ومن قاطع؟ وهل تعتقد أن من قاطع كان على صواب وكذلك من شارك؟

مشاركة الائتلاف كان أمرا لابد منه بعد الوعود التي تلقوها، والموقف السياسي يتطلب المرونة والمراوغة وعدم الظهور للمتربصين أننا نرفض التسوية، حتى وإن عملنا ضدها ما دمنا على الأرض نملك الناصية، كي لا نُعطي المبرر للأوغاد للاصطفاف ضدنا، ولكن لو دُعينا إلى مؤتمر الائتلاف لمؤتمر آخر عليه أن يرفض قبل أخذ كل التعهدات اللازمة، وقد رأينا الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوات لا تُلبي بالحاجة دعم الثوار بالدروع الواقية والأسلحة غير القاتلة أو غير الفتاكة، مما أثار سخرية الشعب السوري الذي يُقصف اليوم بصواريخ سكود والفاتح 10 الإيرانية، وراجمات الصواريخ والدبابات، وكل أنواع الأسلحة المُحرمة، بينما الاتحاد الأوروبي على ما يبدو سيمنحنا اللعب، والمُسدسات المائية.وكان ثوارنا قد وضعوا لائحة مطالب تتضمن صواريخ صد الطائرات وضد الدبابات المتطورة التي لا يؤثر فيها الآر بي جيه، وهي كلها تدخل ضمن الدفاعية وليست الهجومية، ولكن لاحياة لمن تنادي.ومن قاطع مؤتمر ما سُمي بأصدقاء سوريا هم المجلس الوطني، وهو قرار وطني يؤخذ بعين الاعتبار، وله مقوماته، ونحن كلا الطرفين لا نُخطئهم، وقد أيدنا مقاطعة الائتلاف، وأيدنا عودته بناء على الوعود، ولكنها لم تكن إلا وعودا كاذبة.وأما عن إذا كان سبب التحركات الدولية هو انهيار الدولة؟ فأنا لا أعتقد ذلك، لأنهم هم من يسعون لذلك خدمة للكيان الصهيوني، ونحن قد التزمنا منذ البداية على الصعيد الدولية بالمواثيق والمعاهدات الدولية وما تنص عليه، ولكن كل هذا لم يلق الآذان الصاغية، وإذا لم يقم المجتمع الدولي بواجباته من تقديم ما يجب عليه، فإننا حينها لا نستطيع أن نضمن أي التزام أو تعهد، وهذا مهم وما يجب طرحه على الطاولة، خصوصا إذا مُسّت دمشق بشر كما حصل في حلب وحمص والمدن السورية الأخرى.

> يقال إن جون كيري وزير الخارجية الأمريكي صديق قديم للأسد؟ ما تعليقك؟

جميعنا يعرف، أن معظم الحكام المُستبدين في الوطن العربي كحكام دول الربيع العربي السابقين وبعض الدول المارقة التي تقف إلى جانب عصابة آل الأسد هم صنائع غربية وأمريكية، ودُمى يُحركونها عن بعد، ورأينا برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا وهو يُقبل يد القذافي، وفي السر حتى رجليه، أو لربما هو من يقوم على تدليكه في الحمام، وهذا هو شأن معظم قادة الغرب، فما الغريب أن يكون صديقاً لآل الأسد وهو صنيعتهم، وإلى الآن لم يتخلوا عنه، وهذا تفسير ما يحدث، فهم من أوجدوا هذه الأسرة القذرة عندما باع مؤسسها اللعين الجولان، وبالتالي فهم لا يجدون بديلا عن هذه النذالة الأسدية، فيُطيلون أمد الحرب وهم يعلمون ويدركون بأننا منتصرون بإذن الله، كي يتسلم شعبنا بلده ووطنه مُحطمين ومكسورى الجناح.

> فى رأيك ما جدوى الحديث عن تسوية قبل الحوار؟

نحن لسنا ضد الانتقال السلمي للسلطة، ولكنها مشروطة بعدم وجود هذه العصابة الأسدية، ومشروطة بعدم الحديث عن سقوط النظام نهائيا وإلى الأبد، وغير ذلك الحديث، ومن ثم سنصل إلى الكثير من التفاهمات، وسنتوجه إلى بناء الوطن على الأسس الصحيحة.

> مؤتمر روما انتهى إلى لا مساعدات إنسانية عاجلة ولا عسكرية فاعلة؟ كيف تفهم ذلك؟

هذا من سخرية القدر وهذه المؤتمرات الاستعراضية، هم يفعلون ذلك من أجل حفظ ماء الوجه أمام شعوبهم وليس كواجب إنساني أو أخلاقي، ولذلك علينا بالسعي للوصول إلى شعوبهم لكشفهم أمامهم، فقد بلغ السيل الزُبا، وهم لا يُريدون حلاً، بل إدارة دفّة الأزمة نحو تدمير سوريا.لقد تحدث البعض عن تقسيم سوريا: وهذا نعتبره خطا أحمر كما قال الخطيب، ستكون أرواحنا ودماؤنا رخيصة للحفاظ على وحدة البلد، وسنقاتل لآخر إنسان لأجل ذلك، وما قدمناه من تضحيات، لا يُمكن أن يتجرأ أحد في التفكير بمثل هكذا تفكير.نحن في قلب دمشق اليوم، وقريباً إن شاء الله سيرفرف علم الثورة السورية فوق قصر الشعب المُحتل من قبل المجرم بشار الأسد وعصاباته، وقريباً ستسمعون الأخبار السارة، ليكون آخر أمنياتي على الدول العربية ألا تبخل على شعبنا وثوارنا، وأخص بالذات الشقيقة العزيزة السعودية،فالثورة السورية هي من أوقفت المشروع الفارسي في السيطرة على المنطقة والزحف إلى المياه الدافئة، بعد أن احتلوا العراق ولبنان، وسوريا كانت ولاية تابعة لهم، ووصلوا إلى اليمن، وما فعلوه في البحرين الشقيق، ومد خلاياهم النائمة في كل الدول العربية للوصول إلى مشروعهم خلافة ولاية الفقيه، ولذلك شعبنا السوري يدفع أثمن التضحيات حفاظا على مصالح الأمة، ودفاعا عنها.