شيرين السنباطي المشرفة على مقارىء أون لاين

لدينا 4500 طالبة فرنسية والعدد يتصاعد يومياً

عبد الرحمن هاشم

يوحي صخب الحياة في أرجاء عالم القرن الحادي والعشرين، وانجذاب عدد كبير من الشباب لتقنيات الإنترنت والعوالم الافتراضية الجديدة، وانجذاب البعض الآخر لمحاولة تضميد جراح الديمقراطية النازفة في أرجاء ديار المسلمين، بأن العثور على نماذج مجتهدة تؤثر النفرة للتفقه في الدين والدعوة إلى الله على بصيرة أمر صعب المنال. لكن هذا تصور خاطىء فهناك نماذج ارتضت الوقوف على هذه الثغرة  التي حذرنا الله أن نؤتى من قبلها.. من هذه النماذج المربية الفاضلة الأستاذة شيرين السنباطي، التي جمعت أكثر من قراءة متصلة السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولمن لم يعرف، فإن جمع هذه القراءات يتطلب الحفظ والإحاطة لعدد من متونها المعتمدة، فضلاً عن حفظ القرآن كاملاً عن ظهر قلب.

ازداد يقيني، وأنا أجري حديثي معها بالقاهرة وتعمق بأن الله عز وجل يهدي من يشاء وييسر القرآن لمن يشاء وهو الذي جعل من إعجاز حفظه تزايد أعداد حفظته، فلا يخلو جيل منهم حتى قيام الساعة، مصداقاً لقول الله عز وجل: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" القمر: 17. وقول الله سبحانه وتعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" الحجر: 9.

البداية لغة

تقول الأستاذة شيرين السنباطي عن قصتها مع القرآن: تخرجت في مدرسة فرنسية والتحقت بكلية السياحة والفنادق وتخرجت فيها عام 1990وعملت عشر سنوات في مجال إدارة الفنادق، ثم هداني الله إلى حفظ كتابه وتركت العمل وتفرغت لنيل القراءات ونلتها بامتياز.

وبدأت مقرأة أون لاين عن طريق الفيس بوك منذ ثلاث سنوات تقريبا لتعليم القرآن في غرف صوتية بالعربية والفرنسية والإنجليزية.

وعندما وجدت الإقبال كبيراً من الفرنسيات أنشأت حلقات مختلفة المستوى (مبتدءات لا يعلمن العربية مطلقا ـ متوسطات ـ  متقدمات)

وسبحان ربك فقد وجدت أن الأكثر إقبالاً على المقرأة المعتنقات للإسلام عن اختيار، أقصد المتحولات من الأديان  الأخري.

لم أكن أتصور حرصهن ومتابعتهن وتقدمهن على  زميلاتهن بالقسم العربي.

ولم أكن أحلم أن يصل تعداد الطالبات إلى هذا الرقم 4500 طالبة فرنسية من أصل عربي وأوروبي واكتسب بعضهن مع الوقت الخبرة والدراية التي أهلتهن لإدارة بعض المجموعات الخاصة بالمقرأة علي الفيس بوك، ومنهن من دخلن لا يعلمن عن القرآن شيئاً وصرن بتيسير الله معلمات بعد دأبهن وإصرارهن علي التعلم والدرس.

تحديات

وعن وضعهن في المجتمع الفرنسي تحكي الأستاذة شيرين السنباطي فتقول: أخبرنني أنهن يلاقين سوء معاملة من بعض المواطنين الفرنسيين المتعصبين ومنهن من تضطر إلي عدم الخروج من المنزل لعدة أيام أو أشهر تجنبا لهذه المضايقات. لكنهن متمسكات بزيهن الإسلامي والعجيب أن المسلمات الجدد هن الأكثر تمسكاً والتزاماً.

وبحكم أنهن غربيات تربين على الحرية فإنهن يرفضن أن يتدخل أحد في حريتهن في الالتزام بتعاليم دينهن ومن هذا المنطلق لا يهن إصرارهن علي ما هن عليه ولا يزيدهن التضييق والتحرش إلا استمساكاً.

من أيام قليلة دخلت أخت منهن الغرفة الصوتية ولم تشارك كعادتها بفتح الميكروفون فسألتها المعلمة عن السبب فأجابت بأنها مقبوض عليها في قسم البوليس بتهمة ارتداء النقاب ومع ذلك استنكفت أن يضيع منها الدرس فدخلت على الصفحة أون لاين وهي محجوزة  بقسم الشرطة!

وقد تقضي إحداهن ساعات طويلة في خدمة المقرأة وتقوم بالرد علي استفسارات الأخوات وإرشادهن إلي الدخول إلى الغرفة الصوتية.

وعند استماعي إليهن أثناء إشرافي علي حلقات اللغة الفرنسية أبكي والله من صعوبة ما يجدن في نطق بعض الحروف وبخاصة الحروف الحلقية ولكنهن لا يصيبهن الملل أو الكلل ويثابرن حتي يخرج الحرف كما يقره اللسان العربي المبين.

ويشتد بكائي عندما أسمعهن يلهجن بالدعاء لي بالخيرعلي ما هدانا الله  إلى خدمة كتابه.

مقرأة للأطفال

ونزولاً على مشورتهن أنشأنا مقرأة للأطفال استخدمنا فيها طريقة "القاعدة النورانية" وهي طريقة لتعليم الأعاجم قراءة المصحف حتي لو لم يكن عندهم معرفة باللغة العربية.

وما أروع أن تسمع الأطفال الفرنسيين ينطقون بالأحرف العربية ويتعلمون فضل القرآن وفضل تلاوته.  

لدينا قائمة انتظار طويلة وطاقتنا محدودة لذلك فتحنا حلقات تدريب للمتفوقات من طلبة العلم حتي يصبحن معلمات للقرآن ونستطيع استيعاب هذا الفيض العظيم من الطلبات.

وعن سر هذا الإقبال تقول: يعانين من الاغتراب ويجدن في القرآن الراحة والأمان وفي مقرأتهن الوطن وفي معلمات المقرأة الأهل والمعين علي ذكر الله.

المرأة الغربية تتذوق القرآن وتجد في قراءته راحة البال ولا تستطيع منع نفسها من البكاء من شدة إحساسها بالكلمات وإن لم تفهمها.

وبفضل الله أنشأت مقرأة للناطقات بالإنجليزية ولله المستعان وهذا لينك المدونة الخاصة بالمقارىء الثلاث:

http://fbquran.blogspot.com/?m=1

وعن إدارة سير العمل في المقارىء أون لاين تقول شيرين السنباطي: طبعا لكل قسم مديرة فنية ومديرة إدارية.. الفنية مسؤولة عن مراقبة الأداء القرآني للمعلمات والتأكد من اهتمامهن بالتصحيح والتعليم. والإدارية  لتنظيم جداول الحلقات ومعاونة الطالبات والإعلانات اليومية عن الحلقات و التذكير بمواعيد الدروس ولدينا لكل حلقة معلمة ومشرفة وكلهن متطوعات.

وبالنسبة لجدول مقرأة فرنسا فهو بالتوقيت الفرنسي وقد يتم تعديله وفق الأوقات التي تناسب العاملات منهن.

هذه الهيكلة الإدارية سهلت دولاب العمل وجعلتني على اتصال يومي بكل مديرة من المديرات نعرض المشاكل والحلول وهناك اجتماع شهري لمجلس الادارة لعرض الإنجازات واقتراح الخطط.

أضف إلى ذلك أنني أدخل يوميا بنفسي على الثلاثة مقارىء لمراقبة الأداء ولإبداء الملاحظات.