مع الكاتبة والإعلامية الأردنية سحر حمزة

مجلة أخبار الثقافة

من مجلة الثقافة

الكاتبة والإعلامية الأردنية سحر حمزة

لمجلة أخبار الثقافة:

الإعلام ليس بعيداً عن الأدب، وأبجديات الصحافة ترتكز على لغة أدبية قريبة للقارئ

قاصة وإعلامية نشيطة، تؤمن أن العمل الصحفي لا يتعارض مع العمل الإبداعي، لأنه موجه في النهاية إلى ذات القارئ.. في هذا الحوار حاولنا أن نتطرق معها إلى جملة من المواضيع الثقافية والإعلامية في العالم العربي، بالخصوص التي تعني جانب القراءة، ومدى تأثير الإعلام على القارئ من خلال ما يعرف بالتسويق الذي يمارسه الكاتب لتمرير نفسه ككاتب يبحث عن مكان في عالم مكتظ بالأسماء..مجلة أخبار الثقافة: لو طلبت منك أن تقدمي سحر حمزة إلى القارئ، فماذا تقولين؟

سحر حمزة: كاتبة، عاشقة لمهنة الصحافة،"كل النساء في امرأة ".مجلة أخبار الثقافة: أنت كاتبة وإعلامية.. هل تشعرين أن الصحافة لا تأكل وقت الكاتبة في حالتك؟

 سحر حمزة: في الحقيقة نعم، لأن العمل الإعلامي يحتاج للمتابعة الدائمة، والتيقظ والوعي بما يجري حولنا، وأحياناً موضوع صحفي واحد يأخذ أياماً كي يجهز للنشر، وتتبع المعلومة يحتاج إلى تحرك دؤوب، وحين تراودني أفكار جديدة وحاجة للكتابة فيها، أجد مادة صحافية أو خبرا يحتاج لجهد يبطيء التعبير عن أفكاري والإبداع في سرد قصة أو حكاية أريد البوح بها. مجلة أخبار الثقافة: دعيني أسألك: كيف تنظرين إلى سحر حمزة الإعلامية وسحر حمزة الكاتبة القاصة؟

 أين تلتقيان وأين تفترقان داخل النص الذي تكتبه؟

 سحر حمزة: الإعلامية "سحر حمزة" هي نفسها سحر أديبة وصحافية ، فالأدب ليس بعيداً عن الصحافة والإعلام دائماً يلتقيان، وفي واقعنا الإعلامي مهمته الكتابة أو المخاطبة بلغة أدبية، فمعظم الإعلاميين يميلون للأدب، بالنسبة لي دائماً الكتابة الصحافية هي قصة تحرر بلغة أدبية، تحتاج إلى انتقاء كلمة تجذب القارئ، والرأي العام، والأدب الرفيع، هو أيضاً كلمات منتقاة لسرد قصة أو رواية أو نظم قصيدة شعر، من وجهة نظري الإعلام ليس بعيداً عن الأدب، بل إن أبجديات الصحافة ترتكز على لغة أدبية قريبة للقارئ ورسالة موجهة لنقل وجهات نظر حول قضايا عامة، تحتاج لصناع القرار لتغيير السلبي بالإيجابي، وأنا أكتب قصصاً فيها رسائل متنوعة، وكل يحللها ويفهمها بطريقته، وفي النهاية الإعلام هو مكننة القصة لتكون رسائل هادفة، وها أنا أجتهد في ذلك، قد أنجح وأحاول آلا أخفق.مجلة أخبار الثقافة: أنت تقيمين في دولة الإمارات، كيف تقيمين الوضع الثقافي في الإمارات، ومن ثمة في الوطن العربي ككل؟

 سحر حمزة: كثيرون يظنون دولة الإمارات بلدا نفطيا وحسب، انها دولة الحضارة بكافة معطياتها، أدب وفكر وحركة ثقافية دائبة واقلام مبدعة، هناك عثرات في المد الثقافي الذي كنا نحلم به، لكنها عثرات على امتداد الوطن العربي وليس في بلد بعينه، وتبقى الامارات رائدة في حركية عطائها الثقافي مقارنة مع غيرها. مجلة أخبار الثقافة: هنالك من ينتقد المرحلة الراهنة التي ساهمت في خلق حالة من الانهيار داخل القيمة الثقافية في العالم العربي، ما رأيك؟

سحر حمزة: هناك تراجع في البُـعـد القِيَمي – ولاشك بذلك – ولكنه تراجع بسيط في عالمنا العربي مقارنة مع الشعوب الاخرى، ومن القيم التي تراجعت عالميا قيمة الفكر والثقافة والفضيلة والصدق و..... الخ. ولكنني لا اتفق معكم بانها وصلت الى مستوى الانهيار..تراجع والامور نسبية ! مجلة أخبار الثقافة: كيف تفسرين إذا تحديد مفهوم الثقافة في الكثير من الدول العربية في إطار الرقص والغناء بشكل خاص على حساب الثقافة الإنسانية الفاعلة مثلا؟

سحر حمزة: الأمر يقتضي تحرير المصطلح، بعضهم يعتبر الثقافة اطارا فضفاضا يضم الرقص والمسرح والشعر والامثال  والعادات الانسانية وآداب اللغة ووو...الخ  وبعضهم يعتبر الثقافة مقصورة على القيم الفكرية والمدلولات الثقافية ذات العلاقة بالمجتمع من حيث هويته وعقائده وعاداته وممارساته الفكرية الثقافية... أنا لا أنكر على أحد ما يراه، لكن بشرط تحرير المصطلح كما أشرت... نحن نرى في الرقص الماجن وما يسمى غناء الـ"فيديوكليب" اعتداء على الفن نفسه وبالتالي فهو ردّة ثقافية، أما الرقص والغناء العفيف  فيحمل في خباياه مدلولات ثقافية لمستويات الشعوب وطريقة تعاملها مع الاحداث، من فرح وحزن وو....الثقافة مظلة واسعة. مجلة أخبار الثقافة: ما يبدو مثيرا أيضا هو غياب ثقافة القراءة، بحيث أن تراجع القراءة في الوطن العربي يعكسها آليا تراجع الفكر الدافع إلى القراءة، بمعنى النص الجيد.. ما رأيك في هذه الإشكالية؟

سحر حمزة: أوافق على المقولة التي يرددها الرواد " أمة اقرأ  لا تقرأ " وغياب النشاط القرائي عند العربي مؤشر سلبي على التردي الثقافي والانتكاس الحضاري... مجلة أخبار الثقافة: وكيف تنظرين كمثقفة إلى سوق الكتاب الحالي؟

 هل يرتقي إلى ما يتوجب على المثقف ان يصنعه لأجل بناء فكر عربي حقيقي؟

سحر حمزة: الكتاب الآن في أزمة، وما يصدر في عالمنا العربي  وما يتم قراءته  شيء لا يرضي، والارقام مخيفة... هناك تراجع بالاصدار  بسبب جشع دور النشر وعدم احترامها للمؤلف، فيصاب بالاعياء ويقل عطاؤه، وهناك عزوف عند شبابنا عن المادة المنشورة ورقيا الى المادة المنشورة الكترونيا، اقول  ليس هذا هو التشخيص النهائي هناك تراجع وعزوف عن المادة الجادة الى المادة التافهة، لا حظوا  ما يباع من كتب الطهي والازياء و .....اليس هذا مؤشرا  خطيرا يستحق تدخل الساسة وصناع القرار ؟ ؟

!!المثقف هنا عاجز، نعم عاجز الا عن إصلاح نفسه وكفاه بذلك، رغم انه اضعف الايمان !!! مجلة أخبار الثقافة: ماذا تقولين في أولئك الذين يرون أن انتشار الرداءة سياسة بعينها لأجل قتل الذوق العربي، وقتل روح الأدب الحقيقي وتشجيع البذاءة على حساب الإبداع؟

 سحر حمزة: الأمر يحتمل، والذائقة العربية بخير ما دمنا بخير... الأمر يحتاج لندوة وحلقة نفاشية مجلة أخبار الثقافة: دعيني أنتقل إليك: أصدرت مؤخرا مجموعة قصصية نفذت طبعتها الأولى في ظرف شهر (حسب ما قرأت في أحد المواقع)، حدثينا عن هذه التجربة، وما الذي يشعر به كاتب ينفذ كتابه في ظرف شهر واحد؟

 سحر حمزة: نفذت ليست جميعها، كان معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، فرصة لتوزيعها دون مقابل مادي، ساهم المعرض مع أسمي الإعلامي في التعريف بي ككاتبة، لأن الجميع هناك يعرفوني صحفية "دؤوبة"الإسم يتردد كإعلامية أكثر منه  ككاتبة للأطفال، سيما وأن القصص تخص الفئة العمرية من 8-15سنة وهذا الفئة محرومة من الكتب الخاصة بهم، وكان هذا سبباً للإقبال عليه من قبل الإعلاميين والكتاب، وجمهور المعرض من الأطفال والمقربين، ومعظم نسخه للآن قدمت كإهداء لبعض نشطاء في مشاريع قرائية مثل مشروع ثقافة بلاحدود في الشارقة،وبعض طلبة المدارس. سأعلن قريباً عن مجموعتي القصصية الجديدة "سيدة الليلك"هي تحاكي الواقع ،وتطرح مجموعة قضايا تتعلق بالمرأة في عالمنا العربي. مجلة أخبار الثقافة: دور النشر عادة ما تلعب لعبة الأكثر مبيعا عبر ترويجها للكتب الأيروتيكية كي تحقق عبرها الربح الذي تسعى إليه، مع ذلك قلما نسمع عن نفاذ طبعة مجموعة قصصية في مدة وجيزة، ما رأيك؟

 سحر حمزة: انتشار الكتاب مرتبط بالترويج له، وتلعب دور النشر دورا في ذلك، مجموعتي القصصية الأخيرة، وزعت دون تحقيق ربح مادي، قدم معظمها هدية للعديد من المؤسسات والمقربين والاصدقاء ،للتعريف بي ككاتبة في الإمارات، دور النشر لديها أساليبها الربحية كي تقتنص الكاتب صاحب النفوذ أو الإسم اللامع أو من يدفع لها أكثر ،مسألة النشر والتوزيع أصبحت تجارة. مجلة أخبار الثقافة: تكملة للسؤال الأول، دعيني أسألك عن رأيك في انتشار الكتاب الأيروتيكي في الوطن العربي، وهل يمكن للنصوص الأيروتيكية أن تصنع ذوقا للقارئ العربي؟

 سحر حمزة: لا يمكنها ذلك، ببساطة لانها نصوص وافدة طارئة وغريبة على ذوقنا نفسه كيف لها إذن  ان تسهم في تصنيع الذوق المتجذر  وهو سابق عليها ؟ ؟؟

!!! مجلة أخبار الثقافة: إذا ما الذي يريده القارئ اليوم في بحثه عن الكتاب، بحكم تجربتك الإعلامية؟

 سحر حمزة: الأمر يعتمد على من هو القارئ الذي تعنيه؟

 هناك قارئ سطحي  ترضيه كتب القشور والتفاهات، وهناك القارئ العادي  ولا مشكلة فيه او عليه او منه، وهناك القارئ المبدع المصلح المثقف، الثقافة قيمة ابداعية تمنح صاحبها ان يتبوّأ سدة الإصلاح، انه النخبوي، وهنا مشكلتنا نحن  ماذا نقدم للنخبة كي يثقوا بنا  وماذا نعطيهم ليسهموا في بناء وتطوير المجتمه. مجلة أخبار الثقافة: سأعود إليك: يقال أن الكاتب الجيد ناقد لذاته، كيف تنظر سحر حمزة إلى النص الذي تكتبه؟

 سحر حمزة: "كل فتاة بأبيها معجبة "أبي رحمه الله  علمني الكثير، وعلمني أن أحاسب نفسي دائماً عما تفعل وتقول، أنا لا أنكر أن نصوصي تحتاج لتغذية لغوية أكثر تعبيراً، لكن الفكرة في النص هي ما يجذب القاريء، ومعظم كتاباتي تجد صدى، وأحياناً تسرق أفكاري ومداخلات نصوصي من قبل آخرين ويخرجون منها بعناوين جديدة وبطرحونها في أسواق الأدب كل حسب حقوله ومنافذه، إسم الكاتب في عصرنا الحالي"علامة تجارية"كثيرة هي النصوص المبعثرة "فارغة"لكنها تباع وتجد من يلهث وراءها دون تعمق في المعاني أو المضمون، تكفي صورة الغلاف والعنوان والاسم. مجلة أخبار الثقافة: هذا يقودني إلى سؤالك كيف تكتبين؟

 هل لديك طقوس ما أثناء الكتابة وبعدها؟

سحر حمزة: أنا أكتب في كافة الظروف والأحوال، التطور التقني الحديث، دافعاً لي أحيانا للتعبير عن أفكاري بالكتابة الفورية حتى أثناء أداء أعمالي المنزلية أو في المكتب، والتدوين ساعدني كثيراً في الكتابة أكثر وبشكل يومي ،لكن ليس كل ما أكتبه أنشره...) مجلة أخبار الثقافة: وكيف تقرأين المشهد الأدبي العربي، في الإمارات (مكان إقامتك) وفي الأردن (مسقط رأسك) وفي العالم العربي؟

سحر حمزة: أقول بصدق ان الإمارات والاردن ومصر وسورية والعالم العربي كله  ذو  مشهد ثقافي متقارب، ليس متطابقا لكنه متقارب، وان  كانت الامارات ذات خصوصية باعطاء مساحة حرية أكبر، والله المستعان. مجلة أخبار الثقافة: وما مدى اقترابك من الأدب الجزائري؟

 سحر حمزة: تعجبني أحلام مستغانمي في آرائها، وتشرفت بإجراء حوار صحافي معها قبل ثلاثة أعوام حين تم إختيارها  كسفيرة لجزر القمر من قبل الجامعة العربية مع مجموعة من شخصيات نسائية في الوطن العربي، يعجبني اهتمامها بالمرأة وقضاياها، حديثها عن الحب وكثير من رواياتها.. مجلة أخبار الثقافة: ماذا تقرأين الآن؟

 سحر حمزة: كتب في الثقافة والأدب وخاصة ما يكتب للطفل، مع غياب التقييم الحقيقي لأدب الطفل والرسائل الموجهة له، والطرق التي تجذبه للقراءة ، وأميل للكتب التي تتحدث عن المرأة  سيما وأن الأدب النسوي حائر في أمره، في ظل التركيز على المرأة في كل جزئيات حياتنا، و في ظل متناقضات العصر الحديث ومجتمعنا المتلعثم بين الأصالة والعراقة ونظرته للمرأة، وصورتها بين الماضي والحاضر، أميل  لكتابات نجيب محفوظ ، ذلك لأنها تعالج قضايا اجتماعية في عالمنا العربي وتخوض في تجارب الحياة، والنفس الإنسانية. مجلة أخبار الثقافة: وماذا تكتبين؟

 سحر حمزة: منذ بداياتي كتبت للأطفال، وما زلت، أول إصدار لي كان كتاب "نصائح ماما سحر" كان له صدى جميل في نفوس أطفال الاردن ثم الكثيرين ممن قرأُه لاحقاً، قبل الطباعة كنت أقرأ القصص والحكايات الواردة في  الكتاب في مدارس مدينيتي "مأدبا " بالاردن ونشرت جميعها في صحيفة  "العرب اليوم " الأردنية على شكل حكايات متسلسلة بحسب التطورات على الساحة ،حاولت أن تكون حكايات ماما سحر، مسلسلا على شكل حلقات طبعت بكتاب، ربما عملي كمعلمة بعد الثانوية العامة ووجود أولادي التوائم ساهما في ذلك، ثم اتجهت للكتابة عن رموز كثيرة لحال المرأة ومعاناتها في بعض مجتمعاتنا العربية، أحاول في الشعر الحر وآخرها ديوان رسائل للقمر سأطبعه قريباً، بالإضافة إلى مقالات تعبر عن آرائي في أمور عدة. مجلة أخبار الثقافة: كلمة أخيرة؟

 سحر حمزة: أشكر مجلة الثقافة الجزائرية على إهتمامها المتميز  بالمرأة المثقفة الكاتبة، المبدعة، وأوجه نداء لكل حريص على ثقافتنا، وأطمئنه أنها ثقافة "حفظها الله" بحفظه كتابها ومصدر انبثاقها، وأقول ان البقاء للاصلح  وكم انهارت ثقافات وأمم، لكن لنقرأ : **(( ...فأما الزبد فيذهب جُـفـــاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )) صدق الله العظيم.