أحمد سويلم .. و هموم المبدع بين الشعر والمسرح

د. كمال يونس

[email protected]

•الشاعر أحمد سويلم ، عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة ، سكرتير اتحاد كتاب مصر لعدة دورات متتالية ،نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأدباء ، عضو نقابة الصحفيين ، وهو من المبدعين العرب المتميزين أصحاب الرؤية الواضحة ، في مسيرته الإبداعية الكثير من الجوائز ، جائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب لشعراء الوطن العربي الشباب ( 1965 / 1966 ) ، كاس القباني في الشعر 1967 ، جائزة الدولة التشجيعية في الشعر 1989 ، الدكتوراه الفخرية في الآداب من الأكاديمية العالمية للثقافة والفنون 1990 " كاليفورنيا " ، جائزة كافافيس 1992 ، جائزة أندلسية للثقافة والعلوم 1997 ، جائزة الدولة للتفوق في الآداب 2006، مثل كتاب مصر وشعراءها في المهرجانات الدولية والعربية،وعمل سكرتيرا لتحرير مجلة الشعر 1976 / 1977، حياته حافلة بإبداعات رائعة ، التقت معه العرب في القاهرة للتعرف على مسيرته الإبداعية ،وتحوارنا معه في قضايا المسرح الشعري ، أزمة المصطلح في الشعر ، وحرية الإبداع وغيرها ، وكان لنا معه هذا الحوار.

ـ ما هي أعمالك الشعرية ؟

*الطريق 1967 ،الهجرة من الجهات الأربع 1970 ، البحث عن الدائرة المجهولة 1973 ، الليل وذاكرة والأوراق 1977 ، الخروج إلى النهر 1980 ، السفر والأوسمة 1985 ، العطش الأكبر 1986 ، الشوق في مدائن العشق 1987 ، قراءة في كتاب الليل 1989 ، الأعمال الشعرية جـ 1 ( 8 دواوين ) 1992 ، شظايا 1993 ، الزمان العصي 1995 ، الرحيل إلى المدن الساهرة 1997 ، لزوميات 1997 ، الأعمال الشعرية جـ 2 ( 5 دواوين ) 1999 ، جناحان إلى الجوزاء 2000 ، رعشة في الأفق 2002 ، صرخات فوق قبة الأقصى 2002 عرس النار ،2005 المسرح الشعري ، إخناتون 1982 ، شهريار 1983 ، الفارس 1995 ، الأعمال المسرحية جـ1 (3 مسرحيات)1999.

ـ والدراسات التي قمتم بنشرها ؟

* شعرناالقديم رؤية عصرية 1981 ، المرأة في شعر البياني 1984،أطفالنا في عيون الشعراء 1985 ، محمد الهراوى شاعر الأطفال1986 ، التربية الثقافية للطفل العربي 1991 ، مسلمون هزموا العجز 1991 ، عظماء أغفلهم التاريخ 1993 ، مجانين العشق العربي 1993 ، الإعلام الشعري في التراث العربي 1995 ،الفكر الإسلامي في ثقافة الطفل العربي 1997 ، محمود سامي البارودى 1998 ، قيس بن الملوح 1998 ، عنترة بن شداد 1998 ، شعراء العمر القصير (2جـ) 2000 ،ديك الجن 2002 ،نوادر الشعراء في الظرف والذكاء 2002 ،الشعراء والسلطة 2005 ،الشعراء والرسول ،شعراء كتبوا للأطفال 2005.

ـ وباعتبارك من رواد أدب الطفل ما هي إبداعاتك التي قدمت للأطفال ؟

*حكمةالأجداد ( قصص 30 مثلا عربيا) 1989 ،أبو العلاء المعرى 1993 ،مدائن إسلامية ( 8 كتب )1993 ، طفولة عظماء الإسلام ( 8 كتب )1993 ، أتمنى لو ) 1994 ، ديوان الطفل ما قبل المدرسة 1995 ، بستان الحكايات ( 10 قصص شعرية ) 1996 ، ديوان الطفل العربي جـ 1 1997 ، تعالوا نغنى حروف الهجاء العربي 1997 ، أنا وأصدقائي ( شعر ) 2000 ،المسرح الشعري للأطفال (5مسرحيات) 2002 ،فلسطين عربية (شعر) 2004 ،يقول المثل العربي (شعر) 2004 ،واحة الحيوان (قصص شعرية) 2005 ،أحلامي (شعر) هيئة الكتاب 2005.

ـ أري أنه ليس هناك الاتفاق علي ماهية للشعر ، وأقصد الشكل الشعري ، نثر مشعور ،وشعر منثور ، وقصيدة النثر ، وشعر حديث ، وقد تناسينا في كل هذه الهوجة النثر الفني ؟

*هناك ظاهرة تسود المناخ الثقافي الآن وهي فوضي المصطلحات ، وفي ظلها تختلط أمور كثيرة جدا فنية وغير فنية ، وبالتالي تعددت مفاهيم الشعر ، بل أقحمت عليه أشكال لا تمت بصفة للشعر ، ويمكن ببساطة أن تضاف إلي النثر ، أو إلي الأقصوصة الصغيرة باعتبارها موقف ، أو ننظر إليها كأنها جنس أدبي مختلف ، وأنا لا أميل إلي اختلاط الفنون ، بمعني ألا نحتار في تصنيف العمل الأدبي الفني ونبتعد عن جوهره ، وهناك فرق بين هذا الاختلاط أو الخلط أو الاستلهام ، بمعني أن نستلهم من فن السينما المونتاج للقصيدة الشعرية ، أو من فن القصة السرد للقصيدة الشعرية ، أو من فن المسرح الدراما للشعر ، ويضيف إلي الشعر مذاقا مختلفا ، مما يدخل في فن التجريب ، أما إذا تخلي الشعر عن مقوماته الفنية الموروثة ، التي تتمثل أساسا في الإيقاع الموسيقي ، والذي يهيئ ما يسمي بالصيغة الشعرية ، لأنها تختلف عن الصيغة النثرية ،لأنها تحقق شروطا لغوية ومعنوية وإيقاعية تختلف تماما عن شروط النثر ، فإذا تخلي الشعر عن ذلك كله ( شروطه ومقوماته ) سمي أي شيء آخر ولكن لا يسمي شعرا.

ـ ما تاريخ علاقة الشعر العربي بالمسرح ؟

* بدأ المسرح الشعري المصري مبكرا في القرن العشرين علي أيدي مجموعة محدودة من الكتاب ، أحمد شوقي ، عزيز أباظة ، وعلي أحمد باكثير الذي حاول أن يكتب إخناتون ونفرتيتي بالشعر المرسل ، وقد كانت أول تجربة في كسر العمود الشعري لاستخدام الشعر وتطويعه للاستخدام في المسرح الشعري ، إذ أن إشكالية استخدام الشعر العمودي في المسرح هو في كيفية إحداث التوازن بين لغة الشعر والدراما ، بحيث لا تطغي إحداهما علي الأخرى ، فإذا مال الشاعر إلي الشعر صار العمل غنائيا ، وإذا مال إلي الدراما كان علي حساب الشعر ،فالمعادلة صعبة في كيفية حدوث التوازن بالقدر الذي يدخل في مجال الفن من ناحية ، ويقنع المشاهدين من الناحية الأخرى ، هناك بعض المسرحيات قد تحقق في بعض أجزائها هذا الشرط ، مثل مجنون ليلي لأحمد شوقي حين قسم حوار البيت الواحد بين صوتين أو ثلاثة ، وقسم معها البيت الشعري ، لكن ليس هذا الشرط موجودا في عدد كبير من المسرحيات سواء عند شوقي أو عزيز أباظة ، ولكن بدخول الشعراء من المدرسة الحديثة في الشعر إلي المسرح والدراما الشعرية ، مثل عبد الرحمن الشرقاوي وصلاح عبد الصبور ، وقد حققوا في مسرحياتهم التي صيغت بالشعر الحديث لغة الحكي ، وإتاحة السرد والتوقف متي يريد الكاتب ، وهنا أمكن لهذه المعادلة الصعبة أن تتحقق بقدر ما ، وهذه الحال أتاحت وفتحت الطريق أمام الشعراء الذين يكتبون الآن للمسرح الشعري، وقد مارسوا التجريب فيه بأكثر من وسيلة لتحقيق هذا الشرط ، كل بطريقته الخاصة ، وفي إطار فنية المسرح ، والممثل بدوره عليه أن يؤدي ما هو مكتوب في النص ، وهو ليس مسؤول تماما عن تحقيق هذا الشرط ، وكل يتناول بطريقته الخاصة ، فمثلا مسرحية شهريار وصفها النقاد بالدراما المتموجة ، لكونها متعددة الذر وات ، ولها مرحلية تصل بها إلي ذروة العمل ، وهناك نفر من الشعراء لهم تجاربهم في هذا المجال خاصة جيل الستينات وما قبله، من أول فتحي سعيد ، محمد مهران السيد ، محمد إبراهيم أبو سنة ، فاروق جويدة ، وفاء وجدي ، وغيرهم ، وقد كان لكل منهم أسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره.

ـ اندثرت تماما أعمال المسرح الشعري ما هو السبب في رأيك؟

* هناك عوامل كثيرة ومن أولها: عدم إقبال المسئولين وتشجيعهم لإنتاج وعرض مثل هذه النوعية ، وذلك فيما يبدو هو السمة الغالبة علي المناخ المسرحي الآن، وعدم ترحيبه بالمسرحيات الجادة ، وثانيها : عدم توافر ووجود كوادر فنية مؤهلة ، يمكن الاعتماد عليها في إنتاج مثل هذه الأعمال الراقية ، إذ لا لغة ولا إحساس بالشعر ، ولا إخراج ، ثالثها : تعامل المؤسسة المسرحية الرسمية مع النصوص كأنها مسارح للقطاع الخاص ، تبحث عن الربحية ، مما بتنافي مع أسس العمل في مسرح الدولة ، فلي مسرحية اسمها الفارس موافق عليها منذ 5 سنوات ولا أدري ماذا حدث لها ، ولا حياة لمن تنادي ، وأري أن الكتاب قد أصابهم اليأس ، ولا تقل لي لماذا؟.

ـ هل يمكن وصف الجمهور بالإعراض عن المسرح الجاد ؟

*لا أنا لا أتهم الجمهور في ذوقه ، فهو واع مدرك لمواطن الجمال ، ودائما يبحث عنها ، حين عرضت مأساة الحلاج رائعة صلاح عبد الصبور تلقاها في المدن والنجوع ، ومسرحيتي إخناتون عرضت في المدارس ، والثقافة الجماهيرية ، الجمهور لا يجد أمامه الأعمال الجادة.

ـ ما نظرتك إلي واقع وأداء مهرجان المسرح التجريبي ؟

* 19 عاما من مهرجانات المسرح التجريبي ولا أري أية إضافات إيجابية حقيقية ، ربما لأن العمل الفني سواء ففي المسرح أو الشعر لابد أن يتوافر له مقومات وقواعد فنية معينة تتحقق فيه ، وهناك فرق بين القاعدة والقيد ، فأي عمل فني له قاعدة ويرفض القيد دائما ، فلنتفق علي المقومات الفنية للمسرح ، ولنجرب في إطارها كما نشاء ، وكما فعلنا في المسرح الشعري ، والقصيدة ، والقصة ، ومن ثم فإن السؤال المطروح الآن هل ما يسمي بالمسرح التجريبي ينتمي إلي فن المسرح بالدرجة الأولي ، أم أنه لا يملك من هذا التقويم غير خشبة المسرح التي يؤدي عليها؟ ، ويمكن للأشكال المقدمة أن تضاف إلي فنون أخري غير المسرح ، مثل الرقص ,الباليه ، والحركة ، تضاف إلي أي شيء غير المسرح الجامع لكل تلك الفنون.

ـ طفت وبرزت علي السطح أعمالا لشعراء فيها إباحية لفظية ، وانتهاك للمقدسات ، وبعد عن قضايا الواقع وهموم المواطن العربي ، فما هي ضوابط حرية الإبداع ؟

*أولا : أجمع المفكرون الجادون أن حرية الإبداع ليست مطلقة ، وإنما هي حرية في إطار مقومات المجتمع الذي يعيش فيه المبدع ، والظرف التاريخي ، والشاعر المبدع الحقيقي بصفة عامة لابد له أن يعيش في عصره ، ويكون شاهدا عليه ، معبرا عن واقعه وقضاياه ،ثانيا : هل أخفق المبدع عن الإمساك بمضامين الحياة المختلفة؟!! ، ولم يعد أمامه غير لغة الجسد ، خاصة جسد المرأة ، والهجوم علي المقدسات ، فعلي الرغم من أن عمل الشاعر هو الارتياد ، والغوص ، واكتشاف ما هو غامض ، فإذا ما عري الجسد ، وعري المرأة ، وأسقط المقدسات ، فما الذي يبقي أمامه حتى يكتشفه ، ومن هنا يبطل عمله تماما كشاعر أو كأي مبدع ، وأعتقد أن الحياة ممتلئة بالمضامين الشائكة التي لا تنتهي ، وكما فعل العرب في تراثنا الطويل يمكن تناولها بأسلوب فني راق لا يخدش حياء أحد، ولا توقع المبدع في محاذير ، ولا تجعل من المبدع إنسانا مسطحا في أفكاره يسوق تقارير غير فنية ، وهذه من وجهة نظري محددة لإطار الإبداع ، ولا تتعارض مع حريته.

ـ ما رأيك في المسابقة التي أعلن عنها مؤخرا لاختيار أمير للشعراء ؟

* لي تحفظ كبير عليها لأكثر من سبب ، أولها أنها أعلنت هذا العام وهو بالتحديد مناسبة مرور 75 عاما علي رحيل أمير الشعراء أحمد شوقي ، فكان لابد لنا ألا ننفي عنه هذه الصفة ، بل نكرمه ، ثانيا : أحمد شوقي حصل علي اللقب عن مجموع أعماله وليس علي قصيدة واحدة أو اثنين أو ثلاث كما يحدث الآن في هذه المسابقة ، ثالثا : لقد منح هذا اللقب قبل وفاته ب 5 سنوات ، بعد أن أعطي الكثير ، وأضاف إلي ساحة الإبداع ، وهو ما شهد به شعراء العرب جميعا ، أما أن تخصص جائزة لأمير الشعراء بحيث لا يزيد سمع عن 40 عاما ، فما الذي أضاف هذا الأمير لساحة الإبداع حتى يمنح هذا اللقب وكان الأولي أن يسمي أفضل أو أشعر الشعراء الشباب.