حوار مع منير مزيد

حوار مهم مع الشاعر والأديب

منير مزيد لصحيفة الشروق التونسية

منير مزيد / رومانيا

[email protected]

اجرى الحوار : عبدالله القاسمي

الشاعر منير مزيد لـ «الشروق»: نعم بالامكان تذويب إسرائيل بلا رصاص

ويفتح النار على المؤسسة العرفاتية و المؤسسات الثقافية العربية

منير مزيد شاعر فلسطيني تعالت الأصوات في العالم التي ترشحه لنيل جائزة نوبل للآداب كما أنه استطاع أن يحمل التجربة الشعرية العربية المعاصرة إلى العالمية من خلال إقدامه على ترجمة العديد من النصوص العربية الى لغات عالمية كما أثرى المدونة العربية بتراجم كثيرة حيث ترجم انطولوجيا الشعر والروماني و انطولوجيا الشعر الصيني و الياباني و ترجم للعديد من الشعراء الفرنسيين والايطاليين والإنجليز. له ما يفوق 20 عملا شعريا، ناشط جدا على الانترنيت، له علاقات كثيرة بكل المثقفين العرب..

 زار بلدنا في رمضان الفارط وأعجب بها فقرّر أن يعود إليها في شهر ديسمبر.. التقيناه وأجرينا معه هذا الحوار لنقف عند فكر منير مزيد الشاعر الفلسطيني ونتبين نظرته الداعية الى الشعر من أجل الشعر وكان الحوار التالي:

كيف تعرف منير مزيد لقرائك في تونس؟

ـ منير مزيد شاعر و روائي و مترجم فلسطيني مقيم في رومانيا حاليا درست في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، وأكتب باللغتين العربية والإنجليزية عندي حلم وهذا الحلم أسعى الى تحويله الي مشروع ثقافي وهو تثبيت الهوية الفلسطينية ليس على مستوى العالم العربي فقط بل على مستوى العالم..

بتواضع أقول هناك فرق كبير بين منير مزيد و بين أي شاعر فلسطيني أو عربي وهذا الفرق لم يكن عبثا ولا هو نتيجة حب المخالفة وإنما هو نتيجة ظروف اكتسبت فيها خبرة مثل الهجرة والاغتراب والاطلاع على الثقافات العالمية. هذه الرؤية تتمثل في أن تصبح القضية الفلسطينية ليست قضية تخص العربي والمسلم والفلسطيني تحديدا بل الانسان بكل أصنافه الانسانية والاجتماعية ..

أرى قضية فلسطين قضية عادلة هي قضية حق الانسان بوجوده، أرفض فكرة إلغاء الآخر أو طمس هوية أي طرف وبما أن هناك طمسا للهوية الفلسطينية وهي قضية عادلة أرفض فكرة إقصائه. الفلسطيني صاحب جذور ضاربة في التاريخ بأي حق يقع الظلم على هذا الشعب وعلى محاولة طمس هويته الثقافية .

أنا كفلسطيني أريد التحدث كإنسان لو سمعت بدولة أو شعب وقع الظلم عليه وطمست هويته حتما سأناصر هذا الشعب حتى ولو كان مختلفا دينا وثقافة وذلك دفاعا عن الوجود ومن هنا ترسخت عندي القضية الفلسطينية هي ليست صراعا سياسيا وإنما هناك طرف يحاول سرقة ثقافة الشعب الفلسطيني. الشيء الغريب أن الحركة الصهيونية حركة عنصرية لا تؤمن بحق الآخر والآخر هو المواطن الفلسطيني وحتى الانسان العربي .

الصهاينة سرقوا الأرض ويسعون الى تهويد الثقافة الفلسطينية بالكامل وهذا هو الخطر بالنسبة لي لأنه حين تطمس الهوية الثقافية فإنك تقضي على المجتمع فلا شعب بدون هوية .

مشروعي يتلخص في عدة أفكار: معرفة من هو عدوي وما غايته وأهدافه وطموحه ومخططاته وإذا أدركت هذا عليّ أن أبني خطة المقاومة والمواجهة.

المشروع الصهيوني يختلف اختلافا كليا عن الاحتلال والاستعمار أو بالمفهوم العام مقسّم الى نوعين:

 1 ـ هو احتلال عسكري: أن تأتي بقوات عسكرية وتحتل دولة وما أن تحدث اضطرابات وثورة يسحب الجيش تحت ضربات المقاومة .

2ـ ـ وهناك نوع ثان هو من قبل دولة على دولة أخرى: التاريخ يقول إن الاحتلال العسكري نتيجة الرفض الشعبي تمّ التخلص منه. أما الاحتلال الاستيطاني وهو صناعة أمريكية وهو أن تأتي بشعب وتضعه مكان شعب آخر وعندنا نماذج كثيرة ونحن نعاني من استعمار استيطاني ومازلنا ندفع فاتورته ولم نجد له حلا: كيف يمكننا أن نهزم هذا الاحتلال الاستيطاني هذا هو مشروعي ..

الحركة الصهيونية تسعى الي فرض احتلال استيطاني وقطع أجزاء من الوطن العربي لإقامة كيان عنصري في المشرق العربي وأنا كفلسطيني ومن الخبرات التي كسبتها من تجارب القبارصة والرومانيين أستطيع هزم اسرائيل، هذا مع قادة النضال الفلسطيني مع العقلية العربية. نعم يمكن أن نهزم اسرائيل دون أن نطلق طلقة من خلال التشبث بالهوية الفلسطينية في الأرض المحتلة ومنح الانسان الفلسطيني القدرة على البقاء على الأرض من خلال إنتاج قطاع اقتصادي تجاري يخدم المواطن. إذا حققنا هذا ستذوب اسرائيل لأن المشروع الصهيوني يرتكز على هذه الفتن: تهجير المواطن الفلسطيني من أرضه وطمس هويته الثقافية من هنا يصبح مفهوم المقاومة ليست الرصاصة وانما بتعزيز صمود المواطن الفلسطيني على الارض بمعنى ان يعيش قادرا على التعلم وهذا المشروع هو المؤدي الى النصر وهذا هو ما عبرت عنه في ديوان حبيبتي والحلم ..

ما المقصود بأنك من أنصار الشعر للشعر؟ هل معنى هذا التملص من القضية؟

ـ عندما نتحدث عن الشعر للشعر لا يوجد هناك اي قضية غير قضية الشعر وقضية الشعر هي قضية الانسان فلا يجوز ان نستغل الشعر لأي قضية سياسية او اديولوجية. فأنا كمنير مزيد أقول بكل تواضع ان كانت القضية الفلسطينية قد خدمت شعر محمود درويش و سميح القاسم فأنا أرفض رفضا قطعيا ان تخدم القضية الفلسطينية شعري وانما اريد ان يخدم شعري القضية الفلسطينية. أريد لقضية فلسطين طابعا انسانيا وهكذا انتصر لفلسطين لأن الادب عندما يصبح قضية سياسية ينفر منها الطرف الآخر بمعنى أني أؤمن كما أؤمن بأن القضية ستنتهي عاجلا او آجلا وستتحرر فلسطين اذ لا مكان للعنصرية في القرن القادم وأنا لا أريد ان يموت شعري عندما تنتهي القضية وانما أريد ان يبقى شعري للأجيال القادمة وهذه رؤيتي الشعر للشعر ولكن علينا ان لا ننسى ان الشعر بحد ذاته هو مقاومة وتمرد وأنا أحزن وأحزن كثيرا عندما يؤطر الشعر تحت أي شعار وهذه مشكلتنا في العالم العربي. اننا نعبد الشعارات حتى ولو جلبت لنا الكوارث فأنا أؤمن بالانسان وهو الذي يصنع مصيره والشعر عندما يتناول قضية الانسان يستطيع الانسان ان يصنع مصيره ..

أنت متعدد الاهتمامات : شعر رواية ترجمة دراسات بحوث... معنى ذلك انك تعود بنا الى مفهوم الاديب الموسوعي.. فهل ترى الموسوعية يمكن لها النجاح في زمن التخصص؟

ـ في الحقيقة أؤمن بالاختصاص لهذه الاسباب بدأت أركز أكثر على الشعر ت وترجمة الشعر فقط.. لهذا بدأت بإصدار في الترجمة انطولوجيا الشعر العربي والتي صدرت بثلاث لغات كما اصدرت انطولوجيا الشعر الروماني وانطولوجيا الشعر الصيني والياباني وخلال بضع أشهر سيصدر لي 4 انطولوجيات مترجمة وهي انطولوجيا الشاعرات العربيات بالانقليزية والرومانية وانطولوجيا للشعر العربي تضم 250 شاعرا عربيا لم أترجم لهم في الانطولوجيا الاولى بالاضافة الى ترجمة 3 دواوين شعرية لشاعر روماني الى العربية وشاعرة رومانية وشاعر باكستاني.. وفي السنة القادمة سأبدأ بترجمة انطولوجيا الشعر الهندي ..

الآن توقفت عن كتابة البحوث والروايات وأركز على الشعر ولكن لست نادما لأن ذلك لم يكن إلا تجارب بالنسبة لي. وربما أكون أفضل مترجم للشعر وخاصة أني أكتب الشعر باللغة الانقليزية.

أنت تروم العالمية؟ وحلمك نوبل حتى ان الكثير من الاصوات تعالت ترشحك لذلك.. فهل هذا ممكن لشاعر فلسطيني؟

ـ نعم حققت العالمية وبقي علي الجزء الثاني نوبل. أنا أريد نوبل ليس لاجل إرضاء نرجسيتي بل سعيي نحو نوبل هو جزء من مقاومتي كفلسطيني لتثبيت الهوية الفلسطينية في العالم واذا استطعت انتزاعها فإني استطعت ان أثبت الهوية الفلسطينية على مستوى العالم. أما انتصاري الشخصي يبقى حين اكتب قصيدة او أترجمها وجائزة نوبل ليست انتصارا لمنير مزيد وانما للثقافة الفلسطينية وأتمنى ان يدرك الاخوة العرب ما معنى ان يحصل فلسطيني على جائزة نوبل. أنا لا أريد نوبل كروماني وانما أريدها كفلسطيني وأنا أحمل جوازا فلسطينيا وأخذت الجواز اعترافا لدور منير مزيد في التشبث بالهوية الفلسطينية أنا لم أتنازل عن هويتي وحولت اقامتي من الجواز الاردني الى الجواز الفلسطيني وهذا هو النصر..

منير تقريبا أنت اكثر مثقف عربي ناشط على الانترنيت.. هل حققت لك هذه التكنولوجيا الحديثة ما كنت ترومه منها؟

ـ لكل زمن تصوره وأدواته اذا كانت الانترنيت قد استطاعت ان توصل افريقي الى دفة الرئاسة في الولايات المتحدة ستكون هي من ستساعد منير مزيد على نيل جائزة نوبل

الانترنيت هي مستقبل الاعلام شئنا أم أبينا لأن كل الدراسات تؤكد أن 60 بالمائة من الامريكان لا يشاهدون التلفاز وإنما يطلعون على الانترنيت وكذلك في أوروبا. إذا هي عالم مفتوح فلماذا أنا ككاتب وشاعر لا أستخدم هذا الفضاء المفتوح عندما تبحث عن منير مزيد في أي محرك بحث ستجد أن الامريكان والأوروبيون أكثر الناس دخلوا على صفحة منير. تصلني يوميا آلاف «الايميلات» من القرّاء من كل أنحاء العالم ويسعدني أن أمريكي يقرأ لمنير مزيد الفلسطيني..

منير تقريبا أنت أكثر شاعر يواكب الحركة الشعرية العربية الآن حيث دخلت على صفحاتك في الانترنيت ووجدت تقريبا أغلب الشعراء العرب ثم إنك قمت بأنطولوجيات تضم أكثر من 500 شاعر عربي... فكيف تقيم الساحة الشعرية العربية؟

ـ الشعر العربي يعيش أزمة شعارات سواء كانت سياسية أو أيديولوجية لي رؤية شعرية أقيم حسبها معنى الفن. لا أعطي وزنا لأي عمل إلا إذا كان إبداعا وإذا أردت أن أقيم فسميح القاسم ليس بشاعر سأسمّيه خطيبا وليس شاعرا أما محمود درويش فبدأ خطيبا وسياسيا وانتهى شاعرا مطبعا ..

ما يعجبني في محمود درويش ذكائه إلا أنه استغل هذا الذكاء لمصلحته لا لقضية الشعر فأدرك نتيجة ارتباطه بالمؤسسة العرفاتية وهو جزء من هذه المؤسسة ان القضية الفلسطينية كعكة شهية للعرب والمسلمين فماذا فعل؟ أعطاهم ما يريدون أعطى الشارع العربي «سجل أنا عربي» ليحصل على نصيبه من تلك الكعكة وعندما انتشر وبدأ يدرك مفهوم الشعر رجع الى الشعر» «لماذا تركت الحصان وحيدا » ..

وهذا الفرق الكبير بين منير مزيد و محمود درويش فأنا ولدت شاعرا بالفطرة الإنسانية وعشت شاعرا وبقيت شاعرا وهكذا سأبقى مهما تنكروا لي ولكن التاريخ ومن خلال ابداعي وانتاجي سيسجل لي بأنني الشاعر العربي الذي ناضل لأجل الشعر ورسالته ولم أكن يوم عضوا في مؤسسة أو جماعة ..

ومنير مزيد لا يلام على جهل و فساد المؤسسات العربية وتقصيرها بحقه بل سيحاسبهم التاريخ والأجيال القادمة على نكرانهم وحربهم ضد منير مزيد ﻓﻬﻻء ﻫ أﻋاؤـﺎ كما هي الحركة الصهيونية  ..

أنت تواكب المشهد الشعري في تونس كيف تقيمه؟

ـ إذا كان هناك أمل للشعر العربي الحديث أن يخرج من بوتقة السياسة والايديولوجيا فالامل معقود على الشعراء أهل تونس من خلال قراءتي لشعراء تونس دون أن أذكر الاسماء هم يكتبون الشعر من أجل الشعر لأن الشعر فن وإبداع فعندما يكون إبداعا لا توجد قوالب ومواصفات ربما هناك تقدم في النقد في تونس مما ساهم في تقدم الحركة الشعرية بها..