الفنانة التشكيلية آمال قناويٌ

الفنانة التشكيلية آمال قناويٌ

 امتياز المغربي- رام الله

عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب

[email protected]

الفنانة التشكيلية امال قناوي:لا أتطلع إلى عملي الفني بوصفه نسوياً بالمعنى التقليدي

حصلت حديثا على بينالي الشارقة الثامن عن عمل فيديو أرت "سوف تقتل"، وأداء فني وتركيبي بعنوان "محادثة لا تتوقف"

تختص أعمالي بتقديم صور لهيكل مجتمعي

"ربما أملك قلباً يخفق ويعمل بانتظام، ولكنني لا أستطيع أن أؤكد أنني حية" هذه الكلمات كانت من وحي الالهام الذي يقودها الى العمق اكثر فاكثر، لم تكن سوى فنانه اختارت ان تتحدث بجرأة اكبر عن الواقع الانساني بعيدا عن استخدام الرتوش و عمليات التجميل التي لا تنجح دائما في اخفاء العيوب، اختارت الفنانه ان تسير في طريق لا رجعت فيه تناقش فيه قضايا اعمق وتغوص بشكل واضح في اعماق النفس الانسانية، التقينا بها بمساعدة من قبل  دارة الفنون مؤسسة خالد شومان في الاردن التي زودتنا بالكثير من المعلومات عن حياة الفنانة من اجل اجراء اللقاء معها.

الفنانة التشكيلية آمال قناوي من مواليد القاهرة 1974، تعيش وتعمل في القاهرة، درست السينما وتصميم الأزياء في أكاديمية الفنون، معهد السينما بالقاهرة، ثم حصلت على بكالوريوس رسم، كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، مصر.

تحدثت الفنانة امال عن رؤيتها الفنية فقالت:"عندما أبحث داخل نفسي، أبصر ذاتاً لها وجود مستقل، تحوي مجموعةً من القوانين التي تحكم الجسد وتسيطر عليه بوصفه وجوداً مادياً. ومع ذلك، فإن وجود الذات لا يتطابق مع استقلاليتها، ومن هنا يأتي سعيي المتواصل لتحديد علاقتي بالوجود والعدم".

وحول فلسفتها الفنية تكملت تقول:"لا أتطلع إلى عملي الفني بوصفه نسوياً بالمعنى التقليدي للكلمة، وإنما أنظر إليه على أنه عمل من إنتاج فنانة، فأنا بشكل ما، معنية بالذاكرة وبالمشاعر الإنسانية الدفينة كالرغبة والعنف، من بين المشاعر الأخرى، أسعى أن يكون عملي أداة تعبيرية أكثر من كونه عملاً يتوق إلى الكمال، كما إنني أحاول، على المستوى التقني، إيجاد لغة بصرية قادرة على الوصول إلى المتلقي، لغة لا تخضع لثقافة معينة، شرقية أو غربية. وأنا أرى أن لغة الحوار تُعنى بالتعبير عن مشاعر الإنسان بالمطلق وكأنما هي مشاعر واحدة، لغة واحدة".

صور لهيكل مجتمعي

وعن الاسلوب الذي تستخدمه في اعمالها قالت:"تختص أعمالي بتقديم صور لهيكل مجتمعي، وقد تأخذ بعداً سياسياً، لكن الأسلوب الذي أتبعه في طرح موضوعاتي يأخذ شكلاً خاصاً ينطلق من أن فهم الجزء نموذج لفهم الكل، دون اللجوء إلى أسباب وأحداث تخصّ مجتمعاً بعينه، وإنما أبحث دائماً في النتائج، وكيف تؤثر الأحداث في الإنسان".

اقامت الفنانة امال قناوي العديد من المعارض الفردية، وكان منها مؤخراً، معرض في مؤسسة خالد شومان- دارة الفنون، في الأردن، ومعرض فراغ، وهو جاليري كريم فرانسيس للفن المعاصر، في مصر، و معرض "جنة مفخخة"، وهو غاليري مشربية، في القاهرة، ومعرض "الرحلة"، وهو جاليري "تاون هاوس" للفنون المعاصرة، في القاهرة، ومعرض التحول، وهو منحة برو هلفتيا السويسرية للثقافة، وهو من برنامج إقامة الفنانين، في سويسرا.

وشاركت الفنانة في بيناليات عالمية، ومنها بينالي موسكو الثاني، في روسيا، وبينالي الشارقة الدولي، في الإمارات العربية المتحدة، والبينالي الأول لجزر الكناري، في عمارة فن وتنسيق حدائق، في جزر الكناري، وبينالي سنغافورة الأول، في سنغافورة، وبينالي "دكارت" السابع للفنون الإفريقية المعاصرة، في السنغال، وبينالي الإسكندرية الثالث والعشرون، في مصر، وبينالي "دكارت" السادس للفنون الإفريقية المعاصرة، في السنغال، وبينالي القاهرة الدولي، في مصر.

وقد شاركت امال قناوي في معارض جماعية، كان منها، معرض "إفريكا ريميكس" للفن الإفريقي المعاصر وهي عبارة عن معرض متنقل، ومعرض نفس، وهو جاليري IFA، في ألمانيا، ومعرض بعض القصص، في النمسا، وملتقى "هوم وركس 3" الثقافي، في لبنان، ومعرض "أبو الهول سيلتهمك"، في غاليري "كانسي سانات"، في تركيا.

وانضمت قناوي في مهرجانات مسرح عالمية كان منها، ميلان أولتره، في مهرجان المسرح التجريبي والرقص، في إيطاليا، ومهرجان مسرح الأمريكتان، في كندا، ومهرجان كونتمبورينا، في إيطاليا، ومهرجان "كنستن" للفنون، في بلجيكا، ومعرض "لا روز دي فنت"، في فرنسا.

واشتركت قناوي في مهرجانات أفلام عالمية كان منها  FIPA، في فرنسا، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي الثاني عشر، في مصر، و مهرجان الإسماعيلية التاسع للأفلام القصيرة والأفلام الوئاقية، في مصر، ومهرجان تيرانا الأول للأفلام القصيرة والأفلام الوئاقية، في فرنسا.

والتحقت قناوي في ورشات عمل كان منها، الورشة السويسرية المصرية لفن الفيديو آرت، في مصر، والورشة السويدية المصرية للفن المعاصر، في مصر.

 سوف تقتل

وقد حصلت الفنانة على جوائز منها في بينالي الشارقة الثامن عن عمل سوف تقتل، في عام 2007 بينالي "دكارت" للفنون الإفريقية المعاصرة، في السنغال ، وفي عام 2006 حصلت على جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الثاني عشر، في مصر، وفي عام 2005 حصلت على الجائزةَ الذهبية، بينالي الإسكندرية الثالث والعشرين، في مصر، وفي عام 2005 حصلت على جائزة "جلوبال كروسينغ"، لوس أنجليس، الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2004 حصلت على جائزةَ الدولة التشجيعية للفنون والعلوم والآداب، لاستخدام الفيديو كوسيط بصري، وحصلت على منحة برو هلفتيا السويسرية للثقافة، برنامج إقامة الفنانين، في سويسرا، وفي عام 1998حصلت على جائزة اليونسكو الكبرى، بينالي القاهرة الدولي، في مصر.

وحول "ربما أملك قلباً يخفق ويعمل بانتظام، ولكنني لا أستطيع أن أؤكد أنني حيّة" تعلق قائلة:تُقَيَّم المشاعر داخل هذا الإطار الإنساني وتجعل منه إناء يحتويها، ويبدو لي أن هذه المشاعر المجردة، النائية التي تتذبذب فيها الذكريات والأحلام، هي ما يكوّن ذاتي الحقيقية، الذات التي بوسعي أن أراها بوضوح، بعيداً عن القيود الضيقة لجسدي.

وعن يومياتها تحدثت:"أدوّن يومياتي التي أصبحت بمرور الوقت، فضائي الخاص. بشكلٍ ما، كنت قادرة من خلالها على مناقشة الحدود المراوغة بين الواقع والمتخيل. وقد استخدمت هذه اليوميات فيما بعد كنقطة انطلاق لأعمالي أتاحت لي التعبير عن المشاعر الإنسانية التي تختبئ تحت سطح حدود وجودنا الفيزيائي، الشكلي".

وحول ما تعالجه في اعمالها قالت:"أعمالي تعالج الطريقة التي يصوّر فيها البشرُ المجتمعاتِ التي ينتمون إليها البشر، نساءً ورجالاً على السواء، بمن فيهم الفنانون من كلا الجنسين، يواجهون القضايا التي تُبتلى بها مجتمعاتهم، وفنّي يسلّط الضوء على هذه القضايا وكيفية التعاطي معها دون اللجوء إلى طرح أسباب المشكلة، وإنما طرح النتائج المترتبة على تلك القضايا التي تخص مجتمعي".

الوجود الفيزيائي للإنسان

تحدثت امال قناوي عن عملها المسمّى "الحجرة" الذي اعدته عام 2003 فقالت:"حاولت تأطير العلاقة ما بين الوجود الفيزيائي للإنسان، والحيز الخاص الذي يشغله، وذلك عن طريق سبر أغوار الكون الذي يمتزج فيه الواقع بالحلم والمتخيّل، مع حنين حميم إلى الماضي، أحاول، ودائماً أحاول، أن أُوجِدَ فضاء أستطيع فيه أن أتحقق من كينونتي في ظل العالم المحيط بي، وباستخدام وسائل تعبير واسعة النطاق، فإنني غالباً ما أسعى لاكتشاف عالم الوهم مقابل لحظة كامنة في عمق الذاكرة، وهي ذاكرة تكاد تكون قائمة دائماً على الواقع".

واشارت الفنانة الى انها من خلال تحسُّس عالم "الماوراء" (الميتافيزيقي) المتخفّي عن أعين العالم المادي، تسعى إلى جعل اللامرئي مرئياً، وبهذه الطريقة توصلت إلى رؤية الوجود المجازي الكامن داخل الجسد المادي للحجرة، وهي حجرة تماثل حجرة أكبر منها بكثير تكمن خارج الجسد لتمثل المجتمع بكل ما فيه من عادات وتقاليد وأعراف وعوامل تحدده وتؤطره.

 واكدت على انها عندما تفكر بالتشتت بوصفه حالة، فإن ما يَرِدُ في خاطرها ليس الحدود المادية الفاصلة بين المجتمعات، وإنما الانقسامات التي تتحملها كينونة الإنسان في تنقّلها هنا وهناك بكل ما فيها من تناقضات، ومن أحلام ومشاعر وأحاسيس، وما هي إلا تجلّيات المجتمع ومتغيراته.

وحول ما يعني التشتت لها قالت:" تحول الإنسان من ذاته الخاصة إلى حالة أخرى، حالة يُختزَل فيها جسده ليصبح محض محّارة، ويجري التحول داخل هذه المحّارة، عبر انفصال تام بين العناصر، ينفصل الشكل المادي الخارجي عن محتواه، كما تنفصل عن الواقع الأحلامُ القائمةُ منذ زمن طويل، فيصبح الإنسان غريباً، لا عن العالم الخارجي فقط، وإنما عن ذاته المتعرّية أيضاً".

الغابة الأرجوانية المصطنعة

واكملت تقول:"لقد قادني شغفي بالتشتت إلى إبداع "الغابة الأرجوانية المصطنعة" وهي عبارة عن رسوم متحركة بالفيديو اعدت في العام 2005. وهو عمل قائم على حلم تتكرر فيه عبارة "الغابة الأرجوانية المصطنعة" مرات عدة، عرّيت فيه أشياء وأعضاء وأجزاء من الجسد، استخدمت قطعها لتكون عناصر رئيسية فيه، إذ تمثل كل قطعة بطلة الحكاية، وترتبط بمرآة تخصها، وفي هذه المرآة ثمة مسخ أثيري يلتهمها كلها، وعلى امتداد عرض الرسوم المتحركة، تقيم الكينونةُ الأثيرية علاقةً مع بطلة الحكاية بوصفها كلاًّ واحداً أو "أجزاء خاصة"، يلتهم بعضُها بعضَها الآخر، دائماً وبلا نهاية، تتغذّى عليها وعلى صورتها وخصوصيتها، وعلى أفكارها، بل على أحلامها أيضاً، وفي ذروات فصول عدة من الفيلم، تقوم كلٌّ من المسخ والبطلة بالتهام بعضهما بعضاً في عملية فناء متبادَلة.

جنة مفخخة

واضافت تقول:"أما "جنة مفخخة" فهو عمل إنشائي تركيبي installation بالفيديو، بصور فوتوغرافية محدودة النسخ،في العام 2006 فهو رحلة مزدوجة، رحلة إلى داخل الذات، وأخرى تمر بالواقع، أي بالعالم المادي. وتقوم البطلة برحلة داخل طائرة للوصول إلى الوطن، تتطلع إلى مشهد المدينة. ومع خُفوت أضواء المدينة، لا يعود بالإمكان مشاهدة أي شيء غير انعكاس باهت لوجه إنسان فوق زجاج نافذة الطائرة. وما إن تختفي المدينة عن الأنظار حتى تصبح الشاشة داخل الطائرة وسيلة الاتصال الوحيدة للبطلة مع العالم، فهي تراقب صورة طائرة صغيرة تزحف في أرجاء الشاشة، ومن خلال حركتها تكوّن خطوطاً من نقاط تربط مدينةً بأخرى، وجميع المدن بلا اسم، وحين تأخذ الطائرةُ بالهبوط، تتطلع البطلة إلى كل الاتجاهات، فلا ترى غير فضاء بلا شكل يتمطّى ممتدّاً إلى المالانهاية، ليس ثمة مشهد طبيعي محدد يُرى، ولا خطّ أُفُق، فالبطلة واقعة في فخّ موقع ثابت لزمن أمَدُهُ دقائق، وساعات، وأيام، زمن لا محدود.

تجربتها المشتركة

وتحدثت عن تجربتها المشتركة مع عبد الغني قناوي لما يزيد على عشر سنوات فقالت:" قمنا بتطوير الجزء الخاص بـ"الكونكريتية" ليكمل عالَمَ أحلامي الفردية، والشخصية جداً، وعالمي الروحاني أيضاً، وكانت مسيرة بحثنا المادية والذهنية شبيهة إلى حد كبير بالمسيرة العلمية. العلم، بما يتطلبه من تقصٍّ عن الخصائص والبنية والعلاقات التي تسعى للوصول إلى لبّ الأشياء. فالعلم ليس مقصوراً على البحث عن الأجزاء الدقيقة والخاصة، بل هو يطمح إلى فهم الكليّات أيضاً. ومن أجل التعامل مع الفن من خلال الطرق العلمية يتطلب ذلك النظر إلى الوظائف، والفسيولوجية، والجزيئات المحرّكة والديناميكية للفن، وكذلك البحث عن مكوناته العضوية بقدر البحث عن طرقه الآلية".

واكملت تقول:"لقد حاولنا، في مشاريعنا الفنية التي تشمل النحت والإنشاء والتركيب installations أو عروض الفيديو، أن نفهم القوانين التي تحكم الأشكال الطبيعية وتفاعلاتها مع بعضها بعضاً. وتذهب فرضيتنا المشتركة الرئيسية إلى "أن الوظيفة تقرر الشكل". فالوظيفة تربط بين مكونات الطبيعة كلها، المتحرك منها وغير المتحرك، لتحولها إلى نسيج عالمي واحد يطرح معنى جوهر الوجود ووحدته، وبالتالي، يطرح أهمية وجودنا ليس كوجود مادي فقط، وإنما هناك دائماً الجزء الروحاني الكامن داخلنا والذي لا يفنى بفنائنا المادي".