حوار مع الشاعر السويدي لاس سودربارغ

حاورته : هيام الفرشيشي – تونس

[email protected]

أنا مفتون بشعر المتنبي

هو شاعر وناقد سويدي من مواليد 1931 ، من أبرز كتبه الشعرية "سهام كالقمر " ومن أبرز كتبه النقدية " التسميات الموحدة " . يعنى في اشتغالاته الشعرية على الصورة حد التصوف ، وذلك ما حدا به لتقديم دراسة حول " الأدب والفن السابع " . فهو يدرك بأن الفن عامة يعنى بالصورة التي ترصد الحقيقة . هو مدير مجلة " زهرة النرد " بالسويد ومدير مهرجان الشعر ب"مالمو" ، التقيته وكان لي معه هذا الحوار :

المعروف أنك شاعر صورة ، شاعر ينأى عن الأوهام اعتمادا على العين التي ترى الحقيقة أو جزءا منها وتشكل الصور الشعرية في شكل فني ما ، هل أنت ضد الوهم في الشعر ؟

في الحقيقة هناك أوهام ايديولوجية وأوهام دينية والشاعر يصارع هذه الأوهام ، ففي حين أنه يبني عالما من الصور في لغة غامضة فهو يبني عالما مرئيا في منتهى الوضوح ، وذلك ما جعلني أميل إلى " قصيد الصورة " ، فالصورة انعكاس لما تراه العين بوضوح ولا يداخله الوهم ، أميل إلى القصيد الذي يتفحص العالم ويشكله كحقيقة ، لذلك تفطن النقاد إلى قصائدي كقصائد صورة . فالعين هي مرآة الصور الشعرية ، هي مصدر الإلهام ، هي التي توحي ببناء بانوراما من الأشكال . الشعر بالنسبة إلي بصري بالدرجة الأولى والصور الواقعية التي تتراءى لعيني الناظرة هي اللغة التي أراها شعريا وقد تتمخض عنها بعض الأفكار ، وقد تشكل معنى لأحاسيس دفينة .

تلك هي رؤيتي الخاصة في النظر إلى الحياة والأشياء ، الكتابة الشعرية انعكاس لبانوراما من الصور في أشكال هندسية واضحة وفي لغة شعرية غامضة .

هل من تعريف خاص للشعر ؟ وهل الشاعر المتفحص لصور هذا العالم قادر على تغيير العالم أصلا ؟

دعيني أعرف الشعر بأنه الشيء الوحيد الغير تجاري ، الشيء الوحيد الذي لا يخضع إلى الآلية الاقتصادية وإلى قيم السوق ، لكن من الصعب بمكان أن ينقذ الشعراء هذا العالم . هم يشكلون حياة أرقى شعريا . الشعر هو لغة وصور ، هو شكل فني فقد مرجعية الواقع .

 لماذ اتجهت من كتابة الشعر إلى الترجمة وإلى النقد الشعري ؟

 

مرت كتاباتي بعدة مراحل  ، فقد كتبت الشعر في سن الشباب ، وقتها اكتشفت في نفسي الكثير من الأشياء والمعاني ، وكان الشعر يمنحني دهشة الحيرة والاكتشاف ، كما وجدت في الشعر انفعالي الثوري الذي يريد أن يغير كل شيء ، لكنني حاليا أعود إلى الشعر الغربي الكلاسيكي وإلى الشعراء القدامى لأفحص أشعارهم ، وأشتىغل على تيمة الشعر كوجود في كل الأعمال الشعرية التي خصصتها بالدراسة .

هل لديك اطلاع على الشعر العربي ؟ ألم يغرك بدراسته أيضا ؟

في العالم العربي هناك الكثير من الشعراء ولدي اطلاع على الشعر العربي الكلاسيكي ، فهو تراث هام وضخم ومن العمق بمكان ، كما أنني لم أدرس اللغة العربية وليس لدي علم بقواعدها وتراكيبها وأساليبها البلاغية والايقاع العروضي ، ولكنني أدعو المختصين الذين درسوا اللغة العربية إلى أن يهتموا بدراسة الشعر العربي القديم إذ ينطوي على سحره الخاص وله نواميسه وقوانينه ومعاييره .

كنت من ضيوف مهرجان جرش للشعر والفنون في دورته الأخيرة ، كيف وجدت أجواء الشعر العربي في المهرجان ؟ 

قبل ذهابي إلى جرش كان تركيزي منصبا  على مسرح جرش وهو معلم تاريخي وفني وثقافي عريق ، من الصعب أن أعطي رأيي عن أجواء الشعر هناك ، لكن من الأهمية بمكان كشاعر سويدي أن أزور بلادا عربية والتقي بشعراء عرب ، وقد وجدت الشعر العربي الحديث يوظف التراث الكلاسيكي ، وذلك يعود إلى الإرث الشعري العربي وأنساقه الفاعلة في بنية القصيدة الحديثة .

هل كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها بشعراء عرب ؟ وهل هي المرة الأولى التي زرت فيها بلدا عربيا ؟

زرت الجزائر منذ سنوات طويلة وقد كانت زيارتي من أجل حضور مؤتمر حول العمل من أجل تحقيق التضامن بين المثقفين والتقيت وقتها بأهم كتاب الجزائر والمغرب الذين يكتبون باللغة الفرنسية ، أما حاليا ومن خلال حضوري مهرجانات ثقافية في ايطاليا واسبانيا وهولندا حيث يوجد هناك مهرجان كبير للشعراء كنت قد التقيت بالشاعر محمود درويش . ويبقى الشاعر الأكثر شهرة لدينا نحن الغرب أدونيس فهو شاعر كبير ، وتنظيراته الفكرية مجدية ، وكتاباته حول الشعر تلاقي صدى كبيرا لدينا نحن الغربيين ، وخاصة اهتمامه بالشعر العربي قبل الإسلام ( الشعر الجاهلي ) .