مع الفنانة نادية ضاهر

فوز نادية ضاهر بالميدالية الفضية

الفائزة في مسابقة الصور الفوتغرافية في هامبورغ/ المانيا

الفنانة نادية ضاهر

رأيت لبنان في هولندا

أجرى اللقاء من رومانيا عصام عقرباوي

ماذ تعني لكِ الطبيعة؟

الطبيعة هي الأم التي أفتقدها وأشتاقها. هي الحضن الدافئ الذي يدنيني منه كلما أحتاجه.

بين ربوعها أجد نفسي. فيها حريتي التي أنشدها. يمكنني القول إنها الحياة بالنسبة لي.

يمكن تشبيه الطبيعة (بالفلتر) الذي نحتاجه لنزيل ما علق بأرواحنا من شوائب ورواسب، خلفتها ما تسمى حضارة العصر الجديد. نعم هي  صمّام الأمان الذي نلجأ إليه لنبقى محافظين على آدميتنا وإنسانيتنا.

ماذا تعني لكِ الانسانية؟

الإنسانية هي التكامل الذي نسعى للوصول إليه، ولا يمكن امتلاكه ما دمنا بعيدين عن محيطنا لا نعيش معاناته وهمومه وآلامة .

الإنسانية هي المسؤلية العظيمة الملقاة على عاتق كل منا. الإنسانية يمكن اختزالها بكلمة إنسان .

الإنسانية هي الإحساس هي الرحمة هي مد يد العون للمحتاجين، هي البناء هي التكاتف والتعاضد ...هي السبب الرئيس الذي أوجدنا من أجله...لنكون خلفاء الله تعالى في أرضه، لكن للأسف عندما أنظر حولي أجد أن العالم أصابه حالة من الفقر الشديد والمدقع للإنسانية.

ما نراه ونسمعه ونقرأه كل يوم، يصيبنا بالإحباط، لأن الإنسانية باتت معدومة وأضحت مفهوماً لا سوق له وسلعة أصابها الكساد أمام الغزو اللاإنساني الذي اجتاح العالم .

علينا أن ننتبه من غفلتنا ونصحو قبل أن تأخذنا اللاإنسانية إلى موارد الضياع والتهلكة والدمار ومن ثم الفناء والزوال .

الفتاه الشرقيه والغربة بنظر ناديه ضاهر.

إذا قصدت بسؤالك كيف يمكن للفتاة الشرقية أن تتأقلم مع الغربة؟  أقول لك الغربة عادة تكون صعبة على الجميع. لكل منا طاقاته وقدراته المتفاوتة لتحمل أوجاعها ومشاكلها.

أنا كلبنانية قررت العيش هنا واجهت العديد من الصعوبات والتحديات:  اللغة، الاندماج، التأقلم مع عادات غريبة هي من الأمور المشتركة بين كل المهاجرين والمغتربين، ليس في هولندا فحسب، بل في كل الدول الأوروبية.

لكني استطعت الصمود والتطور والنجاح والمتابعة. إرادة التحدي بداخلنا تجعلنا أقوياء، تمنحنا القدرة والعزيمة على مقاومة كل الإحباطات التي تعترينا وتصيبنا وتواجهنا بين حين وآخر.

عندما تفهم المجتمع وتتفهمه يصبح من السهل عليك التأقلم معه... دون التنازل عن ثوابت راسخة في جذورك وأعماقك وقيم نبيلة تعتز بها وثقافة عريقة تفتخر انك أتيت منها، هذه الثوابت التي أعتبرها السد المنيع والحصن الحصين الذي يقينا مخاطر الغربة وانزلقاتها .

علينا كمغتربين أن نمتلك ثقافة التوازن، وليس هذا مطلوب في المهجر فقط  بل في أمور حياتنا كلها.

ماذا تعني لكِ الغربة؟

وجودنا في هذه الحياة بحد ذاته هو غربة كبرى نبقى نسير فيها ليل نهار دون أن نبلغ مقصدنا ومرادنا.

نحن نولد ونرحل عن هذا العالم ونبقى غرباء حتى عن أنفسنا، فما بالك بمن ترك الوطن والأهل والأحبة خلفه ورحل باحثاً عن ذاته؟...

أما لو عنيت بالغربة البعد عن الوطن فإنه منذ غادرته عام  1990 أقام في وجداني، حتى بت أراه في كل شيئ هنا... أراه في شوارع هولندا ...في أزقتها ...في أبنيتها ...في ضحكات الأطفال والطواحين القديمة وأزهار التوليب.

لماذا يبدع المغترب العربي خارج وطنه؟

قبل أن أجيبك، أسالك لماذا يهاجر الواحد منا؟ هل يهاجر لأجل الهجرة فقط؟  طبعاً لا، لو سألت المهاجرين والمغتربين عن الأسباب التي دعتهم لمغادرة أوطانهم ستكون 99% من أجوبتهم متشابهة، وهي  ما آلت إليه حال أوطاننا ؟!

الصعوبات التي يكابدها الإنسان في وطنه كل يوم في البحث عن حياة كريمة تبعده عن تحقيق قدراته وأحلامه.

للأسف في الوطن ندفن جميع أحلامنا ويبقى حلم واحد يلازمنا، هو كيفية المحافظة على حياتنا ووجودنا، أقول هذا وكلي ألم... وأمل لا يفارقني في مستقبل أفضل لأوطاننا، لكن أريد أن ألفت نظرك إلى أنه ليس كل من هاجر أبدع ؟ وليس كل من آثر البقاء فشل ...النجاح والفشل بيد الإنسان ذاته...نعم الظروف لها الدور الأكبر...لكن علينا أن لا نغفل عن حقيقة مؤلمة أن الكثير من شبابنا وفتياتنا حلموا بالهجرة والبحث عن مستقبل أفضل خارج حدود الوطن...لكن عندما وصلوا استسلموا وانتهت أحلامهم إما بالسجون وإما بالإدمان، مع اعتزازنا بنماذج في المهجر يحتذى بها من علماء وعباقرة ومبدعين في شتى المجالات.

ماذا أعطتك الغربة؟ وإلى أي مدى أحسست إنك منتجة ؟

علمتني الغربة المعنى الأكثر شمولي لمفهوم الحياة. جعلتني أعي وجودي وكينونتي، علمتني كيف أكون فاعلة في المجتمع دون انتظار كلمة شكر...علمتني كيف أكون أنا التي أحب...أنا الإنسانة .

علمتني الإيمان بالدور المنوط بي منذ أوجدني الله تعالى في هذه الحياة. علمتني كيف أتعاطى مع أخي الإنسان، جعلتني أدرك المعنى العظيم والسامي لحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الإنسانية.

منحتني  يقينا أني مخلوقة  لأكون نادية ضاهر القوية بالحق وللحق ومناصرة له، الله سبحانه وتعالى منحنا الحياة وحمّلنا مسؤولية وواجبا ورسالة، ونادية ضاهر  تشعر أنه عليها مسؤولية كبيرة تجاه  أمتها وقضيتها وذاتها وهي بدأت فعلاً، لم تنتظر أحدا ليكون معها...ليساندها، تؤمن أنه سيأتي يوم وتكبر بكل الذين سيؤمنون برسالتها وسيساندونها ويقفون معها ويتابعون طريق بدأه  شرفاء هذه الأمة ومضوا لتحقيق أهدافهم السامية النبيلة.

الغربة أعطتني عزيمة أكثر وقدرة على التحدي والصبر والصمود على ثوابت لا يمكن أن أحيد عنها مهما قست علي غربتي وأوجعتني.

هل تقدمين هذا الإبداع لو كنتِ في وطنكِ؟

أنا هي نادية ضاهر نفسها هنا أو في وطنها...وطنها الذي علمها الصمود والتحدي والعزة والشرف والكرامة ...أعترف أن الغربة لها فضل كبير عليَّ، فقد جعلتني أنضج بسرعة...أنظر للأمور بمنظار آخر وأتعاطى معها برؤية  مختلفة .

أما لو كنت في وطنى هل سأبدع؟  أنا  أنا سواء هنا أو هناك، أحمل ذات الروح وذات القلب وذات الأهداف والأماني.

نحن كل يوم في تطور مستمر...علينا أن نستغل ما ملكناه من مواهب وننميها لنكون فاعلين في مجتمعاتنا...نكون عونا لها لا عبئا عليها .ومن أراد شيئا فانه سيصل حتما بالعمل والجد والمثابرة.

- فوزك في مسابقة المهرجان العربي الأوروبي السادس للصور الفوتغرافية في هامبورغ/ المانيا بالميدالية الفضية عن محور الصور الطبيعية والبيئة، ماذا قدم لكِ؟

أنا سعيدة بهذا الفوز، خاصة إنها المشاركة والتجربة الأولى لي، أعتبرها بداية موفقة وجيدة، أعطتني حافزاً ودافعاً لأستمر, خاصة عندما علمت أن اللجنة المنظمة استلمت 8037 صورة من 364 مصورا ومصورة ينحدرون من 23 دولة عربية وأوروبية، هذا أمر رائع بالفعل.